Hukum Pemimpin Non-Muslim di Wilayah Mayoritas Muslim (5)

Hukum Pemimpin Non-Muslim di Wilayah Mayoritas Muslim (5)
Hukum Pemimpin Non-Muslim di Wilayah Mayoritas Muslim (5)


حكم تولية أهل الذمة في المذاهب الأربعة
( دراسة فقهية )
عبد الفتاح بن صالح قديش اليافعي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد :
فهذا بحث موجز في حكم تولية أهل الذمة في المذاهب الأربعة, وقد كثير الكلام حول هذه المسألة, وما أكثر ما وقع فيها من خلط وخبط وإفراط وتفريط, والسبب في ذلك هو عدم الرجوع إلى ما قرره الفقهاء والعلماء السابقون رضي الله عنهم, وإهمال التراث الفقهي الإسلامي, والنظر السطحي غير الشمولي في الأدلة الشرعية والفهم السقيم لها
وقد اتفقت المذاهب الأربعة والظاهرية على النهي عن تولية أهل الذمة واستعمالهم في أي عمل يكون فيه الذمي فوق المسلم, إلا لضرورة تقدر بقدرها وتضبط بضوابطها, ولهم في ذلك تفاصيل كثيرة, وإني لأعجب ممن يجيز أن يتولى أهل الذمة الوزارات والإدارات ونحو ذلك في دار الإسلام بل تجرا بعضهم فأجاز أن يكون الذمي حاكما ورئيسا!!!

وقد جعلت الموضوع في مباحث :
المبحث الأول: حكم تولية أهل الذمة عند الحنفية
المبحث الثاني: حكم تولية أهل الذمة عند المالكية
المبحث الثالث: حكم تولية أهل الذمة عند الشافعية
المبحث الرابع: حكم تولية أهل الذمة عند الحنابلة
المبحث الخامس: حكم تولية أهل الذمة عند الظاهرية
المبحث السادس: في أدلة أهل العلم على النهي عن ذلك

المبحث الأول:
حكم تولية أهل الذمة عند الحنفية

في أحكام القرآن للجصاص 2/54-55 : ( باب الاستعانة بأهل الذمة:
قال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم } الآية ... في هذه الآية دلالة على أنه لا تجوز الاستعانة بأهل الذمة في أمور المسلمين من العمالات والكتبة. وقد روي عن عمر أنه بلغه أن أبا موسى استكتب رجلا من أهل الذمة, فكتب إليه يعنفه, وتلا : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم }, أي لا تردوهم إلى العز بعد أن أذلهم الله تعالى .

وروى أبو حيان التيمي عن فرقد بن صالح عن أبي دهقانة قال: قلت لعمر بن الخطاب: إن ههنا رجلا من أهل الحيرة لم نر رجلا أحفظ منه , ولا أخط منه بقلم , فإن رأيت أن تتخذه كاتبا قال : قد اتخذت إذا بطانة من دون المؤمنين .

وروى هلال الطائي عن وسق الرومي قال: كنت مملوكا لعمر فكان يقول لي أسلم فإنك إن أسلمت استعنت بك على أمانة المسلمين, فإنه لا ينبغي أن أستعين على أمانتهم من ليس منهم ; فأبيت , فقال : لا إكراه في الدين ; فلما حضرته الوفاة أعتقني فقال : اذهب حيث شئت) اه

وفي أحكام القرآن للجصاص أيضا 2/410 : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين)... اقتضت الآية النهي عن الاستنصار بالكفار والاستعانة بهم والركون إليهم والثقة بهم , وهو يدل على أن الكافر لا يستحق الولاية على المسلم بوجه ولدا كان أو غيره . ويدل على أنه لا تجوز الاستعانة بأهل الذمة في الأمور التي يتعلق بها التصرف والولاية , وهو نظير قوله : { لا تتخذوا بطانة من دونكم } وقد كره أصحابنا توكيل الذمي في الشراء والبيع ودفع المال إليه مضاربة; وهذه الآية دالة على صحة هذا القول)اه

وفي أحكام القرآن للجصاص 3/146: ( قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم } الآية, وقال: { لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم } فنهى في هذه الآيات عن موالاة الكفار وإكرامهم وأمر بإهانتهم وإذلالهم ونهى عن الاستعانة بهم في أمور المسلمين لما فيه من العز, وعلو اليد.

وكذلك كتب عمر إلى أبي موسى ينهاه أن يستعين بأحد من أهل الشرك في كتابته, وتلا قوله تعالى : { لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا } وقال : لا تردوهم إلى العز بعد إذلالهم من الله .

