Dalil Doa Bersama Setelah Shalat

Dalil Doa Bersama Setelah Shalat. Hadits-hadits yang menjelaskan sunnahnya berzikir dan berdoa bersama setelah shalat wajib
Dalil Doa Bersama Setelah Shalat
Dalil Doa Bersama Setelah Shalat. Hadits-hadits yang menjelaskan sunnahnya berzikir dan berdoa bersama setelah shalat wajib



أدلة الدّعاء الجماعي بعد الصّلاة

الحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات، والصّلاة والسّلام على أشرف السّادات ، سيّدنا محمّدوعلى آله وصحبه أولى جميل العادات،
أمّا بعد: فقد كثُر إنكار المتطرّفين دعاء الإمام للمأمومين بعد الصّلاة وجعلوا ذلك بدعة سيّئة لا دليل لها من الكتاب والسنة، وعابوا أئمة المسلمين المصلّين علىذلك وأطلقوا ألسنـتهم عليهم بالسّبّ والشّتم، والإزدراء سفاهة وجهلا وظنا منهم أنْ ليس هناك دليل من الشرع يدل على ما فعله هؤلاء الأئمة، ووقع أيضا تساهلهم في الدعاء بعد الصّلاة مطلقا ، وعلمنا أنّ أصل ذلك ما ذكره شيخهم ابن القيم الجوزية في كتابه: (( الهدي النبويّ)) من إنكاره الدعاءَ بعد الصّلاة وإن كان فرديا فألّفنا هذه الرسالة لنبين فيها أدلة الدعاء بعد الصّلاة سواء كان فرديّا أو جماعيّا، ونتعقّب على شيخهم المذكور كلامه في هذا الصدد، ونردّ عليه تلبيساته وتخليطاته ونعيد الحقّ إلى نصابه، وقسّمنا هذه الرسالة إلى فصول أربعة وخاتمة .

الفصل الأول في فضل الدعاء وآدابه
والفصل الثاني في أدلة الدعاء بعد الصّلاة مطلقا
والفصل الثالث في أدلة الدعاء الجماعي بعد الصّلاة
والفصل الرابع فيما نشأ عنه إنكار الوهابيّة الدعاءَ الجماعي بعد الصّلاة وتساهلهم في ترك الدعاء بعدها وإن كان فرديّا،
وهذا أوان الشروع في المقصود وبالله التوفيق والعصمة

فصل في أدلة الدّعاء الجماعي بعد الصّلاة

روى الترمذي ( )في أواخر كتاب الدعوات في "باب }83 {عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قلّما كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقوم من مجلس حتّى يدعو بـهؤلاء الدعوات لأصحابه:
(( اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنّتك ومن اليقين ما تـهوّن به علينا مصائب الدنيا اللهم متّعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوّتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منّا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولاتسلّط علينا من لا يرحمنا )). قال الترمذي: حديث حسن، ذكر الإمام النووي هذا الحديث في أذكاره في "باب دعاء الجالس في جمع لنفسه ومن معه" ونقل تحسين الترمذي، قال ابن علان في الفتوحات الربانية على الأذكار النووية: قوله روينا في كتاب الترمذي وغيره: وقد سقط لفظ: وغيره. من نسخ متعددة قال في السلاح: رواه الترمذي والنسائي والحاكم في المستدرك واللفظ للترمذي وقال: حسن،

وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري، وزاد في أوّله (( اللهم اغفر لي ما قدّمت وما أخّرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني )) اهـ
وفي تحفة الأحوذي شرح الترمذي: وأخرجه النسائي والحاكم ، وقال: صحيح على شرط البخاري .وفي تعليقها "ووافقه الذّهبيّ"
أقول: وهذا الحديث صريح في دعاء الإمام للمأمومين لأنّ من مجالسه صلّى الله عليه وسلّم مجلسَه بعد الصّلاة وفي حديث كعب بن مالك الطويل الذي رواه البخاري ومسلم : وآتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصّلاة، قال ابن علان في "دليل الفالحين" }جـ1ص115{ في شرح هذا الحديث: فيه الجلوس عقب الصّلاة في المصلّى للذكر والدعاء ونحوهما .
ومعلوم أن أكثر مجالس رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم تبتدأ من مجلسه بعد الصّلاة لأن النبي .صلّى الله عليه وسلّم. وأصحابَه yكانوا يأتون المسجد للصلاة ثم يجلسون بعدها للذكر والدعاء وغير ذلك من أمور الخير،

