Maksumnya Rasulullah dan Para Nabi

Maksumnya Rasulullah dan Para Nabi. Ma'shum artinya terbebas atau terpelihara dari salah dan dosa. Apakah Nabi Muhammad maksum secara mutlak atau maksum dalam masalah dosa besar saja dan terbuka pada kesalahan pada hal-hal kecil yang tidak menyangkut wahyu dari Allah yang bersifat manusiawi?
Maksumnya Rasulullah dan Para Nabi. Ma'shum artinya terbebas atau terpelihara dari salah dan dosa. Apakah Nabi Muhammad maksum secara mutlak atau maksum dalam masalah dosa besar saja dan terbuka pada kesalahan pada hal-hal kecil yang tidak menyangkut wahyu dari Allah yang bersifat manusiawi?

RASUL DAN PARA NABI MA'SHUM SECARA MUTLAK DARI SEGALA KESALAHAN


عصمة الأنبياء

والأنبياء بأسرهم معصومون عن المعاصي والأخطاء ومحفوظون عن الوقوع في الزلات طوال الحياة . ومهامهم الأساسية هي ارشاد البشر وإهدائهم إلى توحيد الله عز وجل وشريعته الغراء . وعصمتهم من الأخطاء قبل النبوة وبعدها ثابتة بالأدلة القاطعة والبراهين الساطعة . ولما قام أعداء الإسلام بمساعي مستمرة لإساءة صورته والنيل من الأمة الإسلامية بأنواع من الأساليب الرذيلة بما فيها إلصاق الأخطاء والذنوب بالأنبياء المصطفين اضطر علماء الإسلام لمواجهة هذا الخطر لأجل الحفاظ على قدسية الإسلام وحرمته، وبذلوا جهودهم لاقامة حجج قاطعة في إثبات العصمة للأنبياء عليهم السلام وردّ شبهاتهم اعتمادا على القرآن والسنة.

والعصمة- لغة:- مطلق الحفظ واصطلاحا:- حفظ الله للمكلف من الذنب مع استباحة وقوعه وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله “وعصمة الأنبياء على نبينا وعليهم الصلاة والسلام حفظهم من النقائص وتخصيصهم بالكمالات النفيسة والنصرة والثبات في الأمور وانزال السكينة. والفرق بينهم وبين غيرهم أن العصمة في حقهم بطريق الوجوب وفي حق غيرهم بطريق الجواز

وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله : ( والعصمة ) حفظ يستحيل عليه شرعا وقوع خلافه من سائر الذنوب صغيرها وكبيرها عمدها وسهولها قبل النبوة وبعدها في سائر حركاته وسكناته في باطنه وظاهره سره وعلانيته جده ومزحه رضاه وغضبه والخلاف في بعض ذلك لا يعول عليه .
1 الأدلة العقلية في إثبات العصمة

أولا : الإسلام دين بعيد عن أية خلل ونقصان في تصميمه ، والأنبياء حملة هذا الدين الإسلامي ودعاته إلى المجتمع البشري باصطفائهم الخاص من الله تعالى ، ولو فرض فيهم وقوع الأخطاء والزلل لأدى ذلك إلى احتمال وقوعها في الرسالة المدعوة من جانبهم، فهذا مرفوض رفضا باتا على ضوء تاريخ المجيد .

ثانيا : أن الهدف المنشود في بعثة الأنبياء هو تقوية الإيمان في قلوب البشر وتطهيرها من الأخلاق السيئة . فإذا كانت أخلاق الأنبياء متلوثة بالأدناس والرذائل لفقدوا الثقة في دعوتهم ، وبالتالى في بعثتهم واصطفائهم من قبل الله تعالى . وهذا بمثابة تسليم مفتاح الخزانة إلى يد السارق .

ثالثا : المعاصي والمحرمات مكروهة طبعيا حتى بعقول الشواذ المعتدلة . فكيف توجد من خلص عباد الله الذين هم اعقل العقلاء وافضل الفضلاء .

رابعا : أن اتباع العصاة والمذنبين مكروه عقليا ومرفوض منطقيا لأنهم منفرون ومنكرون عند البشر ، فوجب استلزام سلامتهم من المعصية قبل النبوة أيضا لأن من الواضح أن رجلا إذا عاش في الغي والضلال زمنا طويلا ثم فوجئ بتعيينه في منصب عال فلا يقبله الناس بل يطردونه ولا يطيعه .

خامسا : ان الأنبياء إذا كانوا مخطئين فيؤدي ذلك إلى إذن الله تعالى لعباده بالخطأ والعصيان لأنه تعالى أمرنا باتباعهم في قوله ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا﴾ وهذا محال في حقه تعالى البتة وقد زكى الله الأنبياء في كلامه القديم وقال ﴿ أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ﴾

وهناك عدة أدلة عقلية تثبت عصمة الأنبياء من الأخطاء والزلات ، ويقول الإمام الرازي في تفسير قوله تعالى ﴿ منْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ﴾ من أقوى الدلائل على أنه معصوم في جميع الأوامر والنواهي وفي كل ما يبلغه عن الله لأنه لو أخطأ في شيء منها لم تكن طاعته طاعة الله وأيضا وجب أن يكون معصوما في جميع أفعاله لأنه تعالى أمر بمتابعته في قوله ( فاتبعوه ) والمتابعة عبارة عن الإتيان بمثل فعل الغير لأجل أنه فعل ذلك الغير فكان الآتى بمثل ذلك الفعل مطيعا لله في قوله ( فاتبعوه ) فثبت أن الإنقياذ له في جميع أقواله وفي جميع أفعاله إلا ما خصه الدليل طاعة لله وانقياد لحكم الله .
1 العصمة في الآيات القرآنية :

والآيات القرآنية التي تدل على عصمتهم من المعصية والأخطاء كثيرة جدا ، ومنها قوله تعالى ﴿ أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ﴾ وهذه الآية شهادة من الله تعالى للأنبياء على هدايتهم واستقامتهم حيث إن وجوب اقتدائهم يدل على أنهم معصومون من الزلات ولذلك أمر الله تعالى خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم ان يتبع الرسل الماضين ، فان كانوا عاصين لما أمر الله ان يقتديهم في كلامه المجيد .

