Mut'ah bagi Istri yang Dicerai

Mut'ah adalah pemberian atau hadiah bagi Istri yang Dicerai. Hukumnya sunnah menurut sebagian ulama dan wajib menurut ulama yang lain. Mut'ah di sini berbeda dengan nikah mut'ah. Berikut dalil Quran hadits dan pandangan ulama madzhab empat
Mut'ah adalah pemberian atau hadiah bagi Istri yang Dicerai. Hukumnya sunnah menurut sebagian ulama dan wajib menurut ulama yang lain. Mut'ah di sini berbeda dengan nikah mut'ah atau kawin kontran yang haram hukumnya. Berikut dalil Quran hadits dan pandangan ulama madzhab empat


المبحث الرابع

حكم متعة الطلاق للمطلقة بعد الدخول

إذا كان عقد الزواج مستوفياً أركانه وشروطه، فللفقهاء قولان في حكم متعة الطلاق بعد الدخول، وبيان هذا في المطلبين التاليين:

المطلب الأول

القول بوجوب متعة الطلاق بعد الدخول إذا كان الفراق بسبب الزوج

ذكر الشافعية: أن متعة الطلاق بعد الدخول واجبة على المطلِّق إذا كان الفراق بسبب منه، حتى لو تبين إرضاع أمه لزوجته وهي صغيرة ففارقها لذلك، وهذا قول ابن حزم الظاهري أيضاً[1].

واستدلوا لذلك بما يلي:

1ـ الاستدلال بالقرآن الكريم:

ـ عموم قول الله تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} البقرة: 241 ، وهذا يشمل المطلقة المدخول بها.

2ـ الاستدلال بالسنة النبوية: ما ورد أن فاطمة ابنة قيس طلقها زوجها أبو عَمْرو بن حفص البتَّةَ، ثم خرج إلى اليمن فوكَّل بها عيَّاش بن أبي ربيعة، فأرسل إليها عياش ببعض النفقة فسخِطَتْها، فقال لها: مالَكِ علينا من نفقة ولا سكنى، وهذا رسول اللهصلى الله عليه وسلم فاسأليه، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عما قال؟ فقال: ليس لك نفقة ولا سكنى، ولكن متاع بالمعروف[2]. قال ابن حزم: وهذا نص واجب اتباعه[3].

3ـ الاستدلال بآثار الصحابة وغيرهم:

أ ـ ما ورد أن الحسن بن علي رضي الله عنهما طلق زوجته عائشة الخَثْعَمِية، فلما انقضت عِدَّتُها، بعث لها بما بقي من صَدَاقها، وبعشرة آلاف مُتْعة[4].

ب ـ ما ورد أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما متَّع امرأته التي طلق جاريةً سوداء[5].

ج ـ ما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما أن متعة الطلاق نحو ثلاثين درهماً[6].

4ـ الاستدلال بالمعقول: أن المهر ثبت في مقابلة منفعةِ بُضْعها وقد استوفاها الزوج، فيجب للإيحاش متعة[7].

المطلب الثاني

القول باستحباب متعة الطلاق بعد الدخول إذا كان الفراق بسبب الزوج

ذكر الحنفية: أن متعة الطلاق بعد الدخول سنة مستحبة على المطلِّق إذا كان الفراق بسبب منه، وهذا قول المالكية والحنابلة أيضاً[8].

استدلوا لذلك بما يلي:

1ـ الاستدلال بالقرآن الكريم:

أ ـ ظاهر قول الله تعالى {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ}: 241 ، ووجه الاستدلال: أنها لو كانت واجبة لقدَّرها الله تعالى، ولما خَصَّ بها المتقين؛ لأن الزوج إذا كان غير متَّقٍ فليس عليه شيء، فضلاً عن أن التقوى أمر خفي لا يُعلَّق الحكم عليه، وأن الواجبات لا تتقيد بالمتقين دون غيرهم[9].

ب ـ ظاهر قول الله تعالى: { لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} البقرة: 236 ، ووجه الاستدلال: أنها لو كانت واجبة لقدَّرها الله تعالى، ولما خَصَّ بها المحسنين؛ لأن الزوج إذا كان غير محسنٍ فليس عليه شيء، فضلاً عن أن الإحسان أمر خفي لا يعلق الحكم عليه، وأن الواجبات لا تتقيد بالمحسنين دون غيرهم[10].

2ـ الاستدلال بالأثر: روى الطبري بسنده أن رجلاً طلق امرأته فخاصمته إلى شُريح، فقرأ عليه هذه الآية: وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ البقرة: 241 ، وقال له: إن كنت من المتقين فعليك المتعة، ولم يجبره، ولم يقضِ لها بها[11].

