Dalil Perempuan Haram Bepergian Tanpa Mahram atau Teman Sesama Wanita

Dalil Perempuan Haram Bepergian Tanpa Mahram atau Teman Sesama Wanita dan pendapat para ulama tentang soal ini beserta sejumlah pengecualian
Dalil Perempuan Haram Bepergian Tanpa Mahram atau Teman Sesama Wanita dan pendapat para ulama tentang soal ini beserta sejumlah pengecualian

الآثار الواردة في سفر المرأة بدون محرم:

وردت آثار كثيرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تتكلم عن سفر المرأة بدون محرم، منها:

1. عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تسافر المرأة ثلاثة أيام، إلا مع ذي محرم»(7). وفي رواية: «فوق ثلاث»(8).

2. وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، أن تسافر سفراً يكون ثلاثة أيام فصاعداً، إلا ومعها أبوها، أو أخوها، أو زوجها، أو ابنها، أو ذو محرم منها»(9). وفي رواية: «إلا مع زوجها، أو ذي محرم منها»(10). وفي رواية: «إلا مع ذي رحم»(11).

قال الترمذي: "والعمل على هذا عند أهل العلم، يكرهون للمرأة أن تسافر، إلا مع ذي محرم"(12).

3. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تسافر امرأة مسيرة يوم وليلة، إلا ومعها ذو محرم»(13). وفي رواية: «مسيرة يوم تام»(14). وفي رواية: «لا تسافر امرأة فوق يومين»(15). وفي رواية: «مسيرة يومين أو ليلتين»(16).

4. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تسافر امرأة، إلا ومعها ذو محرم»، وجاء النبيَ -صلى الله عليه وسلم- رجلٌ، فقال: إني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، وامرأتي حاجَّة؟ قال: «فارجع، فحج معها»(17).

5. وعن أبي سعيد -رضي الله عنه- رواية يبلغ به النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا تسافر المرأة ثلاثة أيام، إلا ومعها ذو محرم»(18).

6. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: جاء رجل إلى المدينة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أين نزلت؟». قال: على فلانة. قال: «أغلقت عليك بابها؟ لا تحُجَّن امرأة، إلا ومعها ذو محرم»(19). قال ابن بطال: "وسيأتي في كتاب الجهاد في باب: من اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجة، أن معنى قوله عليه السلام: «ارجع فاحجج مع امرأتك» أنه محمول على الندب، لا على الوجوب"(20).

7. وعن أبي أُمامة الباهلي -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا يحل لامرأة مسلمة أن تحج، إلا مع زوج أو ذي محرم»(21).

قال العلماء: اختلاف الألفاظ المروية في هذا الباب؛ لاختلاف السائلين واختلاف المواطن، ولم يُرِد التحديد.(22)

قال النووي: "وليس في النهي عن الثلاثة تصريح بإباحة اليوم والليلة أو البريد، قال البيهقي: كأنه -صلى الله عليه وسلم- سُئِل عن المرأة تسافر ثلاثاً بغير محرم؟ فقال: لا، وسُئِل عن سفرها يومين بغير محرم؟ فقال: لا، وسئل عن سفرها يوماً؟ فقال: لا. وكذلك البريد، فأدى كل منهم ما سمعه، وما جاء منها مختلفاً عن رواية واحد فسمعه في مواطن، فروى تارة هذا، وتارة هذا، وكله صحيح، وليس في هذا كله تحديد لأقل ما يقع عليه اسم السفر، ولم يُرِد -صلى الله عليه وسلم- تحديد أقل ما يسمى سفراً، فالحاصل أن كل ما يسمى سفراً، تنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم، سواء كان ثلاثة أيام أو يومين أو يوماً أو بريداً أو غير ذلك؛ لرواية ابن عباس المطلقة، وهي آخر روايات مسلم السابقة: «لا تسافر امرأة، إلا مع ذي محرم»، وهذا يتناول جميع ما يسمى سفراً"(23). وقال المنذري: "ويحتمل أن يكون هذا كله تمثيلاً لأوائل الأعداد، فاليوم أول العدد، والاثنان أول التكثير، والثلاث أول الجمع، وكأنه أشار إلى أن مثل هذا في قلة الزمن لا يحل فيه السفر، فكيف بما زاد؟"(24). وقد نقل ابن بطال عن بعض العلماء قوله: "وأما اختلاف الآثار في يوم وليلة، وفي ثلاثة أيام، وقد روى في يومين، فالمعنى الذي تأتلف عليه هذه الأخبار أنها كلها خرجت على جواب سائلين مختلفين، كأن سائلاً سأله -صلى الله عليه وسلم-: هل تسافر المرأة يوماً وليلة مع غير ذي محرم؟ فقال: لا، ثم سأله آخر عن مثل ذلك في يومين، فقال: لا، ثم سأله آخر عن مثل ذلك في ثلاث، فقال: لا، فروى عنه -صلى الله عليه وسلم- كل واحد ما سمع، وليس بتعارض ولا نسخ؛ لأن الأصل ألا تسافر المرأة أصلاً، ولا تخلو مع غير ذي محرم، لأن الداخلة عليها في الليلة الواحدة كالداخلة عليها في الثلاث، وهى علّة المبيت والمغيب على المرأة في ظلمة الليل، واستيلاء النوم على الرفقاء، فيكون الشيطان ثالثهما، فقويت الذريعة وظهرت الخشية على ناقصات العقل والدين، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: «لا يخلون رجل بامرأة، ليست بذي محرم منه»(25).

