Tanggapan Pembagian Tauhid Ibnu Taimiyah dan Ibnu Abdil Wahab

Tanggapan dan apologis (pembela) Wahabi Salafi atas penentangan Ahlussunah pada Pembagian Tauhid Ibnu Taimiyah dan Ibnu Abdil Wahab yang membagi tauhid menjadi tiga yaitu rububiyah, uluhiyah dan asma was sifat.
Tanggapan dan apologis (pembela) Wahabi Salafi atas penentangan Ahlussunah pada Pembagian Tauhid Ibnu Taimiyah dan Ibnu Abdil Wahab yang membagi tauhid menjadi tiga yaitu rububiyah, uluhiyah dan asma was sifat.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أما بعد
فهذا بحث مختصر فيه أهم مايطرح القبورية من شبهات على سبيل الاختصار لاالاستقصاء وحسبك من القلادة ماأحاط بالعنق
اعلم أيها المسلم أن القبورية تشغب على من يقسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام لأن هذا التقسيم يوضح حكم صرف العبادة لغير الله فيقطع الطريق على الشرك والمشركين والخرافيين المرتزقة من سدانة الأضرحة
فيهولون على الناس أن من قسم هذا التوحيد ابتدع في الدين رغم أنهم لايرون بدعهم التي لاحصر لها ويدعون أنه يبيح سفك دماء المسلمين مع أنهم يبيحون دم كل سلفي موحد وومواقفهم من ابن تيمية شاهد على ذلك فهم يكفرونه كلهم وهو لايكفرهم وإنما خصوا ابن تيمية لأنه نشر العلم بحجة قوية وكتب الله له قبولا وإلا فهو مكرر وناقل لكلام من قبله في هذه المسألة ولكن لأن له تأثيرا بالغا في الساحة العلمية حاولوا كذبا وتدليسا أن يجعلوه هو أول من قال بتقسيم التوحيد
وكل منصف باحث عن الحقيقة إن كان صادقا مع الله وصادقا مع نفسه لايتبع الهوى فإنه يجب أن يقف مع هذه التهمة موقفا جادا لأن النصوص التي سبقت ابن تيمية موجودة فتجب محاكمة من ينشر هذه التهمة ووضعه أمام خيارين
إما أن يكون يعلم أن هناك من سبق ابن تيمية فيكون في نقله لهذه التهمة ساقط المصداقية
وإما أن يكون جاهلا وهذا لايجوز اتباعه على الجهل لأن للإنسان عقلا ماخلق إلا للتفكير وعلى الاحتمالين يجب إعادة النظر مع النفس هل هي صادقة أم كاذبة..

نشر بعض المتأخرين من القبورية شبهات متهاوية غروا بها من لم ترسخ قدمه في العلم من شباب ماقرأوا كتابا واحدا في العقيدة ولم يأتوا البيوت من أبوابها

ماذا يقول ابن تيمية؟
خلاصة مايقوله وأسلافه ومن جاء بعده أن الإيمان بالله وتوحيده ليس فقط بأن يقول الإنسان أنا مقر بأن الله هو الخالق وحده والرازق وحده أي توحيد الربوبية فهذا أقر به مشركو قريش ويدل عليه صريح القرآن في أن الله يقول لنبيه لو سألت المشركين من خلقهم ومن خلق السماوات وأنزل المطر وأخرج الزرع ليقولن الله ولايعني هذا أن كل المشركين مقرون بتوحيد الربوبية فهناك منهم من لايقر بها ولكن جمهور المشركين هم مشركون في هذا النوع

هل بعث الرسل لتوحيد الربوبية فقط؟وهل كل أقوامهم مشركون في الربوبية؟
الرسل بعثوا بالتوحيد كله وأهمه توحيد عبادة الله فهو أكثر ماذكر الله من كلام الرسل(أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) وهو توحيد الألوهية ولم يقل أقروا بأن الله الخالق أو اعرفوا الله
فأراد مسوقو الشرك أن ينقضوا هذا التقرير الواضح الصحيح حتى يجيزوا عبادة القبور وجميع مظاهر الشرك
فيصير الشرك توحيدا ويضيع الدين الذي بعث به الرسل فقالوا إن مشركي الجاهلية كانوا مشركين في الربوبية
وإن الإنسان لايكون مشركا بصرف عبادة لغير الله إلا إذا كان يعتقد أن هذا المعبود المدعو ربا من دون الله
وأن التقسيم الاصطلاحي التوضيحي للتوحيد إلى ربوبية وألوهية وأسماء وصفات بدعة ماقالها قبل ابن تيمية أحد
وأن قول ابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب بأن مشركي الجاهلية كانوا مقرين بالربوبية خطأ وأن المشركين كانوا يشركون في الربوبية
ولذا يتهكم بعضهم فيقول :كيف تسمون مشركي قريش موحدين لأنهم آمنوا بالربوبية فقط وهم لم يؤمنوا بالألوهية فصار المشرك موحدا !!
والجواب من وجهين:
الأول:أنكم إن قلتم أن التوحيدين لايفترقان بل هما واحد فإن هذا القول أقوم عليكم بالحجة من قولنا لأن من أشرك بالألوهية فهو مشرك حتى لو اقر بالربوبية فلو دعا غير الله فهو مشرك حتى لو قال أنا مؤمن أنه لاخالق ولارازق إلا الله ولايبقى معنى لقولكم(لايكون مشركا حتى يعتقد أن من يصرف له هذه العبادة هو الرب الخالق الرازق) لأنه إذا أشرك في أحد التوحيدين أشرك في الثاني لزاما لأنكم جعلتم التوحيدين واحدا
الثاني:أن المتكلمين من الأشاعرة وغيرهم الذين أهملوا توحيد العبادة كلهم يعرفون التوحيد بأن يؤمن الإنسان أن صانع الكون واحد وهو توحيد الله بأفعاله فهؤلاء أئمتهم أحق بأن يوجه لهم هذا التهكم فقد جعلوا المؤمن بأن الله الخالق موحدا حتى ولو عبد غيره ولم يعبده

ثم نقول لهؤلاء القبورية ماذا عن تقسيم الأشاعرة للتوحيد؟أليس بدعة؟:
كثير من الأشاعرة المتأخرين يخالفون المتقدمين منهم في مسائل التوحيد والشرك فانتشرت شبهات القبورية بينهم وصاروا من المنافحين عن الاضرحة ومظاهر الشرك ويحتدون ويشتدون على أهل السنة في تقسيم التوحيد ويقولون هو بدعة ابتدعت لتكفير المسلمين
والأشاعرة يقسمون التوحيد إلى ثلاثة أقسام
1- أن الله واحد في ذاته لا قسيم له.
2- وأنه واحد في صفاته لا شبيه له.
3- وأنه واحد في أفعاله لا شريك له
فإن قال قائل إنهم استنبطوها من القرآن قلنا هذه دعوى لايحتج بها من وجهين:
1- أنها لاتوافق القرآن بل القرآن ينقض فحواها لأن فحواها نفي أكثر الصفات والقرأن والسنة تثبتها
2- أن هذه دعوى لاتسلم ونقابلها بدعوى أصح منها وهي أن تقسيم التوحيد عند أهل السنة هو الذي في القرآن


المرتضي الزبيدي قسم التوحيد الى ثلاث أقسام :
1- توحيد الذات
2- 2- توحيد الصفات
3- 3- توحيد الأفعال
4- وأقر التفريق بين الربوبية وبين الألوهية ناقلاً عن صاحب البصائر أن البصر لله متعلق بالألهية والصبر متعلق بربوبية , وما تعلق بالألهية اكمل وأعلى مما تعلق بربوبية " اتحاف السادة المتقين 9/42 و 9/645


البيجوري الأشعري يفرق بين الألوهية والربوبية:
في شرح جوهرة التوحيد ( ص97) ففي تفسير { الحمد لله رب العالمين } قال " €يشير الى تقرير توحيد الربوبية المترتب عليه توحيد الألوهية المقتضي من الخلق تحقيق العبودية "...والحاصل: أنه يلزم من توحيد العبودية توحيد الربوبية، دون العكس في القضية، لقوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}
وهو عين ما قاله العلامة الحنفي ملا علي قاري



والرازي يفرق بين الالوهية والربوبية:
قال في أساس التقديس: (ومن أسماء الله الحسنى عند بني إسرائيل ، وهو الاسم الثاني بعد » يهوه«ُ اسم » أدوناي«ُ ويترجم في اللغة العربية بالرب . ففي يهوه توحيد الألوهية ، وفي أدوناي توحيد الربوبية)


منهج الأشاعرة يدعو المكلف للكفر لكي يسلم:
وإليك هذه البدعة الأخطر فقد زعم كثير من كبار الأشاعرة أن أول واجب على المكلف هو الشك في الله
لأن الشك هو طريق العلم ولايخفى مافي هذا القول من الأمر بالكفر ومصادمة قول الله(أفي الله شك)

تكفير الأشاعرة لمن لم يتعلم علم الكلام ليعرف الله:
يجب على المكلف عند الأشاعرة أن يعرف الله بالنظر على طريقة المتكلمين قال السنوسي الأشعري
بعد شرح المطالب السبعة التي يتوصل بها إلى إثبات وجود الله :وبها ينجو المكلف من أبواب جهنم السبعة(شرح جوهرة التوحيد ص42)

فكل العوام والمقلدين على هذا كفار كما اعترف بذلك بعض الأشاعرة وقال لمن ألزمه بتكفير عوام المسلمين (لاتشنع علي بكثرة أهل النار)
وانتقدهم القرطبي فقال: (واقتحموا تكفير عامة المسلمين) وانتقدهم غيره كذلك


هل كان في نجد شرك؟ ولماذا خالف بعض علماء نجد محمد بن عبدالوهاب في مسائل الشرك؟

قد ذكر المؤرخون انتشار الجهل والشرك ومظاهره في نجد
ولنأخذ شاهدا من ذلك العصر وقبل دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وهو الشاعر الحكيم الفلكي الشهير
وهو راشد الخلاوي
يقول في قصيدته البائية الشهيرة التي بلغت قرابة الالف بيت وأوردها الأديب العلامة عبدالله بن خميس في كتابه عن راشد الخلاوي
يقول:
فان سلت قومي يامنيعٍ فلاتسل
أحجار واشجار يعبدون خايبة
عصاة قساة من حديد قلوبهم
فلو أنهم من صم الأحجار ذايبة
فلاعندهم إلا بليسٍ عقيدهم
فالبعض ابن له والبعض شايبه
ومضى يذم قومه ويصفهم بأنهم مأوى للشياطين ثم قال:
تخليت عنهم يومهم غار دينهم
ومن غار عنه الدين غارت مشاربه
أساءوا جبلات وضاعوا برايهم
ومن ضاع عنه الحق ضاعت مذاهبه
إلى آخر ماقال وهو شاهد عدل على ذلك العصر