ومنها قوله تعالى ﴿ وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ﴾ وههنا مدحهم الله تبارك وتعالى بالاصطفاء وإن كان الأنبياء مخطئين لما وجدنا فائدة في اصطفائهم واختصاصهم من الله على سائر الخلق وهذا بمثابة فرض العجز على الله .

ومنها قوله تعالى ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ والخلق العظيم شامل لجميع المحاسن من الاعتقادات الصحيحة والأفعال الجميلة والابتعاد عن الخصال الخبيثة ، وتعبيره تعالى بـ ” على خلق عظيم ” يدل على أنه صلى الله عليه وسلم فوق جميع الأخلاق الجميلة الحميدة ، والأخلاق كلها تحته صلى الله عليه وسلم ، فهل من المعقول أن يمدح الله عز وجل رجلا عاصيا بمثل هذا الثناء وعلى هذا الأسلوب الشيق ؟

ومنها قوله تعالى ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمنَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ، وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ ، وَإِسْمَعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ ، وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنهُمْ وَهَدَيْنهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ، ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ ، وتدل هذه الآيات على طهارة الأنبياء ونقائهم من الذنوب والأخطاء لأن وقوع ذلك منه ينافي كونهم مطهرين عن المعاصي حيث ان الله وصفهم بهذه الصفات في الآيات السابقة .

ومنها قوله تعالى ﴿ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ، إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾ والمعصية وليدة إغواء الشياطين ، والمخلصون المتقون على أمان من وسوسة الشيطان وإغوائه ، ولا شك أن الأنبياء هم أفضل الخلائق وفي مقدمة المخلصين قال تعالى عن يوسف عليه السلام ﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ﴾ وعن موسى عليه السلام ﴿ إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا ﴾ وعن ابراهيم واسحاق ويعقوب عليهم السلام ﴿ إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم ﴾

وقال الإمام الرازي في تفسير آية ﴿ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ فاستثنى من جملة من يغويهم المخلصين وهم الأنبياء عليهم السلام قال تعالى في صفة إبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم السلام ﴿ إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ ﴾ وقال في يوسف عليه السلام ﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ﴾ . وإذا ثبت وجوب العصمة في حق البعض ثبت وجوبها في حق الكل لأنه لا قائل بالفرق .

ومنها قوله تعالى لإبليس لعنه الله ﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾ وهذا نص صريح على براءة الأنبياء من سلطنة إبليس اللعين كما في إضافته تعالى إياهم إلى ذاته دلالة قوية على كماليتهم في العبودية كما في قوله تعالى ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ﴾ وقوله ﴿ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ ﴾ وقوله ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ ﴾ فصفة العبودية التي عرف الله بها انبيائه شهادة لهم بالكمال وسلامتهم من وساوس الشيطان فيستحيل منهم وقوع الذنب والمعصية.

ومنها قوله تعالى ﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ﴾ وفي هذه الآية الكريمة ربط الله محبته باتباع النبي صلى الله عليه وسلم ربطا متينا ويجعل اقتداء نبيه صلى الله عليه وسلم جزءا أساسيا في تحقيق هدف هام في الحياة الإنسانية ، ولو كانت الأخطاء والمعاصي متداولة على أيدي الأنبياء فكيف يتصور من الله إيجاب الاقتداء بنبيه صلى الله عليه وسلم .

والآيات القرآنية بهذا الصدد عديدة فلنكتف بهذا القدر وبالتالي نسرد بعضا من الأحاديث النبوية لكشف الأباطيل الزائفة التي يشككها الخصم .
2 الأحاديث النبوية

روي أن خزيمة بن ثابت رضي الله عنه شهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم على وفق دعواه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم – كيف شهدت لي فقال يا رسول الله اني أصدقك على الوحي النازل عليك من فوق سبع سماوات أفلا أصدقك في هذا القدر ؟ فصدقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماه بذي الشهادتين ولو كانت المعصية محتملة في حق الأنبياء لما جازت الشهادة في حقهم .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “انى رسول الله ولست اعصيه ويكرر صاحبه أبو بكر الصديق نفس العبارة توطيدا بهذا المعنى” انه رسول الله وليس يعصيه .
3 العصمة في ضوء آراء العلماء

هناك شبه إجماع في موقف العلماء تجاه عصمة الأنبياء حيث انهم مجمعون على ثبوتها في ضوء القرآن والسنة .

ويقول القاضي عياض في الشفاء : واعلم ان الأمة مجمعة على عصمة النبي صلى الله عليه وسلم من الشيطان وكفايته منه لا في جسمه بأنواع الأذى ولا على خاطره بالوسواس وقال في موضع آخر: والصحيح ان شاء الله تنزيههم من كل عيب وعصمتهم من كل ما يوجب الريب فكيف والمسألة تصورها كالممتنع فان المعاصي والنواهي انما تكون بعد تقرر الشرع .

ويقول تاج الدين السبكى في جمع الجوامع : الأنبياء عليهم السلام معصومون لا يصدر عنهم ذنب ولو صغيرة .

وقال العلامة سعد الدين التفتازاني في شرح العقائد : وكلهم كانوا مخبرين مبلغين عن الله ، وفي هذه إشارة إلى أن الأنبياء معصومون عن الكذب خصوصا فيما يتعلق بأمر الشرائع وتبليغ الأحكام وارشاد الأمة .