3ـ الاستدلال بالمعقول: وبيانه: أنه لو كانت المتعة واجبة لكانت مقدرة ومعلومة من قِبَل الشرع، كما هو الحال في الأموال الواجبة كالزكاة وغيرها، قال ابن عبد البر: " إن المتعة لو كانت فرضاً واجباً يُقضَى به، لكانت مقدرة معلومة كسائر الفرائض في الأموال، فلما لم تكن كذلك خرجت من حد الفرض إلى حد الندب والإرشاد والاختيار، وصارت كالصلة والهدية "[12].

الاختيار والترجيح: من خلال التأمل في أدلة الفريقين، يبدو رجحان ما ذهب إليه أصحاب القول الأول القائلون بالوجوب؛ وذلك لقوة أدلتهم ووضوح دلالاتها، ولما هو منقول ومعمول به عند الصحابة المتقدم ذكْرُهم، ولاتفاقه مع حكمة الإسلام في دعوته إلى مواساة المصاب والمكلوم، وهي هنا الزوجة المطلَّقة التي فقدت نعمة النكاح والمعيل.

المبحث الخامس

مقدار متعة الطلاق ومَنْ تُعتَبَر حالُه في تقديرها

مع مراعاة اختلاف الفقهاء فيما تقدم في حكم متعة الطلاق وجوباً أو استحباباً، فإنه لم يرد نص صريح من القرآن أو السنة في تحديد مقدارها، وأمام هذا كان للفقهاء ثلاثة أقوال في مقدارها، وَمَنْ تُعتبَر حالُه في تقديرها؟ وبيان هذا في المطالب الثلاثة التالية:

المطلب الأول

تقدير متعة الطلاق بحسب حال الزوج

ذكر الحنفية في قول لهم: أن تقدير متعة الطلاق يكون بحسب حال الزوج، من حيث اليُسْر والعُسْر، وبهذا قال المالكية في المشهور عندهم، وهو قولٌ عند الشافعية، وعند الحنابلة[13]، وهو قولُ عطاء، والحسن البصري[14] والطبري[15].

واستدل أصحاب هذا القول بما يلي:

1 ـ الاستدلال بالقرآن الكريم: وهو ظاهر قول الله تعالى: { لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} البقرة: 236 ، ووجه الاستدلال: أن الله تعالى ترك تقدير المتعة بحسب حال الزوج يسراً أو عسراً، ولو كان غير ذلك لقال: ومتعوهن على قدرهن، أو غير ذلك[16]، وهذا ما يظهر من صريح الآية، حيث جعل تقدير المتعة على حسب حال الزوج؛ لأنه هو الذي سيُكلَّف بها، كما جاء في آية أخرى:{ لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} الطلاق: 7 .

2 ـ الاستدلال بآثار الصحابة: تقدم أن الحسن بن علي رضي الله عنهما متَّع مطلَّقته بعشرة آلاف درهم، وأن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما متع مطلقته بجارية سوداء، وأن ابن عمر رضي الله عنهما أمر بمتعة الطلاق ثلاثين درهماً، فدل هذا الاختلاف في مقدار المتعة على أنه يعتبر بحسب حال الزوج المطلِّق يسراً أو عسراً [17].

3ـ الاستدلال بالقياس: وبيانه: أن متعة الطلاق تقاس على النفقة؛ بجامع أن كلاً منهما تكون حسب حال الزوج، وهو ما أومأ إليه قول الله تعالى:{ لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} الطلاق: 7 [18].

المطلب الثاني

تقدير متعة الطلاق بحسب حال الزوجة

ذكر الكرخي والقدوري من الحنفية: أن تقدير متعة الطلاق يكون بحسب حال الزوجة، وهو قولٌ للمالكية، والشافعية، والحنابلة[19].

واستدل أصحاب هذا القول بما يلي:

1 ـ الاستدلال بالقرآن الكريم: وهو قوله تعالى: وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ البقرة: 241 ، ووجه الاستدلال: أنه ليس من المعروف التسوية بين مُتْعَتَيْ زوجتين: شريفة ووضيعة، إذا تزوجهما الرجل ثم طلقهما قبل المسيس ولم يُسمِّ مهرَهما، فيُعْطي الشريفةَ مثلَ ما يُعْطي الوضيعةَ، وهذا خلاف المعروف الذي ذكره الله تعالى في هذه الآية[20].

وفي ضوء هذه الآية يمكن أن يقال أيضاً: إن من المعروف إعطاء كل زوجة مطلقة ما يليق بها، كما هو الشأن في الزوجة الشريفة أن لا تُلبَس ثياباً خشنة، أو تَقوم هي بخدمة نفسها، بل لا بد لها من ثياب مناسبة لها، وممن يخدمها، بخلاف الزوجة الوضيعة.

