Sejarah dan Perkembangan Gerakan Salafi Wahabi

Sejarah dan Perkembangan Gerakan Salafi
Sejarah dan Perkembangan Gerakan Salafi Wahabi


السلفية.. النشأة والتطور
دراسة تحليلية

أ.م.د. كريم شاتي السراجي
كلية الفقه/ جامعة الكوفة


المقدمة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وبفضله تتنزل البركات، وبتوفيقه تتحقق الغايات، وبتيسيره تزول العقبات، والصلاة والسلام على الرحمة المهداة والنعمة المسداة، البشير النذير السراج المنير، حبيب قلوبنا المصطفى الأحمد، وعلى آله الأخيار المصطفين الأبرار، وصحبه النجباء، ومن سار على نهجه ومن والاه.

أما بعد:
في هذا المقطع الزماني الذي شهد كثيراً من المتحولات والمتغيرات على الصعيد العالمي، شهدت الساحة الإسلامية ظهوراً مكثفاً للتيار السلفي الذي ترعرع بفعل عوامل عدة، أسهمت في اثراء هذا الفكر بعد ان وجدت البيئة المناسبة لتثبيت سلطته وايديولوجيته القائمةِ على إقصاءِ العقلِ المفضي إلى رفضِ التأويلِ، والجمودِ على ظواهرِ النصوصِ، كما أخذ يشكل الرقمَ الصعبَ في ساحةِ الصراعِ مع الحكوماتِ والأنظمةِ، على الصعيدِ الإسلاميِّ، ومع النظامِ العالميِّ الجديدِ المتمثلِ بالولايات المتحدة الأمريكية وحلفائِها.

ومن هنا أصبح الفكرُ السلفيُ موضعَ اهتمامِ الباحثينَ والكُتابِ والمفكرين.

وقد انتظم هذا البحث في اربعة مباحث تناولت في المبحث الاول نشأة مصطلح السلفية وتطوره, والمبحث الثاني تناول السلفية الاولى التي وجدت بداياتها مع احمد بن حنبل ثم باتباعه في القرن الرابع الهجري حتى ابن تيمية الحراني وتلميذه ابن قيم الجوزية اما المبحث الثالث فتناول السلفية الوسيطة وهي السلفية الوهابية ثم المبحث الرابع الذي تناولت فيه السلفية الجهادية وتشكيلاتها .


المبحث الأول
نشأة المصطلح
يبدو انّ تسمية بعض فرق المسلمين بالسلفية، غريبٌ نوعاً ما على صعيد الفكر الإسلامي؛ لأن كثيرين من أرباب الفكر يعتبرون السلفية نزعة تميل إلى الأخذ بنهج الماضين عموماً، فالنظر إلى السلف بوصفهم مرجعية فكرية لفهم الإسلام، والاستضاءة بسلوكهم، صبغة عامة لجميع المسلمين، لا خاصة بجماعة دون أُخرى.

في حين ذهب البوطي([1]) إلى أنّ السلفية مرحلة زمنية، وليست مذهباً إسلامياً.

ويبدو للباحث عدم صحة هذا القول إذا أخذنا بنظر الاعتبار انّ السلفية قد ترعرعت ونمت عبر الحقب المتلاحقة حتّى أصبحت مذهباً خاصاً تحمله بعض الجماعات والاتجاهات الإسلامية التي تنادي بالرجوع إلى السلف الصالح والاقتداء بهم في فهم الدين والدنيا، ويقصدون بالسلف الصالح أهل القرون الثلاثة الأولى من عمر الأمّة الإسلامية، إذ رووا عنه 9 أنّه قال: «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم...»([2]).

بيد أنّ مصطلح السلفية له جذوره التاريخية، وله ارتباطه الوثيق بمصطلحات أُخرى، ينبغي التعرض لها وتوضيح المراد منها قبل الولوج في مصطلح السلفية وبيان نشأته واتجاهاته. ومن هذه المصطلحات: أهل الحديث، وأهل السنة والجماعة.

