Hukum Asal adalah Bebas dari Tanggungan

Kaidah fiqih "Hukum asal adalah bebas dari tanggungan" dan "Barangsiapa yang ragu apakah dia telah melakukan sesuatu atau tidak, maka hukumnya adalah tidak melakukan."
Kaidah fiqih "Hukum asal adalah bebas dari tanggungan" dan "Barangsiapa yang ragu apakah dia telah melakukan sesuatu atau tidak, maka hukumnya adalah tidak melakukan."

Daftar Isi



[قَاعِدَة: أَصْلُ مَا انْبَنَى عَلَيْهِ الْإِقْرَارُ إعْمَالُ الْيَقِينِ وَإِطْرَاحُ الشَّكِّ وعدم اسْتِعْمَال الْغَلَبَةَ]

قَالَ الشَّافِعِيُّ: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَصْلُ مَا انْبَنَى عَلَيْهِ الْإِقْرَارُ أَنِّي أُعْمِلُ الْيَقِينَ وَأَطْرَحُ الشَّكَّ وَلَا أَسْتَعْمِلُ الْغَلَبَةَ ".
وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ مُطَّرِدَةٌ عِنْدَ الْأَصْحَابِ، وَمَرْجِعُهَا إلَى أَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، كَقَوْلِهِمْ فِيمَا لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَهَبَهُ وَمَلَّكَهُ لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا بِالْقَبْضِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا اعْتَقَدَ أَنَّ الْهِبَةَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبْضِ، وَأَصْلُ الْإِقْرَارِ الْبِنَاءُ عَلَى الْيَقِينِ.

فَلَوْ أَقَرَّ لِابْنِهِ بِعَيْنٍ فَيُمْكِن تَنْزِيلُ الْإِقْرَارِ عَلَى الْبَيْع وَهُوَ سَبَبٌ قَوِيٌّ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ، وَعَلَى الْهِبَة فَلَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ، فَأَفْتَى أَبُو سَعِيدٍ الْهَرَوِيُّ بِإِثْبَاتِ الرُّجُوعِ، تَنْزِيلًا عَلَى أَقَلِّ السَّبَبَيْنِ وَأَضْعَفِ الْمِلْكَيْنِ، وَأَفْتَى أَبُو عَاصِمٍ الْعَبَّادِيُّ بِعَدَمِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْمِلْك لِلْمُقَرِّ لَهُ.

وَحَكَى الرَّافِعِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ مُوَافَقَةَ أَبِي سَعِيدٍ ثُمَّ قَالَ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُتَوَسَّطَ فَيُقَالُ إنْ أَقَرَّ بِانْتِقَالِ الْمِلْك مِنْهُ إلَى الِابْنِ فَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ الْقَاضِيَانِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ الْعَبَّادِيُّ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ: الْأَصَحُّ الْمُخْتَارُ، قَوْلُ الْهَرَوِيِّ وَقَبُولُ تَفْسِيرِهِ بِالْهِبَةِ وَرُجُوعِهِ مُطْلَقًا.

وَمِنْ الْفُرُوع: أَنَّ إقْرَارَ الْحَاكِم بِالشَّيْءِ إنْ كَانَ عَلَى جِهَةِ الْحُكْمِ كَانَ حُكْمًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَنْ كَانَ فِي مَعْرِض الْحِكَايَاتِ وَالْإِخْبَارِ عَنْ الْأُمُورِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَمْ يَكُنْ حُكْمًا. قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَاخِرِ الْإِقْرَارِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهَذَا مِنْ الْقَوَاعِدِ الْمُهِمَّة. قَالَ: فَإِذَا شَكَكْنَا فِي ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ حُكْمًا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ عَلَى الْإِخْبَارِ وَعَدَمُ نَقْلِهِ إلَى الْإِنْشَاءِ.

وَمِنْهَا لَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ أَوْ مَالٍ عَظِيمٍ أَوْ كَثِيرٍ أَوْ كَبِير قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِمَا يَتَمَوَّلُ، وَإِنْ قَلَّ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي سَيْفٌ فِي غِمْدٍ أَوْ ثَوْبٌ فِي صُنْدُوقٍ، لَا يَلْزَمهُ الظَّرْفُ، أَوْ غِمْدٌ فِيهِ سَيْفٌ، أَوْ صُنْدُوقٌ فِيهِ ثَوْبٌ، لَزِمَهُ الظَّرْفُ وَحْدَهُ، أَوْ خَاتَمٌ فِيهِ فَصٌّ لَمْ يَلْزَمهُ الْفَصُّ، أَوْ عَبْدٌ عَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةٌ، لَمْ تَلْزَمهُ الْعِمَامَةُ، أَوْ دَابَّةٌ فِي حَافِرِهَا نَعْلٌ، أَوْ جَارِيَةٌ فِي بَطْنِهَا حَمْلٌ، لَمْ يَلْزَمهُ النَّعْلُ وَالْحَمْلُ.

وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ ثُمَّ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ فِي يَوْمٍ آخَر، لَزِمَهُ أَلْفٌ فَقَطْ أَوْ بِأَكْثَرَ دَخَلَ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ، وَفُرُوعُ الْقَاعِدَةِ كَثِيرَةٌ.

(تَنْبِيهٌ)

سُئِلَ السُّبْكِيُّ عَنْ اتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّ مَنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ، يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ، وَلَمْ يَقُلْ بِلُزُومِ دِرْهَمَيْنِ مَعَ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا قَالَ: إنَّ أَقَلَّ، الْجَمْعِ اثْنَانِ وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ ثَلَاثَةٌ، فَلِمَ لَا قِيلَ بِلُزُومِ دِرْهَمَيْنِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ، بِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ تَجَوَّزَ وَأَطْلَقَ الْجَمْعَ عَلَى الِاثْنَيْنِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مَجَازٌ شَائِعٌ بِالِاتِّفَاقِ مِنْ الْقَائِلِينَ بِالْمَنْعِ، مَعَ أَنَّ الْإِقْرَارَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْيَقِينِ؟

فَأَجَابَ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ إنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَاحْتِمَالُ الْمَجَازِ لَا يَقْتَضِي الْحَمْلَ عَلَيْهِ ; إذْ لَوْ فُتِحَ هَذَا الْبَابُ لَمْ يُتَمَسَّكْ بِإِقْرَارٍ. وَقَدْ قَالَ الْهَرَوِيُّ: إنَّ أَصْلَ، هَذَا مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ يَلْزَم فِي الْإِقْرَارِ بِالْيَقِينِ وَظَاهِرُ الْمَعْلُوم، وَهُوَ الظَّنُّ الْقَوِيُّ وَلَا يَلْزَم بِمُجَرَّدِ الظَّنِّ، كَمَا لَا يَلْزَمُ فِي حَالِ الشَّكِّ، إذْ الْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ. هَذِهِ عِبَارَتُهُ قَالَ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْهَرَوِيُّ صَحِيحٌ وَاحْتِمَالُ إرَادَةِ الْمَجَازِ دُونَ الشَّكِّ لِأَنَّهُ وَهْمٌ، فَكَيْف يُعْمَلُ بِهِ. بَلْ لَوْ قَالَ: أَرَدْت بِقَوْلِي " دَرَاهِمَ " دِرْهَمَيْنِ لَمْ يُقْبَل، لَكِنْ لَهُ تَحْلِيفُ غَرِيمِهِ، وَكَوْنُ الْإِقْرَارِ مَبْنِيًّا عَلَى الْيَقِينِ لَا يَقْدَحُ فِي هَذَا ; لِأَنَّ هَذَا يَقِينٌ فَإِنَّهُ مَوْضُوعُ اللَّفْظِ لُغَةً، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْيَقِينِ الْقَطْع

وَلَوْ أُرِيدَ الْقَطْعُ، فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْهَرَوِيِّ أَنَّهُ يَأْخُذ بِالْيَقِينِ وَبِالظَّنِّ الْقَوِيِّ، وَحَمْلِ اللَّفْظِ عَلَى الْمَجَازِ إنَّمَا يَكُونُ لِقَرِينَةٍ، أَمَّا بِغَيْرِ قَرِينَةٍ فَيُحْمَل عَلَى الْحَقِيقَةِ قَطْعًا، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْيَقِينِ انْتَهَى.

قَاعِدَة: مَنْ شَكَّ هَلْ فَعَلَ شَيْئًا أَوَّلًا؟ فَالْأَصْلُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ.


وَيَدْخُلُ فِيهَا قَاعِدَةٌ أُخْرَى: مَنْ تَيَقَّنَ الْفِعْلَ وَشَكَّ فِي الْقَلِيلِ أَوْ الْكَثِيرِ حُمِلَ عَلَى الْقَلِيلِ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تَشْتَغِلَ الذِّمَّةُ بِالْأَصْلِ فَلَا تَبْرَأُ إلَّا بِيَقِينٍ.

وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ إلَى قَاعِدَةٍ ثَالِثَةٍ، ذَكَرَهَا الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهِيَ " أَنَّ مَا ثَبَتَ بِيَقِينٍ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِيَقِينٍ ".
فَمِنْ فُرُوعِ ذَلِكَ: شَكَّ فِي تَرْكِ مَأْمُورٍ فِي الصَّلَاةِ: سَجَدَ لِلسَّهْوِ أَوْ ارْتِكَابُ فِعْلٍ مَنْهِيٍّ فَلَا يَسْجُد ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ فِعْلهمَا.
وَمِنْهَا: سَهَا وَشَكَّ: هَلْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ؟ يَسْجُدُ.

وَمِنْهَا: شَكَّ فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ أَوْ الصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ الْعِبَادَاتِ فِي تَرْكِ رُكْنٍ، وَجَبَتْ إعَادَتُهُ، فَلَوْ عَلِمَهُ وَشَكَّ فِي عَيْنِهِ أَخَذَ بِالْأَسْوَأِ، فَإِنْ احْتَمَلَ أَنَّهُ النِّيَّةُ وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ، فَلَوْ تَرَكَ سَجْدَةً وَشَكَّ، هَلْ هِيَ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ أَوْ غَيْرِهَا، لَزِمَهُ رَكْعَةٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ مِنْ غَيْرِهَا، فَتُكَمَّلُ بِرَكْعَةٍ تَلِيهَا وَيَلْغُو بَاقِيهَا.

وَلَوْ شَكَّ فِي مَحِلِّ سَجْدَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ، وَجَبَ رَكْعَتَانِ لِاحْتِمَالِ تَرْكِ سَجْدَةٍ مِنْ الْأُولَى وَسَجْدَةٍ مِنْ الثَّانِيَةِ، فَيُكْمِل الْأُولَى بِالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَة بِالرَّابِعَةِ وَيَلْغُو الْبَاقِي، وَكَذَا لَوْ انْضَمَّ إلَى ذَلِكَ تَرْكُ سَجْدَةٍ أُخْرَى، هَكَذَا أَطْبَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ.
وَأُورِد عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الصَّوَابَ فِي الثَّلَاثِ: لُزُومُ رَكْعَتَيْنِ وَسَجْدَةٍ، لِأَنَّ أَسْوَأَ الْأَحْوَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَتْرُوكُ السَّجْدَةَ الْأُولَى مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَالثَّانِيَةَ مِنْ الثَّانِيَةِ، وَوَاحِدَةً مِنْ الرَّابِعَةِ فَيَبْقَى عَلَيْهِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى الْجُلُوسُ بَيْن السَّجْدَتَيْنِ، وَالسَّجْدَةُ الثَّانِيَةُ فَلَمَّا قَدَّرْنَا أَنَّهُ تَرَكَ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، لَمْ يُمْكِن أَنْ يُكَمِّلَ لِسَجْدَتِهَا الْأُولَى الرَّكْعَةَ الْأُولَى لِفِقْدَانِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَبْلَهَا. نَعَم بَعْدَهَا جُلُوسٌ مَحْسُوبٌ، فَيَحْصُلُ لَهُ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ رَكْعَةٌ إلَّا سَجْدَةً فَيُكْمِلهَا بِسَجْدَةٍ مِنْ الثَّالِثَة وَيَلْغُو بَاقِيهَا، ثُمَّ تَرَكَ وَاحِدَةً مِنْ الرَّابِعَةِ فَيَبْقَى عَلَيْهِ رَكْعَتَانِ وَسَجْدَةٌ.

وَقَدْ اعْتَمَدَ الْأَصْفُونِيُّ هَذَا الْإِيرَادَ فِي مُخْتَصَرِ الرَّوْضَةِ، وَالْإِسْنَوِيُّ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ، وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: إنَّهُ عَمَلٌ عَقْلِيٌّ وَاضِحٌ لَا شَكَّ فِيهِ.

وَأَجَابَ عَنْهُ النَّشَائِيُّ: بِأَنَّ هَذَا خِلَافُ التَّصْوِيرِ فَإِنَّهُمْ حَصَرُوا الْمَتْرُوكَ فِي ثَلَاثِ سَجَدَاتٍ، وَهَذَا يَسْتَدْعِي تَرْكَ فَرْضٍ آخَرَ، وَاتِّفَاقُهُمْ عَلَى أَنَّ الْمَتْرُوكَ مِنْ الْأُولَى وَاحِدَةٌ يُبْطِلُ هَذَا الْخَيَالَ.