وفي هذا بيان للحكمة التي من أجلها حرم على المرأة أن تسافر من غير محرم، وقال الباجي أيضاً: "وقوله صلى الله عليه وسلم: «أن تسافر مسيرة يوم وليلة، إلا مع ذي محرم» يريد -والله أعلم- لأن المرأة فتنة، وانفرادها سبب للمحظور؛ لأن الشيطان يجد السبيل بانفرادها، فيغري بها، ويدعو إليها"(26).

أقوال العلماء في شرح حديث النهي عن سفر المرأة بدون محرم:

قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر» بمعنى التغليظ. يريد أن مخالفة هذا ليست من أفعال من يؤمن بالله، ويخاف عقوبته في الآخرة.(27)

قوله صلى الله عليه وسلم: «إلا مع ذي محرم» يحتمل معنيين:

أحدهما: أن لا تسافر هذه المسافة مع إنسان واحد، إلا أن يكون ذا محرم منها؛ لأنه مأمون عليها.

والمعنى الثاني: أن لا تنفرد في مثل هذا السفر دون ذي محرم منها؛ لأنه يحفظها ويجري إلى صيانتها؛ لما ركب في طباع أكثر الناس من الغيرة على ذوي محارمهم والحماية لهم.(28)

وقد ذكر العلماء أن المحرم المذكور في الآية إما محرماً لها من النسب، أو محرماً من الرضاع، أو محرماً من المصاهرة، فكل هؤلاء يجوز لها المسافرة معهم. قال النووي: "قوله صلى الله عليه وسلم: «إلا ومعها ذو محرم» فيه دلالة لمذهب الشافعي والجمهور، أن جميع المحارم سواء في ذلك، فيجوز لها المسافرة مع محرمها بالنسب، كابنها وأخيها وابن أخيها وابن أختها وخالها وعمها، ومع محرمها بالرضاع، كأخيها من الرضاع وابن أخيها وابن أختها منه ونحوهم، ومع محرمها من المصاهرة كأبي زوجها وابن زوجها، ولا كراهة في شيء من ذلك، وكذا يجوز لكل هؤلاء الخلوة بها، والنظر إليها من غير حاجة، ولكن لا يحل النظر بشهوة لأحد منهم، هذا مذهب الشافعي والجمهور، ووافق مالك على ذلك كله إلا ابن زوجها، فكره سفرها معه؛ لفساد الناس بعد العصر الأول، ولأن كثيراً من الناس لا ينفرون من زوجة الأب نفرتهم من محارم النسب، قال: والمرأة فتنة، إلا فيما جبل الله تعالى النفوس عليه من النفرة عن محارم النسب، وعموم هذا الحديث يرد على مالك"(29). وقال في الديباج على مسلم: "قال العلماء: ولا فرق بين محرمها كأبيها وأخيها وبين محرمه كأمه وأخته"(30). لكن الزيلعي قد قال: "ولها أن تخرج مع كل محرم إلا أن يكون مجوسياً؛ لأنه يعتقد إباحة مناكحتها. ولا عبرة بالصبي والمجنون؛ لأنه لا تتأتى منه الصيانة، والصبية التي بلغت حد الشهوة بمنـزلة البالغة، حتى لا يسافر بها من غير محرم"(31).