وقال الإمام الباجوري رحمه الله في شرحه على جوهرة التوحيد للقاضي : ( قوله الأمانة ) وهي حفظ خواطرهم وبواطنهم من التلبس بمنهي عنه ولو نهي كراهة او خلاف الأولى فهم محفوظون ظاهرا من الزنى وشرب الخمر والكذب وغير ذلك من منهيات الظاهر ومحفوظون باطنا من الحسد والكبر والرياء وغير ذلك من منهيات الباطن والمراد منهي عنه ولو صورة فيشمل ما قبل النبوة ولوفي حال الصغر ولا يقع منهم مكروه ولا خلاف الأولى بل ولا مباح على وجه كونه مكروها أو خلافا مندوبا أو مباحا .

ولم يكتف العلماء باثبات العصمة بالدلائل الساطعة بل وقام بعضهم بموقف جاد في الدفاع والرد عن الشبهات التي أوردها الخصم. يقول ابن حجر الهيتمي رحمه الله : لعصمته كسائر الأنبياء عن وصمة الذنب مطلقا خلافا لما وقع في كثير من التفاسير مما كان الواجب تركه لعدم صحته بل لوصح وجب تأويله لثبوت عصمتهم ووجوب اعتقاد نزاهتهم عن تلك السفاسف التي لا يقع من أقل صالحى هذه الأمة فكيف بمن اصطفاهم الله لنبوته واهلهم لرسالته .

وهناك عديد من العلماء الأجلاء الذين قاموا بابراز آرائهم القيمة في هذه القضية مثل الإمام الرازي والإمام عبد الوهاب الشعراني والإمام الباجوري وإبراهيم اللقاني رحمهم الله وغيرهم من الأئمة الذين رسخت اقدامهم في العلم .
2 شبهات حول عصمة الأنبياء والرد عليها

هناك بعض الآيات القرآنية يوهم ظاهرها احتمال صدور الأخطاء من الأنبياء عليهم السلام ولكن حينما نتعمق في معانيها نصل إلى مرادها الحقيقى فلنذكر بعض الأمثلة اطمئنانا للنفوس السليمة ومحوا للشبهات من النفوس السقيمة .
1 في حق آدم عليه السلام .

والشبهة التي يرددها الأعداء في عصمة آدم عليه السلام ترجع إلى قوله تعالى ﴿ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ، ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى ﴾ ، وحينما نقرأ هذه الآية الكريمة مع آية سابقة وهي قوله تعالى ﴿ وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ﴾ تزول الشبهة ويحكم العقل بأن ما وقع من آدم كان نسيانا ، والناسي لا يعاتب ولا يلام على فعله – وقد أكد ذلك في قوله ﴿ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ﴾ وأيضا كان ذلك قبل نبوته بدليل قوله تعالى ﴿ ثُمَّ اجْتَبَاهُ ﴾ وأما تسميته بالعصيان فلمكانة آدم عند الله تعالى لأنه خلقه وأسجد له ملائكته وأسكنه فسيح جناته وهو من باب ” حسنات الأبرار سيئات المقربين ” .
2 في حق إبراهيم عليه السلام .

والشبهة في حق إبراهيم عليه السلام أيضا يدحضها التعمق في سياق الآيات الكريمة الواردة فيها فقوله ( هَـذَا رَبِّي ) لكل من الكواكب والشمس والقمر إنما كان لأجل مناظرة علمية نفيسة بينه وبين قومه الصابئة يفترض فيها إبراهيم عليه السلام الإحتمالات الفاسدة لاظهار بطلانها وللتدليل على وحدانية الله عز وجل ، وإنما المانع الإعتقاد بربوبية الكواكب والأجرام السماوية مما سوى الله ، فأنى يوجد هذا الاعتقاد من خليل قال الله في حقه ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾
3 في حق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

قال تعالى : ﴿ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ﴾ و ﴿ عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ ﴾ و ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى ، أَن جَاءهُ الْأَعْمَى ، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى﴾ و ﴿ وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ﴾

وهذه بعض الآيات القرآنية التي يتشبث بها المشككون لإدحاض عصمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لقلة بضاعتهم في الفهم عن قدره العَالِى ومقامه الرفيع ، والذي يفهم معاني الآيات القرآنية بجوانبها المختلفة لا يقع في مثل هذه الترهات الزائفة ، وبهذا الصدد ألفت الإنتباه إلى بعض النقطات الهامة التي تساعد في فهم الآيات السابقة فهما لائقا بمقام المصطفى صلى الله عليه وسلم .

الخطاب الموجه من الله إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن ربما يكون المقصود منه خطاب الأمة لاسيما فيما يتعلق بالإنذار والوعيد وهذا الأسلوب معروف في اللغة العربية .

وإن ترك الأولى لا يعتبر معصية ولا يستحق عتابا فإنما جاء العتاب على ترك الأولى في حق المصطفى صلى الله عليه وسلم فلعظمته البالغة عند حبيبه . فيعد ذلك من باب ” حسنات الأبرار سيئات المقربين ” .

والمواقف التي لم ينزل فيها سابق وحي فللنبي صلى الله عليه وسلم الإجتهاد فيها . ومن المعلوم أن الخطأ في الإجتهاد – على فرض وقوعه – لا يعد معصية بل يثاب صاحبه على ما بذله من الجهود طلبا للحق والصواب .

وهذه دراسة موجزة عن بعض الشبهات الواردة في عصمة الأنبياء عليهم السلام وتأليفي ” عصمة الأنبياء ” وترجمته في اللغة المليبارية تشمل مزيدا من الدراسات العميقة في الشبهات الواردة في حق الأنبياء فمن أراد التفصيل فليرجع إليه .

طبعا أن الأنبياء بأسرهم معصومون قبل وبعد النبوة سهوا وعمدا و بشكل كامل . ولم يلتصق بهم أي لون من الخطيئة . وكانت حياتهم اليومية نموذجا حيا لنزاهتهم من الرذائل والأخطاء . وحينما نفرض في حقهم نقطة من الخطأ ليكون ذلك سلاحا قويا للأعداء يقصف به مبادئ الإسلام وقداسته.