قال الإمام البيهقي في السنن الكبرى }جـ2ص187{: باب الإمام يقبل على الناس بوجهه إذ سلم فيحدثهم في العلم وفيما يكون خيرا، ثم استدلّ على ذلك بأحاديث .
وروى البخاري عن أمّ سلمة زوج النبي صلّى الله عليه وسلّم أنّ النساء في عهد رسول الله r كنّ إذا سلمن من المكتوبة قُمْنَ ،وثبت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومن صلّى من الرجال ما شاء الله
فإذا قام رسول الله قام الرجال، ذكر ذلك في باب إنتظار الناس قيام الإمام العالم (جـ1ص156) .
ومعلوم أن مكث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومن معه من الرجال بعد الصّلاة ليس إلا للذّكر والدعاء ونحوهما .
وفي ترجمة الإمام النووي في أذكاره حيث قال: "باب دعاء الجالس في جمع لنفسه ومن معه" أخذاً من الحديث المذكور. دليلٌ واضح على أن الإمام يدعو للمأمومين بعد الصّلاة لأنّ الإمام إذا سلّم من الصّلاة واستقبل المأمومين جالس في جمع فله أن يدعو لنفسه ولهم بل ذلك مستحب كما دلّ عليه الحديث المذكور
وعن أنس بن مالكt قال: دخل النبي صلّى الله عليه وسلّم علينا وما هو إلا أنا وأمّي وأمّ حرام خالتي فقال: (( قوموا فلأصلّي لكم )) في غير وقت صلاة فصلّى بنا
ثم دعا لنا أهل البيت بكل خير من خير الدنيا والآخرة، فقالت أمّي: يارسول الله خويدمك ادع الله له، قال: فدعا لي بكل خير وكان في آخر ما دعا لي به أن قال
: (( اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيه ))، رواه مسلم كماتقدّم وفي هذا الحديث مأخذٌ قويّ للدّعاء الجماعيّ لأنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دعا لهم بعد الصّلاة والدعاء مستحبّ بعدها سواء كانت مكتوبة أونافلة ،
وسيأتي في كلام الحافظ ابن حجر إن شاء الله تعالى في الفصل الرابع قولُ الإمام جعفر الصادق : "الدعاء بعد المكتوبة أفضل من الدعاء بعد النافلة كفضل المكتوبة على النافلة "

وأخرج الحاكم عن حبيب بن مسلمة الفهري سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ((لا يجتمع ملأ فيدعو بعضهم ويؤمن بعضهم إلا أجابـهم الله تعالى)) ، قال الشوكاني في تحفة الذاكرين في فصل آداب الدعاء (ص61) أخرجه الحاكم وقال: صحيح الإسناد .وقال الحافظ الهيثمي في المجمع في الجزء الأخير من المجلد الخامس (ص173)
في باب التأمين على الدعاء: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير ابن لهيعة( ) وهو حسن الحديث .
وقال العلامة عبد الفتاح أبوغدة : والراوي عن ابن لهيعة في هذا الحديث: هو عبد الله بن يزيد أبو عبد الرحمن المقرئ. وهو أحد العبادلة الذين تعدّ روايتهم عن ابن لهيعة أعدل وأقوى .
وذكره الحافظ ابن حجر فيما ورد في فضل التأمين كما سنذكر قريبا إن شاء الله تعالى .
نقول أيّ اجتماع أكثر أو أفضل من إجتماع المسلمين في الصّلاة وبعدها فإذا دعا بعضهم كالإمام وأمّن بعضهم كالمأمومين

