Hukum Patung Analisa Mendalam

Analisa Ushuliyah mendalam tentang Hukum Patung membuat menjual menyimpan. Patung kecil atau besar. Yang awet terbuat dari bahan keras atau yang cepat hancur terbuat dari bahan lembek seperti patung pada kue tar dll
Analisa Ushuliyah mendalam tentang Hukum Patung membuat menjual menyimpan. Patung kecil atau besar. Yang awet terbuat dari bahan keras atau yang cepat hancur terbuat dari bahan lembek seperti patung pada kue tar dll

دراسة أصولية حول التماثيل في الإسلام

القاضي الشيخ فيصل مولوي
نائب رئيس المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث

بســــــــــم الله الرحمن الرحيـــــــــم

لم يكن تهديم تماثيل بوذا في أفغانستان غريباً على من يفهم قراءة فكر حركة طالبان، ومنهجها في فهم النّصوص والتّعامل معها. لذلك تركّزت مناقشات من يخالفهم هذا الرّأي على ما قد يؤدّي إليه من زيادة عزلة أفغانستان ومحاصرتها، ومن استثارة مشاعر البوذيّين وما قد يؤدّي إليه من فتن تصيب الأقلّيّات المسلمة في الصّين واليابان والهند وغيرها. ومع اعترافي بأهمّيّة هذه المواضيع، وقناعتي بأنّها تكفي لإثبات خطأ هدم هذه التّماثيل من وجهة النّظر الشّرعيّة، إلاّ أنّني أردت مناقشة هذا الأمر بطريقة أصوليّة بحتة، ومن خلال النّصوص فقط، بهدف توضيح أبعاد المسألة أمام شباب الصّحوة الإسلاميّة الذين يتأثّرون بموقف طالبان انطلاقاً من الاعتزاز بدينهم، أو رفض التّسلّط الأمريكي الذي يهتمّ بحقوق الإنسان- طالما أنّه غير مسلم- فإذا كان مسلماً فالحجر أهمّ منه على الإطلاق، ولا بأس أن ينال كلّ أنواع الظّلم والإذلال والتّجويع. كما أنّ المظالم التي تحيط بالشّعب الأفغاني المسلم ومحاصرته وتجويعه تؤدّي حتماً إلى التّضامن معه.

التّعريف
التّمثال هو الصّورة التي تماثل الشّيء الأصلي. هذه الصّورة حين تكون مجسّمة تسمّى تمثالاً . والتّمثال قد يكون صورة لشيء ذي روح وفيه حياة، وقد يكون صورة لجماد. ولكنّ اسم التّمثال غلب على صورة ذي روح. وقد تكون الصّورة مسطّحة كالصّور الفوتوغرافيّة والمرسومة باليد. أماّ الصّور الفوتوغرافيّة فيكاد الإجماع يتحقّق حول إباحتها، لأنّها انعكاس للصّورة الحقيقيّة وليست رسماً أو نحتاً جديداً. وأمّا الصّور المرسومة باليد والتّماثيل المجسّمة لها فلا يزال الخلاف قائماً
حولها بين الفقهاء والمذاهب. وكلامنا في هذا البحث ينحصر بالتّماثيل، وإن كان أكثر الفقهاء يستعملون مصطلح الصّورة أو التّمثال بمعنى واحد.

التّماثيل في القرآن الكريم

ورد في القرآن الكريم ذكر نوعين من التّماثيل:
الأوّل: تماثيل تعبد من دون الله، وهذه تسمّى تماثيل وتسمّى أصناماً وتسمّى أنصاباً.

قال تعالى: ” ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنّا به عالمين. إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التّماثيل التي أنتم لها عاكفون؟ قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين… وتالله لأكيدنّ أصنامكم بعد أن تولّوا مدبرين. فجعلهم جذاذاً إلاّ كبيراً لهم لعلّهم إليه يرجعون.” الأنبياء 57
قال تعالى: ” وجاوزنا ببني إسرائيل البحر، فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم، قالوا يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة، قال إنّكم قوم تجهلون…”الأعراف 138.