ومن الشهود الشاعر الكبير الشجاع الثائر حميدان الشويعر وهو الذي قد أهدر ابن معمر أمير العيينة دمه وكان هجاءً
وأدرك دعوة الشيخ في آخر حياته فقال ثلاث قصائد يسجل بها موقفه
الأولى مقطوعة يسجل فيها مايعرف من الدين وماينكر من فعل الشيخ فيقول:

الدين الدين اللي بيّن
بيّن كالشمس القيضية
الدين بعير خرج أربع
والخامس دين اباضية
(الخرج مايوضع على البعير يوضع فيه متاع الراكب ويقصد أن الدين المعروف هو ماعلى المذاهب الأربعة ومازاد فهو ضلال كضلال الاباضية)
ماهمي ذيب في الباطن
همي ذيب في الدرعية
قوله حق وفعله باطل
وسيوفه كتب مطوية
...الخ
فانظر كيف حكم على قول الشيخ بانه حق ولكنه اتهمه في نيته كما سياتي في المقطوعة الأخرى بانه يريد الدنيا

فهذا أقصى ماقاله من الاستنكار ثم تردد بعد ذلك في أمره فقال:
شفت جملين في العارض
زبدها في غواربها
حطوا الدين لهم سلم
ولاادري وش مآربها
ولاادري وش هي تبغي
ولاادري عن مطالبها
كان ان باطنها ظاهرها
ياويلك ياللي محاربها
وان كان يخالف ظاهرها
فكل يقرا عقاربها
(وهي كما ترى من باب التشكيك في النيات وخفت فيها حدة اللهجة ثم اتضحت الأمور أكثر للشاعر
فسجل شهادته وقال:
النفس ان جت لمحاسبها
فالدين اطيب مكاسبها
كانك للجنة مشتاق
تبغى النعيم بجانبها
فاتبع ماقال الوهابي
وغيره بالك تقربها

وقد سجل الإمام الشوكاني شهادته رغم كثرة المشوهين لسمعة الدعوة في نجد عن عبدالعزيز بن سعود فقال:
ومن دخل تحت حوزته أقام الصلاة والزكاة والصيام وسائر شعائر الإسلام ودخل فى طاعته من عرب الشام الساكنين ما بين الحجاز وصعدة غالبهم إما رغبة وإما رهبة وصاروا مقيمين لفرائض الدين بعد أن كانوا لا يعرفون من الإسلام شيئا ولا يقومون بشىء من واجباته إلا مجرد التكلم بلفظ الشهادتين على مافى لفظهم بها من عوج وبالجملة فكانوا جاهلية جهلاء كما تواترت بذلك الأخبار إلينا ثم صاروا الآن يصلون الصلوات لأوقاتها ويأتون بسائر الأركان الإسلامية على أبلغ صفاتها)
والذي يهمنا من كلام الشوكاني وصف حال هؤلاء قبل الدعوة وليس بحثنا عن وصف أهل الدعوة الآن
فهذه أخبار تواترت عنده ثم ذكر اخبارا شكك هو في صحتها وهي من الأكاذيب التي نشرت لإضلال الناس والدليل أن من هذه الاخبار التي وصلته وشكك فيها أن ابن سعود يبيح دم من لايصلي جماعة

ثم قال عن ابن سعود : وبعض الناس يزعم أنه-أي ابن سعود وليس ابن عبدالوهاب- يعتقد اعتقاد الخوارج وما أظن ذلك صحيحا فإن صاحب نجد وجميع أتباعه يعملون بما تعلموه من محمد بن عبد الوهاب وكان حنبليا ثم طلب الحديث بالمدينة المشرفة فعاد إلى نجد وصار يعمل باجتهادات جماعة من متأخرى الحنابلة كابن تيمية وابن القيم وأضرابهما وهما من أشد الناس على معتقدى الأموات وقد رأيت كتابا من صاحب
نجد –ابن سعود-الذى هو الآن صاحب تلك الجهات أجاب به على بعض أهل العلم وقد كاتبه وسأله بيان ما يعتقده فرأيت جوابه مشتملا على اعتقاد حسن موافق للكتاب والسنة فالله أعلم بحقيقة الحال وأما أهل مكة فصاروا يكفرونه ويطلقون عليه اسم الكافر وبلغنا أنه وصل إلى مكة بعض علماء نجد لقصد المناظرة فناظر علماء مكة بحضرة الشريف فى مسائل تدل على ثبات قدمه وقدم صاحبه في الدين وفى سنة 1215 وصل من صاحب نجد المذكور مجلدان لطيفان أرسل بهما إلى حضرة مولانا الإمام حفظه الله أحدهما يشتمل على رسائل لمحمد بن عبد الوهاب كلها فى الإرشاد إلى إخلاص التوحيد والتنفير من الشرك الذى يفعله المعتقدون في القبور وهى رسائل جيدة مشحونة بأدلة الكتاب والسنة والمجلد الآخر يتضمن الرد على جماعة من المقصرين من فقهاء صنعاء وصعدة ذاكروه فى مسائل متعلقة بأصول الدين وبجماعة من الصحابة فأجاب عليهم جوابات محررة مقررة محققة تدل على أن المجيب من العلماء المحققين العارفين بالكتاب والسنة وقد هدم عليهم جميع ما بنوه وأبطل جميع ما دونوه لأنهم مقصرون متعصبون فصار ما فعلوه خزيا عليهم وعلى أهل صنعاء وصعدة وهكذا من تصدر ولم يعرف مقدار نفسه وأرسل صاحب نجد مع الكتابين المذكورين بمكاتبة منه إلى سيدى المولى الإمام فدفع حفظه الله جميع ذلك إلى فأجبت عن كتابه الذى كتب إلى مولانا الإمام حفظه الله على لسانه بما معناه أن الجماعة الذين أرسلوا إليه بالمذاكرة لا ندرى من هم وكلامهم يدل على أنهم جهال والأصل والجواب موجود ان فى مجموعى وفي سنة 1217 دخلت بلاد أبى عريش وأشرافها فى طاعة

وقال في نفس الكتاب عن الشيخ محمد بن عبدالوهاب وعن حال أهل نجد:
فوصل إليه –أي إلى محمد بن سعود-الشيخ العلامة محمد بن عبد الوهاب الداعى إلى التوحيد المنكر على المعتقدين فى الأموات فأجابه وقام بنصره وما زال يجاهد من يخالفه وكانت تلك البلاد قد غلبت عليها أمور الجاهلية وصار الاسلام فيها غريبا.ا.ه

وكيف يستغرب وصف العرب بهذه الاوصاف في ذلك الزمن مع أننا في هذا الزمن الذي وصل العلم فيه كل بيت توجد قرى فيها رجال لايحسنون قراءة الفاتحة وبعضهم يسخر ممن يريد أن يعلمه غير ماحفظ وأماكن الرقاة تزدحم بالمسحورين والله ورسوله يسبان باسم الحرية والتفكير واغتر كثير من الشباب ببعض الزنادقة المتظاهرين بالإسلام وهم يجيزون التهود والتنصر بحجة ان الإسلام هو الإسلام العام ليس الخاص ,وفي مناطق الشمال وباديته من يسخر من المصلين واهل نجد يعرفون هذا في هذا الزمان ومن القبائل من لازال بعض شعرائها العاميين يفخر ان أسلافه يقاتلون على منع الزكاة..

إذا كان هذا حال أهل نجد فلماذا كان بعض علمائها يعارضون الشيخ؟
الجواب:
إذا استثنينا من الأسباب الحسد والتشكيك في نية الشيخ وأنه يريد الدنيا فإن أبرز الأسباب أن في نجد من الاشاعرة والمتصوفة بل وغلاة المتصوفة الذين على مذهب ابن الفارض فقد كان ألد خصوم الشيخ هو ابن سحيم يشنع على الشيخ بأنه يكفر ابن الفارض وابن عربي
وهذا من ضلال ابن سحيم فإن الحافظ الذهبي قد تكلم عنهما وقال إن كان ليس في كتبهما زندقة فليس في العالم ضلال ولازندقة

وفيهم الأشاعرة وفيهم من تأثر بالاشاعرة وطريقة المتكلمين في الأسماء والصفات والتوحيد وغيره حتى إن إمام وخطيب جامع المجمعة كان يتكلم عن العرض والجوهر في خطبته وهي من مصطلحات الأشاعرة وينفون الصفات ويسمون المثبتين لها حشوية وراجع إن شئت كتاب مسائل الاعتقاد عند علماء نجد قبل الدعوة الإصلاحية للدكتور عبدالعزيز ال عبداللطيف
وكذلك كان في نجد من هو على المنهج الصحيح كما جاء في مجموع ابن منقور ت1125 حيث نقل كلاما للعلامة عبدالله بن عبدالعزيز العنقري يقرر فيه توحيد العبادة وأن التقرب بالذبح للجن اتقاء شرهم شرك أكبر وقال:فلاتجتمع عبادة الله وعبادة ماسواه على حد سواء بل بينهما أعظم مباينة.
وكذلك الشيخ عبدالله بن عيسى وقد ذم متصوفة نجد ومن يدافع عن ابن الفارض وابن عربي
وتجد رسالة لأحد علماء نجد قبل الشيخ وهو عثمان بن قائد ت1097 اسمها (نجاة الخلف في اعتقاد السلف)على مذهب الإمام أحمد قرر في آخرها توحيد العبادة.
أما خصوم الشيخ المتأثرين بالأشاعرة والمتكلمين فابن عفالق من أشهرهم كان يعرف التوحيد بقوله:إفراد القديم من المحدث وإفراده بالربوبية والوحدانية (جواب ابن عفالق على رسالة ابن معمر)
وهذا تعريف المتكلمين مأخوذ من الجهمية والمعتزلة وهو سبب من أهم أسباب مخالفتهم للشيخ لأن توحيد العبادة ليس له عندهم وجود