أهل الحديث:
يبدو للمتتبع انّ هذه الفرقة ظهرت على يد من امتهن جمع الأحاديث النبوية، وتدوينها في القرن الثاني الهجري، وبنوا عقائدهم أو أحكامهم بالاعتماد الكلي على ظواهر الآيات والروايات التي رواها الصحابة والتابعون الأوائل عن الرسول9 إذ يحرمون تأويلها، وقد أثبتوا ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ صفات الله الخبرية وجعلوا الخالق في مصاف المخلوق، فأثبتوا اليدين والرجلين والوجه والاستواء على الحقيقة من دون تأويل. وفي هذا الصدد يقول عنهم أبو حاتم الرازي (ت:322هـ): «أصحاب الحديث فسمّو بذلك لأنّهم أنكروا الرأي([3])، والقياس([4])، وقالوا: علينا أن نتبع ما روي لنا عن رسول الله9 وعن الصحابة والتابعين وما جاء عنهم من الحديث في الفقه، والحلال والحرام ولا يجوز لنا أن نقيس بآرائنا... فقيل لهم أصحاب الحديث وأصحاب الأثر، وهم مجتمعون على أن الإيمان قول وعمل والقرآن غير مخلوق، وكفروا من قال بخلق القرآن»([5]).

ويقول عنهم المحدّث الصابوني (ت: 449 هـ): «أصحاب الحديث يعرفون ربّهم U بصفاته التي نطق بها وحيه وتنزيله وشهد له بها رسوله 9 على ما وردت الأخبار الصحاح به ونقلته العدول الثقات عنه ويثبتون له Y ما أثبت لنفسه في كتابه وعلى لسان رسوله 9 ولا يعتقدون تشبيهاً لصفاته بصفات خلقه فيقولون انه خلق آدم بيده كما نص سبحانه عليه في قوله تعالى: )يَا إبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ( (سورة ص/ 75)، ولا يحرّفون الكلام عن مواضعه بحمل اليدين على النعمتين أو القوتين تحريف المعتزلة([6]) الجهمية([7]) أهلكهم الله...، وكذلك يقولون في جميع الصفات التي نزل بذكرها القرآن ووردت بها الأخبار الصحاح من السمع والبصر والعين والوجه والعلم والقوّة والقدرة والقول والكلام والرضا والسخط والحياة واليقظة والفرح والضحك وغيرها من غير تشبيه لشيء من ذلك بصفات المربوبين المخلوقين، بل ينتهون فيها إلى ما قاله الله تعالى وقاله رسوله 9 من غير زيادة عليه ولا إضافة إليه ولا تكيف له ولا تشبيه ولا تحريف ولا تبديل ولا تغير ولا إزالة للفظ الخبر عما تعرفه العرب ويقرون بان تأويله لا يعلمه إلا الله...»([8]).

وقيل: «إنّما سمو أصحاب الحديث لأن عنايتهم بتحصيل الحديث ونقل الأخبار وبناء الأحكام والنصوص، ولا يرجعون إلى قياس... ما وجدوا خبراً أو أثراً»([9]) كما يطلق عليهم اسم الصفاتية إذ يقول الشهرستاني: «اعلم أن جماعة كثيرة من السلف كانوا يثبتون لله صفات أزلية من العلم والحياة والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام... ولا يفرقون بين صفات الذات وصفات الفعل، وكذلك يثبتون صفات خبرية مثل اليدين والرجلين والوجه ولا يؤولون ذلك.. ولما كانت المعتزلة ينفون الصفات والسلف يثبتون، سمي السلف صفاتية والمعتزلة معطلة، فبلغ بعض السلف في إثبات الصفات إلى حد التشبيه بصفات المحدثات»([10]).

وهذا يثبت أنّهم يقفون عند النص، من دون النظر إلى المفهومية الواسعة التي تتكفل ببيان معنى تلك النصوص بوجوهها المختلفة، وهذا يبرز المغزى السلوكي، والفكري لأصول هذه الفرقة، ويعكس عن واقعها الموروث الذي يؤطر الواقع العملي للسلفية ويطلق عليهم مناوؤهم بالحشوية أي «حشو الحديث بغرائب وشواذ وإسرائيليات([11])...، وقد اتهم عدد من الصحابة بأنّهم قبلوا الكثير من الأحاديث بدون تفحص أو نقد، وعلى رأس هذا العدد الصحابيان المشهوران عبد الله بن عمر بن الخطاب (ت: 73 هـ) وأبو هريرة([12]) (ت: 59 هـ)» ([13]).