وقوله تعالى : { حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون } قد اقتضى وجوب قتلهم إلى أن تؤخذ منهم الجزية على وجه الصغار والذلة, فغير جائز على هذه القضية أن تكون لهم ذمة إذا تسلطوا على المسلمين بالولايات ونفاذ الأمر والنهي, إذ كان الله إنما جعل لهم الذمة وحقن دماءهم بإعطاء الجزية وكونهم صاغرين .) اه

وقال ابن نجيم في البحر الرائق 2/248: ( قال في الغاية: ويشترط في العامل أن يكون حرا مسلما غير هاشمي فلا يصح أن يكون عبدا لعدم الولاية, ولا يصح أن يكون كافرا ; لأنه لا يلي على المسلم بالآية, ولا يصح أن يكون مسلما هاشميا لأن فيها شبهة الزكاة اهـ. بلفظه وبه يعلم حكم تولية اليهود في زماننا على بعض الأعمال, ولا شك في حرمة ذلك أيضا)اه

وفي شرح الحصكفي 2/309: (العاشر هو حر مسلم) بهذا يعلم حرمة تولية اليهود على الأعمال)اه
وفي حاشية ابن عابدين عليه : ( قوله: هو حر مسلم) فلا يصح أن يكون عبدا لعدم الولاية ولا يصح أن يكون كافرا ; لأنه لا يلي على المسلم بالآية. بحر عن الغاية, والمراد بالآية قوله تعالى { ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا }

( قوله : بهذا إلخ ) أي باشتراط الإسلام للآية المذكورة , زاد في البحر ولا شك في حرمة ذلك أيضا اهـ, أي لأن في ذلك تعظيمه وقد نصوا على حرمة تعظيمه بل قال في الشرنبلالية وما ورد من ذمه أي العاشر فمحمول على من يظلم كزماننا وعلم مما ذكرناه حرمة تولية الفسقة فضلا عن اليهود والكفرة. اهـ .

قلت : وذكر في شرح السير الكبير أن عمر كتب إلى سعد بن أبي وقاص: ولا تتخذ أحدا من المشركين كاتبا على المسلمين , فإنهم يأخذون الرشوة في دينهم ولا رشوة في دين الله تعالى, قال: وبه نأخذ فإن الوالي ممنوع من أن يتخذ كاتبا من غير المسلمين {لا تتخذوا بطانة من دونكم })اه

المبحث الثاني:
حكم تولية أهل الذمة عند المالكية

في أحكام القرآن لابن العربي 2/138 : (المسألة الثانية : بلغ عمر بن الخطاب أن أبا موسى الأشعري اتخذ باليمن كاتبا ذميا , فكتب إليه هذه الآية , وأمره أن يعزله ; وذلك أنه لا ينبغي لأحد من المسلمين ولي ولاية أن يتخذ من أهل الذمة وليا فيها لنهي الله عن ذلك; وذلك أنهم لا يخلصون النصيحة , ولا يؤدون الأمانة , بعضهم أولياء بعض .) اه
وفي أحكام القرآن لابن العربي أيضا 1/351: (قوله تعالى : { لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء } هذا عموم في أن المؤمن لا يتخذ الكافر وليا في نصره على عدوه ولا في أمانة ولا بطانة .

من دونكم : يعني من غيركم وسواكم , كما قال تعالى : {ألا تتخذوا من دوني وكيلا} وقد نهى عمر بن الخطاب أبا موسى الأشعري عن ذمي كان استكتبه باليمن وأمره بعزله, وقد قال جماعة من العلماء: يقاتل المشرك في معسكر المسلمين معهم لعدوهم, واختلف في ذلك علماؤنا المالكية . والصحيح منعه لقوله عليه السلام : { إنا لا نستعين بمشرك } . وأقول : إن كانت في ذلك فائدة محققة فلا بأس به .) اه

في الآداب الشرعية لابن مفلح 2/450 : ( قال ابن عبد البر: قال ابن القاسم: سئل مالك عن النصراني يستكتب ؟ قال لا أرى ذلك , وذلك أن الكاتب يستشار , فيستشار النصراني في أمر المسلمين ؟ ما يعجبني أن يستكتب .
وذكر ابن عبد البر: أنه استأذن على المأمون بعض شيوخ الفقهاء فأذن له , فلما دخل عليه رأى بين يديه رجلا يهوديا كاتبا كانت له عنده منزلة وقربة لقيامه بما يصرفه فيه ويتولاه من خدمته فلما رآه الفقيه قال , وقد كان المأمون أومأ إليه بالجلوس , فقال , أتأذن لي يا أمير المؤمنين في إنشاد بيت حضر قبل أن أجلس قال نعم , فأنشده : إن الذي شرفت من أجله يزعم هذا أنه كاذب وأشار إلى اليهودي . فخجل المأمون ووجم ثم أمر حاجبه بإخراج اليهودي مسحوبا على وجهه فأنفذ عهدا باطراحه وإبعاده وأن لا يستعان بأحد من أهل الذمة في شيء من أعماله

قال ابن عبد البر: كيف يؤتمن على سر, أو يوثق به في أمر من وقع في القرآن, وكذب النبي ؟ ) اه
وقال القرطبي في تفسيره لقوله تعالى4/174: ( لا تتخذوا بطانة من دونكم ): ( أكد الله سبحانه وتعالى الزجر عن الركون إلى الكفار وهو متصل بما سبق من قوله : { يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين } , ونهى المؤمنين بهذه الآية أن يتخذوا من الكفار وأهل الأهواء دخلاء وولجاء , يفاوضونهم في الآراء , ويسندون إليهم أمورهم . ثم بين الله المعنى الذي من أجله نهى عن المواصلة فقال : { لا يألونكم خبالا } يعني لا يتركون الجهد في إفسادكم , أي أنهم وإن لم يقاتلوكم فإنهم لا يتركون الجهد في المكر والخديعة ) اه

المبحث الثالث:
حكم تولية أهل الذمة عند الشافعية
قال الشربيني في مغني المحتاج 5/407: ( ولا يستعان عليهم ) في قتال ( بكافر ) ذمي أو
غيره لأنه يحرم تسليطه على المسلم ; ولهذا لا يجوز لمستحق القصاص من مسلم أن يوكل كافرا في استيفائه , ولا للإمام أن يتخذ جلادا كافرا لإقامة الحدود على المسلمين.