-هل دعا النبي إلى معرفة الله فقط أم عبادته؟
ماهو التوحيد الذي دعا إليه النبي عليه الصلاة والسلام والأنبياء قبله؟إن القرآن مليء بقول الأنبياء(اعبدوا الله مالكم من إله غيره) ونبينا عليه الصلاة والسلام حين بعث معاذا إلى اليمن كما عند البخاري ومسلم قالا : 1458 - حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ القَاسِمِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى اليَمَنِ، قَالَ: «إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللَّهِ، فَإِذَا عَرَفُوا اللَّهَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ، فَإِذَا فَعَلُوا، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِذَا أَطَاعُوا بِهَا، فَخُذْ مِنْهُمْ وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ»
ومن الأدلة على صحة التقسيم ما أخرجه ( مسلم 382) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغير اذا طلع الفجر وكان يستمع الأذان فإن سمع أذان أمسك وإلا أغار . فسمع رجلا يقول : الله أكبر الله أكبر . فقال (على الفطرة ) . ثم قال : أشهد أن لا اله لا الله أشهد ان لا اله الا الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( خرجت من النار ) فنظروا فاذا راعي معزى "
فقول رسول الله لمن قال : الله أكبر ( على الفطرة ) أفاد امراً مهماً وهو أن هذا القول وما عليه من توحيد الربوبية مستقر في الفطرة البشرية ولذلك لم يحكم بنجاته من النار واسلامه الا عندما أتى بالشهادة بتوحيد الألوهية .
قالوا إن كفار قريش يؤمنون بربوبية صغرى وربوبية كبرى فالكبرى يؤمنون بها لله ويؤمنون بأرباب صغار لهم خلق وتدبير
الجواب:
هذه بدعة تصادم صريح القرآن فقد قال الله) قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل أفلا تذكرون قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم سيقولون لله قل أفلا تتقون } ثم قال { قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل فأنى تسحرون
فإذا كانوا يعتقدون أن الأرض ومن فيها والسماوات وملك كل شيء لله وأنه رب هذا كله فماذا بقي للربوبية الصغرى المزعومة؟
هل هؤلاء يعتقدون برب آخر وهم هنا يقرون بأن رب كل شيء هو الله ؟
وزعموا أن هذا الإقرار من المشركين بالربوبية هو عند إفحام النبي لهم لأنهم لايجدون جوابا فيكذبون ولكن هذا الاعتراض السخيف تنسفه آية(فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين)
أما قال قوم عاد لأنبيائهم { لو شاء ربنا لأنزل ملائكة فإنا بما أرسلتم به كافرون } فصلت 14" فأثبتوا لله الربوبية مع أنهم مشركون يدعوهم هود أن يعبدوا الله وحده فيقولون(أجئتنا لنعبدالله وحده ونذر ماكان يعبد آباؤنا).
وقال قوم يس ،{ ما أنتم الا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء } فلم يجهلوا أن الرحمن من أسماء الله الحسنى .
وهذا إبليس يقول { رب أنظرني إلى يوم يبعثون } وقال { رب بما اغويتني } " الحجر 15" بل شهد لله بالعزة قائلا { فبعزتك لأغوينهم أجمعين }.
وهاهو صاحب الجنة يشهد بربوبية الله قائلاً {ولئن رددت الى ربي لأجدن خيراً منها منقلباً } فلما أحيط بثمره قال { ياليتني لم أشرك بربي أحد } فشهد على نفسه بأنه مشرك بالرغم من شهادته لله بالربوبية .
ومضمون التقسيم قديم في القرآن والسنة وتفسير أئمة التابعين
أخرج سعيد بن منصور في التفسير قال ثنا هشيم قال نا عبدالملك عن عطاء في قوله(ومايؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) قال:كانوا يعلمون أن الله ربهم وهو خالقهم وهو رازقهم وكانوا مع ذلك يشركون)
إسناده صحيح وأخرجه كذلك الطبري في تفسيره

وقال الطبري في قوله تعالى: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} يوسف: قال مجاهد في تفسير الآية "إيمانهم: قولهم: الله خالقنا ويرزقنا ويميتنا، فهذا إيمان مع شرك عبادتهم غيره"
– وقال الطبري حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة قوله: (ومايؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) في إيمانهم هذا إنك لست تلقى أحدا إلا أنبأك أن الله ربه وهو الذي خلقه ورزقه وهو مشرك في عبادته .
إسناده حسن

الإمام المفسر عبدالرحمن بن زيد بن أسلم ت182هجري:
أخرج الطبري عن عبدالرحمن بن زيد: "ليس أحد يعبد مع الله غيره إلا وهو مؤمن بالله، ويعرف أن الله ربه وأن الله خالقه ورازقه، وهو يشرك به. ألا ترى كيف قال إبراهيم عليه السلام: {قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون فإنهم عدو لي إلا رب العالمين} الشعراء: 75، 76، 77، وقد عرف أنهم يعبدون رب العالمين مع ما يعبدون، قال: فليس أحد يشرك به إلا وهو مؤمن به. ألا ترى كيف كانت العرب تلبي تقول: "لبيك اللهم لبيك، لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك، المشركون كانوا يقولون هذا" إسناده صحيح




أقوال الأشاعرة:

وفي تفسير الوجيز للواحدي وهو أشعري ت468:
{ ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل الحمد لله } الذي خلقها { بل أكثرهم لا يعلمون } إذ أشركوا به بعد إقرارهم بأنه خالقها

وقال ابن عادل الحنبلي وهو مؤول للصفات ت880:
أن الكُفَّار كانوا مُقِرِّين اللَّهِ - تعالى - ؛ لقوله - تبارك وتعالى - : ( وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ( [ لقمان : 25 ] وكانوا يَقُولُون : إنّما نَعْبُد الأصْنَام ؛ لِتَصير شُفَعَاؤُنَا عِنْد الله
ج8ص363
الباقلاني: والتوحيد له هو (الإقرار بأنه ثابت موجود وإله واحد فرد معبود ليس كمثله شيء)، وقال أيضًا: (إنه ليس معه إله سواه ولا من يستحق العبادة إلا إياه).
الباجوري حيث قال معرفًا للتوحيد: (هو إفراد المعبود بالعبادة مع اعتقاد وحدته والتصديق بها ذاتًا، وصفاتًا، وأفعالاً)
الحليمي: (والدعاء [في] الجملة من جملة التخشع والتذلل؛ لأن كل من سأل ودعا فقد أظهر الحاجة وباح واعترف بالذلة والفقر والفاقة لمن يدعوه ويسأله، فكان ذلك في العبد نظير العبادات التي يتقرب بها إلى الله عز اسمه؛ ولذلك قال الله عز وجل: }ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ{، فأبان [أن] الدعاء عبادة، والخائف فيما وصفنا كالراجي؛ لأنه إذا خاف خشع وذلَّ لمن يخافه وتضرع إليه في طلب التجاوز عنه).
وقال أيضًا: (إنه لا ينبغي أن يكون الرجاء إلا لله جل جلاله، إذ كان المنفرد بالملك والدين، ولا يملك أحدًا من دونه نفعًا ولا ضرًا).
من أقوال الشافعية:
1-قال أبوشامة المقدسي الشافعي الأشعري ت665:
قال:
( قد عمَّ الابتلاء – أي النبذ للشريعة – من تزيين الشيطان العامة تخليق الحيطان والعمد وسرج مواضع مخصوصة في كل بلد، يحكي لهم حاك: أنه رأي في منامه بها أحدًا ممن اشتهر بالصلاح والولاية فيفعلون ذلك ويحافظون عليه مع تضييعهم فرائض الله تعالى وسنته، ويظنون أنهم متقربون بذلك، ثم يتجاوزون هذا إلى أن يعظم وقع تلك الأماكن في قلوبهم، فيعظمون بها، ويرجون الشفاء لمرضاهم وقضاء حوائجهم بالنذر لهم، وهي من بين عيون وشجر وحائط وحجر… فما أشبهها بذات أنواط الوارد في الحديث )
2-قال الرازي الأشعري الشافعي في تفسير سورة العنكبوت
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (63)
ومَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64)

لما بين أنهم يعترفون بكون الله هو الخالق وكونه هو الرزاق وهم يتركون عبادته ولا يتركونها إلا لزينة الحياة الدنيا بين أن ما يميلون إليه ليس بشيء

وقال أيضًا: (كل من اتخذ لله شريكًا فإنه لا بد وأن يكون مقدمًا على عبادة ذلك الشريك من بعض الوجوه إما طلبًا لنفعه أو هربًا من ضرره، وأما الذين أصروا على التوحيد وأبطلوا القول بالشركاء والأضداد ولم يعبدوا إلا الله ولم يلتفتوا إلى غير الله فكان رجاؤهم من الله وخوفهم ورغبتهم في الله ورهبتهم من الله، فلا جرم لم يعبدوا إلا الله ولم يستعينوا إلا بالله؛ فلهذا قالوا: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } قائمًا مقام: لا إله إلا الله).
وقال:
أن كلهم كانوا معترفين بأن لا خالق لهم إلا الله وإنما كانوا يقولون بأن الله تعالى فوض أمر الأرض والأرضيات إلى الكواكب التي الأصنام على صورتها وطوالعها فقال : لا ملك لهم ولا ملكهم الله شيئاً ولا ملكوا شيئاً وثانيهما : أنه يلزم من عدم الملك عدم الخلق لأنه لو خلق شيئاً لملكه فإذا لم يملك قطميراً ما خلق قليلاً ولا كثيراً
وقال
وتحتمل الآية وجهاً ثالثاً : وهو أن يكون ذلك من باب التسليم وإثبات المطلوب على تقدير التسليم أيضاً كأنه تعالى قال شركاؤكم ما خلقوا من الأرض شيئاً ولا في السماء جزءاً ولا قدروا على الشفاعة ، فلا عبادة لهم . وهب أنهم فعلوا شيئاً من الأشياء فهل يقدرون على إمساك السموات والأرض؟ ولا يمكنهم القول بأنهم يقدرون لأنهم ما كانوا يقولون به ، كما قال تعالى عنهم : { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السموات والأرض لَيَقُولُنَّ الله }
وقال:
ومعلوم أن من ادعى مع الله إلها آخر لا يحتاج في استحقاقه العذاب إلى عمل آخر ، ولكن الله جمع الزنا وقتل النفس على سبيل الاستحلال مع دعاء غير الله إلها لبيان أن كل واحد من هذه الخصال يوجب العقوبة .
وقال:
ثم قال تعالى : { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله فأنى يُؤْفَكُونَ } وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : ظن قوم أن هذه الآية وأمثالها في القرآن تدل على أن القوم مضطرون إلى الاعتراف بوجود الإله للعالم ، قال الجبائي وهذا لا يصح لأن قوم فرعون قالوا لا إله لهم غيره ، وقوم إبراهيم قالوا { وَإِنَّا لَفِي شَكّ مّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ } [ إبراهيم : 9 ] فيقال لهم لا نسلم أن قوم فرعون كانوا منكرين لوجود الإله ، والدليل على قولنا قوله تعالى : { وَجَحَدُواْ بِهَا واستيقنتها أَنفُسُهُمْ ظُلْماً } [ النمل : 14 ] وقال موسى لفرعون { لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السموات والأرض بَصَائِرَ }

ج13 ص 497


وقال:
[ الإسراء : 102 ] فالقراءة بفتح التاء في علمت تدل على أن فرعون كان عارفاً بالله ، وأما قوم إبراهيم حيث قالوا { وَإِنَّا لَفِي شَكّ مّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ } فهو مصروف إلى إثبات القيامة وإثبات التكاليف وإثبات النبوة .
المسألة الثالثة : اعلم أنه تعالى ذكر هذا الكلام في أول هذه السورة وفي آخرها ، والمقصود التنبيه على أنهم لما اعتقدوا أن خالق العالم وخالق الحيوانات هو الله تعالى فكيف أقدموا مع هذا الاعتقاد على عبادة أجسام خسيسة وأصنام خبيثة لا تضر ولا تنفع ، بل هي جمادات محضة .