2ـ الاستدلال بالقياس: وبيانه: أن المتعة ـ عند الفقهاء ـ مقدرة في بعض صورها بنصف مهر المثل، كما في غير المدخول بها ممن لم يُسَمِّ الزوجُ لها مهراً في العقد، ولا يخفى أن المهر حينئذٍ إنما يُعتبَر بحسب حال الزوجة لا حال الزوج[21].

المطلب الثالث

تقدير متعة الطلاق بحسب حال الزوجين كليهما

ذكر الحنفية في المفتى به عندهم: أن تقدير متعة الطلاق يكون بحسب حال الزوجين كليهما، وهذا هو الراجح عند الشافعية، وهو قول للحنابلة أيضاً[22].

واستدل أصحاب هذا القول بما يلي:

1 ـ الاستدلال بالقرآن الكريم: وهو قوله تعالى: { لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} البقرة: 236 ، وقوله أيضاً: وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ البقرة: 241، فأصحاب هذا القول جمعوا بين دلالتَيْ الآيتين[23].

الاختيار والترجيح: من خلال التأمل في الأقوال الثلاثة السابقة واستدلالاتها، يمكن استبعاد فكرة القائلين ـ في القولين: الثاني والثالث ـ بمراعاة حال الزوجة المطلَّقة في تقدير المتعة؛ إذ كيف يُلْزَمُ المطلِّقُ بما يعجز عنه حال مراعاة مكانة المرأة الاجتماعية، التي قد تكون أغنى وأنهض من حال المطلِّق، وهذا ما أومأ إليه الطبري رحمه الله[24].

على أن هذا لا يمنع من القول: بأن الأصل في العلاقات الزوجية والأسرية أن تقوم على التشاور والتراضي والتوافق وحسن العشرة، وفي نحو هذا يقول الله تعالى:{ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّآ آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }البقرة: 233.

وهكذا ينبغي أن يكون الأمر في تقدير متعة الطلاق، وذلك بأن يتفاهم ويتراضى الزوج المطلِّق والزوجة المطلَّقة على مقدارها؛ لئلا يُفضي التنازع بينهما إلى مزيد من الشحناء والبغضاء.

فإن لم يتوافقا على مقدار المتعة ولم يتراضيا، فيكون مقدارها بحسـب حال الزوج يسراً أو عسراً، وهذا ما ذهب إليه أصحاب القول الأول بأدلتهم الصريحة القوية. وهـو ما اختاره الطبري ورجَّحه معلِّلاً ذلك بقوله: حتى لا يُتعدَّى حكمُ قولِ الله تعالى ذِكْره: { لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} البقرة: 236 [25].

فإن تنازع الطرفان بعدئذٍ في مقدار المتعة ويُسْر الزوج وعُسْره، فيُترَك تقديرُ ذلك إلى القاضي العادل، على أن لا يبلغ نصف مهر المثل كما ذكر الشافعية، ولا يتجاوزه كما ذكر الحنفية، ولا يَنْقص عن خمسة دراهم عند الحنفية، ولا عن ثلاثين درهماً عند الشافعية[26].

هذا، ولا يخفى أن من صلاحية القاضي العادل ـ من باب السياسة الشرعية ـ حال تقديره متعة الطلاق ـ بحسب حال المطلِّق ـ في هذا الزمان، مراعاةَ تغيُّر الوضع المعيشي ونفقاته وتكاليفه عمَّا كان عليه الحال في زمن الفقهاء السابقين، وهو إن شاء حكم بها كلها جملة واحدة، أو جعلها على أقساط شهرية بحسب مقتضى الحال؛ وذلك تمشياً مع القاعدة الفقهية: " لا يُنكَر تَغيُّر الأحكام بِتَغيُّر الأزْمان " [27]، وإعمالاً لحكمة التشريع المتوخَّاة في متعة الطلاق ـ التي تقدم بيان الفقهاء لها ـ وهي: مواساة الزوجة المطلَّقة، والتخفيف من وقوع الوحشة بها لمفارقة زوجها لها، وجبراً لخاطرها ومُصابها[28].

المبحث السادس

موجبات متعة الطلاق ومسقطاتها

في المذاهب الفقهية الأربعة

مع مراعاة ما تقدم ذكره في اختلاف الفقهاء في حكم متعة الطلاق وجوباً، أو استحباباً، فإن الأصل في المذاهب الأربعة أن المتعة تعطى للمطلقة إذا كانت الفُرْقة من قِبَل الزوج، وأنها لا تعطى إذا كانت الفُرْقة ولو قبل الدخول من قِبَل الزوجة[29].

