Larangan Menghina ’Memaki Mencaci Agama Lain

Larangan Menghina ’Memaki Mencaci Agama Lain dinyatakan dengan tegas dalam QS Al-An'am 6:108 karena hal itu akan mengakibatkan balasan yang sama dari pihak pemeluk agama yang dihina.
Larangan Menghina ’Memaki Mencaci Agama Lain dinyatakan dengan tegas dalam QS Al-An'am 6:108 karena hal itu akan mengakibatkan balasan yang sama dari pihak pemeluk agama yang dihina.

QS Al-An'am 6:108

وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ

Dan janganlah kamu memaki sembahan-sembahan yang mereka sembah selain Allah, karena mereka nanti akan memaki Allah dengan melampaui batas tanpa pengetahuan.(6:108)



تفسير ابن كثير
إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي
الجزء الثالث

( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون ( 108 ) ) .

يقول تعالى ناهيا لرسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين عن سب آلهة المشركين ، وإن كان فيه مصلحة ، إلا أنه يترتب عليه مفسدة أعظم منها ، وهي مقابلة المشركين بسب إله المؤمنين ، وهو الله لا إله إلا هو .

كما قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في هذه الآية : قالوا : يا محمد ، لتنتهين عن سبك آلهتنا ، أو لنهجون ربك ، فنهاهم الله أن يسبوا أوثانهم ، ( فيسبوا الله عدوا بغير علم ) .

وقال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة : كان المسلمون يسبون أصنام الكفار ، فيسب الكفار الله [ ص: 315 ] عدوا بغير علم ، فأنزل الله : ( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله ) .

وروى ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن السدي أنه قال في تفسير هذه الآية : لما حضر أبا طالب الموت قالت قريش : انطلقوا فلندخل على هذا الرجل ، فلنأمره أن ينهى عنا ابن أخيه ، فإنا نستحيي أن نقتله بعد موته ، فتقول العرب : كان يمنعهم فلما مات قتلوه . فانطلق أبو سفيان ، وأبو جهل ، والنضر بن الحارث ، وأمية ، وأبي ابنا خلف ، وعقبة بن أبي معيط ، وعمرو بن العاص ، والأسود بن البختري وبعثوا رجلا منهم يقال له : " المطلب " ، قالوا : استأذن لنا على أبي طالب ، فأتى أبا طالب فقال : هؤلاء مشيخة قومك يريدون الدخول عليك ، فأذن لهم عليه ، فدخلوا عليه فقالوا : يا أبا طالب ، أنت كبيرنا وسيدنا ، وإن محمدا قد آذانا وآذى آلهتنا ، فنحب أن تدعوه فتنهاه عن ذكر آلهتنا ، ولندعه وإلهه . فدعاه ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له أبو طالب : هؤلاء قومك وبنو عمك . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما تريدون؟ " قالوا : نريد أن تدعنا وآلهتنا ، ولندعك وإلهك . قال له أبو طالب : قد أنصفك قومك ، فاقبل منهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " أرأيتم إن أعطيتكم هذا ، هل أنتم معطي كلمة إن تكلمتم بها ملكتم بها العرب ، ودانت لكم بها العجم ، وأدت لكم الخراج ؟ " قال أبو جهل : وأبيك لنعطينكها وعشرة أمثالها قال : فما هي؟ قال : " قولوا لا إله إلا الله " فأبوا واشمأزوا . قال أبو طالب : يا ابن أخي ، قل غيرها ، فإن قومك قد فزعوا منها . قال : " يا عم ، ما أنا بالذي أقول غيرها ، حتى يأتوا بالشمس فيضعوها في يدي ، ولو أتوا بالشمس فوضعوها في يدي ما قلت غيرها " إرادة أن يؤيسهم ، فغضبوا وقالوا : لتكفن عن شتم آلهتنا ، أو لنشتمنك ونشتم من يأمرك ، فذلك قوله : ( فيسبوا الله عدوا بغير علم ) .