وقال في تفسير يونس
ثم بين تعالى أن الرسول عليه السلام ، إذا سألهم عن مدبر هذه الأحوال فسيقولون إنه الله سبحانه وتعالى ، وهذا يدل على أن المخاطبين بهذا الكلام كانوا يعرفون الله ويقرون به ، وهم الذين قالوا في عبادتهم للأصنام إنها تقربنا إلى الله زلفى وإنهم شفعاؤنا عند الله وكانوا يعلمون أن هذه الأصنام لا تنفع ولا تضر ، فعند ذلك قال لرسوله عليه السلام : { فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } يعني أفلا تتقون أن تجعلوا هذه الأوثان شركاء لله في المعبودية ، مع اعترافكم بأن كل الخيرات في الدنيا والآخرة إنما تحصل من رحمة الله وإحسانه ، واعترافكم بأن هذه الأوثان لا تنفع ولا تضر ألبتة .
ج8ص274

وقال:
المسألة الثانية : هذه المحاجة كانت مع من؟ ذكروا فيه وجوهاً . أحدها : أنه خطاب لليهود والنصارى . وثانيها : أنه خطاب مع مشركي العرب حيث قالوا : { لَوْلا أُنزِلَ هذا القرءان على رَجُلٍ مّنَ القريتين عَظِيمٍ } [ الزخرف : 31 ] والعرب كانوا مقرين بالخالق.
ج2 ص379

ويقول:
والذين كانوا يعبدون الأوثان فيهم من كانوا يقولون : إنها شركاء الله في الخلق وتدبير العالم ، بل كانوا يقولون : هؤلاء شفعاؤنا عند الله فثبت أن الأكثرين منهم كانوا مقرين بأن إله العالم واحد وأنه ليس له في الإلهية معين في خلق العالم وتدبيره وشريك ونظير إذا ثبت هذا ظهر أن وقوع اسم المشرك على الكافر ليس من الأسماء اللغوية ، بل من الأسماء الشرعية ، كالصلاة والزكاة وغيرهما ، وإذا كان كذلك وجب اندراج كل كافر تحت هذا الإسم ، فهذا جملة الكلام في هذه المسألة وبالله التوفيق .


3-قال البغوي الشافعي ت 516 في تفسيره:

{ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ } ينكرون التوحيد مع إقرارهم بأنه الخالق لهذه الأشياء

4-وفي تفسير الخازن ت741 شافعي أشعري:
وقيل قل الحمد لله على إقرارهم ولزوم الحجة عليهم بأنه خالق لهم { بل أكثرهم لا يعقلون } أي أنهم ينكرون التوحيد مع إقرارهم بأنه خالق هذه الأشياء

ويقول أيضا:
{ ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله } يعني أن هؤلاء المشركين مقرون بوجود الإله القادر العالم الحكيم ، وذلك متفق عليه عند جمهور الخلائق فإن فطرة الخلق شاهدة بصحة هذا العلم فإن من تأمل عجائب السموات والأرض وما فيها من أنواع الموجودات علم بذلك أنها من ابتداع قادر حكيم ثم أمره الله تعالى أن يحتج عليهم بأن ما يعبدون من دون الله لا قدرة لها على جلب خير أو دفع ضر


5-وفي تفسير البقاعي وهو شافعي أشعري مبغض لابن تيمية :

ولما كان حالهم في إنكار البعث حال من ينكر أن يكون سبحانه خلق هذا الوجود ، أكد تنبيهاً على أن الاعتراف بذلك يلزم منه الاعتراف بالبعث فقال : { ليقولن الله } أي الذي له جميع صفات الكمال لما قد تقرر في فطرهم من ذلك وتلقفوه عن أبائهم موافقة للحق في نفس الأمر .
ولما كان حال من صرف الهمة عنه عجباً يستحق أن يسأل عنه وجه التعجب منه إشارة إلى أنه لا وجه له ، قال { فأنى } أي فكيف ومن أي وجه { يؤفكون* } أي يصرف من صارف ما من لم يتوكل عليه أو لم يخلص له العبادة في كل أحواله ، وجميع أقواله وأفعاله ، عن الإخلاص له مع إقرارهم بأنه لا شريك له في الخلق فيكون وجهه إلى قفاه فينظر الأشياء على خلاف ما هي عليه فيقع في خبط العشواء وحيرة العجباء .

6-ويقول الخطيب الشربيني وهو شافعي أشعري ت977
{وما يؤمن أكثرهم بالله} حيث يقرّون بأنه الخالق الرازق {إلا وهم مشركون} بعبادته الأصنام قال تعالى: {ولئن سألتهم من خلقهم ليقولنّ الله} (الزخرف، ) لكنهم كانوا يثبتون شريكاً في العبودية.
7- وقال الزمخشري المعتزلي الشافعي ت538 في تفسيره الكشاف الأنبياء اية21
فإن قلت : كيف أنكر عليهم اتخاذ آلهة تنشر وما كانوا يدعون ذلك لآلهتهم؟ وكيف وهم أبعد شيء عن هذه الدعوى وذلك أنهم كانوا - مع إقرارهم لله عزّ وجل بأنه خالق السموات والأرض { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض لَيَقُولُنَّ الله } [ لقمان : 25 ] وبأنه القادر على المقدورات كلها وعلى النشأة الأولى - منكرين البعث ويقولون : من يحيى العظام وهي رميم ، وكان عندهم من قبيل المحال الخارج عن قدرة القادر كثاني القديم ، فكيف يدّعونه للجماد الذي لا يوصف بالقدرة رأساً؟ قلت : الأمر كما ذكرت ، ولكنهم بادّعائهم لها الإلهية
ج4ص211


وقال في تفسير سورة ص آية 27
فإن قلت : إذا كانوا مقرّين بأن الله خالق السموات والأرض وما بينهما بدليل قوله : { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض لَيَقُولُنَّ الله } [ لقمان : 25 ] فبم جعلوا ظانين أنه خلقها للعبث لا للحكمة . قلت : لما كان إنكارهم للبعث والحساب والثواب والعقاب ، مؤدياً إلى أن خلقها عبث وباطل ، جعلوا كأنهم يظنون ذلك ويقولونه
ج6 ص15

وقال في تفسير سورة البقرة اية 21
. على أنّ مشركي مكة كانوا يعرفون الله ويعترفون به { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله } [ الزخرف : 87 ]

ج1ص53



من أقوال علماء المالكية:

قال القرطبي المالكي في تفسيره:
قوله تعالى: " ولئن سألتهم " أي ولئن سألتهم يا محمد " من خلق السموات والارض ليقولن الله " بين أنهم مع عبادتهم الأوثان مقرون بأن الخالق هو الله، وإذا كان الله هو الخالق فكيف يخوفونك بالهتهم التى هي مخلوقة لله تعالى، وأنت رسول الله الذى خلقها وخلق السموات والأرض.


ج15 ص258
ويقول ابن عطية في المحرر الوجيز وهو مالكي أشعري ت541
{ ولئن سألتهم من خلق السماوات والارض ليقولن الله } [ الزمر : 38 ] فالمعنى أن إقرار كل كافر بالصانع هو إسلام كرهاً .
قال الفقيه الإمام أبو محمد : فهذا عموم في لفظ الآية ، لأنه لا يبقى من لا يسلم على هذا التأويل و { أسلم } فيه بمعنى استسلم ، وقال بمثل هذا القول أبو العالية رفيع ، وعبارته رحمه الله : كل آدمي فقد أقر على نفسه بأن الله ربي وأنا عبده ، فمن أشرك في عبادته فهذا الذي أسلم كرهاً ، ومن أخلص فهذا الذي أسلم طوعاً



في البحر المديد لابن عجيبة ت1224 وهو أشعري صوفي مالكي:
يقول الحق جل جلاله : { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولُنَّ الله } ؛ لوضوح الدليل المانع من إسناد الخلق إلى غيره ، فيضطرون إلى الإقرار بذلك ، { قل الحمدُ لله } على إلزامهم وإلجائهم إلى الاعتراف بما يوجب بطلان معتقدهم من شرك الأصنام

ويقول:
أي : إذا تحققتم أن خالق العالم العلوي والسفلي هو الله وحده ، فأخبروني عن آلهتكم ، إن أرادني اللهُ بضُر هل يقدر أحد منهم على كشف ذلك الضر عني؟ { أو أرادنِي برحمةٍ } أي : بنفع { هل هن مُمسكاتُ رحمته } وصارفتها عني؟!







وفي تفسير المنتخب الذي ألفه لجنة من الأزهر:
وأقسم إن سألت المشركين : من أوجد السموات والأرض ، وذلل الشمس والقمر وأخضعهما لمنافع الناس؟ ليقولون : خلقهن الله ، ولا يذكرون أحدا سواه ، فكيف إذن ينصرفون عن توحيد الله - تعالى - مع إقرارهم بهذا كله؟! .




من أقوال علماء الحنفية:
1-قال العلامة القاري الحنفي الماتريدي (1014هـ) :
الحاصل : أنه يلزم من توحيد العبودية توحيد الربوبية ، دون العكس في القضية ؛ لقوله تعالى : { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ }



2-قال العلامة محمود شكري الآلوسي (1342هـ) ،
و3-الإمام ابن أبي العز (792هـ) –وهما حنفيان -، واللفظ للأول :
(توحيد الربوبية هو الذي أقرت به الكفار جميعهم ؛ ولم يخالف أحد منهم في هذا الأصل إلا الثنوية والمجوس .
وأما غيرهما من سائر فرق الكفر والشرك - فقد اتفقوا على أن خالق العالم ورازقهم ، ومدبر أمرهم ونافعهم وضارهم ، ومجيرهم واحد ، لا رب ولا خالق ولا رازق ولا مدبر ولا نافع ولا ضار ولا مجير غيره ؛ كما قال سبحانه وتعالى :
{ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ }

4-قال ابن عابدين الحنفي الماتريدي:

قال ابن عابدين الحنفي في حاشيته إن الوثنية لا ينكرون الصانع تعالى واحتج بقوله تعالى { وَلَئِن سَأَلْتَهُم . . . } ونقل عن إبراهيم الحلبي أن غلاة الروافض أسوأ حالا من المشركين لأنهم اعتقدوا الألوهية في علي ، وأما الذين عبدوا الأصنام فلم يعتقدوا الألوهية فيها وإنما عبدوها تقربا إلى الله تعالى . حاشية الدر المختار على رد المحتار4/226 ونحوه في حاشيته على البحر الرائق 5 / 139 وانظر رسائله1/ 362وهذا عين كلام الإمام محمد بن عبدالوهاب
2 انظر روح المعاني 11/98، 6/129..
3 انظر البحر الرائق 5/124، وروح المعاني 17/213، والمرقاة شرح المشكاة 2/202.
4 انظر حاشية ابن عابدين على الرد المحتار 2/439، 440؛ والبحر الرائق 2/298؛ وروح المعاني 17/313.
5 انظر تحفة الفقهاء 3/67.
6 انظر البحر الرائق 2/298، وروح المعاني 17/213.
5-قال محمد علاء الدين الحصكفي فيمن نذر لغير الله: "واعلم أن النذر الذي يقع للأموات من أكثر العوام، وما يؤخذ من الدراهم والشمع والزيت ونحوها إلى ضرائح الأولياء الكرام؛ تقربا إليهم هو بالإجماع باطل وحرام ... " 5.
قال ابن عابدين شارحا هذا النص: "قوله: تقربا إليهم، كأن يقول: يا سيدي فلان إن ردّ غائبي أو عوفي مريضي أو قُضيت حاجتي؛ فلك من الذهب أو الفضة أو من الطعام أو من الشمع أو الزيت كذا قوله: "باطل وحرام" لوجوه منها أنه: نذر لمخلوق، والنذر لمخلوق لا يجوز؛ لأنه عبادة، والعبادة لا تكون لمخلوق. ومنها أن المنذور له ميت والميت لا يملك

وينذرون لهم النذور، والعقلاء منهم يقولون إنهم وسائلنا إلى الله تعالى، وإنما ننذر لله عزَّ وجلَّ، ونجعل ثوابه للولي. ولا يخفى أنهم في دعواهم الأولى أشبه الناس بعبدة الأصنام القائلين: إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى. ودعواهم الثانية لا بأس بها لو لم يطلبوا منهم بذلك شفاء مريضهم أو ردّ غائبهم أو نحو ذلك.
والظاهر من حالهم الطلب، ويرشد إلى ذلك أنه لو قيل انذروا لله تعالى واجعلوا ثوابه لوالديكم فإنهم أحوج من أولئك الأولياء لم يفعلوا.
ورأيت كثيرا منهم يسجد على أعتاب حُجَر قبور الأولياء، ومنهم من يثبت التصرف لهم جميعا في قبورهم. لكنهم متفاوتون فيه حسب تفاوت مراتبهم. والعلماء منهم يحصرون التصرف في القبور في أربعة أو خمسة وإذا طولبوا بالدليل قالوا: ثبت ذلك بالكشف. قاتلهم الله تعالى، ما أجهلهم وما أكثر افتراءاتهم.


6-وقال الآلوسي الآخر وهو غير محمود شكري ت 1270 وهو حنفي أشعري عقلاني يقع في بعض الصحابة:

ووجه تعجيبهم أنه خلاف ما ألفوه عليه آباءهم الذين أجمعوا على تعدد الآلهة وواظبوا على عبادتها وقد كان مدارهم في كل ما يأتون ويذرون التقليد فيعدون خلاف ما اعتادوه عجيبا بل محالا وقيل مدار تعجبهم زعمهم عدم وفاء علم الواحد وقدره بالأشياء الكثيرة وهو لا يتم إلا إن ادعوا لآلهتهم علما وقدرة والظاهر أنهم لم يدعوهما لها ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله

وقال:
إن الناس قد أكثروا من دعاء غير الله تعالى من الأولياء الأحباء منهم والأموات وغيرهم مثل ياسيدى فلان أغثنى وليس ذلك من التوسل المباح فى شىء واللائق بحال المؤمن عدم التفوه بذلك وأن لايحوم حول حماه وقد عده أناس من العلماء شركا وأن لايكنه فهو قريب منه ولاأرى أحدا ممن يقول ذلك إلا وهو يعتقد أن المدعو الحى الغائب أو الميت المغيب يعلم الغيب أويسمع النداء ويقدر بالذات أو بالغير على جلب الخير ودفع الأذى وإلا لما دعاه ولافتح فاه وفى ذلكم بلاء من ربكم عظيم فالحزم والتجنب عن ذلك وعدم الطلب إلا من الله تعالى القوى الغنى الفعال لمايريد

7- وفي تفسير النسفي وهو حنفي أشعري ت710:
أى ولئن سألت هؤلاء المشركين من خلق السموات والارض على كبرهما وسعتهما ومن الذى سخر الشمس والقمر ليقولن الله فانى يؤفكون فكيف يصرفون عن توحيد الله مع إقرارهم بهذا كله



ويقول الأعقم وهو من تفاسير الزيدية
ثم بيّن تعالى قبح أقوال المشركين وأفعالهم مع اعترافهم بأنه الخالق فقال سبحانه : { ولئن سألتهم } أي معنى سألت يا محمد هؤلاء المشركين { من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر } ذللهما بأن سيرهما المنافع الخلق { ليقولن الله } أي فيقرون ويقولون هو الخالق لهما والمسخر { فأنى يؤفكون } تعجب من حالهم وسوء اختيارهم أي مع إقرارهم أنه الخالق كيف يصرفون عن عبادته إلى عبادة حجر لا تضرج2ص17
وفي تفاسير الأباضية تفسير اطفيش وهو من كبارهم يقول
{ ولئن سَألتَهُم مَن خَلقَ السَّموات والأرض ليقولنَّ الله } خلقهن كما صرح به فى آية أخرى ، فهو أولى من تقدير الذى خلقهن الله ، وقد أقروا بأنه خلقهن ، لم يجدوا محيدا عن ذلك لعلمهم أن غيره عاجز عن ذلك ، ج9 ص169

وفي تفسير هيمان الزاد وهو أيضا من تفاسير الأباضية يقول: أما التعظيم فلأنه الخالق ولا يقدر سواه أن يخلق ، وفيه مدح ، وأما التعليل فلأن الموصول مع صلته المشتق ، وتعليق الحكم بالمشتق يؤذن بعليته ، فكأنه قيل اعبدوا الله لأنه ربكم ، ولأنه خلقكم ، وهذا صحيح - إن شاء الله تعالى - سواء جعلنا الخطاب للمؤمنين والمشركين ، أو للمشركين وحدهم ، لأنهم مقرون بأن الحقيق بالربوبية هو الله - جل وعلا - وأنه الخالق كما قال جل وعلا : { ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله } { ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله } فلكونهم مقرين بذلك أخرج الكلام مخرج ما تقرر عند المخاطب ، وكان المخاطب مسلماً إذ جعل الخلق صلة للموصول والصلة معهودة للمخاطب ثابتة عنده فى أصل الكلام ، فلو قلت لمن يعترف بمجئ زيد : أكرم زيد الذى جاء ، لم يكن كلامك مقبولا ، إلا إن أردت التلويح إلى استبعاد إنكار مجيئه ، وإلى أن مجيئه كالشئ الذى لا يمكن إنكاره ، فحينئذ تخاطبه فى إثبات ما أنكر كأنك تشير إليه أنك معاند مكابر ، أو أنك لو نظرت أدنى نظر لتمكنت من العلم بمجيئه ، فجوز فى الآية أيضاً أن يقال . أخرج الكلام مخرج ما تقرر بالنسبة إلى مشركى العرب المقرين بأن الخالق الله لإقرارهم بالنسبة إلى كل من لم يقر بأن الله - عز وجل - هو الخالق لتمكنه من العلم بأنه هو الخالق ، أو نظر أدنى نظر

ج1ص159

وجاء في تفسير أبي منصور الماتريدي:
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ. . .)
الآية: يحاجهم يعني: أهل مكة في التوحيد والربوبية وكأن هذه السورة نزلت في محاجة أهل مكة في التوحيد، لأنها مكية.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) يحتمل وجهين؛ أي: من ينزل لكم الرزق من السماء، ومن يستخرج لكم الرزق من الأرض. والثاني: من يرزقكم من السماء والأرض أي ومن يدبر الرزق في السماء، ومن يدبر الرزق في الأرض، لا أحد يملك استنزال الرزق من السماء، واستخراج الرزق من الأرض؛ وكذلك لا أحد يملك تدبيره في السماء والأرض سواه، ولا أحد يملك إنشاء السمع والبصر، ولا أحد أيضًا يملك إخراج الحي من الميت ولا إخراج الميت من الحي ولا تدبير الأمر، لا يعرفون حقيقة ماهية السمع والبصر ولا كيفيتهما، فكيف يملكون إنشاء السمع والبصر ونصبهما، ولا يملك أحد سواه إصلاح ما ذكر إذا فسد ذلك، فأقروا له أنه لا يملك أحد سوى اللَّه ذلك، وهو قولهم: (فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ) يقول. واللَّه أعلم -: إذا عرفتم وأقررتم أنه لا يملك ما ذكر سواه وعرفتم أن له السلطان والقدرة على ذلك أفلا تتقون، بوائقه ونقمته، أو يقول: أفلا تتقون عبادة غيره دونه، وإشراك غيره في ألوهيته وربوبيته، أو يقول: أفلا تتقون صرف شكره إلى غيره وقد أقررتم أنه هو المنعم عليكم بهذه النعم لا من تعبدون دونه.
ج6ص38-39

ويقول:
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (10)
أي: أفي ألوهية اللَّه شك؟ أو في عبادة اللَّه شك؟ أي: ليس في ألوهيته ولا في عبادته شك إذ تقرون أنتم أنه إله وأنه معبود، وكذلك أقر آباؤكم أنه إله وأنه معبود، فليس في ألوهيته ولا في عبادته شك؛ إنما كان الشك في عبادة من تعبدون دونه، من الأوثان والأصنام وألوهيتها؛ لأن آباءكم أقروا بألوهية اللَّه وأنه معبود، حيث قالوا: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)، وقالوا: (هَؤُلَاءِ شُفَعاؤنَا عِندَ اللَّهِ)، وأقروا أنه خالق السماوات والأرض، وفاطر جميع ما فيهما بقولهم: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ)، وإن الأصنام التي عبدوها لم تخلق شيئا؛ فليس في اللَّه شك عندكم إنما الشك فيما تعبدون دونه؛ أو في وحدانية اللَّه.
أو يقول: أفي اللَّه شك أنه معبود؟ أي: ليس في اللَّه شك أنه لم يزل معبودًا إنما الشك
في الأصنام التي قالوا: إنما نعبدهم لِيُقَرِّبُونَا إِلى اللَّه زلفى؛ فأما في اللَّه فلا شك أنه لم يزل معبودًا فاطر السماوات والأرض.
يشبه أن يكون على الإضمار؛ أي: أفي اللَّه شك وقد تقرون أنه فاطر السماوات والأرض؛ وتعلمون أنه خالقهما.
ويحتمل أن يكون على الاحتجاج؛ أي: أفي اللَّه شك وهو فاطر السماوات والأرض؟! أي: تعلمون أنه فاطر السماوات والأرض وتقرون أنه خالقهما.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ).
ج6ص370

وقال الماتريدي في تفسيره مفرقا بين الربوبية والألوهية
كما أظهر اللَّه - سبحانه - ألوهيته وربوبيته بما أنشأ الخلائق، ولم يظهر ممن يدعون لهم ألوهيته إنشاء شيء من ذلك فدل أنه ليس هنالك إله غيره.