وقد نقل النووي عن الباجي جواز أن تسافر الكبيرة بدون محرم على أي حال، ثم ردَّ عليه، فقال: "قال الباجي: هذا عندي في الشابة، وأما الكبيرة غير المشتهاة، فتسافر كيف شاءت في كل الأسفار بلا زوج ولا محرم. وهذا الذي قاله الباجي لا يوافق عليه؛ لأن المرأة مظنة الطمع فيها ومظنة الشهوة، ولو كانت كبيرة، وقد قالوا: لكل ساقطة لاقطة. ويجتمع في الأسفار من سفهاء الناس وسقطهم من لا يرتفع عن الفاحشة بالعجوز وغيرها؛ لغلبة شهوته، وقلة دينه ومروءته، وخيانته، ونحو ذلك(32)". وقال محمد شمس الحق العظيم آبادي: "ولفظ امرأة عام في جميع النساء، ونقل عياض عن بعضهم أنه في الشابة، أما الكبيرة التي لا تشتهى، فتسافر في كل الأسفار بلا زوج ولا محرم. قال ابن دقيق العيد: وهو تخصيص للعموم بالنظر إلى المعنى"(33). والظاهر -والله أعلم- هو القول بالحرمة، كما قال النووي؛ سداً للذريعة، وخاصة في هذا الزمان الذي كثرت فيه الفاحشة إلى حد لم يكن يخطر على بال كثير من المتقدمين.

وقوله صلى الله عليه وسلم: «مسيرة يوم وليلة»، وقد روى عبد الله بن ميسرة: «ثلاثة أيام»، وروي: «مسيرة يومين»، وقد تُعُلِّق بهذا وجُعِل حداً في سفر القصر، ولا يَمتنع أن يُمنع من ذلك في ثلاثة أيام، ثم في يومين، ثم في يوم وليلة، وليس بين الأحاديث على هذا اختلاف، ولو بدا فمنع من ذلك في يوم وليلة، لاقتضى ذلك منعه في يومين، وفي ثلاثة، فإذا ورد بعد ذلك منعه في يومين وفي ثلاثة، فليس بخلاف لما تقدم، بل هي تأكيد له.(34)

ويحمل قوله: يوماً، على أن المراد به اليوم بليلته.(35)

قال النووي: "قوله: "فقال رجل: يا رسول الله! إن امرأتي خرجت حاجَّة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا؟ قال: «انطلق فحج مع امرأتك». فيه تقديم الأهم من الأمور المتعارضة؛ لأنه لما تعارض سفره في الغزو وفي الحج معها، رُجِّح الحج معها؛ لأن الغزو يقوم غيره في مقامه عنه، بخلاف الحج معها"(36).

تقسيم سفر المرأة بدون محرم:

1. سفر المرأة بدون محرم لغير حاجة ولا ضرورة، وإنما لمباح.

2. سفر المرأة بدون محرم لضرورة، أو حاجة مُنـزَّلة مَنـزِلة الضرورة، كالتي أسلمت، تسافر من دار الحرب إلى دار الإسلام.

3. خروجها في سفر طاعة، سواء كانت طاعة واجبة كحج الفريضة، أو طاعة غير واجبة كحج التطوع وسفر الزيارة والتجارة ونحو ذلك من الأسفار التي ليست بواجبة.

وإليك التفصيل في هذه الأسفار، كالآتي:

حكم السفر بدون محرم:

أما سفر المرأة بدون محرم لغير حاجة، فلا إشكال في حرمته؛ لما تقدم من الأحاديث.