قال تعالى:” وإذ قال إبراهيم ربّ اجعل هذا البلد آمناً واجنبني وبنيّ أنّ نعبد الأصنام…” إبراهيم 35.
قال تعالى:” يا أيّها الذين آمنوا إنّما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشّيطان فاجتنوه لعلّكم تفلحون” المائدة 90.
والأنصاب هي الأصنام المعبودة التي تنصب لتقدّم لها الذّبائح.

ومن البديهي أن نقول: أنّ مثل هذه التّماثيل- التي تعبد من دون الله – يحرم على المسلم صنعها أو بيعها أو تقديم الذّبائح لها، فضلاً عن أنّ عبادتها هي الشّرك الواضح.

الثّاني: تماثيل لا تعبد من دون الله، وهي بالتّالي ليست أصناماً ولا أنصاباً.
مثل هذه التّماثيل كان معروفاً منذ القدم، ولا يزال موجوداً عند أكثر شعوب العالم. وقد ذكر الله تعالى في القرآن الكريم أنّ الجنّ كانوا يصنعون مثل هذه التماثيل لسليمان عليه السّلام.

قال تعالى: ” يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجوابّ وقدور راسيات. اعملوا آل داود شكراً، وقليل من عبادي الشّكور.” سبأ 13.

وهذا يعني أنّ التّماثيل كانت مباحة في شريعة سليمان عليه السّلام كما يقول المفسّرون
وقد ذكر الله تعالى في سورة الصّافّات على لسان إبراهيم عليه السّلام قوله لقومه: ” قال: أتعبدون ما تنحتون؟ والله خلقكم وما تعملون.”
فاستنكار إبراهيم لم يوجّه إلى فنّ النّحت، وإنّما كان موجّهاً ضد عبادة ما ينحت،
ممّا يعني إباحة نحت التّماثيل إذا لم تكن للعبادة.

وقد استدلّ بالآيتين من يرى أنّ (صنع التّماثيل مباح إذا لم تكن للعبادة). ورد في الموسوعة الفقهيّة- الصّادرة عن وزارة الأوقاف في الكويت- في مادة تصوير أنّ ( الألّوسي نقل هذا القول في تفسيره للآية 13 من سورة سبأ. وذكر أنّ النّحّاس ومكّي بن أبي طالب وابن الفرس نقلوه عن قوم، ولكنّه لم يذكر أسماء هؤلاء القوم). كما ذكرت مجلّة الوعي الإسلامي (العدد 29 الصّادر عام 1387هـ ص 57-58) هذا القول في مقال للسّيّد محمّد رجب البيلي ونسبته للشّيخ عبد العزيز جاويش.

الأحاديث المتعلّقة بالموضوع

1- حول صنع المسلم للتّماثيل:

وردت أحاديث صحيحة كثيرة وكلّها تؤكّد : أنّ المصوّرين في النّار- وأنّهم أشدّ النّاس عذاباً عند الله . وعلّة ذلك حسب نصّ الأحاديث: أنّهم يضاهون بخلق الله. والمضاهاة هي المشاكلة، أي أنّهم يخلقون تماثيل على شاكلة خلق الله، ولذلك يقال لهم يوم القيامة: أحيوا ما خلقتم.
ولذلك اتّفق جمهور العلماء على تحريم صنع التّماثيل- وبالتّالي بيعها وشرائها- قال النّووي:”وأجمعوا على منع ما كان له ظلّ ووجوب تغييره.” شرح النّووي على صحيح مسلم 14/82. وقال ابن العربي:”إنّ الصّورة إذا كان لها ظلّ حرام بالإجماع سواء كانت ممّا يمتهن أو لا.” واستدرك ابن حجر العسقلاني وقال:”إن هذا الإجماع محلّه غير لعب الأطفال.” فتح الباري للعسقلاني 10/388.