وقيل عن سبب تسميتهم بالحشوية: «وسمّيت الحشوية حشوية لأنّهم يحشّون الأحاديث التي لا أصل لها في الأحاديث المروية عن طريق الوحي»([14])، وقيل أيضاً سمو حشوية «لأن منهم المجسمة والجسم حشو»([15])، وجميع الحشوية يقولون بالجبر والتشبيه، وتوصيفه تعالى بالنفس، واليد، والسمع، والبصر، وقالوا: إن كل حديث يأتي به الثقة من العلماء فهو حجة أياً كانت الواسطة([16]).

ثم ان الغالب بالحشوية عند أهل الحديث هم الحنابلة، وبذلك يقول الصفدي: «الغالب في الشافعية أشاعرة، والغالب في الحنفية معتزلة، والغالب في المالكية قدرية، والغالب في الحنابلة حشوية»([17]).

إنّ هذا الاتجاه الحديثي والنقلي كان امتداداً للطبيعة العربية التي وجدناها في جزيرة العرب([18])، فكانت وما زالت الحجاز والمدينة مركز المباحث الحديثية والنقلية والسلفية التي لا تخرج عن ظاهر الكتاب والأحاديث، وفي المقابل كان العراق ـ وبالخصوص الكوفة ـ مركز المباحث العقلية المعتمدة على الرأي.

ولقد جرى على أقلام بعض العلماء انّ أهل الحديث أكثرهم بالحجاز، وأكثر أهل الرأي في العراق([19]). فظهر لنا اتجاه أصحاب الحديث ممثلاً بعبد الله بن عمر (ت: 73 هـ) والأوزاعي([20]) (ت: 157هـ)، وسفيان الثوري([21]) (ت: 161هـ) ومالك بن أنس([22]) (ت: 179هـ) ـ صاحب القول المشهور: «الاستواء معلوم والكيف غير معقول، والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة»([23]) الذي أصبح فيما بعد عند أصحاب هذا الاتجاه قارب النجاة للفرار من المشبهة والمجسمة الخالصة المكيفة، وأحمد بن حنبل([24]) (ت: 241 هـ) الذي يعد من أبرز رجالات هذا الاتجاه إذ عمل على جمع الأحاديث وتنظيمها وتوحيد العقائد المأخوذة من تلك الأحاديث وتدوينها، بعد أن كان أهل الحديث على فرق وشيع إذ لم تكن هذه العقائد برمتها مقبولة عندهم، وإنّما الإمام أحمد وحّدهم على تلك العقائد والأصول وقضى على سائر تلك المذاهب الدارجة بين أهل الحديث، فنسبة هذه العقائد إلى إمام الحنابلة أقرب إلى الحقيقة من نسبتها إلى الصحابة والتابعين وتابعي التابعين([25]). وقد حصل هذا بعد خروج أحمد بن حنبل من المحنة([26]) صامداً منتصراً في أيام المتوكل العباسي (ت: 247 هـ) الذي قرّبه إلى بلاطه وصار ذلك سبباً لشهرته وإمامته في مجال العقائد بعد أن تبنت الدولة آراءه وأفكاره، فصار أحمد إمام السنة وناصرها، فصارت السنة ما قاله أحمد، والبدعة ما هجره أحمد وكأنهم نسوا أو تناسوا ما كان عليه أسلافهم من الفرق المختلفة([27]).

وقد تطور هذا الاتجاه فيما بعد على يد ابن تيمية([28]) (ت: 728 هـ) وتلامذته، ووضع موضع التطبيق على يد محمد بن عبد الوهاب([29]) (ت: 1206 هـ) في جزيرة العرب([30]).


أهل السنة والجماعة:
السنة في اللغة هي السيرة، حسنة كانت أو قبيحة، وفي الحديث «من سنَّ سُنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سنّ سنة سيئة...» ([31]).

وإذا اطلقت في الشرع فإنّما يراد بها ما أمر به النبي 9 ونهى عنه وندب إليه قولاً وفعلاً، مما لم ينطق به الكتاب العزيز، ولهذا يقال في أدلة الشرع: الكتاب والسنّة([32]).