وَذَكَرَ ابْنُ السُّبْكِيّ فِي التَّوْشِيحِ: أَنْ وَالِدَهُ وَقَفَ عَلَى رَجَزٍ لَهُ فِي الْفِقْهِ، وَفِيهِ اعْتِمَادُ هَذَا الْإِيرَادِ فَكَتَبَ عَلَى الْحَاشِيَةِ: لَكِنَّهُ مَعَ حُسْنه لَا يُرَدُّ ; إذْ الْكَلَام فِي الَّذِي لَا يَفْقِدُ إلَّا السُّجُودَ فَإِذَا مَا انْضَمَّ لَهُ تَرْكُ الْجُلُوسِ، فَلْيُعَامَلْ عَمَلَهُ.
وَإِنَّمَا السَّجْدَةُ لِلْجُلُوسِ ... وَذَاكَ مِثْلُ الْوَاضِحِ الْمَحْسُوسِ.

وَلَوْ شَكَّ فِي مَحِلِّ أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ لَزِمَهُ سَجْدَةٌ وَرَكْعَتَانِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُون تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ مِنْ الْأُولَى وَسَجْدَةً مِنْ الثَّالِثَةِ وَأُخْرَى مِنْ الرَّابِعَةِ.

وَعَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الِاسْتِدْرَاكِ يَجِبُ سَجْدَتَانِ وَرَكْعَتَانِ لِاحْتِمَالِ تَرْكِ الْأُولَى مِنْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَثِنْتَيْنِ مِنْ الرَّابِعَةِ.

فَحَصَلَ مِنْ الثَّلَاثِ رَكْعَةٌ وَلَا سُجُودَ فِي الرَّابِعَةِ، وَلَوْ شَكَّ فِي مَحِلِّ خَمْسِ سَجَدَاتٍ، لَزِمَهُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ لِاحْتِمَالِ تَرْكِ سَجْدَتَيْنِ مِنْ الْأُولَى وَسَجْدَتَيْنِ مِنْ الثَّالِثَةِ، وَسَجْدَةً مِنْ الرَّابِعَةِ.

وَمِنْهَا لَوْ شَكَّ، هَلْ غَسَلَ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً؟ بَنَى عَلَى الْأَقَلِّ وَأَتَى بِالثَّالِثَةِ، وَقَالَ الْجُوَيْنِيُّ: لَا لِأَنَّ تَرْكَ سُنَّةٍ أَهْوَنُ مِنْ فِعْلِ بِدْعَةٍ، وَرُدَّ بِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ بِدْعَةً مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهَا رَابِعَةٌ. وَمِنْهَا شَكَّ، هَلْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، نَوَى الْقِرَانَ ثُمَّ لَا يُجْزِيهِ إلَّا الْحَجّ فَقَطْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَحْرَمَ بِهِ، فَلَا يَصِحُّ إدْخَالُ الْعُمْرَةِ عَلَيْهِ.

وَمِنْهَا شَكَّ، هَلْ طَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ، بَنَى عَلَى الْأَقَلِّ.

وَمِنْهَا: عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَشَكَّ فِي قَدْرِهِ، لَزِمَهُ إخْرَاجُ الْقَدْرِ الْمُتَيَقَّنِ كَمَا قَطَعَ بِهِ الْإِمَامُ، إلَّا أَنْ تَشْتَغِلَ ذِمَّتُهُ بِالْأَصْلِ، فَلَا يَبْرَأُ إلَّا مِمَّا تَيَقَّنَ أَدَاءَهُ، كَمَا لَوْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ، تَلْزَمُهُ الْخَمْسُ.

وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ زَكَاةُ بَقَرَةٍ وَشَاةٍ وَأَخْرَجَ أَحَدُهُمَا وَشَكَّ فِيهِ وُجُوبًا، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيه فَقَالَ: لَوْ كَانَتْ لَهُ أَمْوَالٌ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَشَكَّ فِي أَنَّ عَلَيْهِ كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا لَزِمَهُ زَكَاةُ الْكُلِّ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ زَكَاتِهِ، كَمَا لَوْ شَكَّ فِي الصِّيَامِ وَقَالَ: أَنَا شَاكٌّ فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ هَلْ عَلَيَّ صَوْمُ كُلِّهِ أَوْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْهُ وَجَبَ قَضَاءُ كُلِّهِ وَلَوْ اتَّخَذَ إنَاءً مِنْ فِضَّةٍ وَذَهَبٍ، وَجَهِلَ الْأَكْثَرَ وَلَمْ يُمَيِّزْهُ، وَجَبَ أَنْ يُزَكِّيَ الْأَكْثَرَ ذَهَبًا وَفِضَّةً.
وَلَوْ كَانَتْ عَلَيْهَا عِدَّةٌ وَشَكَّتْ، هَلْ هِيَ عِدَّةُ طَلَاقِ أَوْ وَفَاةٍ؟ لَزِمَهَا الْأَكْثَرُ، وَإِنَّمَا وَجَبَ الْأَكْثَرُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِأَنَّ الْمُكَلَّفَ يُنْسَبُ إلَى الْقَصِيرِ، بِخِلَافِ مَنْ شَكَّ فِي الْخَارِجِ أَمَنِيٌّ أَمْ مَذْيٌ؟ حَيْثُ يَتَخَيَّرُ.

وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ نَذْرٌ وَشَكَّ: هَلْ هُوَ صَلَاةٌ أَوْ صَوْمٌ أَوْ عِتْقٌ أَوْ صَدَقَةٌ؟ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ: يُحْتَمَل أَنْ يُقَالَ: عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِجَمِيعِهَا، كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ، وَيُحْتَمَل أَنْ يُقَالَ: يَجْتَهِدُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، لِأَنَّا تَيَقَّنَا هُنَاكَ وُجُوبَ الْكُلِّ، فَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِيَقِينٍ وَهُنَا لَمْ يَجِب إلَّا شَيْءٌ وَاحِدٌ وَاشْتَبَهَ، فَيَجْتَهِدُ كَالْقِبْلَةِ وَالْأَوَانِي.

وَلَوْ حَلَفَ وَشَكَّ: هَلْ حَلَفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى، أَوْ الطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَفِي التَّبْصِرَةِ لِلَّخْمِيِّ الْمَالِكِيِّ: أَنَّ كُلّ يَمِينٍ لَمْ يُعْتَدْ الْحَلِفُ بِهَا لَا تَدْخُلُ فِي يَمِينِهِ مَعَ الشَّكِّ. قَالَ: وَقِيَاسُ مَذْهَبِنَا أَنْ يُقَال: إذَا حَنِثَ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ بِالشَّكِّ.

وَأَمَّا الْكَفَّارَةُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تَجِبَ فِي الْحَالِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ شَغْلِ الذِّمَّةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَجِبَ فِي الْحَالِ، فَإِذَا أَعْتَقَ بَرِئَ ; لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ بِاَللَّهِ أَوْ الظِّهَارِ أَوْ الْعِتْقِ، فَالْعِتْقُ تُجْزِئ فِي كُلِّهَا وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ التَّعْيِين بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْعَمَ أَوْ كَسَا.
قُلْت: الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ أَرْجَحُ، وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ شَكَّ فِي الْحَدِّ، أَرَجْمٌ أَوْ جَلْدٌ، فَإِنَّهُ لَا يُحِدُّ بَلْ يُعَزِّرُ كَمَا قَرَّرَهُ ابْنُ الْمُسْلِمِ: أَنَّ التَّرَدُّدَ بَيْن جِنْسَيْنِ مِنْ الْعُقُوبَةِ إذَا لَمْ يَكُونَا قَتْلًا، يَقْتَضِي إسْقَاطَهُمَا وَالِانْتِقَالَ إلَى التَّعْزِيرِ، وَسَيَأْتِي فِي أَحْكَامِ الْخُنْثَى.
وَمِنْهَا رَجُلٌ فَاتَتْهُ صَلَاةُ يَوْمَيْنِ فَصَلَّى عَشْرَ صَلَوَاتٍ، ثُمَّ عَلِمَ تَرْكَ سَجْدَةٍ لَا يَدْرِي مِنْ أَيُّهَا. أَفْتَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إعَادَةُ صَلَوَاتِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِهِ فِيمَنْ تَرَكَ صَلَوَاتٍ لَا يَدْرِي عَدَدَهَا: أَنَّهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ إلَى أَنْ يَتَيَقَّنَ إتْيَانَهُ بِالْمَتْرُوكِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي الْمُطَارَحَاتِ: الصَّحِيحُ الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدَةٍ، فَبِإِعَادَتِهَا يَصِيرُ شَاكًّا فِي وُجُوبِ الْبَاقِي فَلَا يَلْزَمُهُ بِالشَّكِّ وُجُوبُ إعَادَةِ الْبَاقِي، وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ الْقَفَّالِ فِي تِلْكَ: يَكْتَفِي بِقَضَاءِ مَا يَشُكُّ بَعْدَهُ: فِي أَنَّهُ هَلْ بَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ شَيْءٌ؟


LihatTutupKomentar