تنبيه : ظاهر كلامهم أن ذلك لا يجوز لو دعت الضرورة إليه لكنه في التتمة صرح بجواز الاستعانة به عند الضرورة , وقال الأذرعي وغيره : إنه المتجه) اه

وقال الرملي في نهاية المحتاج 7/407 : ( ولا يستعان عليهم بكافر ) ولو ذميا ; لأنه يحرم تسليطه على المسلم , ولأن القصد ردهم للطاعة , والكفار يتدينون بقتلهم , نعم يجوز الاستعانة بهم عند الضرورة كما نقله الأذرعي وغيره عن المتولي وقالوا : إنه متجه

وفي الحاشية على نهاية المحتاج : ( قوله : ; لأنه يحرم تسليطه على المسلم ) وكذا يحرم جعله جلادا يقيم الحدود على المسلمين اهـ زيادي.

أقول: وكذا يحرم نصبه في شيء من أمور المسلمين , نعم إن اقتضت المصلحة توليته شيئا لا يقوم به غيره من المسلمين أو ظهر فيمن يقوم به من المسلمين جناية وأمنت في ذمي ولو لخوفه من الحاكم مثلا فلا يبعد جواز توليته فيه للضرورة والقيام بمصلحة ما ولي فيه , ومع ذلك يجب على من ينصبه مراقبته ومنعه من التعرض لأحد من المسلمين بما فيه استعلاء على المسلمين ويؤيد ذلك قوله نعم إلخ)اه

وفي شرح البهجة الوردية 5/146 : ( قال ابن الصلاح : وينبغي منعهم من خدمة الملوك والأمراء كما يمنعون من ركوب الخيل ) اه

وفي معالم القربة للقرشي ص39 : (ولما ولي أبو موسى الأشعري البصرة, وقدم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فوجده في المسجد فاستأذن عليه فأذن له , واستأذن لكاتبه , وكان نصرانيا فلما دخل على عمر, ورآه فقال: قاتلك الله يا أبا موسى, وليت نصرانيا على المال أما سمعت قول الله سبحانه وتعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم }, فقال : يا أمير المؤمنين لي كتابته, وله دينه فقال عمر: لا أكرمهم بعد أن أهانهم الله, ولا أعزهم بعد أن أذلهم الله, ولا أدنيهم بعد أن أقصاهم الله .

وكتب عمر بن عبد العزيز إلى بعض عماله, -وقد اتصل به أنه اتخذ كاتبا يقال له حسان-: بلغني أنك استعملت حسان, وهو على غير دين الإسلام, والله تعالى يقول: { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي , وعدوكم أولياء }. وقال تعالى: {لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا, ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم, والكفار أولياء, واتقوا الله إن كنتم مؤمنين }, وإذا أتاك كتابي هذا فادع حسان إلى الإسلام فإن أسلم فهو منا , ونحن منه , وإن أبى فلا تستعن به , فلما جاءه الكتاب قرأه على حسان فأسلم , وعلمه الطهارة والصلاة, وهذا أصل يعتمد عليه في ترك الاستعانة بالكافر فكيف استعمالهم على رقاب المسلمين) اه

وفي تفسير ابن كثير1/528: ( ففي هذا الأثر مع هذه الآية دليل على أن أهل الذمة لا يجوز استعمالهم في الكتابة التي فيها استطالة على المسلمين وإطلاع على دواخل أمورهم التي يخشى أن يفشوها إلى الأعداء من أهل الحرب ولهذا قال تعالى : { لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم } )اه

في الموسوعة الفقهية الكويتية 8/104: ( قال إلكيا الهراسي في قوله تعالى: {لا تتخذوا بطانة من دونكم }: فيه دلالة على أنه لا يجوز الاستعانة بأهل الذمة في شيء من أمر المسلمين ) اه.

المبحث الرابع:
حكم تولية أهل الذمة عند الحنابلة
في الفروع لابن مفلح 6/205: ( ويتوجه: يكره أن يستعين بكافر إلا لضرورة, وذكر جماعة: لحاجة, وعنه : يجوز مع حسن رأي فينا, زاد جماعة -وجزم به في المحرر- : وقوته بهم بالعدو

وفي الواضح روايتان: الجواز وعدمه بلا ضرورة , وبناهما على الإسهام له: كذا قال . وفي البلغة: يحرم إلا لحاجة بحسن الظن. قال : وقيل : إلا لضرورة , وأطلق أبو الحسين وغيره أن الرواية لا تختلف أنه لا يستعان بهم ولا يعاونون