إن محاولة النصارى في اطلاق السهام الحادة من الإنتقادات والإتهامات إلى الأنبياء المعصومين المخلصين تمت في التاريخ أكثر من مرة . وهناك أمر لا يستهان به وذلك أن القاديانية أضافوا أيضا إلى المسيح عليه السلام عديدا من الاتهامات والانتقادات الزائفة الداحضة .

المصدر: كتاب القاديانية للشيخ ابوبكر أحمد

RASULULLAH MAKSUM DALAM HAL WAHYU DARI ALLAH, DAN MUNGKIN SALAH DALAM HAL NON-WAHYU

حول عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم وموقف القرآن من العصمة

أ.د محمود حمدى زقزوق


هناك من لا يعترفون بأن الرسول معصوم عن الخطأ ، ويقدمون الأدلة على ذلك بسورة [ عبس وتولى ] وكذلك عندما جامل الرسول صلى الله عليه وسلم ، زوجاته ، ونزلت الآية الكريمة التي تنهاه عن ذلك (انتهى).

الرد على الشبهة:

إن عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكذلك عصمة كل الرسل - عليهم السلام - يجب أن تفهم فى نطاق مكانة الرسول.. ومهمة الرسالة.. فالرسول: بشر يُوحَى إليه.. أى أنه - مع بشريته - له خصوصية الاتصال بالسماء ، بواسطة الوحى.. ولذلك فإن هذه المهمة تقتضى صفات يصنعها الله على عينه فيمن يصطفيه ، كى تكون هناك مناسبة بين هذه الصفات وبين هذه المكانة والمهام الخاصة الموكولة إلى صاحبها.

والرسول مكلف بتبليغ الرسالة ، والدعوة إليها ، والجهاد فى سبيل إقامتها وتطبيقها.. وله على الناس طاعة هى جزء من طاعة الله - سبحانه وتعالى - (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ) (1) (قل أطيعوا الله والرسول ) (2) (من يطع الرسول فقد أطاع الله ) (3) (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ) (4) ولذلك كانت عصمة الرسل فيما يبلغونه عن الله ضرورة من ضرورات صدقهم والثقة فى هذا البلاغ الإلهى الذى اختيروا ليقوموا به بين الناس.. وبداهة العقل - فضلاً عن النقل - تحكم بأن مُرْسِل الرسالة إذا لم يتخير الرسول الذى يضفى الصدق على رسالته ، كان عابثًا.. وهو ما يستحيل على الله ، الذى يصطفى من الناس رسلاً تؤهلهم العصمة لإضفاء الثقة والصدق على البلاغ الإلهى.. والحُجة على الناس بصدق هذا الذى يبلغون.

وفى التعبير عن إجماع الأمة على ضرورة العصمة للرسول فيما يبلغ عن الله ، يقول الإمام محمد عبده عن عصمة الرسل - كل الرسل -: ".. ومن لوازم ذلك بالضرورة: وجوب الاعتقاد بعلو فطرتهم ، وصحة عقولهم ، وصدقهم فى أقوالهم ، وأمانتهم فى تبليغ ما عهد إليهم أن يبلغوه ، وعصمتهم من كل ما يشوه السيرة البشرية ، وسلامة أبدانهم مما تنبو عنه الأبصار وتنفر منه الأذواق السليمة ، وأنهم منزهون عما يضاد شيئًا من هذه الصفات ، وأن أرواحهم ممدودة من الجلال الإلهى بما لا يمكن معه لنفس إنسانية أن تسطو عليها سطوة روحانية.. إن من حكمة الصانع الحكيم - الذى أقام الإنسان على قاعدة الإرشاد والتعليم - أن يجعل من مراتب الأنفس البشرية مرتبة يُعدُّ لها ، بمحض فضله ، بعض مَنْ يصطفيه من خلقه ، وهو أعلم حيث يجعل رسالته ، يميزهم بالفطرة السليمة ، ويبلغ بأرواحهم من الكمال ما يليقون معه للاستشراق بأنوار علمه ، والأمانة على مكنون سره ، مما لو انكشف لغيرهم انكشافه لهم لفاضت له نفسه ، أو ذهبت بعقله جلالته وعظمته ، فيشرفون على الغيب بإذنه ، ويعلمون ما سيكون من شأن الناس فيه ، ويكونون فى مراتبهم العلوية على نسبة من العالمين ، نهاية الشاهد وبداية الغائب ، فهم فى الدنيا كأنهم ليسو من أهلها ، هم وفد الآخرة فى لباس من ليس من سكانها.. أما فيما عدا ذلك - [ أى الاتصال بالسماء والتبليغ عنها ] - فهم بشر يعتريهم ما يعترى سائر أفراده ، يأكلون ويشربون وينامون ويسهون وينسون فيما لا علاقة له بتبليغ الأحكام ، ويمرضون وتمتد إليهم أيدى الظلمة ، وينالهم الاضطهاد ، وقد يقتلون " (5).

فالعصمة - كالمعجزة - ضرورة من ضرورات صدق الرسالة ، ومن مقتضيات حكمة من أرسل الرسل - عليهم السلام -..
وإذا كان الرسول - كبشر - يجوز على جسده ما يجوز على أجساد البشر.. وإذا كان الرسول كمجتهد قد كان يمارس الاجتهاد والشورى وإعمال العقل والفكر والاختيار بين البدائل فى مناطق وميادين الاجتهاد التى لم ينزل فيها وحى إلهى.. فإنه معصوم فى مناطق وميادين التبليغ عن الله - سبحانه وتعالى - لأنه لو جاز عليه الخطأ أو السهو أو مجانبة الحق والصواب أو اختيار غير الأولى فى مناطق وميادين التبليغ عن الله لتطرق الشك إلى صلب الرسالة والوحى والبلاغ ، بل وإلى حكمة من اصطفاه وأرسله ليكون حُجة على الناس.. كذلك كانت العصمة صفة أصيلة وشرطًا ضروريًا من شروط رسالة جميع الرسل - عليهم السلام -.. فالرسول فى هذا النطاق - نطاق التبليغ عن الله - (وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحى يوحى ) (6). وبلاغة ما هو بقول بشر ، ولذلك كانت طاعته فيه طاعة لله ، وبغير العصمة لا يتأتى له هذا المقام.