قال الكاساني: " فكل فرقة جاءت من قبل الزوج قبل الدخول في نكاح لا تسمية فيه توجب المتعة، وكل فرقة جاءت من قبل المرأة فلا متعة لها "[30].

غير أنهم اختلفوا في بعض المسائل التطبيقية، فيما إذا كان الزوج هو المتسبب للفرقة، أو كان هو المباشر لها، أو كانت الزوجة كذلك، وهذه بعض الحالات والصور في هذا الصدد على النحو التالي:

1ـ مذهب الحنفية: للمطلَّقة متعةٌ إذا اختار الزوج الفِراق عند البلوغ، وإذا قبَّل أمها أو ابنتها بشهوة، ولها متعة بالطلاق، وبالإيلاء، واللعان، والجَبِّ، والعُنَّة، ولها متعة إذا ارتد عن الإسلام، وللمُخَيَّرة متعة إذا اختارت نفسها قبل الدخول في نكاح لم يُسَمَّ فيه مهرٌ؛ لأن سبب الفرقة ـ التخيير ـ جاء من قِبَل الزوج.

وليس للمطلقة متعة إذا فارقته لانعدام الكفاءة؛ لأنها رضيت به من قبل، ولا متعة لها لاختيارها الفراق عند البلوغ، ولتقبيلها ابن زوجها بشهوة، ولفسخ زواجها بسبب رضاعٍ من قِبَلها، ولردَّتها[31].

2ـ مذهب المالكية: للمطلقة متعة لفسخ زواجها بسبب رضاع من قِبَل الزوج، ولها متعة إن كان عِنِّيناً.

ولا متعة لها قبل الدخول إذا سمَّى لها مهراً، ولها نصف ما سمى فقط للآية، ولا متعة لها إذا فارقها قبل الدخول لفسادِ عقد النكاح؛ لأن الفاسد كالباطل، أو فارقته لعيب فيه علمته من قبل، أو لعيب فيها دلَّسته عليه، ولا متعة لها إذا تم الفسخ بلعانها، أو ردتها عن الإسلام[32].

3ـ مذهب الشافعية: للمطلقة متعة إن كان الفسخ من قبله، حتى لو فارقها قبل الدخول لعموم آية المتعة، ولها متعة بسبب عِنَّته، أو مخالعته إياها؛ لأن الفرقة وقعت من قِبَله، ولها متعة بالملاعنة، وبردَّته عن الإسلام.

وليس لها متعة إن كان النكاح فاسداً، كنكاح الشِّغار، والنكاح بغير ولي؛ لأنه كالباطل، أو كان الفسخ من قبلها ولو قبل الدخول، أو كان الفسخ لعَيْب فيها دلَّسته عليه، أو كان الفسخ بسبب رضاعٍ من قبلها، أو بسبب ردتها[33].

4ـ مذهب الحنابلة: للمطلقة قبل الدخول والخلوة متعة إذا سُمي لها مهرٌ فاسدٌ، وكذا للمفوَّضة إذا طلقها زوجها قبل الدخول، ولمن أبرأت زوجها من مهر مثلها قبل الفرقة، والمتعة أيضاً لمن ارتد زوجها عن الإسلام.

ولا متعة للمطلقة غير المدخول بها إذا سَمَّى لها مهراً، ولها نصف ما سَمَّى فقط للآية، ولا متعة لها في كل موضع يسقط فيه كل المهر، كإرضاعِها مَنْ ينفسخ به نكاحُها، وردَّتِها، ولا متعة لمن فارقها في نكاح فاسد قبل الدخول والخلوة، ولا في فسخه النكاح قبل الدخول لعيب فيها دلَّسته عليه، ولا في فُرْقة لعان قبل الدخول لكون الفُرْقة بسببها[34].

54ـ المهذب في فقه الإمام الشافعي، للشيرازي. نشر دار الفكر ببيروت ـ د . ت ـ.

55ـ مواهب الجليل شرح مختصر خليل، للحطاب. ط 2 لدار الفكر ببيروت 1398 هـ.

56ـ الموسوعة الفقهية " الكويتية "، لوزارة الأوقاف الكويتية. ط 2 بالكويت، في عام 1404هـ/1983م.

57ـ الميسَّر في أصول الفقه الإسلامي، للدكتور إبراهيم سلقيني. ط 1 لدار الفكر بدمشق 1991م.

58ـ نفقة المتعة بين الشريعة والقانون، للدكتور أحمد فتحي البهنسي. نشر دار الشروق بالقاهرة 1988م.