وقال:
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35)
نزه نفسه عن أن يتخذ ولدًا؛ لأنه لا تقع له الأسباب التي لها يتخذ الولد ويطلب منه.
أو يقول: إن اتخاذ الولد يسقط الألوهية؛ لأن الولد في الشاهد يكون شكل الأب وشبيهًا له، فلا يحتمل أن تكون الألوهية لمن يشبه الخلق
ج7ص234



وفي تفسير أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن عيسى بن محمد المري، الإلبيري المعروف بابن أبي زَمَنِين المالكي (المتوفى: 399هـ)
يقول:
} (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فأحي بِهِ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بل أَكْثَرهم لَا يعْقلُونَ} أَيْ: أَنَّهُمْ قَدْ أَقَرُّوا بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ]، ثُمَّ عبدُوا الْأَوْثَان من دونه؟!.
ج3ص352
وقال:
يَقُولُ: لَا يقدرن أَن يكشفن ضرا، وَلَا يمسكن رَحْمَة {لَئِن سَأَلتهمْ من خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض ليَقُولن الله} أَي: فَكيف تَعْبدُونَ الْأَوْثَان من دونه , وَأَنْتُم تعلمُونَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض
ج4 ص113

ويقول ابن الجوزي:
وله تعالى ولئن سألتهم يعني كفار مكة وكانوا يقرون بأنه الخالق والرازق وإنما أمره أن يقول الحمد لله على إقرارهم لأن ذلك يلزمهم الحجة فيوجب عليهم بل أكثرهم لا يعقلون توحيد الله مع إقرارهم بأنه الخالق والمراد بالأكثر الجميع وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون فاذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون ليكفروا بما آتيناهم وليتمتعوا فسوف يعلمون
ج6ص283
ويقول:
قوله تعالى: { ولَئن سألتَهم } يعني كفار مكة، وكانوا يُقِرُّون بأنه الخالق والرَّازق؛ وإِنَّما أمَره أن يقول: { الحمدُ لله } على إِقرارهم، لأن ذلك يُلزمهم الحُجَّة فيوجِب عليهم التوحيد { بل أكثرُهم لا يَعْقِلون } توحيد الله مع إِقرارهم بأنه الخالق. والمراد بالأكثر: الجميع.
ومن تفاسير الصوفية في تفسير آية العنكبوت رقم61 يقول في تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ

إذا سُئِلوا عن الخالق أقروا بالله، وإذا سُئِلوا عن الرازق لم يستقروا مع الله.. هذه مناقَضَةٌ ظاهرة!

ويقول صاحب تفسير التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي/ الإمام أحمد بن عمر (ت618 هـ)
ثم أخبر عن سويتهم في الإقرار بوجوده واختلاف طبيعتهم في مطالبة وجوده.

وفي تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ)

ثمَّ قال سبحانه قولاً على سبيل الإلزام والتبكيت: { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ } يا أكمل الرسل؛ أي: أهل مكة مع كفرهم وشركهم: { مَّنْ خَلَقَ } وأظهر { ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ } من كتم العدم؟ { وَ } منْ { سَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ } دائبين؟ { لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ } المظهر للكائنات، المستقل في إيجادها، والمتصرف فيها حسب إرادته ومشيئته، وبعدما أقروا بتوحيد الحق وانتهاء مراتب الممكنات إليه { فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } [العنكبوت: 61] ويُصرفون عن توحيده والإيمان ب، والامتثال بأوامره ونواهيه الجارية على ألسنة رسله وكتبه؟!.

ومن تفاسير أهل السنة تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ)
قوله تعالى ذكره: { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } إلى آخر السورة أي: ولئن سألت يا محمد هؤلاء المشركين من قريش، من ابتدع السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر لعباده يجريان دائبين لمصالح الخلق؟ ليقولن الله.

{ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } أي: فمن أين يصرفون عن عبادة من فعل ذلك بإقرارهم، فيعبدون معه من لم يخلق شيئاً ولا يملك ضراً ولا نفعاً

ومن تفسير بحر العلوم للسمرقندي المتوفى 375
{ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ } على إقرارهم بذلك { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } توحيد ربهم وهم مقرون بالله عز وجل خالق هذه الأشياء

وفي تفسير النكت والعيون للماوردي المتوفى 450هـ وهو أشعري فيه اعتزال قال عنه الذهبي إنه معتزلي:
والقول الثاني: أنه مشتق من الألوهية , وهي العبادة

قال ابن جرير الطبري
وأما معنى قوله:"لا اله إلا هو"، فإنه خبرٌ من الله جل وعز، أخبرَ عبادَه أن الألوهية خاصةٌ به دون ما سواه من الآلهة والأنداد، وأن العبادة لا تصلحُ ولا تجوز إلا له لانفراده بالربوبية، وتوحُّده بالألوهية،
ج6ص148

وقال:
قال الإمام الطبري في تفسير قوله سبحانه (فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)، قال :كانت العرب تقر بوحدانية الله غير أنها كانت تشرك في عبادته.

وقال:
"وذلك أن الله جل ثناؤه وبخ هؤلاء المشركين، الذين يجعلون له من خلقه آلهة يعبدونها، وأشركوهم في عبادتهم إياه، وهم مع ذلك يقرون بأنها خلقه وهم عبيده"
وقال:
و قال: فنهاهم الله تعالى أن يُشركوا به شيئًا، وأن يعبدوا غيرَه، أو يتخذوا له نِدًّا وَعِدلا في الطاعة، فقال: كما لا شريك لي في خلقكم، وفي رزقكم الذي أرزقكم وملكي إياكم، ونعمي التي أنعمتها عليكم فكذلك فأفردوا ليَ الطاعة،وأخلصُوا ليَ العبادة، ولا تجعلوا لي شريكًا ونِدًّا من خلقي، فإنكم تعلمون أن كلّ نعمةٍ عليكم فمنِّي ...
و حكاه عن ابن عباس فقال :
نَزَل ذلك في الفريقين جميعًا من الكفار والمنافقين. وإنما عَنى تعالى ذكره بقوله:"فلا تَجعلوا لله أندادًا وأنتم تعلمون"، أي لا تشركوا بالله غيرَه من الأنداد التي لا تَنفع ولا تضرّ، وأنتم تعلمون أنه لا ربّ لكم يرزقكم غيره، وقد علمتم أن الذي يدعوكم إليه الرسول من توحيده هو الحق لا شك فيه.
وقال: إن قال قائل: وكيف احتج على أهل الكفر بقوله:"إنّ في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار" الآية، في توحيد الله؟ وقد علمت أنّ أصنافًا من أصناف الكفرة تدفع أن تكون السموات والأرض وسائر ما ذكر في هذه الآية مخلوقةً؟
قيل: إنّ إنكار من أنكر ذلك غيرُ دافع أن يكون جميعُ ما ذكرَ تعالى ذكره في هذه الآية، دليلا على خالقه وصانعه، وأنّ له مدبرًا لا يشبهه [شيء]، وبارئًا لا مِثْل له. (1) وذلك وإن كان كذلك، فإن الله إنما حَاجَّ بذلك قومًا كانوا مُقرِّين بأنّ الله خالقهم، غير أنهم يُشركون في عبادته عبادة الأصنام والأوثان. (2) فحاجَّهم تعالى ذكره فقال -إذ أنكروا قوله:"وإلهكم إلهٌ واحد"، وزعموا أن له شُركاء من الآلهة-

وقال:
ويزيد ذلك بيانا وتصحيحا لما اخترنا من القراءة والتأويل، قولهم وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ) لأنهم لو كانوا لا يقرُّون بأن لهم ربا يقدر على تعذيبهم، ما قالوا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ) بل كانوا يقولون: إن هذا الذي جئتنا به يا هود إلا خلق الأوّلين، وما لنا من معذب يعذبنا، ولكنهم كانوا مقرين بالصانع، ويعبدون الآلهة، على نحو ما كان مشركو العرب يعبدونها، ويقولون إنها تقربنا إلى الله زلفى




وفي معاني القرأن للزجاج المتوفى 311
وقوله عزِّ وجلَّ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21)
معناه أن الله احْتَجَّ على العرب بأنه خالقهم وخالق مَنْ قَبْلِهُم لأنَّهُمْ
كانوا مُقِرينَ بذلك، والدليل على ذلك قوله: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ)
وقال(ثم أعلم - مَعَ عِبَادَتِهم العُزى وَالْأوْثَان - أنهم مُقرونَ بأن اللَّهِ خَالِقُهُمْ)

ويقول:
يكون معنى السؤال ههنا على جهة التقرير كما قال: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) فليس يَسْاَلُهمْ ههنا عَمنْ خَلَقَهُمْ إلا على جهةِ التقرير وكذلك إذا سال جميع أمم الأنبياء لم يأتوا بأن في كتبهِمْ أن اعبدوا غيرِي.
وفي تفسير الراغب الأصفهاني:ت502
: عن أبي العالية ومجاهد أن كلَّا أقرَّ بخلقه إياهم، وإن أشركوا
معه، لقوله: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ).


وفي تفسير ابن المنذر النيسابوري ت318
بيانه أن القوم كانوا مقرين بوجود الصانع وكونه مستحقاً للعبادة

وقال النسفي ت710في تفسيره:
حتج عليهم بانه خالقهم وخالق من قبلهم لأنهم كانوا مقرين بذلك فقيل لهم إن كنتم مقرين بأنه خالقكم فاعبدوه ولا تعبدوا الأصنام لعلكم تتقون

وفي تفسير الجلالين وهو لأشعريين:
{ لا إله إلا هو فأنى تؤفكون } من أين تصرفون عن توحيده مع إقراركم بأنه الخالق الرازق


وفي تفسير قوله تعالى(ومايؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) يقول الطبري ت311



ويقول ابن أبي حاتم :
- أَخْبَرَنَا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَصْبَغُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ: "﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّـهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾، قَالَ: لَيْسَ أَحَدٌ يَعْبُدُ مَعَ اللَّهِ غَيْرَهُ، إِلا وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ، يَعْرِفُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ رَبَّهُ، وَأَنَّ اللَّهَ خَلَقَهُ وَرَزَقَهُ، وَهُوَ مُشْرِكٌ بِهِ، أَلا تَرَى كَيْفَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ: ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾، قَدْ عَرَفَ أَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ رَبَّ الْعَالَمِينَ مَعَ مَا يَعْبُدُونَ، قَالَ: فَلَيْسَ أَحَدٌ يُشْرِكُ بِاللَّـهِ إِلا وَهُوَ مُؤْمِنٌ بِهِ، أَلا تَرَى كَيْفَ كَانَت الْعَرَبُ تُلَبِّي تَقُولُ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِلا شَرِيكًا هُوَ لَكَ، تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ، الْمُشْرِكُونَ كَانُوا يَقُولُونَ هَذَا"


و منه كذلك قول الإمام ابن بطة في الإبانة ما محصله:
" وذلك أنّ أصل الإيمان بالله الذي يجب على الخلق اعتقاده في إثبات الإيمان به ثلاثة أشياء :
أحدها : أن يعتقد العبد ربانيته ليكون بذلك مبايناً لمذهب أهل التعطيل الذين لا يثبتون صانعاً
والثاني : أن يعتقد وحدانيته ليكون مبايناً بذلك مذاهب أهل الشرك الذين أقروا بالصانع وأشركوا معه في العبادة غيره
والثالث : أن يعتقده موصوفاً بالصفات التي لا يجوز إلا أن يكون موصوفاً بها من العلم والقدرة والحكمة وسائر ما وصف به نفسه في كتابه "

و كذلك صنيع الحافظ ابن منده في كتابه التوحيد ..حيث جعل الأبواب في التوحيد في ثلاث ..
فجعل أبوابا في معرفة الخالق ثم أبوابا في عبادته و قوله صلى الله عليه و سلم "أمرت أن أدعو الناس إلى شهادة أن لا إله إلا الله"، ثم ثلث بأبواب في معرفة صفات الله و أفعاله..