أما اجتهادات الرسول صلى الله عليه وسلم فيما لا وحى فيه ، والتى هى ثمرة لإعماله لعقله وقدراته وملكاته البشرية ، فلقد كانت تصادف الصواب والأولى ، كما كان يجوز عليها غير ذلك.. ومن هنا رأينا كيف كان الصحابة ، رضوان الله عليهم فى كثير من المواطن وبإزاء كثير من مواقف وقرارات وآراء واجتهادات الرسول صلى الله عليه وسلم يسألونه - قبل الإدلاء بمساهماتهم فى الرأى - هذا السؤال الذى شاع فى السُّنة والسيرة:

" يا رسول الله ، أهو الوحى ؟ أم الرأى والمشورة ؟.. " فإن قال: إنه الوحى. كان منهم السمع والطاعة له ، لأن طاعته هنا هى طاعة لله.. وهم يسلمون الوجه لله حتى ولو خفيت الحكمة من هذا الأمر عن عقولهم ، لأن علم الله - مصدر الوحى - مطلق وكلى ومحيط ، بينما علمهم نسبى ، قد تخفى عليه الحكمة التى لا يعلمها إلا الله.. أما إن قال لهم الرسول - جوابًا عن سؤالهم -: إنه الرأى والمشورة.. فإنهم يجتهدون ، ويشيرون ، ويصوبون.. لأنه صلى الله عليه وسلم هنا ليس معصومًا ، وإنما هو واحد من المقدمين فى الشورى والاجتهاد.. ووقائع نزوله عن اجتهاده إلى اجتهادات الصحابة كثيرة ومتناثرة فى كتب السنة ومصادر السيرة النبوية - فى مكان القتال يوم غزوة بدر.. وفى الموقف من أسراها.. وفى مكان القتال يوم موقعة أُحد.. وفى مصالحة بعض الأحزاب يوم الخندق.. إلخ.. إلخ.
ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أراد الله له أن يكون القدوة والأسوة للأمة (لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا ) (7).

وحتى لا يقتدى الناس باجتهاد نبوى لم يصادف الأولى ، كان نزول الوحى لتصويب اجتهاداته التى لم تصادف الأولى ، بل وعتابه - أحيانًا - على بعض هذه الاجتهادات والاختيارات من مثل: (عبس وتولى * أن جاءه الأعمى * وما يدريك لعله يزكى * أو يذكر فتنفعه الذكرى * أما من استغنى * فأنت له تصدى * وما عليك ألا يزكى * وأما من جاءك يسعى * وهو يخشى * فأنت عنه تلهى ) (8). ومن مثل: (يا أيها النبى لم تحرم ما أحل الله لك تبتغى مرضاة أزواجك والله غفور رحيم * قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم * وإذ أسر النبى إلى بعض أزواجه حديثًا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرّف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأنى العليم الخبير ) (9). ومن مثل: (ما كان لنبى أن يكون له أسرى حتى يثخن فى الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم * لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم ) (10).

وغيرها من مواطن التصويب الإلهى للاجتهادات النبوية فيما لم يسبق فيه وحى ، وذلك حتى لا يتأسى الناس بهذه الاجتهادات المخالفة للأولى.

فالعصمة للرسول صلى الله عليه وسلم ، فيما يبلغ عن الله شرط لازم لتحقيق الصدق والثقة فى البلاغ الإلهى ، وبدونها لا يكون هناك فارق بين الرسول وغيره من الحكماء والمصلحين ، ومن ثم لا يكون هناك فارق بين الوحى المعصوم والمعجز وبين الفلسفات والإبداعات البشرية التى يجوز عليها الخطأ والصواب.. فبدون العصمة تصبح الرسالة والوحى والبلاغ قول بشر ، بينما هى - بالعصمة - قول الله - سبحانه وتعالى - الذى بلغه وبينه المعصوم - عليه الصلاة والسلام -.. فعصمة المُبَلِّغ هى الشرط لعصمة البلاغ.. بل إنها - أيضًا - الشرط لنفى العبث وثبوت الحكمة لمن اصطفى الرسول وبعثه وأوحى إليه بهذا البلاغ.

---------------------------
(1) النساء: 59.
(2) آل عمران: 32.
(3) النساء: 80.
(4) آل عمران: 31.
(5) [ الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده ] ج2 ص 415 ، 416 ، 420، 421. دراسة وتحقيق: د.
محمد عمارة. طبعة القاهرة سنة 1993م.
(6) النجم: 3-4.
(7) الأحزاب: 21.
(8) عبس: 1-10.
(9) التحريم: 1-3.
(10) الأنفال: 67-68.