ومن هذا القبيل - وهو ترك المصلحة لمفسدة أرجح منها - ما جاء في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ملعون من سب والديه " قالوا : يا رسول الله ، وكيف يسب الرجل والديه؟ قال : " يسب أبا الرجل فيسب أباه ، ويسب أمه فيسب أمه " أو كما قال عليه السلام .

وقوله تعالى : ( كذلك زينا لكل أمة عملهم ) أي : وكما زينا لهؤلاء القوم حب أصنامهم والمحاماة لها والانتصار ، كذلك زينا لكل أمة من الأمم الخالية على الضلال - عملهم الذي كانوا فيه ، ولله الحجة البالغة ، والحكمة التامة فيما يشاؤه ويختاره . ( ثم إلى ربهم مرجعهم ) أي : معادهم ومصيرهم ، ( فينبئهم بما كانوا يعملون ) أي : يجازيهم بأعمالهم ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر .

***

تفسير البغوي
الحسين بن مسعود البغوي
الجزء الثالث

قوله عز وجل : ( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله ) الآية قال ابن عباس : لما نزلت " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم " ( الأنبياء ، 98 ) قال المشركون : يا محمد لتنتهين عن سب آلهتنا أو لنهجون ربك ، فنهاهم الله تعالى أن يسبوا أوثانهم .

وقال قتادة : كان المسلمون يسبون أصنام الكفار ، فنهاهم الله عز وجل عن ذلك ، لئلا يسبوا الله فإنهم قوم جهلة .

وقال السدي : لما حضرت أبا طالب الوفاة قالت قريش : انطلقوا فلندخل على هذا الرجل فلنأمرنه أن ينهى عنا ابن أخيه فإنا نستحي أن نقتله بعد موته ، فتقول العرب : كان يمنعه عمه فلما مات قتلوه . فانطلق أبو سفيان وأبو جهل والنضر بن الحارث وأمية وأبي ابنا خلف وعقبة [ بن أبي معيط وعمرو بن العاص ، والأسود بن ] البختري إلى أبي طالب ، فقالوا : يا أبا طالب أنت كبيرنا وسيدنا وإن محمدا قد آذانا وآلهتنا ، فنحب أن تدعوه فتنهاه عن ذكر آلهتنا ، ولندعنه وإلهه ، فدعاه فقال : هؤلاء قومك يقولون نريد أن تدعنا وآلهتنا وندعك وإلهك ، فقد أنصفك قومك فاقبل منهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أرأيتم إن أعطيتكم هذا هل أنتم معطي كلمة إن تكلمتم بها ملكتم العرب ودانت لكم بها العجم؟ " قال أبو جهل : نعم وأبيك لنعطينكها وعشرة أمثالها ، فما هي؟ قال : " قولوا لا إله إلا الله " فأبوا ونفروا ، فقال أبو طالب : قل غيرها يا ابن أخي ، فقال : يا عم ما أنا بالذي أقول غيرها ولو أتوني بالشمس فوضعوها في يدي ، فقالوا : لتكفن عن شتمك آلهتنا أو لنشتمنك ولنشتمن من يأمرك ، فأنزل الله عز وجل : ( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله ) يعني الأوثان ، ( فيسبوا الله عدوا ) أي : اعتداء وظلما ، ( بغير علم )

وقرأ يعقوب " عدوا " بضم العين والدال وتشديد الواو ، فلما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : " لا تسبوا ربكم " ، فأمسك المسلمون عن سب آلهتهم .