أليس ينطبق عليهم هذا الحديث إنطباقا واضحا جلّيا ليس فيه أدنى شك ولو لم يرد في الدعاء الجماعي الذي بعد الصّلاة إلا هذا الحديث لكفى ولم يحتج إلى دليل سواه لأنه عام لا يختصّ بحال دون حال بل يدلّ على عمومه حديث الترمذي السابق .
وجدير أن نذكر هنا ما رواه الطبراني عن سلمان قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (( ما رفع قوم أكفّهم إلى الله U يسألونه شيئا إلا كان حقاً على الله أن يضع في أيديهم الذي سألوا.
وقال الحافظ الهيثمي في المجمع في الجزء الأخير من المجلد الخامس في باب ما جاء في الإشارة في الدعاء ورفع اليدين (ص172) رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح .
وما رواه الطبراني أيضا عن قيس المدنيّ أن رجلا جاء زيد بن ثابت فسأل عن شيء فقال له زيد: عليك بأبي هريرة فبينا أنا وأبو هريرة وفلان في المسجد ندعو ونذكر ربّنا U إذ خرج إلينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى جلس إلينا فسكتنا، فقالr: (( عودوا للذي كنتم فيه))، فقال زيد: فدعوت أنا وصاحبي قبل أبي هريرة وجعل النبي صلّى الله عليه وسلّم يؤمّن على دعائنا

ثم دعا أبو هريرة فقال: اللهم إني سائلك بمثل ما سألك صاحباي وأسألك علما لا ينسى،
فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم( سبقكما بـها الغلام الدوسيّ)) ، قال الهيثمي في المجمع في الجزء التاسع من المجلد الخامس (ص364) رواه الطبراني في الأوسط وقيس هذا كان قاص عمربن عبد العزيز لم يرو عنه إلاابنه( ) محمّدوبقية رجاله ثقات .
وروى الطبراني الحديث الأول في المعجم الكبير .
ومما يدل على فضل الدعاء الجماعيّ الذي بعد الصّلاة حضُّه صلّى الله عليه وسلّم النساء الحيّض على شهودهنّ العيدين ودعوة المسلمين .
وروى البخاري في باب شهود الحائض العيدين ودعوة المسلمين من كتاب الحيض عن أمّ عطية رضي الله عنها أنّـها سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: (( تخرج العواتق وذوات الخدور أو العواتق ذوات الخدور. والحيّض ولْيشهدْن الخير ودعوةَ المؤمنين ويعتزل الحيّض المصلّى ))،
قال القسطلاني في إرشاد السّاري لصحيح البخاري، أي فيكنّ فيمن يدعو ويؤمّن رجاء بركة المشهد الكريم، وأعاد البخاري هذا الحديث في باب العيدين

روى . في باب التكبير أيام منى . عن أم عطية قالت: كنّا نؤمر أن نَخرج يوم العيد حتّى نُخرج البكـر من خدرها حتّى نُخرج الحُيّض فيكنّ خلف الناس فيكبّرن بتكبيرهم ويدعون بدعائهم يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته .
وروى في باب اعتزال الحيّض المصلّى عنها أنـها قالت: "فأمّا الحيّض فيشهدن جماعة المسلمين ودعوتـهم ويعتزلن مصلاهم" اهـ
وورد في فضل التأمين أحاديث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والناس يستعملون التأمين كثيرا في الدعاء الجماعي سواء كان بعد الصّلاة أو لم يكن
ولذا قال بعض العلماء: آمين جواب لأنه في جواب الداعي. وإن كان الراجح عند العلماء أنه دعاء- ومعناه عند الجمهور اللهم استجب- ولذا يشترك فيه الإمام والمأموم والمنفرد في الذي بعد الفاتحة، ويستحب لكل داع ومجيب .
قال البخاري في باب جهر الإمام بالتأمين من كتاب الصّلاة، وقال عطاء: آمين دعاء . ثم استدل البخاري على ذلك بأحاديث ارجع إليه وإلى شرحه فتح الباري إن شئت ،