وأخذ القاضي من تحريم الاستعانة تحريمها في العمالة والكتبة , وسأله أبو طالب عن مثل الخراج ؟ فقال : لا يستعان بهم في شيء , وأخذ القاضي منه أنه لا يجوز كونه عاملا في الزكاة, فدل أن المسألة على روايتين, والأولى المنع واختاره شيخنا وغيره أيضا , لأنه يلزم منه مفاسد أو يفضي إليها, فهو أولى من مسألة الجهاد .
وقال شيخنا: من تولى منهم ديوانا للمسلمين انتقض عهده; لأنه من الصغار. وفي الرعاية: يكره إلا ضرورة... وعنه في اليهود والنصارى : لا يغتر بهم , فلا بأس فيما لا يسلطون فيه على المسلمين حتى يكونوا تحت أيديهم . قد استعان بهم السلف ) اه

وفي الفروع لابن مفلح أيضا 6/ 283: (يجوز أن يقلد الكافر القضاء بين أهل دينه, وهذا لم تجر به عادة الناس , بل قد يقع تقليد رياسة وزعامة) اه

وفي كشاف القناع 3/139: (ويكره أن يستعين مسلم بذمي في شيء من أمور المسلمين, مثل كتابة وعمالة, وجباية خراج, وقسمة فيء وغنيمة, وحفظ ذلك في بيت المال وغيره ونقله) أي: نقل ما ذكر من موضع إلى آخر ( إلا لضرورة ) ; لأن أبا موسى دخل على عمر ومعه كتاب قد كتبه فيه حساب عمله فقال له عمر " ادع الذي كتبه ليقرأه قال : إنه لا يدخل المسجد قال ولم لا يدخل ؟ فقال : إنه نصراني فانتهره عمر .

(ولا يكون) الذمي ( بوابا ولا جلادا , ولا جهبذا وهو النقاد الخبير ونحو ذلك) لخيانتهم , فلا يؤمنون. (ويحرم توليتهم الولايات من ديوان المسلمين وغيره) لما فيه من إضرار المسلمين للعداوة الدينية ( وتقدم نحو الاستعانة بهم في القتال في باب ما يلزم الإمام والجيش ) .(ويكره أن يستشاروا أو يؤخذ برأيهم ) لأنهم غير مأمومين) اه
وفي الآداب الشرعية لابن مفلح 1/256 :فصل ( روى البيهقي في مناقب أحمد عن محمد بن أحمد بن منصور المروذي أنه استأذن على أحمد بن حنبل, فأذن فجاء أربعة رسل المتوكل يسألونه فقالوا: الجهمية يستعان بهم على أمور السلطان قليلها وكثيرها أولى أم اليهود والنصارى ؟ فقال أحمد: أما الجهمية فلا يستعان بهم على أمور السلطان قليلها وكثيرها!!!, وأما اليهود والنصارى فلا بأس أن يستعان بهم في بعض الأمور التي لا يسلطون فيها على المسلمين حتى لا يكونوا تحت أيديهم, قد استعان بهم السلف ) اه.

وفي الآداب الشرعية لابن مفلح 2/444 : (فصل ( في الاستعانة بأهل الذمة ) . قال بعض أصحابنا ويكره أن يستعين مسلم بذمي في شيء من أمور المسلمين مثل كتابة وعمالة وجباية خراج وقسمة فيء وغنيمة وحفظ ذلك ونقله إلا ضرورة, قال في الرعاية الكبرى ولا يكون بوابا ولا جلادا ونحوهما...

قال القاضي أبو يعلى من أئمة أصحابنا: وفي هذه الآية دليل على أنه لا يجوز الاستعانة بأهل الذمة في أمور المسلمين من العمالات والكتبة, ولهذا قال الإمام أحمد رضي الله عنه: لا يستعين الإمام بأهل الذمة على قتال أهل الحرب , وقد جعل الشيخ موفق الدين رحمه الله هذه المسألة أصلا في اشتراط الإسلام في عامل الزكاة فدل على أنها محل وفاق . وقال الإمام أحمد رحمه الله في رواية أبي طالب وقد سأله يستعمل اليهودي والنصراني في أعمال المسلمين مثل الخراج ؟ فقال: لا يستعان بهم في شيء . )اه

وفي الفتاوى الكبرى لابن تيمية 5/540 : ( ولا يستعان بأهل الذمة في عمالة ولا كتابة لأنه يلزم منه مفاسد أو يفضي إليها

وسئل أحمد في رواية أبي طالب في مثل الخراج فقال: لا يستعان بهم في شيء, ومن تولى منهم ديوانا للمسلمين ينقض عهده, ومن ظهر منه أذى للمسلمين أو سعى في فساده لم يجز استعماله وغيره أولى منه بكل حال, فإن أبا بكر الصديق رضي الله عنه عهد أن لا يستعمل من أهل الردة أحدا وإن عاد إلى الإسلام لما يخاف من فساد ديانتهم ) اه
وفي الإنصاف للمرداوي 4/143 : ( أخذ القاضي من تحريم الاستعانة تحريمها في العمالة والكتابة . وسأله أبو طالب عن مثل الخراج ؟ فقال : لا يستعان بهم في شيء . وأخذ القاضي منه : أنه لا يجوز كونه عاملا في الزكاة. قال في الفروع : فدل على أن المسألة على روايتين . قال والأولى : المنع . واختاره شيخنا . يعني : الشيخ تقي الدين وغيره أيضا . لأنه يلزم منه مفاسد أو يفضي إليها . فهو أولى من مسألة الجهاد )اه