فالسنة في المصطلح الإسلامي حديث الرسول وسيرته وتقريره، أن يرى رسول الله 9 عملاً من مسلم ولا ينهاه عن ذلك فإنّه قد أقرّ بسكوته صحّة ذلك الفعل. أما ما استحدث في الدين من أمر ولم يؤخذ من الكتاب والسنة فهو بدعة([33]).

مما تقدّم يتبيّن انّ السنة في الاصطلاح الإسلامي تطلق على معنيين:

1- قول الرسول 9 وفعله وتقريره.

2- ما يقابل البدعة وهو ما استحدث في الدين، أي لا أساس له في الشرع.

أما لقب أهل السنة فقد كان ابتداءً وصفاً لمجموعة من العلماء المشتغلين بتدوين الأحاديث النبوية، والذين عرف منهجهم في تحصيل العقائد والأحكام من ظواهر الآيات والروايات باسم فرقة «أهل الحديث» التي ظهرت في عهد الأمويين. ولأنّ موضوع الأحاديث هو السنة النبوية فان كلمة السنة أصبحت تستخدم أحياناً بديلاً عن كلمة الحديث. وهذا يظهر من رسالة لعمر بن عبد العزيز([34]) (ت: 101 هـ) يرد فيها على القدرية قال: «وقد علمتهم أن أهل السنة كانوا يقولون الاعتصام بالسنة نجاة»([35]).

فمن الواضح هنا أن من يشير إليهم عمر بن عبد العزيز بوصف أهل السنة هم مدونو السنة النبوية (الحديث) وليس أية فرقة أُخرى، ومن المعلوم أن تدوين الأحاديث النبوية لم يبدأ إلا في مطلع القرن الثاني الهجري بأمر من الخليفة عمر بن عبدالعزيز إذ كان التدوين ممنوعاً قبله([36]).

وعلى هذا فمصطلح أهل السنة يكون مرادفاً لمصطلح أهل الحديث. أي: المشتغلين بالحديث وليس المقصود أهل سنة النبي 9 أو غير ذلك من الادعاءات، وقد تعددت الآراء حول سبب التسمية بـ(أهل السنة):

الرأي الأول: إن الإمام أحمد بن حنبل عندما برز وتصدر العمل في تدوين العقائد والمعارف المأخوذة من الأحاديث النبوية في مطلع القرن الثالث الهجري أخذ يوسع استخدام لقب (أهل السنة) ـ الذي كان مخصوصاً بالعلماء مدوني الحديث الشريف ـ ليشمل أيضاً الأتباع المقلدين لمذهبه والعوام المؤيدين لمنهج أهل الحديث، وبهذا يكون أحمد بن حنبل قد احتكر اسم أهل السنة ليكون عنواناً خاصاً لبعض المسلمين دون سواهم من أهل القبلة.

وقد حصل هذا بعد خروج الإمام أحمد منتصراً من سجنه أيام المتوكل العباسي (ت: 247 هـ) الذي قرّبه إلى بلاطه وروّج آراءه وحارب مخالفيه كالمعتزلة وغيرهم من الفرق الأُخرى، فصار أحمد إمام السنة والسنة ما قاله أحمد([37]).

الرأي الثاني: يقول الدكتور حسن إبراهيم حسن: «لم يطلق اسم أهل السنة إلا في العصر العباسي الأول في الوقت الذي تطور فيه مذهب المعتزلة حتّى أصبح يطلق اسم «أهل السنة» على كل من يتمسك بالكتاب والسنة، واسم «المعتزلة» على كل من يأخذ بالكلام والنظر، أما في صدر الإسلام فكان يطلق على كل من يتمسك بالكتاب والسنة اسم الصحابة لأنهم اجتمعوا مع الرسول وناصروه، كما أطلق على من أتى بعدهم الاتباع وأتباع الاتباع. وظلت الحالة كذلك إلى أن انتصر أبو الحسن الأشعري واتباعه على المعتزلة، واضمحلت أكثر الفرق الإسلامية الأُخرى فلم يعد هناك سوى الشيعة وأهل السنة فيقال هذا شيعي وذاك سنّي، واستمرت هذه التسمية إلى الوقت الحاضر»([38]).