فظاهر الآية ، وإن كان نهيا عن سب الأصنام ، فحقيقته النهي عن سب الله ، لأنه سبب لذلك . [ ص: 177 ]

( كذلك زينا لكل أمة عملهم ) [ أي : كما زينا لهؤلاء المشركين عبادة الأوثان وطاعة الشيطان بالحرمان والخذلان ، كذلك زينا لكل أمة عملهم ] من الخير والشر والطاعة والمعصية ، ( ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم ) ويجازيهم ، ( بما كانوا يعملون )

***

التفسير الكبير
الإمام فخر الدين الرازي أبو عبد الله محمد بن عمر بن حسين القرشي الطبرستاني الأصل

قوله تعالى : ( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون )

اعلم أن هذا الكلام أيضا متعلق بقولهم للرسول عليه السلام : إنما جمعت هذا القرآن من مدارسة الناس ومذاكرتهم ، فإنه لا يبعد أن بعض المسلمين إذا سمعوا ذلك الكلام من الكفار غضبوا وشتموا آلهتهم على سبيل المعارضة ، فنهى الله تعالى عن هذا العمل ؛ لأنك متى شتمت آلهتهم غضبوا فربما ذكروا الله تعالى بما لا ينبغي من القول ، فلأجل الاحتراز عن هذا المحذور وجب الاحتراز عن ذلك المقال ، وبالجملة فهو تنبيه على أن خصمك إذا شافهك بجهل وسفاهة لم يجز لك أن تقدم على مشافهته بما يجري مجرى كلامه ، فإن ذلك يوجب فتح باب المشاتمة والسفاهة وذلك لا يليق بالعقلاء ، وفي الآية مسائل :

المسألة الأولى : ذكروا في سبب نزول الآية وجوها :

الأول : قال ابن عباس : لما نزل ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم ) [ الأنبياء : 98 ] قال المشركون : لئن لم تنته عن سب آلهتنا وشتمها لنهجون إلهك فنزلت هذه الآية ، أقول : لي هاهنا إشكالان :

الأول : أن الناس اتفقوا على أن هذه السورة نزلت دفعة واحدة فكيف يمكن أن يقال : إن سبب نزول هذه الآية كذا وكذا .

الثاني : أن الكفار كانوا مقرين بالإله تعالى وكانوا يقولون : إنما حسنت عبادة الأصنام لتصير شفعاء لهم عند الله تعالى ، وإذا كان كذلك ، فكيف يعقل إقدامهم على شتم الله تعالى وسبه .

[ ص: 115 ]

والقول الثاني : في سبب نزول هذه الآية : قال السدي : لما قربت وفاة أبي طالب قالت قريش : ندخل عليه ونطلب منه أن ينهى ابن أخيه عنا فإنا نستحي أن نقتله بعد موته ، فتقول العرب : كان يمنعه فلما مات قتلوه ، فانطلق أبو سفيان وأبو جهل والنضر بن الحارث مع جماعة إليه ، وقالوا له : أنت كبيرنا وخاطبوه بما أرادوا ، فدعا محمدا عليه الصلاة والسلام ، وقال : هؤلاء قومك وبنو عمك يطلبون منك أن تتركهم على دينهم ، وأن يتركوك على دينك ، فقال عليه الصلاة والسلام : قولوا لا إله إلا الله فأبوا فقال أبو طالب : قل غير هذه الكلمة فإن قومك يكرهونها ؛ فقال عليه الصلاة والسلام : ما أنا بالذي أقول غيرها حتى تأتوني بالشمس فتضعوها في يدي فقالوا له : اترك شتم آلهتنا وإلا شتمناك ، ومن يأمرك بذلك ، فذلك قوله تعالى : ( فيسبوا الله عدوا بغير علم ) .

واعلم أنا قد دللنا على أن القوم كانوا مقرين بوجود الإله تعالى ، فاستحال إقدامهم على شتم الإله بل هاهنا احتمالات :

أحدها : أنه ربما كان بعضهم قائلا بالدهر ونفي الصانع ، فما كان يبالي بهذا النوع من السفاهة .