2- حول اقتنائها في البيت:

اختلف العلماء في تفسير الأحاديث التّي تشير إلى أنّ الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة أو كلب. فجعل ابن حبّان ذلك خاصّاً بالنّبيّ ، وجعلهم بعضهم خاصاً بملائكة الوحي، وجعله الكثيرون خاصّاً بملائكة الرّحمة، ذكر ذلك السّيّد محمّد رشيد رضا. الفتاوى 4/1413.
وثبت أنّ رسول الله استعمل وسائد ومرافق فيها صور، ولكنّه كان ينقض التّصاليب ويزيلها. كما ثبت عنه إباحة لعب الأطفال- وهي تماثيل صغيرة- كما روت السّيّدة عائشة رضي الله عنها. وقد نقل القاضي عيّاض عن جمهور الفقهاء أنّهم أجازوا بيع هذه اللعب لتدريب البنات على إدارة شؤون الأطفال، وهذا من الأغراض المعتبرة شرعاً.

وقد أجاز الكثيرون استعمال التّماثيل والصّور في البيوت إذا لم تكن منصوبة معظّمة على السّتائر والحيطان، وكانت ممتهنة أو معرّضة لوطء الأقدام أو غير ذلك.

وورد في الموسوعة الفقهيّة- باب تصوير- ما يلي:” يذهب جمهور العلماء إلى أنّه لا يلزم من تحريم الصّور تحريم اقتنائها أو تحريم استعمالها. فانّ عمليّة التّصوير لذات الأرواح ورد فيها لعن المصوّر وأنّه يعذّب في النّار وأنّه من أشدّ النّاس عذاباً، ولم يرد شيء من ذلك في اقتناء الصّور، ولم تتحقّق في مستعملها علّة تحريم الصّور من المضاهاة لخلق الله تعالى. ومع ذلك فقد ورد ما يدلّ على منع اقتناء الصّور أو استعمالها، إلاّ أنّ الأحاديث الواردة في ذلك ليس فيها ذكر عذاب، أو أي قرينة تدلّ على أنّ اقتنائها من الكبائر. وبهذا يكون حكم مقتني الصّورة التي يحرم اقتناؤها: أنّه قد فعل صغيرة من الصّغائر… وقد نبّه إلى الفرق بين التّصوير وبين اقتناء الصّور في الحكم: النّووي في شرحه لحديث الصّور في صحيح مسلم ونبّه إليه الشّبراملسي من الشّافعيّة أيضاً. وعليه يجري أكثر كلام الفقهاء.”

شرع من قبلنا

ونقصد به الشرائع التي أنزلها الله تعالى على الأنبياء السّابقين لمحمّد عليهم الصّلاة والسّلام. ولا تكون ثابتة النّسبة إليهم إلاّ إذا ورد ذكرها في القرآن الكريم أو السّنّة الصّحيحة. ولا خلاف بين العلماء أنّ ما يتعلّق بالعقائد لم يتغيّر، وهو واحد عند جميع الأنبياء لقوله تعالى:”شرع لكم من الدّين ما وصّى به نوحاً والذي أوحينا إليك، وما وصّينا به إبراهيم وموسى وعيسى، أن أقيموا الدّين ولا تفرّقوا فيه…” الشّورى 13.

أمّا ما يتعلّق بالأحكام الشّرعيّة العمليّة، فالاختلاف بين شرائع الأنبياء أمر واقع. قال تعالى:”…لكلّ جعلنا منكم شرعة ومنهاجا.” المائدة 48.

وفي هذا المجال هناك ثلاثة أنواع من الأحكام.

– الأوّل: يتناول الأحكام التّي كانت مشروعة لدى الأنبياء السّابقين، وأقرّتها شريعتنا، فنحن ملزمون بها لأنّها من شريعتنا كالصّيام والأضحية وغيرها.