وفي غذاء الألباب للسفاريني 2/15: (مطلب: في حكم استخدام أهل الذمة. قال بعض الأصحاب: يكره أن يستعين مسلم بذمي في شيء من أمور المسلمين مثل كتابة وعمالة وجباية خراج وقسمة فيء وغنيمة وحفظ ذلك إلا لضرورة . قال في الآداب الكبرى : ولا يكون بوابا ولا جلادا ونحوهما .) اه
وفي غذاء الألباب للسفاريني 2/15-19 ( تنبيه): اقتصر الناظم على كون استئماننا أهل الذمة في مال وقسمته مكروها, وظاهر ما اعتمده في الإقناع وغيره حرمة الاستعانة بهم في الغزو وبأهل الأهواء في الغزو وغيره , فإنه قال: ويحرم أن يستعين بكفار إلا لضرورة , وأن يعينهم على عدوهم إلا خوفا
قال الشيخ : ومن تولى منهم ديوانا للمسلمين انتقض عهده ويحرم أن يستعين بأهل الأهواء في شيء من أمور المسلمين من غزو وعمالة وكتابة وغير ذلك .
وقال في موضع آخر : ويكره أن يستعين مسلم بذمي في شيء من أمور المسلمين مثل كتابة وعمالة وجباية خراج وقسمة فيء وغنيمة وحفظ ذلك في بيت المال وغيره ونقله إلا لضرورة , ولعله أراد بالضرورة الحاجة ; لأن القاعدة زوال الكراهة بأدنى حاجة , ثم قال : ولا يكون بوابا ولا جلادا وجهبذا , وهو النقاد الخبير , ونحو ذلك . قال : ويحرم توليتهم الولايات من ديوان المسلمين وغيره , ويكره أن يستشاروا أو يؤخذ برأيهم... وقال في الفروع : ويحرم ويتوجه يكره أن يستعين بكفار إلا لضرورة , وذكر جماعة لحاجة , وعنه : يجوز مع حسن رأي فينا , زاد جماعة وجزم به في المحرر وقوته بهم بالعدو...
فظهر أن المعتمد من المذهب الكراهة فقط كما عليه الناظم , وأن القول الثاني يحرم ذلك, وعليه الشيخ رضي الله عنه. قلت: واعتمده شيخ مشايخنا الشيخ عبد الباقي الأثري الحنبلي في رسالة له متعلقة بأهل الذمة )اه
وفي مطالب أولي النهى 2/532 : ( وتكره الاستعانة بأهل الذمة في ذلك نصا , لأنهم يدعون إلى أديانهم ( وتحرم توليتهم ), أي: الكفار وأهل الأهواء ( الولايات من دواوين المسلمين و) تحرم (إعانتهم ), أي : أهل الأهواء, والكفار على عدوهم من جنسهم, فإن كان عدوهم منا فنجتمع على قتالهم, وإن كان عدو أهل الأهواء كافرا حربيا , فلا تحرم إعانتهم عليه لإسلامهم (إلا خوفا) من شرهم ) اه

المبحث الخامس:
حكم تولية أهل الذمة عند الظاهرية
قال ابن حزم في المحلى 5/415 : ( قال أبو محمد: ومن الصغار أن لا يؤذوا مسلما ولا يستخدموه, ولا يتولى أحد منهم شيئا من أمور السلطان يجري لهم فيه أمر على مسلم) اه

المبحث السادس
في أدلة أهل العلم في النهي عن ذلك

لأهل العلم أدلة كثيرة على المسألة ومجمل أدلة أهل العلم على ذلك:
- الآيات القرآنية: مثل ( لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ) ومثل : (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ) .. إلخ

- الأحاديث النبوية: مثل أحاديث عدم بدأهم بالسلام واضطرارهم إلى أضيق الطريق, وأحاديث النهي عن الاستعانة بالكفار في القتال.. إلخ

- الآثار الواردة: عن الصحابة والسلف في النهي عن ذلك كما في أثر عمر وعمر بن عبد العزيز وغيرهما
- القياس: فإذا كان المسلم الفاسق لا يجوز أن يتولى الولايات العامة على المسلمين فمن باب أولى الكافر
- سد الذرائع: للمفاسد الكثيرة الحاصلة على الإسلام والمسلمين من توليتهم, ولا تخفى على أحد
قال ابن مفلح في الآداب الشرعية 2/444 في معرض الاستدلال على ذلك :

- عن أبي موسى الأشعري أنه أتخذ كاتبا نصرانيا فانتهره عمر بن الخطاب رضي الله عنه . وعن عمر أيضا أنه قال : لا ترفعوهم إذ وضعهم الله , ولا تعزوهم إذ أذلهم الله

- ولأن في الاستعانة بهم في ذلك من المفسدة ما لا يخفى وهي ما يلزم -عادة أو ما يفضي إليه- من تصديرهم في المجالس, والقيام لهم وجلوسهم فوق المسلمين وابتدائهم بالسلام أو ما في معناه ورده عليهم على غير الوجه الشرعي وأكلهم من أموال المسلمين ما أمكنهم لخيانتهم واعتقادهم حلها وغير ذلك