59ـ نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، للرملي. نشر دار الفكر للطباعة ببيروت 1404هـ / 1984م.

المراجع

[1] أسنى المطالب للأنصاري 3/ 220 ، والمحلى لابن حزم 10/249 .

[2] ذُكِر هذا الحديث في: شرح مشكل الآثار للطحاوي 7/55 و56 ، والتمهيد لابن عبد البر 19/157 ، والمحلى لابن حزم 10/ 189 و249 ، وأورد رواية ـ بدل النفقة ـ أن عياشاً أرسل إليها بشعير، وأصل الحديث ـ بدون ذكر المتاع ـ في صحيح البخاري 5/2039 برقم 5017 ، وصحيح مسلم 2/1114 برقم 1480

[3] المحلى لابن حزم 10/249

[4] سنن الدارقطني 4/30 برقم 82

[5] المصنف لابن أبي شيبة 4/141 برقم 18708

[6] السنن الصغرى للبيهقي 6/238 برقم 2556

[7] أسنى المطالب للأنصاري 3/ 220

[8] بدائع الصنائع للكاساني 2/303 ، والقوانين الفقهية لابن جزي 1/159 ، وكشاف القناع للبهوتي 5/158

[9] تفسير الطبري 2/534 ، وأحكام القرآن لابن العربي 1/291 ، والمدونـة الكبرى للإمام مالك 5/333 ، وحاشية الدسوقي 2/425 ، وفتح الباري للعسقلاني 9/496

[10] المراجع السابقة

[11] تفسير الطبري 2/534 وانظر: المبسوط للسرخسي 6/61

[12] الاستذكار لابن عبد البر 6/ 121

[13] حاشية ابن عابدين 3/111 ، وحاشية الدسوقي 2/425 ، ومغني المحتاج للشربيني 3/242 ، والروض المربع للبهوتي 3/115

[14] المحلى لابن حزم 10/248

[15] تفسير الطبري 2/531

[16] تفسير الطبري 2/531

[17] وانظر: تفسير القرطبي 3/201 ففيه آثار أخرى عن بعض السلف.

[18] مغني المحتاج للشربيني 3/242

[19] البحر الرائق لابن نجيم 3/158 ، ومواهب الجليل للحطاب 4/105 ، ومغني المحتاج للشربيني 3/242 ، والروض المربع للبهوتي 3/115

[20] تفسير القرطبي 3/201 ، وبدائع الصنائع للكاساني 2/304

[21] الفتاوى الهندية لجماعة من علماء الهند 1/304 ، ومغني المحتاج للشربيني 3/242

[22] حاشية ابن عابدين 3/111 ، ومغني المحتاج للشربيني 3/242 ، والإنصاف للمرداوي 8/ 301

[23] تبيين الحقائق للزيلعي 2/140 ، ومغني المحتاج للشربيني 3/242 ، والروض المربع للبهوتي 3/115

[24] تفسير الطبري 2/532

[25] تفسير الطبري 2/532

[26] حاشية ابن عابدين 3/111 ، ونهاية المحتاج للشربيني 6/365

[27] انظر: شرح القواعد الفقهية للزرقاء ص 173 ، حيث ذكر أن المقصود بهذه القاعدة: تغيُّر الأحكام المبنية على الأعراف والعادات المتغيِّرة.

[28] انظر: حاشية الدسوقي 2/425 ، ومغني المحتاج للشربيني 3/241 وأحكام الزواج في الشريعة الإسلامية للدكتور محمد أبو يحيى ص 324

[29] بدائع الصنائع للكاساني 2/303 ، والمدونة للإمام مالك 5/332 ، وحاشية الدسوقي 2/425 ، والمهذب للشيرازي 2/63 ، ومغني المحتاج للشربيني 3/241 ، والمغني لابن قدامة 7/185

[30] بدائع الصنائع للكاساني 2/303 بتصرف يسير.

[31] بدائع الصنائع للكاساني 2/303 ، وتبيين الحقائق للزيلعي 2/141 ، وحاشية ابن عابدين 3/110ـ111

[32] المدونة الكبرى للإمام مالك 5/332 ، والاستذكار لابن عبد البر 6/121ـ 122 ، وحاشية الدسوقي 2/425ـ426 ، ومواهب الجليل للحطاب 4/104ـ105 ،

[33] الحاوي الكبير للماوردي 9/289 و 551 و550 و 475 و11/384 و467

[34] كشاف القناع للبهوتي 5/158 ، والروض المربع للبهوتي 3/115و117 ، ومطالب أولي النهى للرحيباني 5/152و202و220

رابط
LihatTutupKomentar