قال المباركفوري: "لا تسافر المرأة مسيرة يوم وليلة، إلا مع ذي محرم، والعمل على هذا عند أهل العلم: يكرهون للمرأة أن تسافر إلا مع ذي محرم"(37). وقد ذكر النووي خلافاً بين العلماء في سفر المرأة للتجارة بدون محرم، وهو من الأسفار المباحة، وسيأتي الكلام عليه، إن شاء الله تعالى. وقد نقل ابن حجر عن البغوي قوله: "م يختلفوا في أنه ليس للمرأة السفر في غير الفرض، إلا مع زوج أو محرم إلا كافرة أسلمت في دار الحرب أو أسيرة تخلصت. وزاد غيره أو امرأة انقطعت من الرفقة فوجدها رجل مأمون فإنه يجوز له أن يصحبها حتى يبلغها الرفقة"(38).

وأما سفر المرأة التي أسلمت، من دار الحرب إلى دار الإسلام، وليس لها محرم، فهو سفر واجب عليها، إن كان في بقائها في دار الحرب، فتنةٌ لها عن دينها.

قال النووي: "وقد قال القاضي: واتفق العلماء على أنه ليس لها أن تخرج في غير الحج والعمرة، إلا مع ذي محرم، إلا الهجرة من دار الحرب، فاتفقوا على أن عليها أن تهاجر منها إلى دار الإسلام، وإن لم يكن معها محرم؛ لأن إقامتها في دار الكفر حرام، إذا لم تستطع إظهار الدين، وتخشى على دينها ونفسها"(39). قال ابن بطال: "وفي قوله: «لا يحل لامرأة»، شاهد أنه إنما نهاها عن السفر الذي لا يلزمهن، ولهن استحلاله وتركه، فمنعهن صلى الله عليه وسلم من الأسفار المختارة، إلا الضرورية الجماعية التي لا تعدم فيها المرافقة، ألا ترى اشتراط مالك خروجها للحج في جماعة المرافقين... ولا تتفق الأعين كلها على الغفلة، ولا تجتمع على النوم في وقت واحد، فلا بد من وجود المراقبة من الجماعة، فضعف الخوف بحضور الكثرة"(40).

وأما سفر المرأة من دون محرم لفعل طاعة عموماً، ففي ذلك خلاف بين العلماء، سواء كانت الطاعة واجبة أم مستحبة.

فأما الطاعة الواجبة فكالحج، لمن لم تكن قد حجت، فمنهم من اشترط لسفرها المحرم، وهو ما ذهب إليه أبو حنيفة، والحسن البصري، والنخعي، وجماعة من أصحاب الحديث، وأصحاب الرأي. ومنهم من لم يشترط ذلك، وهو ما ذهب إليه عطاء، وسعيد بن جبير، وابن سيرين، ومالك، والأوزاعي، والشافعي في المشهور عنه، ولكنهم اشترطوا الأمن على نفسها، وذلك واقع في نظرهم بالزوج، أو المحرم، أو نسوة ثقات.

قال النووي: "وأجمعت الأمة على أن المرأة يلزمها حجة الإسلام، إذا استطاعت... لكن اختلفوا في اشتراط المحرم لها، فأبو حنيفة يشترطه لوجوب الحج عليها، إلا أن يكون بينها وبين مكة دون ثلاث مراحل، ووافقه جماعة من أصحاب الحديث وأصحاب الرأي، وحكي ذلك أيضاً عن الحسن البصري، والنخعي، وقال عطاء وسعيد بن جبير وابن سيرين ومالك والأوزاعي والشافعي في المشهور عنه: لا يشترط المحرم، بل يشترط الأمن على نفسها، قال أصحابنا: يحصل الأمن بزوج أو محرم أو نسوة ثقات، ولا يلزمها الحج عندنا إلا بأحد هذه الأشياء، فلو وجدت امرأة واحدة ثقة لم يلزمها، لكن يجوز لها الحج معها، هذا هو الصحيح، وقال بعض أصحابنا: يلزمها بوجود نسوة أو امرأة واحدة، وقد يكثر الأمن ولا تحتاج إلى أحد، بل تسير وحدها في جملة القافلة وتكون آمنة، والمشهور من نصوص الشافعي وجماهير أصحابه، هو الأول"(41)، وبنحو ذلك قال محمد شمس الحق العظيم آبادي(42)، وقال ابن بطال: "قال مالك والأوزاعي والشافعي: تخرج المرأة في حجة الفريضة، مع جماعة النساء في رفقة مأمونة، وإن لم يكن معها محرم، وجمهور العلماء على جواز ذلك، وكان ابن عمر يحج معه نسوة من جيرانه، وهو قول عطاء وسعيد بن جبير وابن سيرين والحسن البصري، وقال الحسن: المسلم محرم، ولعل بعض من ليس بمحرم أوثق من المحرم. وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا تحج المرأة إلا مع ذي محرم. وهو قول أحمد وإسحاق وأبي ثور"(43).