- ولأنه إذا منع من الاستعانة بهم في الجهاد مع حسن رأيهم في المسلمين والأمن منهم وقوة المسلمين على المجموع لا سيما مع الحاجة إليهم على قول فهذا في معناه وأولى للزومه وإفضائه إلى ما تقدم من المحرمات بخلاف هذا, وبهذا يظهر التحريم هنا وإن لم تحرم الاستعانة بهم على القتال

- وقد نهى الله سبحانه وتعالى المؤمنين أن يتخذوا الكفار بطانة لهم فقال تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم } . وبطانة الرجل تشبيهه ببطانة الثوب الذي يلي بطنه ; لأنهم يستنبطون أمره ويطلعون عليه بخلاف غيرهم , وقوله { من دونكم } أي من غير أهل ملتكم ثم قال تعالى : { لا يألونكم خبالا } أي لا يبقون غاية في إلقائكم فيما يضركم والخبال الشر والفساد { ودوا ما عنتم } أي يودون ما يشق عليكم من الضر والشر والهلاك , والعنت المشقة يقال فلان يعنت فلانا أي يقصد إدخال المشقة والأذى عليه . { قد بدت البغضاء من أفواههم } قيل بالشتم والوقيعة في المسلمين ومخالفة دينكم , وقيل باطلاع المشركين على أسرار المؤمنين { وما تخفي صدورهم أكبر } أي أعظم { قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون } ...

- وتحصيلا للمأمور به شرعا من إذلالهم وإهانتهم والتضييق عليهم وإذا أمر الشارع عليه الصلاة والسلام بالتضييق عليهم في الطريق المشتركة فما نحن فيه أولى هذا مما لا إشكال فيه

- ولأن هذه ولايات بلا شك , ولهذا لا يصح تفويضها مع الفسق والخيانة , والكافر ليس من أهلها بدليل سائر الولايات وهذا في غاية الوضو ; ولأنها إذا لم يصح تفويضها إلى فاسق فإلى كافر أولى بلا نزاع . ولهذا قد نقول يصح تفويضها إلى فاسق إما مطلقا أو مع ضم أمين إليه يشارفه كما نقول في الوصية

- ولأنه إذا لم تصح وصية المسلم إلى كافر في النظر في أمر أطفاله أو تفريق ثلثه مع أن الوصي المسلم المكلف العدل يحتاط لنفسه وماله وهي مصلحة خاصة يقل حصول الضرر فيها فمسألتنا أولى هذا مما لا يحتاج فيه إلى تأويل ونظر والله أعلم

- وقال الله تعالى { ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا } . وهذا من أعظم السبيل, استدل الشيخ وجيه الدين وغيره من الأصحاب بهذه الآية على أنه لا يجوز أن يكون عاملا في الزكاة وقد قال أصحابنا في كاتب الحاكم لا يجوز أن يكون كافرا واستدلوا بقوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة } . وبقضية عمر على أبي موسى...
- ولهذا كان السلف يستدلون بهذه الآية على ترك الاستعانة بهم في الولايات فروى الإمام أحمد بإسناد صحيح عن أبي موسى قال: قلت لعمر رضي الله عنه إن لي كاتبا نصرانيا, قال: ما لك قاتلك الله أما سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض } ألا اتخذت حنيفيا ؟ قال قلت يا أمير المؤمنين لي كتابته وله دينه قال لا أكرمهم إذ أهانهم الله ولا أعزهم إذ أذلهم الله ولا أدنيهم إذ أقصاهم الله ورواه البيهقي وعنده: " فانتهرني وضرب على فخذي " وعنده أيضا " فقال أبو موسى: والله ما توليته إنما كان يكتب . فقال عمر له أما وجدت في أهل الإسلام من يكتب ؟ لا تدنهم إذا أقصاهم الله ولا تأمنهم إذا أخانهم الله ولا تعزهم بعد إذ أذلهم الله .

- وروى الإمام أحمد عن عمر رضي الله عنه أنه قال : لا تستعملوا اليهود والنصارى فإنهم يستحلون الرشاء في دينهم ولا تحل الرشاء .

- وقطع الشيخ تقي الدين في موضع آخر بأنه يجب على ولي الأمر منعهم من الولايات في جميع أرض الإسلام وقال أيضا: الولاية إعزاز وأمانة وهم يستحقون للذل والخيانة , والله يغني عنهم المسلمين, فمن أعظم المصائب على الإسلام وأهله أن يجعلوا في دواوين المسلمين يهوديا أو سامريا أو نصرانيا .

- وقال أيضا : لا يجوز استعمالهم على المسلمين فإنه يوجب من إعلائهم على المسلمين خلاف ما أمر الله ورسوله , { والنبي صلى الله عليه وسلم قد نهى أن يبدءوا بالسلام } { وأمر إذا لقيهم المسلمون أن يضطروهم إلى أضيق الطرق } . { وقال الإسلام يعلو ولا يعلى عليه}

- وقد منعوا من تعلية بنائهم على المسلمين فكيف إذا كانوا ولاة على المسلمين فيما يقبض منهم ويصرف إليهم وفيما يؤمرون به من الأمور المالية ويقبل خبرهم في ذلك فيكونون هم الآمرين الشاهدين عليهم ؟ هذا من أعظم ما يكون من مخالفة أمر الله ورسوله...