– الثّاني: يتناول الأحكام التي كانت مشروعة لدى الأنبياء السّابقين ونسختها شريعتنا، فهي ليست شرعاً لنا بالتّأكيد مثل تحريم أكل كلّ ذي ظفر، وتحريم الشّحوم التّي لا تختلط بعظم، وقتل النّفس في سبيل التّوبة، وغير ذلك.

– الثّالث: وهو أحكام الشّرائع السّابقة التّي لم يأت في شريعتنا ما يؤيّدها أو ينسخها. وهذا النّوع هو الذي اختلف فيه العلماء فقال جمهور الحنفيّة والمالكيّة وبعض الشّافعيّة وأحمد في رواية له رجّحها أكثر أصحابه: ” أنّ ما صحّ من شرع من قبلنا- عن طريق الوحي لا من جهة كتبهم المبدّلة- يعتبر شرعاً لنا يجب علينا العمل به ما لم يرد في شرعنا خلافه.” واستدلّوا بما يلي:
– قوله تعالى عن الأنبياء السّابقين:”أولئك الذين هدى الله، فبهداهم اقتده.”
– وقوله تعالى:” ثمّ أوحينا إليك أن اتّبع ملّة إبراهيم حنيفاً…”
– أنّ النّبيّ قال: “من نام عن صلاة أو نسيها فليصلّها إذا ذكرها” وقرأ قوله تعالى:” أقم الصّلاة لذكري.” وهذه الآية خطاب لسيّدنا موسى عليه السّلام.

وبما أن اخوتنا في حركة طالبان يلتزمون بمذهب السّادة الأحناف، وبما أنّ مذهب الحنفيّة كان أوسع المذاهب في إعمال مبدأ:”شرع من قبلنا شرع لنا..” لذلك وجدت من المناسب طرح مسألة الحكم الشّرعي في هدم تماثيل بوذا من خلال هذه القاعدة الأصوليّة.

حكم التّماثيل في ضوء شرع من قبلنا

1- ثبت لنا من خلال نصوص القرآن الكريم التّي ذكرناها آنفاً أنّ التّماثيل نوعان:
ما يعبد فعلاً من دون الله، فعبادته شرك وضلال. وبالتّالي فإنّ صنعه واقتناءه لا يجوز وقد أيّدت شريعتنا هذه الأحكام التي كانت موجودة في شريعة إبراهيم بنصوص من القرآن الكريم والسّنّة المطهّرة، وأجمع العلماء أنّ عبادة الأصنام شرك وضلال، وأنه لا يجوز صنعها ولا اقتناؤها.
أمّا تكسير الأصنام فقد فعله سيّدنا إبراهيم عليه السّلام كجزء من الحوار الذي دار بينه وبين قومه، فقد كان يريد إقناعهم أنّ هذه الأصنام لا تستحق العبادة لأنّها لا تستطيع أن تدافع عن نفسها، بل لا يستطيع كبيرها أن يفعل هذا الفعل مع صغارها، وإنّما علّق إبراهيم الفأس عليه ليقنع قومه أنّ هذه الأصنام لا تستطيع أن تفعل شيئاً ولا أن تردّ على ما يفعل بها.

وقد أيّدت شريعتنا تكسير الأصنام المعبودة من دون الله وهذا من قبيل إزالة المنكر، ولكنّه لا يتمّ إلاّ في الوقت المناسب بحيث ينسجم مع مستلزمات الدّعوة إلى الله.