الرأي الثالث: يُذكر انه لما أمر معاوية بلعن الإمام علي 9 على المنابر زعم انّ ذلك سنة يثاب فاعلها، وسمّي ذلك العام «عام السنة». ولـمّا قتل علي 7 وصالح الحسن 7 معاوية واستقرّ الأمر للأمويين، قام معاوية بتسمية ذلك العام «عام الجماعة»([39]).

الرأي الرابع: وهو قول ابن تيمية، يقول: «فلفظ أهل السنة يراد به من أثبت خلافة الخلفاء الثلاثة (أبو بكر وعمر وعثمان) فيدخل في ذلك جميع الطوائف إلا الرافضة([40])، وقد يراد بأهل الحديث والسنة المحضة فلا يدخل فيه إلا من يثبت الصفات لله تعالى، ويقول: ان القرآن غير مخلوق وان الله يُرى في الآخرة ويثبت القدر وغير ذلك من الأمور المعروفة عند أهل الحديث والسنة»([41]).

ويعتقد الباحث ان الرأي الأول، قد يكون أقرب إلى الصحة، كما نعتقد ان الآراء الأُخرى، قد صبت في مصلحة الرأي الأول رغم الاختلاف البسيط في الرأي الثاني ، فان مورد الاختلاف فيه في جعل أبي الحسن الأشعري هو البداية لانطلاق لفظ أهل السنة والجماعة، ولكن المعروف والمشهور تاريخياً ان أحمد بن حنبل هو صاحب السبق في ذلك كما تقدم.

أما الرأي الثالث، فيصدق على جماعة خاصة ممن رفعت لواء البغض لعلي 7 وهم النواصب من أمويين وغيرهم.

والرأي الرابع ـ رأي ابن تيمية ـ إذ يقصر لفظ أهل السنة على من أثبت الخلفاء الثلاثة دون خلافة علي 7 وهذا النهج كان هو السائد عند المنحرفين عن علي 7 من الأمويين والمتزلفين لهم كعبد الله بن عمر الذين أسقطوا اسم الإمام علي7 من الخلافة، ويروي عبد الله بن عمر في ذلك حديثاً موقوفاً عليه في التفضيل بين الصحابة، الذي يقول فيه إنهم كانوا على عهد رسول الله 9 يفاضلون فيقولون: «أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان ثم يسكتون»([42]).

فابن تيمية في هذا الرأي يُقصر لفظ أهل السنة بخصوص النواصب والمبغضين لعلي 7 وهم جماعة خاصة تابعت الأمويين في موقفهم من علي وآل علي 7.

أما لقب الجماعة فقد أطلقه الأمويون على العام الذي تم فيه تسليم الملك لمعاوية وانفراده به، فقالوا: عام الجماعة([43])، وهو عام 41 هـ الذي تم فيه صلح الإمام الحسن 7 مع معاوية. وهذه الجماعة التي أسست على الظلم والجور وقتل الصحابة ولعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب 7 على المنابر، فقد كتب زياد إلى معاوية في حجر([44]) وأصحابه أنهم خالفوا الجماعة في لعن أبي تراب([45]) وأزروا([46]) على الولاة، فخرجوا بذلك من الطاعة، فقتلهم معاوية وكان ذلك سنة 52 هـ([47]) .