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (جـ11ص239) في باب التّأمين من كتاب الدعوات .
:وورد في التأمين مطلقا أحاديث منها حديث عائشة مرفوعا ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السّلام والتأمين رواه ابن ماجه وصححه ابن خزيمة ، وأخرجه ابن ماجه أيضا من حديث ابن عباس بلفظ ما حسدتكم على آمين فأكثروا من قول آمين .
وأخرج الحاكم عن حبيب بن مسلمة الفهري سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: (( لا يجتمع ملأ فيدعو بعضهم ويؤمن بعضهم إلا أجابـهم الله تعالى )).
ولأبي داود من حديث أبي زهير النميري( ) قال: وقف النبي صلّى الله عليه وسلّم على رجل قد ألـحّ في الدعاء فقال: أوجب إن ختم فقال: بأي شيء ، قال بآمين، فأتاه الرجل فقال: يافلان اختم بآمين، وأبشر .
وكان أبو زهير يقول: آمين مثل الطّابع على الصحيفة اهـ
ولفظ حديث أبي داود في سننه في باب التأمين وراء الإمام هكذا قال أبو زهير خرجنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذات ليلة فأتينا على رجل قد ألـحّ في المسألة فوقف النبي صلّى الله عليه وسلّم يستمع منه، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم أوجب إن ختم

فقال رجل من القوم: بأي شيء يختم ؟ فقال: بآمين، فإنه إن ختم بآمين فقد أوجب فانصرف الرجل الذي سأل النبي صلّى الله عليه وسلّم فأتى الرجل فقال: اختم يافلان بآمين وأبشر، ولعل الحافظ اختصر الحديث ورواه بالمعني كما هو ظاهر .
قال القسطلاني في "إرشاد الساري" . هنا بعد هذا الحديث الأخير الذي ذكره الحافظ: فآمين طابع الدعاء وخاتم الله على عباده يدفع به الآفات عنهم كما أن خاتم الكتاب يمنعه من ظهور ما فيه على غير من كتب إليه وهو الفساد كذلك الختم في الدعاء يمنعه من الفساد
الذي هو الخيبة كما في مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعا إذا دعا أحدكم لا يقل(اللهم اغفر لي إن شئت ولكن ليعزم وليعظم الرّغبة )) أي في الإجابة .
وقال عبد الرحمن بن زيد: آمين كنـز من كنوز الجنّة، وقال غيره: آمين درجة في الجنّة تجب لقائلها اهـ
ومن أعجب ما ورد في فضل التأمين ما رواه أبو يعلى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
(( ومثل الذي لا يقول آمين كمثل رجل غزا مع قوم فاقترعوا فخرجت سهامهم ولم يخرج سهمه فقال: مالسهمي لم يخرج؟ قال: إنك لم تقل آمين )) .

وكلام النووي في مجموعه السابق ظاهر في دعاء الإمام للمأمومين حيث قال: " قد ذكرنا استحباب الذكر والدعاء للإمام والمأموم والمنفرد وهو مستحب عقب كل الصلوات بلاخلاف، وأمّا ما اعتاده الناس أو كثير منهم من تخصيص دعاء الإمام بصلاتي الصبح والعصر فلا أصل له بل الصواب استحبابه في كل الصلوات، ويستحب أن يقبل على الناس فيدعو والله أعلم ".
وقد ورد ما يدلّ على أن دعاء الإمام للمأمومين بعد الصّلوات كان معروفا في عصر السّلف الصّالح
ذكر ابن علان في الفتوحات الربانية (4/252) أن من مكروه الدعاء أن يكون سببا لفساد القلب وحصول الكبر والخيلاء كما كره مالك لأئمة المساجد الدعاء عقب الصلوات المكتوبات جهرا للحاضرين فيجتمع عليه التقدم في الصلوات وشرف كونه نصب نفسه واسطة بين الله وعباده في تحصيل مصالحهم على يده بالدّعاء فيوشك أن تعظم نفسه عنده فيفسد قلبه ويعصي ربّه وقد سأل بعضهم عمر رضي الله عنه في الدعاء لقومه فقال: لا . إني أخاف أن تنـتفخ حتّى تصل إلى الثُريّا اهـ
وإنما نقلت هذا الكلام لأن فيه أنّ الدعاء الجماعي الذي بعد الصّلاة كان معروفاً في أوائل هذه الأمّة ،
فأمّا إنكار الإمام مالك الجهر بذلك الدعاء فلأنه يستحب الإسرار بالدعاء والذكر بعد الصّلاة كما نقلناه عن الشافعي وأصحابه قال تعالى في سورة الأعراف:

]ادْعُوْا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِيْنَ { وهذه المسئلة- مسئلة الإسرار- متفق عليها بين الفقهاء المتبوعة قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري في الجزء الثاني في باب الذكر بعد الصّلاة- بعد حديث ابن عباس أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم- وفيه دليل على جواز الجهر بالذكر عقب الصّلاة،
قال الطبري : فيه الإبانة عن صحة ما كان يفعله بعض الأمراء من التكبير عقب الصّلاة وتعقبه ابن بطال بأنه لم يقف على ذلك عن أحد من السلف إلا ما حكاه ابن حبيب في "الواضحة" أنـهم كانوا يستحبون التكبير في العساكر عقب الصبح والعشاء تكبيرا عاليا ثلاثا قال وهو قديم من شأن النّاس قال ابن بطّال: وفي العتيبيّة عن مالك أن ذلك محدث قال وفي السّياق إشعار بأن الصحابة لم يكونوا يرفعون أصواتـهم بالذكر في الوقت الذي قال فيه ابن عباس ما قال.
قلت: في التقييد بالصحابة نظر بل لم يكن حينئذ من الصحابة إلا القليل
وقال النووي حمل الشافعي هذا الحديث على أنـهم جهروا به وقتا يسيرا لأجل تعليم صفة الذكر لا أنـهم داوموا على الجهر به والمختار أن الإمام والمأموم يخفيان الذكر إلا إن احتيج إلى التعليم اهـ
قال الحافظ بدر الدين العينيّ في عمدة القاري شرح صحيح البخاري: في هذا الموضع استدل به بعض السلف-يعني حديث ابن عباس المارّ- على استحباب رفع الصوت بالتكبير والذكر عقيب المكتوبة،
وممن استحبّه من المتأخّرين ابن حزم وقال ابن بطال أصحاب المذاهب المتبعة وغيرهم متّفقون على عدم استحباب رفع الصوت بالتكبير والذكر حاشا ابن حزم وحمل الشافعي هذا الحديث على أنه جهر ليعلمهم صفة الذكر لا أنه كان دائما

قال: واختار للإمام والمأموم أن يذكرا الله بعدالفراغ من الصّلاة، ويخفيان ذلك إلا أن يقصدا التعليم فيعلّما ثم يسرّا
وقال الطبري فيه البيان على صحة فعل من كان يفعل ذلك من الأمراء والولاّة يكبّر بعد صلاته ويكبّر من خلفه وقال غيره: لم أجد أحدا من الفقهاء قال بـهذا إلا ابن حبيب في الواضحة قال: كانوا يستحبون التكبيرَ في العساكر والبعوث إثر صلاة الصبح والعشاء وروى ابن قاسم عن مالك أنه محدث .
وعن عبيدة هو بدعة وقال ابن بطال: وقول ابن عباس "كان على عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم" فيه دلالة أنه لم يكن يُفعل حين حدث لأنه لو كان يُفعل لم يكن لقوله معنى فكان التكبير في إثر الصلوات لم يواظب الرسول .عليه الصّلاة والسّلام. عليه طول حياته وفهم أصحابه أنّ ذلك ليس بلازم فتركوه خشية أن يظن أنه مما لا تتمّ الصّلاة إلا به فلذلك كرهه من كرهه من الفقهاء اهـ
قال الإمام النوويّ في شرح مسلم (جـ5ص85) باب الذكر بعد الصّلاة: بعد حديث ابن عباس: هذا دليل لما قاله بعض السّلف أنه يستحبّ رفع الصّوت بالتكبير والذكر عقب المكتوبة، وممن استحبّه من المتأخرين ابن حزم الظاهري ونقل ابن بطال وآخرون أن أصحاب المذاهب المتبوعة وغيرهم متّفقون على عدم استحباب رفع الصّوت بالذكر والتكبير وحمل الشافعي رحمه الله تعالى هذا الحديث على أنه جهر وقتا يسيرا حتى يعلمهم صفة الذكر لا أنـهم جهروا دائما قال: فاختار للإمام والمأموم أن يذكرا الله بعد الفراغ من الصّلاة ، ويخفيان ذلك إلا أن يكون إماما يريد أن يتعلم منه إلخ اهـ