و ذكر في أثناء ذلك قول الإمام أبي يوسف في نفس هذا الترتيب من وصفه التوحيد بقوله: :يُعرف الله بآياته وبخلقه ويوصف بصفاته ويسمّى بأسمائه كما وصف في كتابه ، وبما أدَّى إلى الخلق رسوله...
ثم شرح القاضي أبو يوسف كل قسم بموجبه من الربوبية و الصفات و الألوهية.

من تفاسير الرافضة
فلا تجعلوا لله أنداد وأنتم تعلمون قال الطوسي عن ابن عباس «أي تعلمون أنه لا رب يرزقكم غيره وأن ما تعبدون لا يضر ولا ينفع» وقد قوى الطوسي هذا القول وأكد أن العرب كانت تعتقد وحدانية الله تعالى بالدليل من قوله تعالى {ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله} (التبيان 1/ 102).
قال الطباطبائي «الوثنيون ما كانوا يرون لله شريكا في الخلق والإيجاد» (تفسير الميزان11/ 326).
قال الطباطبائي «فهؤلاء المشركون ما كانوا يرون لله سبحانه شريكا في الخلق والإيجاد» (تفسير الميزان11/ 326). وكان الطباطبائي يطلق لفظ توحيد الربوبية ويعني به توحيد العبادة ويؤكد أن هذا الذي كان ينازع فيه المشركون أقوامهم لا في أنه الله عز وجل لا غير (تفسير الميزان12/ 26).
ويصرح الطباطبائي أن توحيد البروبية مستلزم لتوحيد العبادة (تفسير الميزان15/ 367).
أبو جهل يتضرع إلى الله
وكان أبو جهل يدعو الله ليلة بدر أن ينصره على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقول «اللهم أقطعنا للرحم، وأتانا بما لا نعرف فأحنه وانصرنا عليه الغداة. فأنزل الله {أن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح} (التبيان للطوسي5/ 96 مجمع البيان4/ 447 تفسير جوامع الجامع للطبرسي 2/ 14 تفسير الصافي2/ 278).
صالحون لا أصنام
{وَإِذَا رَأى الَّذِينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَاءهُمْ قَالُواْ رَبَّنَا هَؤُلاء شُرَكَآؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْ مِن دُونِكَ فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ} [النحل 86].
{وهم عن دعائهم غافلون. وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ}. ومثله
{ويَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَآؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ 28 فَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ 29}.
{إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم} ().
{إِن تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} [فاطر14].
قال الطوسي «{أموات غير أحياء. وما يشعرون أيان يبعثون} أثبت لهم موتا وبعثا بعد الموت. وليس ذلك للأصنام.
{قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً 56 أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا 57} (الإسراء).
روى الطوسي عن الحسن «هم الملائكة وعيسى وعزير» (التبيان في تفسير القرآن6/ 492).
وقال الطباطبائي في الميزان في تفسير القرآن (13/ 51 انترنت) «والمراد بأولئك الذين يدعون إن كان هو الملائكة الكرام و الصلحاء المقربون من الجن و الأنبياء و الأولياء من الإنس» ().
شبهة أنهم ينفعون بإذن الله
ما خالفهم مشركو الأمس على ذلك. بل قالوا {لو شاء الله ما عبدنا من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء}.
أين الإذن الشرعي؟ وقد قال تعالى {وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو} [الانعام17].
زعمهم إن كنا نعتقد فيهم النفع فهذا شرك
- إن هذا تناقض منكم فإنكم صرحتم بأن الشرك يكون في حقنا إذا دعوناهم واستغثنا بهم مع اعتقادنا أنهم ينفعون ويضرون وبهذا تكونون قد وافقتم مذهب العصا الذي تنسبونه إلى مخالفيكم.
- فأنتم أمام خيارين أحلاهما مر: إما التصريح بالنفع وهو الشرك وإما نفي النفع فتكونون على مذهب العصا.
- ونفي النفع يوقعكم في مشاكل عديدة:
- مناقضة العقل حيث إن المنطق يدعوكم للتوجه إلى من يملك الضر والنفع.
- مناقضة ما في كتبكم من إثبات صفات النفع بل صفات الربوبية.

المشركون يلبون في حجهم
كان المشركون يحجون ويقولون «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه وما ملك» (الكافي4/ 542 مستدرك الوسائل9/ 196 بحار الأنوار3/ 253 و9/ 106و220 مجمع البيان في تفسير القرآن5/ 462).
وكانت قريش تحرم الأشهر الحرم ولا تستحلها ولا تظلم أحدا في هذه الأشهر الحرم (أنظر بحار الأنوار9/ 251 تفسير القمي2/ 422).
وأثبت الله لقريش صلاة لله ولكنها كانت عبارة عن مكاء وتصدية.
قال المجلسي «كانت قريشا يطوفون بالبيت عراة ويقولون: إن الله أمرنا بذلك حيث دعانا إلى الحج ونهانا عن الطواف في ثياب أنفسنا وقد عصيناه فيها فلا بد من رضايته بالطواف عريانا» (76/ 296).
قال المجلسي «كانت قريش تفيض من مزدلفة في الجاهلية ويقولون: نحن أولى بالبيت من الناس، فأمرهم الله أن يفيضوا من حيث أفاض الناس من عرفة» (بحار الأنوار96/ 256 تفسير العياشي1/ 97).
وكانت قريش تفخر ببناء الكعبة

من دون الله يعني مع الله
قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ قُل لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَاءكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ ().
قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا
إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ 194
وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ 106
فلا تدعوا مع الله أحدا


(وقد استدرك عليه تلميذه محمد رشيد رضا فقال: فات الأستاذ أن يصرح بتوحيد العبادة وهو أن يعبد الله وحده ولا يعبد غيره بدعاء ولا بغير ذلك مما يتقرب به المشركون إلى ما عبدوه معه من الصالحين والأصنام. وهذا التوحيد هو الذي كان أول ما يدعو إليه كل رسول قومه بقوله: { اعبدوا الله ما لكم من إله غيره }



قال الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى مقالة حنفية حنيفية قاطعة لدابر القبورية في القديم والحديث وهي مقالة سارت بها الركبان * وصارت لأهل التوحيد من أعظم البرهان * على القبورية عامة * والقبورية الحنفية خاصة * وهي قولته المشهورة المستفيضة : ((لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به ....)) .

الملا قاري أيضًا في شرح الفقه الأكبر "والحاصل أنه يلزم من توحيد العبودية توحيد الربوبية دون العكس في القضية لقوله تعالى {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} بل غالب سور القرآن وآياته متضمنة لنوعي التوحيد بل القرآن من أوله إلى آخره في بيانهما".
وقول الشيخ العلامة سيدي أحمد ميارة في الدر الثمين شرح نظم سيدي ابن عاشر حين قال: "ثم قال عند قوله أن تؤمن بالله أى بأنه تعالى واحد في ذاته وصفاته وأفعاله لا شريك له في الألوهية وهي استحقاق العبادة منفرد بخلق الذوات بصفاتها وأفعالها وبقدم ذاته ..".
وكذلك قول البناني في حاشيته في الأصول، و الجلال في الشرح حين الكلام على الشهادتين و فسراها بنفس تفسير الشيخ محمد: "(والإله المعبود بحق) أي المراد بالإله هنا المعبود بحق لأن صحة المفهوم في الآية تتوقف على تفسير الإله بذلك، وأما لو أريد به مطلق المعبود فلا لفساد المعنى حينئذ كما هو ظاهر".
ومثله قول الخرشي في شرحه لمختصر سيدي خليل الذي ذكر الربوبية ثم الألوهية فشرحها الخرشي فقال بعد أن تكلم عن توحيد الربوبية و انفراد الواحد بالتصريف و الخلق و التدبير: "وكذا نقول في قوله -وألوهيته- ولا يقال إن أل نائبة عن الضمير ؛ لأنا نقول ليس ذلك متفقا عليه والإنعام من آثار الألوهية فالمناسب تأخيره عنها إلا أنه قدمه للسجع ( قوله وألوهيته ) أي كونه إلها أي معبودا بحق، (قوله ولا معاند) أي معارض في المصباح المعاند المعارض بالخلاف لا بالوفاق والمعارض غير الشريك فهو عطف مغاير، (قوله في أحكامه) الخمسة أو أقضيته (قوله وربوبيته) أي كونه ربا أي مالكا للعالم، (قوله ولا منازع له) مرادف لقوله ولا معاند".
و كذلك قول الشيخ عبد المجيد خاني النقشبندي في الحدائق الوردية، و الشيخ أبو غدة

هل تكلم خصوم ابن تيمية في هذه المسألة وانتقدوها عليه؟:

الشيخ ابن تيمية ...ففضلًا عن أنه صدح بهذا التقسيم ليل نهار في القرن السابع .. و في حضرة دمشق و القاهرة من كبار الأصوليين ممن كانوا يناقشونه حتى في الفرق بين الحمد و الشكر مثلا كالسبكي و ابن الوكيل و الزملكاني و الفزاري و الحريري، ومع كونهم ما كانوا يتركون شيئا مما يخالفهم فيه إلا و أنكروه...و مع ذلك لم نعهد منهم إنكار هذا التقسيم في أي من مؤلفاتهم..