يقول حسن فرحان المالكي ـ وهو من الحنابلة ـ: «الناس يعذرون الدول التي جاءت متأخرة ولا يعذرون الدولة الأموية التي سنت تلك السنن واضطهدت الصحابة من المهاجرين والأنصار وأبناءهم وكانت السباقة في محاربة أهل بيت النبي9 وتشويه صورتهم عند المسلمين حتّى أصبحت القلوب منقبضة عن أهل بيت النبوة فقتلوا الحسين 7 وسمّوا الحسن 7 وقتلوا زيد بن علي وقتلوا محبي أهل البيت كحجر بن عدي وكميل بن زياد وعمرو بن الحمق، وسليمان بن صرد الخزاعي وغيرهم، واستطاعت الدولة الأموية أن تفصل ـ إلى حد كبير ـ أهل البيت عن بقية الأمة فأصبحت النظرة لأهل البيت نظرة متوجسة من التشيع بينما النظرة المنحرفة عنهم أصبحت تدّعي تمثيل (الجماعة) و(السنة)!! واستطاع بنو أمية بالترغيب والترهيب ضم بعض العلماء وطلاب العلم لنظرتهم كما فعلوا مع الشعبي والزهري وقبيصة بن ذؤيب وابن سيرين ورجاء بن حيوة وغيرهم فهؤلاء كان فيهم نفور عن ذكر أهل البيت بخير أو بشر وكانوا يفضلون السكوت عنهم!! وهذا السكوت يعني الإهمال والإماتة لذكرهم وهذا يعني بروز رؤوس تمثل (أهل الجماعة وأهل السنة) مع استبعاد (أهل البيت وعلمائهم ومحبيهم) من هذا التمثيل!! فأصبحت (الجماعة) تعني الرأي الصواب وأن من خالف (الجماعة) فهو في النار!! ويقصدون بالجماعة الموالية للنظام الأموي من علماء وعوام وسلطة... وأصبح الذي ينكر الظلم أو ينقد الوالي شاذاً و(ضد الجماعة) ومن شذ شذ في النار!!» ([48]).

ثم يتكلم الباحث عن مكونات تيار السنة والجماعة فيقول: «ومن هنا تكوّن تيار (السنة والجماعة) خليطاً من تيار العثمانية([49]) النواصب وتيار المحايدين وتم استبعاد العلوية من (السنة والجماعة) ووصفهم بـ(الشيعة والرافضة)»([50]).

يشير الباحث في هذا النص إلى بداية انطلاق تيار السنة والجماعة فيقول: «إذن فتيار (السنة والجماعة) بدأت ملامحه الأولى مع صلح الحسن وانتشرت الأحاديث في التحذير من (مخالفة الجماعة) وحشروا في ذلك كل الأحاديث في وجوب التزام الجماعة وكأن المراد به الوقوف مع الحاكم في الخير والشر في الحق والباطل!! وكأن البدعة والضلالة في مفارقة (الجماعة والسلطات) وتم ذلك بانتقائية عجيبة!! ساعد الظل السياسي على انتشارها ووفّر لها الحماية والصلابة أمام كل من أراد إنكار المنكر!! إذ أصبح مثل هذا يصنّف على أنه ضد (وحدة الجماعة) و(ضدّ السنة) ومن ثَمَّ (ضد الإسلام) وعلى هذا حكموا على ثورة الحسين بن علي وابن الزبير وأهل المدينة وابن الأشعث وأصحابه وزيد بن علي وأصحابه والنفس الزكية وأهل المدينة وأمثالهم بانّهم أصحاب فتن وأنهم ماتوا ميتة جاهلية!!

ومن ثَمَّ أخرجوا هؤلاء الكبار من (السنة والجماعة) إلى (البدعة والضلالة) لأنهم ثاروا على يزيد بن معاوية والحجاج بن يوسف وأبي جعفر المنصور...»([51]).

وبكلمة: فإن لفظ أهل الحديث وأهل السنة كانا يطلقان على من يشتغل في الحديث النبوي جمعاً وتدويناً وحفظاً، ثم تطور وتوسع لفظ أهل السنة في زمن أحمد بن حنبل فأخذ يشمل عوام الناس من أتباعه ومقلديه، دون سواهم بمساعدة السلطات الحاكمة المتمثلة بالمتوكل ومن جاء بعده.

أمّا لفظ أهل الجماعة فقد أطلقه الأمويون على العام الذي تم فيه الصلح بين الإمام الحسن ومعاوية عام 41 هـ ، والذي وظفه الأمويون للتنكيل بمعارضيهم ووصفهم بالخارجين عن جماعة المسلمين أي: جماعة الأمويين والسلطان، وبذلك يستحلون دماءهم وأموالهم وأعراضهم.