المصدر

PERBEDAAN ULAMA DALAM MAKSUMNYA NABI DARI DOSA KECIL



هـل الرسـول معصـوم مـن الصـغائـر؟ مـاهـي عقـيـدة السـلف في ذلك؟
الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:‏

فقد اتفقت الأمة على ‏أن الرسل معصومون في تحمل الرسالة، فلا ينسون شيئاً مما أوحاه الله إليهم، إلا شيئاً قد ‏نسخ، وقد تكفل الله جل وعلا لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يقرئه فلا ينسى، إلا شيئاً ‏أراد الله أن ينسيه إياه وتكفل له بأن يجمع له القرآن في صدره. قال تعالى . ( سنقرئك فلا ‏تنسى إلا ما شاء الله ) [ الأعلى :7] وقال تعالى( إن علينا جمعه وقرآنه* فإذا قرأناه فاتبع ‏قرآنه) [القيامة:17 /18] فهم معصومون في التبليغ عن رب العزة سبحانه وتعالى ، ولا ‏يكتمون شيئاً مما أوحاه الله إليهم . قال تعالى ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ‏وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدى القوم الكافرين ) ‏‏[المائدة: 67] وهم معصومون أيضا من الوقوع في الكبائر، وأما الصغائر فأكثر علماء ‏الإسلام على أنهم ليسوا بمعصومين منها، وإذا وقعت منهم فإنهم لا يقرون عليها .‏

قال ابن تيمية: القول بأن الأنبياء معصومون عن الكبائر دون الصغائر هو قول أكثر علماء ‏الإسلام وجميع الطوائف، حتى إنه قول أكثر أهل الكلام، كما ذكر أبو الحسن الآمدى ‏أن هذا قول الأشعرية، وهو أيضا قول أكثر أهل التفسير والحديث والفقهاء، بل لم ينقل ‏عن السلف والأئمة والصحابة والتابعين وتابعيهم إلا ما يوافق هذا القول. والدليل على ‏وقوع الصغائر منهم مع عدم إقرارهم عليها:‏

‏ - قوله تعالى عن آدم : (وعصى آدم ربه فغوى* ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى) [طه: ‏‏121/122] وهذا دليل على وقوع المعصية من آدم، وعدم إقراره عليها، مع توبته إلى ‏الله منها.‏

‏ - قوله تعالى ( قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين* قال رب إني ظلمت ‏نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم ) [القصص : 15/16]. فموسى اعترف ‏بذنبه وطلب المغفرة من الله بعد قتله القبطي ، وقد غفر الله له ذنبه . وقوله تعالى : ‏(فاستغفر ربه وخر راكعاً وأناب * فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب) ‏‏[ص: 23/24] وكانت معصية داود هي التسرع في الحكم قبل أن يسمع من الخصم ‏الثاني.

وهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يعاتبه ربه سبحانه وتعالى في أمور كثيرة ‏ذكرت في القرآن، منها قوله تعالى ( يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي ‏مرضات أزواجك والله غفور رحيم) [التحريم : 1] وكذا عاتبه في الأسرى، وفي خبر ‏ابن أم مكتوم.‏

‏ - وقد يستعظم بعض الناس مثل هذا ويذهبون إلى تأويل النصوص من الكتاب والسنة ‏الدالة على هذا و يحرفونها. والدافع لهم إلى هذا القول شبهتان:الأولى: أن الله تعالى أمر ‏باتباع الرسل والتأسي بهم ، والأمر باتباعهم يستلزم أن يكون كل ما صدر عنهم محلاً ‏للاتباع ، وأن كل فعل، أو اعتقاد منهم طاعة، ولو جاز أن يقع الرسول في معصية ‏لحصل التناقض، لأن ذلك يقتضي أن يجتمع في هذه المعصية التي وقعت من الرسول ‏الأمر باتباعها وفعلها، من حيث إننا مأمورون بالتأسي به، والنهى عن موافقتها، من ‏حيث كونها معصية .‏

‏ - وهذه الشبهة صحيحة وفي محلها لو كانت المعصية خافية غير ظاهرة بحيث تختلط ‏بالطاعة، ولكن الله تعالى ينبه رسله ويبين لهم المخالفة، ويوفقهم إلى التوبة منها من غير ‏تأخير.‏

الثانية: أن الذنوب تنافي الكمال وأنها نقص. وهذا صحيح إن لم يصاحبها توبة، فإن التوبة ‏تغفر الحوبة، ولا تنافي الكمال، ولا يتوجه إلى صاحبها اللوم، بل إن العبد في كثير من ‏الأحيان يكون بعد توبته خيراً منه قبل وقوعه في المعصية كما نقل عن بعض السلف ( ‏كان داود عليه السلام بعد التوبة خيراً منه قبل الخطيئة) وقال آخر : ( لو لم تكن التوبة ‏أحب الأشياء إليه لما ابتلى بالذنب أكرم الخلق عليه ).‏

ومعلوم أنه لم يقع ذنب من نبي إلا وقد سارع إلى التوبة والاستغفار، فالأنبياء لا يقرون ‏على ذنب، ولا يؤخرون توبة، فالله عصمهم من ذلك، وهم بعد التوبة أكمل منهم ‏قبلها. والله أعلم.

المصدر

TAFSIR QURAN SURAH ABASA AYAT 1 DAN 2

TAFSIR AL-BAGHAWI, 8/336

سم الله الرحمن الرحيم

( عبس وتولى ( 1 ) أن جاءه الأعمى ( 2 ) )

( عبس ) كلح ( وتولى ) أعرض بوجهه . ( أن جاءه الأعمى ) [ أي : لأن جاءه الأعمى ] وهو ابن أم مكتوم ، واسمه عبد الله بن شريح بن مالك بن ربيعة الفهري من بني عامر بن لؤي ، وذلك أنه أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وهو يناجي عتبة بن ربيعة ، وأبا جهل بن هشام ، والعباس بن عبد المطلب ، وأبي بن خلف ، وأخاه أمية ، يدعوهم إلى الله ، يرجو إسلامهم ، فقال ابن أم مكتوم : [ يا رسول الله ] أقرئني وعلمني مما علمك الله ، فجعل يناديه ويكرر النداء ، ولا يدري أنه مقبل على غيره حتى ظهرت الكراهية في وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقطعه كلامه ، وقال في نفسه : يقول هؤلاء الصناديد : إنما أتباعه العميان والعبيد والسفلة ، فعبس وجهه وأعرض عنه ، وأقبل على القوم الذين يكلمهم ، فأنزل الله هذه الآيات ، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك يكرمه ، وإذا رآه قال : مرحبا بمن عاتبني فيه ربي ، ويقول له : هل لك من حاجة ؟ واستخلفه على المدينة مرتين في غزوتين غزاهما ، قال أنس بن مالك : فرأيته يوم القادسية عليه درع ومعه [ ص: 336 ] راية سوداء