وأما سفر المرأة من دون محرم لفعل طاعة غير واجبة، كخروجها لحج التطوع وسفر الزيارة، وهو من الأسفار المستحبة، أو سفر التجارة، وهو من الأسفار المباحة، فقد اختلف العلماء في ذلك أيضاً. قال النووي: "واختلف أصحابنا في خروجها لحج التطوع وسفر الزيارة والتجارة ونحو ذلك من الأسفار التي ليست واجبة، فقال بعضهم: يجوز لها الخروج فيها مع نسوة ثقات، كحجة الإسلام، وقال الجمهور: لا يجوز إلا مع زوج أو محرم، وهذا هو الصحيح؛ للأحاديث الصحيحة"(44).

الأدلة على حكم السفر بدون محرم لحج الفريضة:

أولاً: أدلة من قال من العلماء باشتراط المحرم في سفر حج الفريضة:

استدل الحنفية ومن وافقهم، على اشتراط المحرم للمرأة في سفر حج الفريضة بأدلة، منها:

1. حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- المتقدم وفيه: «لا تحُجَّن امرأة، إلا ومعها ذو محرم»(45)، وكذا حديث: «لا يحل لامرأة مسلمة أن تحج، إلا مع زوج، أو ذي محرم»(46)، وكلاهما قد تقدم.

2. واستدلوا أيضاً بعموم ما تقدم من نهيه صلى الله عليه وسلم عن سفر المرأة دون محرم.

3. واستدلوا أيضاً بأنها في السفر بدون محرم يخاف عليها الفتنة، وتزداد هذه الفتنة بانضمام غيرها إليها(47)، وسد باب الفتنة واجب؛ فوجب منعها من السفر بدون محرم، وهذا ما ذكره الكشميري في العرف الشذي.(48)

ثانياً: أدلة من قال من العلماء بعدم اشتراط المحرم في سفر حج الفريضة:

وأما مالك ومن وافقه من القائلين بعدم اشتراط المحرم على المرأة في سفر الحج، فقد استدلوا على ذلك بأدلة منها:

1. قوله تعالى: ﴿وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾ [آل عمران: 97]، فقد دخلت المرأة في عموم هذا الخطاب، ولزمها فرض الحج، ولا يجوز أن تمنع المرأة من الفروض، كما لا تمنع من الصلاة والصيام.(49) ولم يجعلوا المحرم لها من لوازم أو شروط الاستطاعة.

وقد حمل هؤلاء، الأحاديث المتقدمة في نهي المرأة عن السفر بدون محرم، على سفرٍ غير واجبٍ عليها.(50)

2. واستدلوا أيضاً بالقياس على سفرها من دار الكفر إلى دار الإسلام إذا أسلمت فيه بغير محرم. قالوا: وكذلك كل واجب عليها أن تخرج فيه.(51) لكن النووي قد ردَّ على هذا فقال: "والفرق بينهما أن إقامتها في دار الكفر حرام، إذا لم تستطع إظهار الدين، وتخشى على دينها ونفسها، وليس كذلك التأخر عن الحج، فإنهم اختلفوا في الحج هل هو على الفور أم على التراخي؟"(52). وقد نقل ابن حجر عن صاحب المغني الرد عن ذلك أيضاً بأنه سفرٌ للضرورة، فلا يقاس عليه حالة الاختيار، ولأنها تدفع ضرراً متيقناً، بتحمل ضرر متوهم، وليس كذلك السفر للحج.(53)