- وكتب إليه خالد بن الوليد أن بالشام كاتبا نصرانيا لا يقوم خراج الشام إلا به فكتب إليه لا تستعمله , فأعاد عليه السؤال وإنا محتاجون إليه فكتب إليه مات النصراني والسلام يعني قدر موته , فمن ترك لله شيئا عوضه الله خيرا منه

- إلى أن قال: وقد يشيرون عليهم بالرأي التي يظنون أنها مصلحة ويكون فيها من فساد دينهم ودنياهم ما لا يعلمه إلا الله وهو يتدين بخذلان الجند وغشهم يرى إنهم ظالمين , وأن الأرض مستحقة للنصارى ويتمنى أن يتملكها النصارى ...

- إلى أن قال : وثبت في الصحيح عن { النبي صلى الله عليه وسلم أن مشركا لحقه ليقاتل معه فقال له إني لا أستعين بمشرك } وكما أن استخدام الجند المجاهدين إنما يصلح إذا كانوا مؤمنين فكذلك الذين يعاونون الجند في أموالهم وأعمالهم ...

- ثم قال: وقد عرف أهل الخبرة أن أهل الذمة من اليهود والنصارى والمنافقين يكاتبون أهل دينهم بأخبار المسلمين وربما يطلعون على ذلك من أسرارهم وعوراتهم وغير ذلك وقد قيل : كل العداوات قد ترجى مودتها إلا عداوة من عاداك في الدين انتهى كلامه .

- وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { لا تستضيئوا بنار المشركين ولا تنقشوا في خواتيمكم عربيا } رواه الإمام أحمد والنسائي وعبد بن حميد وغيرهم . ومعنى قوله { لا تستضيئوا بنار المشركين } أي لا تستشيروهم ولا تأخذوا آراءهم . جعل الضوء مثلا الرأي عند الحيرة هذا معنى قول الحسن رواه عبد بن حميد , واحتج الحسن بقوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم } وكذا فسره غيره ) اه

وفي غذاء الألباب للسفاريني 2/15-19:

- (وذكر السلطان الملك المنصور أبو المعالي محمد بن أيوب في كتابه درر الآداب ومحاسن ذوي الألباب : أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى جميع عماله في الآفاق : أما بعد , فإن عمر يقرئ عليكم السلام ويقرأ عليكم من كتاب الله المبين { يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا } الآية , واعلموا أنه لم يهلك من هلك قبلكم إلا بمنعه الحق وبسط يد الظلم , وقد بلغني عن قوم من المسلمين فيما مضى , إذا قدموا بلدا أتاهم أهل الشرك فاستعانوا بهم في أعمالهم وكتابتهم لعلمهم بالكتابة , والحساب والتدبير ولا خيرة ولا تدبير فيما يغضب الله ورسوله , وقد كانت لهم في ذلك مدة , وقد قضاها الله تعالى فلا نعلمن أن أحدا من العمال أبقى في عمله رجلا متصرفا على غير دين الإسلام إلا نكل به , وليكتب كل منكم بما فعله في عمله , وأمر أن يمنع النصارى , واليهود من الركوب على السروج إلا على الأكف.

- قال : وكتب إلى حيان عامله بمصر باعتماد ذلك فكتب إليه حيان : أما بعد يا أمير المؤمنين إن دام هذا الأمر في مصر أسلمت أهل الذمة وبطل ما يؤخذ من الخراج , فأرسل إليه خالدا , وقال له: ائت مصر فاضرب حيان على رأسه ثلاثين سوطا أدبا على قوله, وقل له : ويلك يا حيان من دخل في دين الإسلام فضع عنه الجزية فوددت أن أسلموا كافة , الله أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم داعيا لا جابيا ) اه

وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية 8/104 تحت عنوان (اتخاذ بطانة من دون المؤمنين):
- لا خلاف بين علماء الإسلام في أنه لا يجوز لأولياء أمور المسلمين أن يتخذوا بطانة من الكفار والمنافقين, يطلعونهم على سرائرهم , وما يضمرونه لأعدائهم, ويستشيرونهم في الأمور ; لأن هذا من شأنه أن يضر مصلحة المسلمين, ويعرض أمنهم للخطر , وقد ورد التنزيل بتحذير المؤمنين من موالاة غيرهم ممن يخالفونهم في العقيدة والدين

- وقال عز من قائل : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون } .

- وقال : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي , تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل } .

- ونهى الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين عن اتخاذ بطانة من دون المؤمنين , يطلعونهم على سرائرهم , ويكشفون لهم عورات المسلمين . بقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين } وفي معنى ذلك آيات كثيرة .