TAFSIR IBNU KATSIR, 8/320


سم الله الرحمن الرحيم

( عبس وتولى ( 1 ) أن جاءه الأعمى ( 2 ) وما يدريك لعله يزكى ( 3 ) أو يذكر فتنفعه الذكرى ( 4 ) أما من استغنى ( 5 ) فأنت له تصدى ( 6 ) وما عليك ألا يزكى ( 7 ) وأما من جاءك يسعى ( 8 ) وهو يخشى ( 9 ) فأنت عنه تلهى ( 10 ) كلا إنها تذكرة ( 11 ) فمن شاء ذكره ( 12 ) في صحف مكرمة ( 13 ) مرفوعة مطهرة ( 14 ) بأيدي سفرة ( 15 ) كرام بررة ( 16 ) )

ذكر غير واحد من المفسرين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوما يخاطب بعض عظماء قريش وقد طمع في إسلامه فبينما هو يخاطبه ويناجيه إذ أقبل ابن أم مكتوم وكان ممن أسلم قديما فجعل يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء ويلح عليه وود النبي صلى الله عليه وسلم أن لو كف ساعته تلك ليتمكن من مخاطبة ذلك الرجل طمعا ورغبة في هدايته وعبس في وجه ابن أم مكتوم وأعرض عنه وأقبل على الآخر فأنزل الله عز وجل ( عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى ) ؟ أي يحصل له زكاة وطهارة في نفسه ( أو يذكر فتنفعه الذكرى ) أي يحصل له اتعاظ وانزجار عن المحارم ، ( أما من استغنى فأنت له تصدى ) أي أما الغني فأنت تتعرض له لعله يهتدي ( وما عليك ألا يزكى ) ؟ أي ما أنت بمطالب به إذا لم يحصل له زكاة ( وأما من جاءك يسعى وهو يخشى ) أي يقصدك ويؤمك ليهتدي بما تقول له ( فأنت عنه تلهى ) أي : تتشاغل ومن هاهنا أمر الله عز وجل - رسوله صلى الله عليه وسلم ألا يخص بالإنذار أحدا بل يساوي فيه بين الشريف والضعيف والفقير والغني والسادة والعبيد والرجال والنساء والصغار والكبار ثم الله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة

قال الحافظ أبو يعلى في مسنده حدثنا محمد هو ابن مهدي حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن قتادة عن أنس في قوله ) عبس وتولى ) جاء ابن أم مكتوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يكلم أبي بن خلف فأعرض عنه فأنزل الله ( عبس وتولى أن جاءه الأعمى ) فكان النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يكرمه

قال قتادة وأخبرني أنس بن مالك قال رأيته يوم القادسية وعليه درع ومعه راية سوداء [ ص: 320 ] يعني ابن أم مكتوم .

وقال أبو يعلى وابن جرير حدثنا سعيد بن يحيى الأموي حدثني أبي ، عن هشام بن عروة مما عرضه عليه عن عروة عن عائشة قالت أنزلت ( عبس وتولى ) في ابن أم مكتوم الأعمى أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول أرشدني . قالت وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم من عظماء المشركين قالت فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعرض عنه ويقبل على الآخر ويقول أترى بما أقول بأسا فيقول : لا ففي هذا أنزلت ( عبس وتولى ) .

وقد روى الترمذي هذا الحديث ، عن سعيد بن يحيى الأموي بإسناده مثله ثم قال وقد رواه بعضهم عن هشام بن عروة عن أبيه قال أنزلت ( عبس وتولى ) في ابن أم مكتوم ولم يذكر فيه عن عائشة .

قلت كذلك هو في الموطأ .

ثم روى ابن جرير وابن أبي حاتم أيضا من طريق العوفي عن ابن عباس قوله ( عبس وتولى أن جاءه الأعمى ) قال بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يناجي عتبة بن ربيعة وأبا جهل بن هشام والعباس بن عبد المطلب وكان يتصدى لهم كثيرا ويحرص عليهم أن يؤمنوا فأقبل إليه رجل أعمى يقال له عبد الله بن أم مكتوم يمشي وهو يناجيهم فجعل عبد الله يستقرئ النبي صلى الله عليه وسلم آية من القرآن وقال يا رسول الله علمني مما علمك الله فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبس في وجهه وتولى وكره كلامه وأقبل على الآخرين فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم نجواه وأخذ ينقلب إلى أهله أمسك الله بعض بصره ثم خفق برأسه ثم أنزل الله ( عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى ) فلما نزل فيه ما نزل أكرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلمه وقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما حاجتك هل تريد من شيء " وإذا ذهب من عنده قال هل لك حاجة في شيء ؟ وذلك لما أنزل الله تعالى ( أما من استغنى فأنت له تصدى وما عليك ألا يزكى ) .

فيه غرابة ونكارة وقد تكلم في إسناده

وقال ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن منصور الرمادي حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا الليث حدثنا يونس عن ابن شهاب قال : قال سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر [ ص: 321 ] سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم وهو الأعمى الذي أنزل الله فيه ( عبس وتولى أن جاءه الأعمى ) وكان يؤذن مع بلال قال سالم وكان رجلا ضرير البصر فلم يك يؤذن حتى يقول له الناس حين ينظرون إلى بزوغ الفجر أذن .