ب‌- ما يصنع لتحقيق مصالح أخرى، ولا علاقة له بالعبادة ولا بالتّعظيم. وقد ثبت جواز ذلك في شريعة سليمان عليه السّلام (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل…) دون ذكر شيء عن الهدف من صنع هذه التّماثيل والمصالح التي تتحقّق منها. ممّا يعني جواز صنع التّماثيل في شريعته بشرط واحد أن لا تكون للعبادة.
ومن خلال استعراض الأحاديث الصّحيحة الواردة في هذا الموضوع نجد أنّ الشريعة الإسلاميّة
– أقرّت استثناء وجود تماثيل غير معبودة – من خلال إقرار رسول الله للعب البنات-
– لكنّها أضافت أمرين:
أولاهما: أنّه لا يشترط لمنع التّماثيل أن تكون معبودة فعلاً، بل إنّ مجرّد تعظيم التّمثال يكفي للتّحريم سدّاً لذريعة الانتقال من التّعظيم إلى العبادة. كما أنّ نيّة صانع التّمثال حين تكون مضاهاة خلق الله تجعل عمله حراماً لأنّها نوع من الشّرك بالله. ولذلك ورد الكثير من الأحاديث الصّحيحة التي تجعل الاحتفاظ بالتّمثال- غير المعبود- جائزاً إذا دخله تشويه أو نقصان أو امتهان يجعل تعظيمه أمراً غير وارد.
ثانيهما: أن الأحاديث لم تنصّ على إباحة شيء من التّماثيل غير المعبودة وغير المعظّمة إلاّ(لعب البنات). والسّؤال المطروح هنا هل الإباحة محصورة بلعب البنات؟ أم هلّ يمكن القياس على ذلك وإلى أيّ مدى وضمن أيّة شروط؟