- وقد تقدم الحديث في شأن بطانة السوء . وقال ابن أبي حاتم : قيل لعمر بن الخطاب : رضي الله عنه : إن هنا غلاما من أهل الحيرة حافظا كاتبا , فلو اتخذته كاتبا ؟ قال : اتخذت إذن بطانة من دون المؤمنين .
وفي الموسوعة الفقهية أيضا 19/76 :

- ( وروي عن معاوية رضي الله عنه أنه أرسل إلى أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه خطابا جاء فيه : يا أمير المؤمنين , فإن في عملي كاتبا نصرانيا لا يتم أمر الخراج إلا به فكرهت أن أقلده دون أمرك . فكتب إليه عافانا الله وإياك , قرأت كتابك في أمر النصراني , أما بعد , فإن النصراني قد مات والسلام .

- وقد سار الخلفاء الذين لهم ثناء حسن في الأمة على نهج عمر رضي الله عنه في استبعاد أهل الذمة عن الوظائف التي فيها اطلاع على دواخل المسلمين . فقد كتب عمر بن عبد العزيز إلى أحد عماله : أما بعد , فإنه بلغني أن في عملك كاتبا نصرانيا يتصرف في مصالح المسلمين والله تعالى يقول : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين } فإذا أتاك كتابي هذا فادع حسانا - يعني ذلك الكاتب - إلى الإسلام , فإن أسلم فهو منا , ونحن منه , وإن أبى فلا تستعن به , ولا تتخذ أحدا على غير دين الإسلام في شيء من مصالح المسلمين . فأسلم حسان وحسن إسلامه .

- ولأن من شروط متولي هذا العمل الأمانة والنصح للمسلمين , والحرص على مصالحهم . وهذه الشروط غير متحققة في المشركين , وقد نبه الله المسلمين على صفاتهم فهم لا يحبون الخير للمسلمين , ويغشون , ولا ينصحون , قال تعالى فيهم : { ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم } . وقال تعالى : { إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون }

- ولهذا ولغيره منع الفقهاء أن يستعمل الذمي في عمل يختص بوضع الخراج وتقديره . أما إذا كان مختصا بجبايته ونقله , فيختلف الحكم . فإذا كان يجبيه من الذميين جاز أن يكون ذميا)اه

تنبيه مهم
عدم تولية أهل الذمة لا يعني بأي حال أن نُسيءَ أخلاقنا معهم ومعاملتنا لهم, فهذا خلاف الهدي النبوي في التعامل معهم, بل لا بد من الرفق وحسن الخلق, وقد أبعد بعض الفقهاء ففهموا من آية الجزية أمورا هي عند المحققين من الفقهاء أخطاء لمخالفتها للهدي النبوي, ولذا عقب الإمام النووي وغيره على الإمام الرافعي عندما حكى بعض تلك الأخطاء مقرا لها , قال الرافعي في المحرر: (وتؤخذ الجزية بإهانة فيجلس الآخذ ويقوم الذمي ويطأطئ رأسه ويحني ظهره ويضعها في الميزان ويقبض الآخذ لحيته ويضرب لهزمتيه, وكله مستحب وقيل واجب!!!) اه
قال النووي في منهاج الطالبين 6/71 -مع مغني المحتاج-: ( قلت: هذه الهيئة باطلة ودعوى استحبابها أشد خطأ. والله أعلم)اه

قال الشربيني في مغني المحتاج بشرح المنهاج: ( قلت : هذه الهيئة ) المذكورة في المحرر ( باطلة ) ; لأنها لا أصل لها من السنة, ولا نقل عن فعل أحد من السلف ( و ) حينئذ ( دعوى استحبابها أشد خطأ) من دعوى جوازها , ودعوى وجوبها أشد خطأ من دعوى استحبابها ( والله أعلم ) وكان القياس أن يقول: أشد بطلانا ليطابق قوله : باطلة . قال ابن قاسم : وكأنه أراد بالباطلة الخطأ . قال في زيادة الروضة : وإنما ذكرها طائفة من الخراسانيين . وقال: وجمهور الأصحاب : تؤخذ الجزية برفق كأخذ الديون.اهـ.

قال الشارح : وفيه تحمل على الذاكرين لها , وللخلاف فيها المستند إلى تفسير الصغار في الآية المبني عليها المسائل المذكورة. قال ابن النقيب: ولم أر من تعرض لذلك هل هو حرام أو مكروه ؟ . وقضية كونها كسائر الديون التحريم. اهـ. وتصريح المصنف بالبطلان يقتضي التحريم, ويجوز للذمي أن يجبي الجزية وعشر التجارة من أهل الذمة) اه

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه والتابعين
عبد الفتاح بن صالح قديش اليافعي
اليمن - صنعاء
4/جمادى الآخرة/1430هـ]

المصدر

Berikutnya:

- Hukum Pemimpin Non-Muslim (1): Fatwa Ali Jumah
- Hukum Pemimpin Non-Muslim (2): Dr. Mustafa Rasyid
- Hukum Pemimpin (3): Rami Rifat in-depth Analysis
- Hukum Pemimpin Non-Muslim (4): Pendapat Ulama Kontemporer (PKS Jateng)
- Hukum Pemimpin Non-Muslim (5): Menurut Madzhab Empat (Abdul Fattah bin Soleh Al-Yafi'i)
- Hukum Pemimpin Non-Muslim (6): Pendapat Ulama (NU.or.id)
- Hukum Pemimpin Non-Muslim (7): Hasil Bahtsul Masail NU
LihatTutupKomentar