وهكذا ذكر عروة بن الزبير ومجاهد وأبو مالك وقتادة والضحاك وابن زيد وغير واحد من السلف والخلف أنها نزلت في ابن أم مكتوم والمشهور أن اسمه عبد الله ويقال : عمرو والله أعلم

وقوله ( كلا إنها تذكرة ) أي هذه السورة أو الوصية بالمساواة بين الناس في إبلاغ العلم من شريفهم ووضيعهم

وقال قتادة والسدي ( كلا إنها تذكرة ) يعني القرآن ( فمن شاء ذكره ) أي فمن شاء ذكر الله في جميع أموره ويحتمل عود الضمير على الوحي لدلالة الكلام عليه

TAFSIR THOBARI, 24/215


بسم الله الرحمن الرحيم

القول في تأويل قوله تعالى : ( عبس وتولى ( 1 ) أن جاءه الأعمى ( 2 ) وما يدريك لعله يزكى ( 3 ) أو يذكر فتنفعه الذكرى ( 4 ) ) .

يعني تعالى ذكره بقوله : ( عبس ) قبض وجهه تكرها ، ( وتولى ) يقول : وأعرض ( أن جاءه الأعمى ) يقول : لأن جاءه الأعمى . وقد ذكر عن بعض القراء أنه كان يطول الألف ويمدها من ( أن جاءه ) فيقول : ( آن جاءه ) ، وكأن معنى الكلام كان عنده : أأن جاءه الأعمى ؟ عبس وتولى ، كما قرأ من قرأ : ( أن كان ذا مال وبنين ) بمد الألف من " أن " وقصرها .

وذكر أن الأعمى الذي ذكره الله في هذه الآية ، هو ابن أم مكتوم ، عوتب النبي صلى الله عليه وسلم بسببه .

ذكر الأخبار الواردة بذلك

حدثنا سعيد بن يحيى الأموي ، قال : ثنا أبي ، عن هشام بن عروة مما عرضه عليه عروة ، عن عائشة قالت : أنزلت ( عبس وتولى ) في ابن أم مكتوم قالت : أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول : أرشدني ، قالت : وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم من عظماء المشركين ، قالت : فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعرض عنه ، ويقبل على الآخر ويقول : " أترى بما أقوله بأسا ؟ فيقول : لا ففي هذا أنزلت : ( عبس وتولى ) .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( عبس وتولى أن جاءه الأعمى ) قال : " بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يناجي عتبة بن ربيعة وأبا جهل بن هشام والعباس بن عبد المطلب ، [ ص: 218 ] وكان يتصدى لهم كثيرا ، ويعرض عليهم أن يؤمنوا ، فأقبل إليه رجل أعمى يقال له عبد الله بن أم مكتوم ، يمشي وهو يناجيهم ، فجعل عبد الله يستقرئ النبي صلى الله عليه وسلم آية من القرآن ، وقال : يا رسول الله ، علمني مما علمك الله ، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعبس في وجهه وتولى ، وكره كلامه ، وأقبل على الآخرين; فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأخذ ينقلب إلى أهله ، أمسك الله بعض بصره ، ثم خفق برأسه ، ثم أنزل الله : ( عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى ) ، فلما نزل فيه أكرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلمه ، وقال له : " ما حاجتك ، هل تريد من شيء؟ " وإذا ذهب من عنده قال له : " هل لك حاجة في شيء؟ " وذلك لما أنزل الله : ( أما من استغنى فأنت له تصدى وما عليك ألا يزكى ) .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن هشام ، عن أبيه ، قال : نزلت في ابن أم مكتوم ( عبس وتولى أن جاءه الأعمى ) .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : ( أن جاءه الأعمى ) قال : رجل من بني فهر ، يقال له : ابن أم مكتوم .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( عبس وتولى أن جاءه الأعمى ) عبد الله بن زائدة ، وهو ابن أم مكتوم ، وجاءه يستقرئه ، وهو يناجي أمية بن خلف ، رجل من علية قريش ، فأعرض عنه نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله فيه ما تسمعون : ( عبس وتولى أن جاءه الأعمى ) إلى قوله : ( فأنت عنه تلهى ) ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم استخلفه بعد ذلك مرتين على المدينة في غزوتين غزاهما يصلي بأهلها .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، أنه رآه يوم القادسية معه راية سوداء ، وعليه درع له .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة قال : جاء ابن أم مكتوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يكلم أبي بن خلف ، فأعرض عنه ، فأنزل الله عليه : ( عبس وتولى ) فكان النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يكرمه [ ص: 219 ] قال أنس : فرأيته يوم القادسية عليه درع ، ومعه راية سوداء .

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( عبس وتولى ) تصدى رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل من مشركي قريش كثير المال ، ورجا أن يؤمن ، وجاء رجل من الأنصار أعمى يقال له : عبد الله بن أم مكتوم ، فجعل يسأل نبي الله صلى الله عليه وسلم فكرهه نبي الله صلى الله عليه وسلم وتولى عنه ، وأقبل على الغني ، فوعظ الله نبيه ، فأكرمه نبي الله صلى الله عليه وسلم ، واستخلفه على المدينة مرتين في غزوتين غزاهما .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، وسألته عن قول الله عز وجل : ( عبس وتولى أن جاءه الأعمى ) قال : جاء ابن أم مكتوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقائده يبصر ، وهو لا يبصر ، قال : ورسول الله صلى الله عليه وسلم يشير إلى قائده يكف ، وابن أم مكتوم يدفعه ولا يبصر; قال : حتى عبس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعاتبه الله في ذلك ، فقال : ( عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى ) إلى قوله : ( فأنت عنه تلهى ) قال ابن زيد : كان يقال : لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتم من الوحي شيئا ، كتم هذا عن نفسه ، قال : وكان يتصدى لهذا الشريف في جاهليته رجاء أن يسلم ، وكان عن هذا يتلهى .

وقوله : ( وما يدريك لعله يزكى ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وما يدريك يا محمد لعل هذا الأعمى الذي عبست في وجهه يزكى : يقول : يتطهر من ذنوبه .

وكان ابن زيد يقول في ذلك ما حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( لعله يزكى ) يسلم .
LihatTutupKomentar