قال محمد شمس الحق العظيم آبادي: "وسبب هذا الخلاف: مخالفة ظواهر الأحاديث؛ لظاهر قوله تعالى: ﴿وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾ [آل عمران: 97]؛ لأن ظاهره الاستطاعة بالبدن، فيجب على كل قادر عليه ببدنه، ومن لم تجد محرماً قادرة ببدنها، فيجب عليها، فلما تعارضت هذه الظواهر اختلف العلماء في تأويل ذلك، فجمع أبو حنيفة ومن وافقه بأن جعل الحديث مبيناً الاستطاعة في حق المرأة، ورأى مالك ومن وافقه أن الاستطاعة: الأمنية بنفسها، في حق الرجال والنساء، وأن الأحاديث المذكورة لم تتعرض للأسفار الواجبة. وقد أجيب أيضاً بحمل الأخبار على ما إذا لم تكن الطريق آمناً، ذكره الزرقاني"(54).

ثالثاً: أدلة من قال من العلماء بجواز سفر المرأة مع النسوة الثقات:

استُدِلَّ على جواز أن تسافر المرأة مع النسوة الثقات بحديث البخاري قال: وقال لي أحمد بن محمد حدثنا إبراهيم عن أبيه عن جده: أذن عمر -رضي الله عنه- لأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- في آخر حجة حجها، فبعث معهن عثمان بن عفان، وعبد الرحمن ابن عوف.(55)

قال ابن حجر: "ومن الأدلة على جواز سفر المرأة مع النسوة الثقات إذا أمن الطريق - أول أحاديث الباب، لاتفاق عمر، وعثمان، وعبد الرحمن بن عوف، ونساء النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك، وعدم نكير غيرهم من الصحابة عليهن في ذلك، ومن أبى ذلك من أمهات المؤمنين، فإنما أباه من جهة خاصة -كما تقدم- لا من جهة توقف السفر على المحرم"(56).

الخلاصة:

يتلخص هذا البحث في الآتي:

1. اختلف العلماء في تحديد مسافة السفر على أقوال: فقيل: يوم وليلة، وقيل: يومين، وقيل: ثلاثة أيام، وقيل: قليل السفر وكثيره سواء. وسبب هذا الخلاف اختلاف ألفاظ الحديث الدالة على ذلك ففي بعضها «يوم وليلة»، وفي بعضها «يومين أو ليلتين»، وفي بعضها «فوق يومين»، وفي بعضها «ثلاثة أيام»، وفي بعضها «فوق ثلاث»، وفي بعضها الإطلاق من دون تقييد. واختلاف الألفاظ المروية في هذا الباب؛ إنما كان لاختلاف السائلين، واختلاف المواطن، ولا تعارض بينها؛ لأن هذه الروايات جميعاً داخلة تحت رواية اليوم والليلة؛ فإذا كانت مسيرة اليوم والليلة تسمى سفراً فبالأولى والأحرى مسيرة اليومين والثلاث وما زاد.

2. وردت آثار كثيرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في النهي عن سفر المرأة بدون محرم، فمنها ما نهى عن سفرها عموماً بدون محرم، ومنها ما نهى عن سفرها في الحج بدون محرم.

3. النهي عن سفر المرأة بدون محرم؛ إنما كان لأجل ضعفها. قال ابن العربي: "النساء لحم على وضم، كل أحدٍ يشتهيهن، وهن لا مدفع عندهن، بل الاسترسال فيهن أقرب من الاعتصام، فحصَّن الله عليهن بالحجاب، وقطع الكلام، وحرم السلام، وباعد الأشباح، إلا مع من يستبيحها، وهو الزوج، أو يمنع منها، وهو أولو المحارم. ولما لم يكن بد من تصرفهن أذن لهن فيه، بشرط صحبة من يحميهن، وذلك في مكان المخالفة، وهو السفر مقر الخلوة ومعدن الوحدة"(57).

4. يقسم سفر المرأة بدون محرم -بالنظر إلى سببه- على أقسام، كالآتي:

أ‌- سفرها لغير حاجة ولا ضرورة، وإنما لمباح، وهذا لا إشكال في حرمته.

ب‌- سفرها لضرورة، أو حاجة مُنـزَّلة مَنـزِلة الضرورة، وهذه يجب عليها السفر.