وفي تفسير مقاتل بن سليمان ت150:
لأنهم مقرون بأن الله خلقهم وخلق السماوات والأرض ،


وقال الصنعانى فى مقدمة كتابه تطهير الاعتقاد:
"الحمد لله الذي لا يقبل توحيد ربوبيته من العباد حتى يفردوه بتوحيد العبادة كل الإفراد


ابن الجوزي : (قال ابن عقيل *:لما صعبت التكاليف على الجهال والطغام عدلوا عن أوضاع الشرع إلى تعظيم أوضاع وضعوها لأنفسهم، فسهلت عليهم إذ لم يدخلوا بها تحت أمر غيرهم، قال: وهم عندي كفار بهذه الأوضاع مثل تعظيم القبور وإكرامها بما نهى عنه الشرع من إيقاد النيران وتقبيلها وتخليقها وخطاب الموتى بالألواح [بالحوائج] وكتب الرقاع فيها يا مولاي افعل بي كذا وكذا ، وأخذ التراب تبركا وإفاضة الطيب على القبور وشد الرحال إليهاوإلقاء الخرق على الشجر اقتداء بمن عبد اللات والعزى، ولا تجد في هؤلاء من يحقق مسألة في زكاة فيسأل عن حكم يلزمه، والويل عندهم لمن لم يقبّل مشهد الكف، ولم يتمسح بآجرة مسجد المأمونية يوم الأربعاء...) انتهى من تلبيس إبليس ص 448

وقد جاء في وصية الإمام الشيخ عبد القادر الجيلاني نفسه ، لابنه الشيخ عبد الوهاب (( وكل الحوائج كلها إلى الله عز وجل واطلبها منه ، ولا تثق بأحد سوى الله عز وجل ، ولا تعتمد إلا عليه سبحانه ، التوحيد ، التوحيد ، التوحيد )) [مجالس الفتح الرباني ص 373 [
وقال : (( يا من يشكو إلى الخلق مصائبه إيش ينفعك شكواك إلى الخلق لا ينفعونك ولا يضرونك ، وإذا اعتمدت عليهم وأشركت في باب الحق يبعدونك وفي سخطه يوقعونك وعنه يحجبونك أنت يا جاهل تدعي العلم من جملة جهلك بشكواك إلى الخلق ... الخ )) [ الفتح الرباني ص 117 – 118 [
وقال : (( استغث بالله عز وجل واستعن به على هؤلاء الأعداء فإنه يغيثك ... الخ )) [ الفتح الرباني ص 122 [
وقال : (( إذا كان هو الفاعل على الحقيقة فلم لا ترجعون إليه في جميع أموركم وتتركون حوائجكم وتلزمون التوحيد له في جميع أحوالكم ؟ أمره ظاهر لا يخفى على كل عاقل ... الخ )) [ الفتح الرباني ص 263 [


وقال الشيخ أبو الطيب شمس الحق العظيم آبادي في "التعليق المغني على سنن الدارقطني" (ص520-521): (ومن أقبح المنكرات وأكبر البدعات وأعظم المحدثات ما اعتاده أهل البدع من ذكر الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله بقولهم: يا شيخ عبد القادر الجيلاني شيئاً لله، والصلوات المنكوسة إلى بغداد، وغير ذلك مما لا يعد، هؤلاء عبدة غير الله
ما قدروا الله حق قدره، ولم يعلم هؤلاء السفهاء أن الشيخ رحمه الله لا يقدر على جلب نفع لأحد ولا دفع ضر عنه مقدار ذرة، فلم يستغيثون به ولم يطلبون الحوائج منه ؟! أليس الله بكاف عبده ؟!! اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك أو نعظم أحداً من خلقك كعظمتك، قال في "البزازية" وغيرها من كتب الفتاوى:"من قال: إن أرواح المشايخ حاضرة تعلم يكفر" البحر" (5/134). وقال الشيخ فخر الدين أبو سعد عثمان الجياني بن سليمان الحنفي في رسالته: "ومن ظن أن الميت يتصرف في الأمور دون الله، واعتقد بذلك كفر. كذا في "البحر الرائق"، وقال القاضي حميد الدين ناكوري الهندي في "التوشيح":"منهم الذين يدعون الأنبياء والأولياء عند الحوائج والمصائب باعتقاد أن أرواحهم حاضرة تسمع النداء وتعلم الحوائج، وذلك شرك قبيح وجهل صريح، قال الله تعالى: ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة، وهم عن دعائهم غافلون ]سورة الأحقاف: الآية5[، وفي "البحر (ج3/ص94)" : لو تزوج بشهادة الله
ورسوله لا ينعقد النكاح، ويكفر لاعتقاده أن النبي  يعلم الغيب ، وهكذا في فتاوى
قاضي خان والعيني والدر المختار والعالمكيرية وغيرها من كتب العلماء الحنفية، وأما في
الآيات الكريمة والسنة المطهرة في إبطال أساس الشرك، والتوبيخ لفاعله فأكثر من أن تحصى، - ولشيخنا العلامة السيد محمد نذير حسين الدهلوي في رد تلك



ويقول الصنعاني وهو معاصر لمحمد بن عبدالوهاب:
إفرادُ الله تعالى بتوحيد العبادة لا يتِمُّ إلاَّ بأن يكونَ الدعاءُ كلُّه له، والنداءُ في الشدائد والرخاء لا يكون إلاَّ لله وحده، والاستغاثة والاستعانةُ بالله وحده، واللّجوء إلى الله والنذر والنحر له تعالى، وجميع أنواع العبادات من الخضوع والقيام تذلُّلاً لله تعالى، والركوع والسجود والطواف والتجرد عن الثياب والحلق والتقصير كلُّه لا يكون إلاَّ لله عز وجل.
ومَن فعل شيئاً مِن ذلك لمخلوق حيٍّ أو ميت أو جماد أو غيره، فقد أشرك في العبادة، وصار مَن تُفعل له هذه الأمور إلَهاً لعابديه، سواءٌ كان مَلَكاً أو نبيًّا أو وليًّا أو شجراً أو قبراً أو جنيًّا أو حيًّا أو ميتاً، وصار العابدُ بهذه العبادة أو بأيِّ نوع منها عابداً لذلك المخلوق مشركاً بالله، وإن أقَرَّ بالله وعَبَدَه، فإنَّ إقرارَ المشركين بالله وتقرُّبَهم إليه لَم يُخرجهم عن الشركِ، وعن وجوب سَفك دمائِهم وسبي ذراريهم وأخذ أموالهم غنيمة، فالله تعالى أغنى الشركاء عن الشرك، لا يقبل عملاً شورك فيه غيرُه، ولا يؤمن به مَن عَبَدَ معه غيرَه.
فصل
إذا تقرَّر عندك أنَّ المشركين لَم ينفعهم الإقرارُ بالله مع إشراكهم في العبادة، ولا يغني عنهم مِن الله شيئاً، وأنَّ عبادتَهم هي اعتقادُهم فيهم أنَّهم يَضرُّون وينفعون، وأنَّهم يقرِّبُونهم إلى الله زلفى، وأنَّهم يَشفعون لهم عند الله تعالى، فنَحَروا لهم النَّحائِر، وطافُوا بهم ونذروا النذور عليهم، وقاموا متذلِّلين متواضعين في خدمتهم وسجدوا لهم، ومع هذا كلِّه فهم مقرُّون لله بالربوبية وأنَّه الخالقُ، ولكنَّهم لَمَّا أشركوا في عبادته، جعلهم مشركين ولَم يَعْتَد بإقرارهم هذا؛ لأنَّه نافاه فعلُهم، فلم ينفعهم الإقرارُ بتوحيد الربوبية، فمِن شأن مَن أقرَّ لله تعالى بتوحيد الربوبية أن يُفردَه بتوحيد العبادة، فإذا لَم يفعل ذلك فالإقرارُ باطل.

تطهير الاعتقاد من أدران الالحاد


شبهة:
يحاول القبورية التخلص من آية سورة الزمر (والذين اتخذوا من دونه أولياء مانعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ماهم فيه يختلفون إن الله لايهدي من هو كاذب كفار)
ويقولون بأن هؤلاء الذين يقولون(مانعبدهم إلا ليقربونا) كاذبون هم لايعبدونها لتقربهم بل يعبدونها على أنها أرباب..وهذا تفسير جديد
ولننظر أقوال المفسرين


1-الجلالين
إن الله لا يهدي من هو كاذب) في نسبة الولد إليه (كفار) بعبادته غير الله
2-ابن كثير
إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار" أي لا يرشد إلى الهداية من قصده الكذب والافتراء على الله تعالى وقلبه كافر بآياته وحججه وبراهينه ثم بين تعالى أنه لا ولد له كما يزعمه جهلة المشركين في الملائكة والمعاندون من اليهود والنصارى في العزير وعيسى.

3-الكشاف
وكذبهم‏:‏ قولهم في بعض من اتخذوا من دون الله أولياء‏:‏ بنات الله ولذلك عقبه محتجاً عليهم بقوله‏:‏ ‏"‏ لو أراد الله أن يتخذ ولداً لاصطفى مما يخلق ما يشاء ‏"‏
فاستدل على تفسيره بالسياق



5-الوجيز للواحدي
{ إن الله لا يهدي من هو كاذب } في إضافة الولد إلى الله تعالى { كفار } يكفر نعمته بعبادة غيره ثم ذكر براءته عن الولد

6-البحر المحيط
كاذب في دعواه أن لله شريكاً، كفار لأنعم الله حيث، جعل مكان الشكر الكفر، والمعنى: لا يهدي من ختم عليه بالموافاة على الكفر فهو عام، والمعنى على الخصوص: فكم قد هدى من سبق منه الكذب والكفر.

(ويلاحظ أن أبا حيان اعتبر اتخاذ الشفاعة هو اتخاذ شريك وأن سؤال الشفاعة من الميت عبادة له)

7-النسفي
وكذبهم قولهم فى بعض من اتخذوا من دون الله أولياء بنات الله ولذا عقبه محتجا عليهم بقوله لو اراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء .


8-البغوي
الله لا يهدي من هو كاذب كفار "، لا يرشد لدينه من كذب فقال: إن الآلهة تشفع. وكفى باتخاذ الآلهة دونه كذباً [وكفراً].

9-مفاتيح الغيب
والمراد بهذا الكذب وصفهم بهذه الأصنام بأنها آلهة مستحقة للعبادة مع علمهم بأنها جمادات خسيسة وهم نحتوها وتصرفوا فيها، والعلم الضروري حاصل بأن وصف هذه الأشياء بالإلهية كذب محض، وأما الكفر فيحتمل أن يكون المراد منه الكفر الراجع إلى الإعتقاد، والأمر ههنا كذلك فإن وصفهم لها بالإلهية كذب، واعتقادهم فيها بالإلهية جهل وكفر.
ويحتمل أن يكون المراد كفران النعمة، والسبب فيه أن العبدة نهاية التعظيم ونهاية التعظيم لا تليق إلا بمن يصدر عنه غاية الإنعام، وذلك المنعم هو الله سبحانه وتعالى وهذه الأوثان لا مدخل لها في ذلك الإنعام فالإشتغال بعبادة هذه الأوثان يوجب كفران نعمة المنعم الحق.

10-الوسيط
: من كان دائم الكذب على دين الله ، شديد الجحود لآيات الله وبراهينه الدالة على وحدانيته ، وعلى أنه لا رب لهذا الكون سواه .

رابط
LihatTutupKomentar