والذكر والدعاء بعد الصّلاة سيّان عند الفقهاء في عدم استحباب رفع الصّوت بـهما وقد استدلّ الشافعي لعدم استحباب رفع الصوت بالذكر – بآية ولا تجهر بصلاتك التي قالت عائشة إنـها نزلت
في الدعاء- قياسا على الدّعاء كما سبق فيما نقلناه عن المجموع ولهذه الآية أسباب نزول أخرى وردت بـها الأحاديث كما في البخاري وغيره ارجع إن شئت إلى فتح الباري في تفسير سورة الإسراء من كتاب البخاري.
وإنكار الإمام مالك الجهر بالدعاء المذكور كإنكاره الجهر بالذكر بعد الصّلاة وجَعْلِه ذلك بدعة كما سبق في قول الحافظين العسقلاني والعينيّ ، ومراد الإمام من إنكاره الجهر ما يتولّد منه من الرّياء والتّكبر والإعجاب بالنفس كما سبق في قول ابن علان.

ويؤيد ذلك ما رواه الطبراني عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى:
] وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِك َ { أي لا تصلِّ مراءاة للناس، ذكر هذه الرواية الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" في آخر تفسير سورة الإسراء .
ويؤيد ذلك أيضا ما قاله المفسرون في قوله تعالى
]ادْعُوْا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِيْنَ {
قال أبو جعفر ابن جرير الطبريّ التأويل في قوله تعالى
]ادْعُوْا رَبَّكُمْ { إلخ قال: ] تَضَرُّعاً { يقول تذلّلا واستكانة لطاعته ،
} وَخُفْيَةً { يقول بخشوع قلوبكم وصحة اليقين منكم بوحدانيّته فيما بينكم وبينه لا جهارا ومراءاة ثم قال الطبريّ: وأما قوله:

} إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِيْنَ { فإنّ معناه إن ربكم لا يحبّ من اعتدى فتجاوز حدّه الذي حدّه لعباده في دعائه ومسألته ربّه . ورفَعَ صوته فوق الحدّ الذي حدّ لهم في دعائهم إياه ومسألتهم وفي غير ذلك من الأمور ثم نقل الطبري عن ابن جريج أنه قال: إن من الدعاء اعتداء يكره رفع الصوت والنداءُ والصياحُ بالدعاء ويؤمر بالتضرع والإستكانة .
قال القرطبي: ومعنى } خُفْيَةً { أي سرّا في النفس ليبعد عن الرياء وبذلك أثنى على نبيّه زكريا عليه السّلام إذ قال مخبرا عنه: } إِذناَدَىْ رَبَّهُ نِدَاْءً خَفِيّا ً{ ونحوه قول النبي صلّى الله عليه وسلّم خير الذكر الخفي وخير الرّزق ما يكفي .

والشريعة مقرّرة أنّ السرّ فيما لم يفترض من أعمال البر أعظم أجرا من الجهر وقد تقدّم هذا المعنى في البقرة –يعني في قوله تعالى
: } وَإِنْ تُبْدُوْا الْصَدَقَاْتِ فَنِعمَّاهِيَ وَإِنْ تُخْفُوْهَاْ وَتُؤْتُوْهَاْ الْفُقَرَاْءَ فَهْوَ خَيْرٌ لَكُمْ{- قال الحسن بن أبي الحسن: لقد أدركنا أقواما ما كان على الأرض عمل يقدرون على أن يكون سرّا فيكون جهرا أبدا
ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء فلا يسمع لهم صوت إن هو إلاّ الهمس بينهم وبين ربّـهم وذلك أن الله تعالى يقول:
]ادْعُوْا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً { . وذكر عبدا صالحا رضي الله فعله فقال: ] إِذ نَاْدَ ىْ رَبَّهُ نِدَاْءً خَفِيّّا َ{ ثمّ

المصدر
LihatTutupKomentar