ونحن نجيب على هذا السّؤال ضمن النّقاط التّالية:
أولاً: إنّ أصل صناعة التّماثيل وبيعها وشراءها واقتناءها يدخل في نطاق الأعمال المباحة بناءً على القاعدة الأصوليّة المعروفة أنّ الأصل في الأشياء الإباحة، وأنّ التّحريم يطرأ عليها إذا دخلها وصف يقتضي التّحريم.
ثانياً: إذا كانت التّماثيل للعبادة فهي نوع من الشّرك بالله. ولذلك يكون صنعها وبيعها وشراؤها واقتناؤها حراماً ويعتبر من الكبائر لأنّ النصوص الواردة في ذلك قرنت التّحريم بالعذاب الشّديد.
ثالثاً: إذا كانت التّماثيل المصنوعة مضاهاة لخلق الله، أو تشبّهاً بخلق الله، فذلك يجعلها حراماً وتعتبر من الكبائر وفق الأحاديث الصّحيحة الواردة. لكنّ التّشبّه بخلق الله ومضاهاته يمكن أن يكون في صنع تماثيل ما لا روح له كالشّمس والقمر والجبال والشّجر، وفي صنع لعب البنات وغير ذلك ممّا ورد النّص بإباحته صراحة، ولذلك قال بعض العلماء أنّ المقصود هنا من يصنع التّمثال أو يرسم الصّورة تحدّياً لقدرة الله، ومن يعتقد أنّه قادر على أن يخلق كخلق الله، فيريه الله تعالى عجزه يوم القيامة بأن يكلّفه أن ينفخ الرّوح في تلك الصّورة. وتأييداً لهذا القول فسّر ابن حجر – في فتح الباري- قول الله عزّ وجلّ في حديثه القدسيّ (ومن أظلم ممّن ذهب يخلق خلقاً كخلقي) فسّر ذهب بمعنى قصد. (ورد ذلك في الموسوعة الفقهيّة مادّة تصوير). وعلى هذا القول فإنّ الحرام هنا يتعلّق بنيّة الصّانع ولو كان المصنوع تمثالاً لجماد أو رسماً يدويّاً لأيّة صورة.
رابعاً: إذا كانت التّماثيل المصنوعة – أو الصّور المسطّحة- وسيلة لتعظيم غير الله والغلو في ذلك بحيث يمكن أن يؤول الأمر إلى نوع من التّقديس والعبادة، فإنّها تصبح حراماً من باب سدّ الذّرائع. وهو أصل متّفق عليه بين العلماء ويؤيّد ذلك في هذه المسألة ما ورد في صحيح البخاري وفي أكثر التّفاسير عن ( ودّ وسواع ويغوث ويعوق ونسر ) أنّها ( أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلمّا هلكوا أوحى الشّيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون إليها أنصاباً، وسمّوها بأسمائهم ففعلوا، فلم تعبد. حتّى إذا هلك أولئك ونسخ العلم عبدت.)
لكنّ العلماء الذين اعتمدوا مبدأ سد الذّريعة في هذه المسألة اختلفوا بين متشدّد وصل إلى التّحريم المطلق لكلّ تمثال أو صورة ثمّ بدأ يستثني من ذلك ما ورد في النّصوص ويضيقه ما استطاع. وبين متوسّط منع التّماثيل المنصوبة وسمح بغير المنصوب، أو سمح بالصّور المسطّحة التي لا ظلّ لها، أو سمح بالتّماثيل والصّور لما لا روح له.
خامساً: إذا خلت التّماثيل- وكذلك الصّور المسطّحة- من معاني العبادة أو التّعظيم أو المضاهاة لخلق الله. فإنّها تبقى على أصل الإباحة حتى ولو لم يكن من ورائها تحقيق أيّة مصلحة مشروعة. فإذا وجدت بعض المصالح المشروعة، فإنّ الإباحة قد ترتفع إلى شيء من الاستحباب. كما لو تعلّق الأمر بصناعة لعب الأطفال، فقد أجازها العلماء من المذاهب الأربعة – وإن وضع الحنابلة لها شروطاً- ولم يشترط غيرهم أي شرط لذلك. وقد علّل كثير من الفقهاء إباحة لعب البنات بالحاجة لتدريبهنّ على تربية الأولاد، وهو تعليل مستنبط ونصّ الحديث لا يقبله فقد تحدّثت عائشة عن (فرس له جناحان) فما علاقة هذه اللعبة بتربية الأولاد؟ ولذلك علّل الحليمي إباحة لعب الأطفال بما يحصل لهم من (الاستئناس الذي في الصّبيان من معادن النّشوء والنّموّ، فإنّ الصّبيّ إن كان أنعم حالاً وأطيب نفساً وأشرح صدراً كان أقوى وأحسن نموًّا، وذلك لأنّ السّرور بسط للقلب، وفي انبساطه انبساط للرّوح…) الموسوعة الفقهيّة-الكويت-مادّة تصوير.
وواضح أنّ تعليل الفقهاء بالحاجة لتدريب البنات على تربية الأولاد. يجعل رخصة الألعاب خاصّة بالبنات دون الصّبيان، وهو أمر مستغرب. أمّا تعليل الحليمي، وهو فرح الأولاد واستئناسهم وانشراح صدورهم فهو يجعل الرّخصة شاملة للذّكور والإناث، وهو ما رجّحه الدّكتور عبد الكريم زيدان ( المفصل في أحكام المرأة-3/461).
ونحن نرى أنّ إباحة لعب البنات لا تحتاج إلى تعليل لأنّها رجوع إلى الأصل وهو الإباحة، لأنّ التّحريم يكون حين توجد أسبابه وهي العبادة، أو التّعظيم الذي قد يؤدّي للعبادة، أو المضاهاة لخلق الله، فإذا لم يوجد أيّ من هذه الأسباب عاد الأمر إلى الإباحة.
سادساً: إذا كانت التّماثيل المصنوعة تحقّق مصلحة مشروعة كما لو كانت للتّعليم أو التّدريب، وهذه أصبحت اليوم كثيرة كالتّماثيل التي تستخدم كوسائل إيضاح في المدارس، وتساعد الطّالب على فهم علوم الإنسان أو الحيوان أو النّبات، فإنّها أيضاً ترتفع من الإباحة إلى الاستحباب، وربّما كانت واجبة في بعض الحالات إذا أصبحت وسيلة فعّالة لفهم العلوم والتّقدّم فيها. ومعلوم أنّ طلب العلم فريضة، وما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب.

الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان
نقلاً عن موقع سماحة العلامة المولوي
LihatTutupKomentar