وثانيها : أن الصحابة متى شتموا الأصنام فهم كانوا يشتمون الرسول عليه الصلاة والسلام فالله تعالى أجرىشتم الرسول مجرى شتم الله تعالى كما في قوله : ( إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله ) [ الفتح : 10 ] وكقوله : ( إن الذين يؤذون الله ) [ الأحزاب : 57 ] .

وثالثها : أنه ربما كان في جهالهم من كان يعتقد أن شيطانا يحمله على ادعاء النبوة والرسالة ، ثم إنه لجهله كان يسمي ذلك الشيطان بأنه إله محمد عليه الصلاة والسلام ، فكان يشتم إله محمد بناء على هذا التأويل .

المسألة الثانية : لقائل أن يقول : إن شتم الأصنام من أصول الطاعات ، فكيف يحسن من الله تعالى أن ينهى عنها .

والجواب : أن هذا الشتم ، وإن كان طاعة ، إلا أنه إذا وقع على وجه يستلزم وجود منكر عظيم ، وجب الاحتراز منه ، والأمر هاهنا كذلك ؛ لأن هذا الشتم كان يستلزم إقدامهم على شتم الله وشتم رسوله ، وعلى فتح باب السفاهة ، وعلى تنفيرهم عن قبول الدين ، وإدخال الغيظ والغضب في قلوبهم ، فلكونه مستلزما لهذه المنكرات ، وقع النهي عنه .

المسألة الثالثة : قرأ الحسن : " فيسبوا الله عدوا " بضم العين وتشديد الواو ، ويقال : عدا فلان عدوا وعدوا وعدوانا وعدا ؛ أي ظلم ظلما جاوز القدر ، قال الزجاج : وعدوا منصوب على المصدر ؛ لأن المعنى فيعدوا عدوا . قال : ويجوز أن يكون بإرادة اللام ، والمعنى : فينسبوا الله للظلم .

المسألة الرابعة : قال الجبائي : دلت هذه الآية على أنه لا يجوز أن يفعل بالكفار ما يزدادون به بعدا عن الحق ونفورا ، إذ لو جاز أن يفعله لجاز أن يأمر به ، وكان لا ينهى عما ذكرنا ، وكان لا يأمر بالرفق بهم عند الدعاء ، كقوله لموسى وهارون : ( فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى ) [ طه : 44 ] وذلك يبين بطلان مذهب المجبرة .

المسألة الخامسة : قالوا هذه الآية تدل على أن الأمر بالمعروف قد يقبح إذا أدى إلى ارتكاب منكر ، والنهي عن المنكر يقبح إذا أدى إلى زيادة منكر ، وغلبة الظن قائمة مقام العلم في هذا الباب ، وفيه تأديب لمن [ ص: 116 ] يدعو إلى الدين ، لئلا يتشاغل بما لا فائدة له في المطلوب ؛ لأن وصف الأوثان بأنها جمادات لا تنفع ولا تضر ، يكفي في القدح في إلهيتها ، فلا حاجة مع ذلك إلى شتمها .

وأما قوله تعالى : ( كذلك زينا لكل أمة عملهم ) فاحتج أصحابنا بهذا على أنه تعالى هو الذي زين للكافر الكفر ، وللمؤمن الإيمان ، وللعاصي المعصية ، وللمطيع الطاعة . قال الكعبي : حمل الآية على هذا المعنى محال ؛ لأنه تعالى هو الذي يقول : ( الشيطان سول لهم ) [ محمد : 25 ] ويقول : ( والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات ) [ البقرة : 257 ] ثم إن القوم ذكروا في الجواب وجوها :

الأول : قال الجبائي : المراد زينا لكل أمة تقدمت ما أمرناهم به من قبول الحق . والكعبي أيضا ذكر عين هذا الجواب فقال : المراد أنه تعالى زين لهم ما ينبغي أن يعملوا وهم لا ينتهون .

الثاني : قال آخرون : المراد زينا لكل أمة من أمم الكفار سوء عملهم ، أي خليناهم وشأنهم وأمهلناهم حتى حسن عندهم سوء عملهم .