ج‌- سفرها لطاعة، سواء كانت طاعة واجبة، أو طاعة غير واجبة، وهذان النوعان فيهما خلاف بين العلماء، فأما الأول: فأبو حنيفة يشترط المحرم لسفرها، وأما مالك والشافعي في المشهور عنه فلم يشترطوا ذلك، ولكنهم اشترطوا الأمن على نفسها، ولو بنسوة ثقات. وأما الثاني: فالجمهور على أنه لا يجوز السفر، إلا مع زوج أو محرم، وقيل: يجوز لها ذلك مع نسوة ثقات.

الترجيح:

من خلال النظر في أدلة هذه الأقوال يلاحظ أن الراجح من جهة الدليل، هو ما قاله الحنفية، وهو القول بحرمة سفرها بدون محرم؛ للآتي:

1. الأحاديث التي استدلوا بها صريحة -بعمومها- في منع المرأة من سفر الحج -على العموم- سواء كان هذا في حج الفريضة، أم في حج النافلة.

2. لأن قولهم هو الأقرب من جهة النظر إلى روح الشريعة، وذلك من جهة صيانة المرأة، والحفاظ عليها من الفتن، ولا شك أن سفر المرأة بدون محرم -ولو لأداء فريضة- سيعرضها للفتنة، وماذا ترجو المرأة من الحج، إذا كانت قد تعرضت بسببه إلى الفتنة؟ وقد عُلِم من علم الأصول أن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة.

3. ولأن أدلة الأقوال الأخرى يمكن الرد عليها، وذلك كالآتي:

أما ما استدل به من جوَّز أن تسافر المرأة مع النسوة الثقات، وهو إذن عمر -رضي الله عنه- لأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- بالحج، وبعثه لهن مع عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف؟.

فالجواب عنه: أن أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- هن أمهات المؤمنين، فهم محارم لهن، وقد قال تعالى: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ [الأحزاب: 6]، وهذا على أحد القولين عند العلماء. قال القرطبي: "واختلف في كونهن كالأمهات في المحرم، وإباحة النظر على وجهين"(58). وأما على القول الآخر، فلا تعارض -على فرض أن الصحابة أقروا ذلك- لأنه من العام والخاص، ولا تعارض بينهما، فيكون هذا خاصاً بأزواج النبي، صلى الله عليه وسلم.

وأما ما استدل به من ذهب إلى عدم اشتراط أن تسافر المرأة بالمحرم، وهو قوله تعالى: ﴿وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾ [آل عمران: 97]، فالآية قد قيدت الوجوب بالاستطاعة، وأفادت أن من لم يستطع، فلا وجوب عليه، ولم تقيِّد هذه الآية الاستطاعة، بنوعٍ معينٍ، فمن خصص الاستطاعة المطلوبة بنوع ما من أنواع الاستطاعة، ولم يدخل المحرم في ذلك، فقد خصص الآية بغير مخصص، وهو تحكم بغير دليل لا يجوز.

وأما ما استدلوا به من القياس على سفرها من دار الكفر إلى دار الإسلام، إذا أسلمت فيه بغير محرم. ففي ردَّ النووي وصاحب المغني عليهم بما يكفي.

تخريج:

وعلى ذلك كله يقال:

إن الأصل في سفر المرأة بدون محرم هو الحرمة، سواء كان سفرها هذا لدراسة علمٍ محرم، أو لدراسة علم مباح، ولا ضرر على الناس في الجهل به، أو كان لدراسة علم واجب على الكفاية(59)، أو كان لدراسة علم واجب عليها على جهة العين، ولا يقوم أحد مقامها، إلا أنه في هذه الحالة الأخيرة، يجب على الدولة المسلمة أن تتكفل بتكاليف سفر محرمها معها، فإن كانوا في دولة غير مسلمة، فيجب على جماعة المسلمين فيها، أن يتقاسموا فيما بينهم هذه التكاليف. وهذا كله مشروطٌ بأن لا يكون في سفرها هذا فتنة لها.

والله تعالى أعلى وأعلم، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونِعم الوكيل، والحمد لله رب العالمين، وهو الهادي إلى سواء السبيل، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتبه الفقير إلى عفو ربه العلي: علي بن عبد الرحمن بن علي دبيس.

الأحد - 10 شوال 1428هـ، 21/ 10/ 2007م.

راجعه: يونس عبد الرب فاضل الطلول.

رابط
LihatTutupKomentar