والثالث : أمهلنا الشيطان حتى زين لهم .

والرابع : زيناه في زعمهم وقولهم : إن الله أمرنا بهذا وزينه لنا ، هذا مجموع التأويلات المذكورة في هذه الآية ، والكل ضعيف ، وذلك لأن الدليل العقلي القاطع دل على صحة ما أشعر به ظاهر هذا النص ، وذلك لأنا بينا غير مرة أن صدور الفعل عن العبد يتوقف على حصول الداعي ، وبينا أن تلك الداعية لا بد وأن تكون بخلق الله تعالى ، ولا معنى لتلك الداعية إلا علمه واعتقاده أو ظنه باشتمال ذلك الفعل على نفع زائد ، ومصلحة راجحة ، وإذا كانت تلك الداعية حصلت بفعل الله تعالى ، وتلك الداعية لا معنى لها إلا كونه معتقدا لاشتمال ذلك الفعل على النفع الزائد والمصلحة الراجحة ، ثبت أنه يمتنع أن يصدر عن العبد فعل ، ولا قول ولا حركة ولا سكون ، إلا إذا زين الله تعالى ذلك الفعل في قلبه وضميره واعتقاده ، وأيضا الإنسان لا يختار الكفر والجهل ابتداء مع العلم بكونه كفرا وجهلا ، والعلم بذلك ضروري ، بل إنما يختاره لاعتقاده كونه إيمانا وعلما وصدقا وحقا فلولا سابقة الجهل الأول لما اختار هذا الجهل .

الثاني : ثم إنا ننقل الكلام إلى أنه لم اختار ذلك الجهل السابق ، فإن كان ذلك لسابقة جهل آخر فقد لزم أن يستمر ذلك إلى ما لا نهاية له من الجهالات وذلك محال ، ولما كان ذلك باطلا وجب انتهاء تلك الجهالات إلى جهل أول يخلقه الله تعالى فيه ابتداء ، وهو بسبب ذلك الجهل ظن في الكفر كونه إيمانا وحقا وعلما وصدقا ، فثبت أنه يستحيل من الكافر اختيار الجهل والكفر إلا إذا زين الله تعالى ذلك الجهل في قلبه ، فثبت بهذين البرهانين القاطعين القطعيين أن الذي يدل عليه ظاهر هذه الآية ، هو الحق الذي لا محيد عنه ، وإذا كان الأمر كذلك ، فقد بطلت التأويلات المذكورة بأسرها ؛ لأن المصير إلى التأويل إنما يكون عند تعذر حمل الكلام على ظاهره ، أما لما قام الدليل على أنه لا يمكن العدول عن الظاهر ، فقد سقطت هذه التكليفات بأسرها والله أعلم .

وأيضا فقوله تعالى : ( كذلك زينا لكل أمة عملهم ) بعد قوله : ( فيسبوا الله عدوا بغير علم ) مشعر بأن إقدامهم على ذلك المنكر ، إنما كان بتزيين الله تعالى ، فأما أن يحمل ذلك على أنه تعالى زين الأعمال الصالحة في قلوب الأمم ، فهذا كلام منقطع عما قبله ، وأيضا فقوله : ( كذلك زينا لكل أمة عملهم ) يتناول الأمم الكافرة والمؤمنة ، فتخصيص هذا الكلام بالأمة المؤمنة ترك لظاهر العموم ، وأما سائر التأويلات ، فقد ذكرها صاحب " الكشاف " ، وسقوطها لا يخفى ، والله أعلم .

أما قوله تعالى : ( ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون ) فالمقصود منه أن أمرهم مفوض إلى [ ص: 117 ] الله تعالى ، وإن الله تعالى عالم بأحوالهم ، مطلع على ضمائرهم ، ورجوعهم يوم القيامة إلى الله ، فيجازي كل أحد بمقتضى عمله إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر .


LihatTutupKomentar