نشأة مفهوم السلفية وتطوره:
من خلال متابعتي لكتب المتقدمين في الفرق الإسلامية كالبغدادي (ت: 429 هـ) في كتابه الفرق بين الفرق، وابن حزم (ت: 456 هـ) صاحب كتاب الفصل في الملل والنحل، والشهرستاني (ت: 548 هـ) في كتابه الملل والنحل، لم نجد عندهم ما يشير إلى اسم السلفية، ضمن فرق الإسلام، نعم تعرض لذكرها بعض المؤلفين في الفرق والمذاهب المعاصرين كأبي زهرة([52])، والسبحاني([53])، ومن قبلهم التهانوي([54]) (ت: 1158 هـ) على أنها فرقة من الإمامية!!! وهذا يدل على ان كلمة سلفية لم يكن لها مدلول اصطلاحي محدد يدل على فرقة أو جماعة معينة، وهذا يعني ان هذه الكلمة اكتسبت المعنى الإصطلاحي المحدد عبر التاريخ وفي فترة متأخرة، ومن خلال تتبعنا لبدايات استخدام لفظ السلف أو ما يؤدي معناه في كلمات المتقدمين، يبدو ان أول من استخدم هذا المفهوم هو الخليفة عمر بن عبد العزيز (ت: 101 هـ) عندما سُئل عن القدر فقال: «... فارض لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم فانهم على علم وقفوا، وببصر نافذ كفوا، وانهم على كشف الأمور كانوا أقوى وبفضل ما كانوا فيه أولى... فإنهم هم السابقون»([55]).

وكان يقصد بالقوم الصحابة الموصوفين بالسابقين، فكان يرد على السائل ويأمره أن يقتفي أثر الصحابة فيما وقفوا عليه وكفوا عنه وهذا المعنى تنادي به السلفية وترفعه شعاراً ظاهرياً لها.

وورد لفظ السلف في كلام الحسن البصري([56]) (ت: 110 هـ) في رسالته إلى عبد الملك بن مروان (ت: 86 هـ) حول القضاء والقدر، وقد جاء فيها قوله: «لم يكن أحد في السلف يذكر ذلك ولا يجادل فيه، لأنهم كانوا على أمر واحد، وإنّما أحدثنا الكلام فيه لما أحدث الناس من النكرة له، فلما أحدث المحدثون في دينه ما أحدثوه أحدث الله للمتمسكين بكتابه مايبطلون به المحدثات ويحذرون به من المهلكات»([57]).

يشير الحسن البصري في هذا النص إشارة مهمة، ترفع الّلبس حول الخوض في مستجدات المسائل التي لم يخض فيها السابقون ـ السلف ـ وهي مسألة الحاجة وعدمها، فيقرر في النص المتقدم أن السابقين لم يخوضوا في مسألة القضاء والقدر؛ لعدم الحاجة إليها من قبل الناس؛ ذلك أن الناس كانوا على أمر واحد: أي لا يوجد اختلاف بينهم يستوجب السؤال والجواب في تفاصيل المسائل العقيدية، وهذا هو الجو السائد في وقت الصحابة الموصوف بالبساطة في استيعاب مسائل العقيدة وهو ما اصطلح عليه عند أهل الاختصاص بمرحلة الإيمان القلبي التي تُعد المرحلة الأولى من نشؤ العقيدة، ولكن عندما دبّ الاختلاف بين المسلمين نتيجة توسع الدولة الإسلامية بعد الفتوحات الكبيرة والاختلاط الثقافي مع الديانات الأُخرى وأسباب كثيرة أُخرى أدّت إلى ظهور كثير من الشبهات حول الدين الإسلامي احتاج معها المسلمون ان يردوا عليها ويبطلوها. ومن غير المعقول ان يكتفي المسلمون بالقول ان هذه المسائل والشبهات لم يخض بها السابقون من المسلمين ويسكتون.

فيبدو انّ الحسن البصري هو أول من استخدم لفظ السلف في كلامه، ويقصد به الصحابة الذين تقدموا عليه.

وقول الأوزاعي: «اصبر نفسك على السنة وقف حيث وقف القوم، وقل بما قالوا، وكف عما كفوا عنه، واسلك سبيل سلفك الصالح فإنّه يسعك ما وسعهم»([58]).

وهذا نص واضح في الإشارة إلى اقتفاء آثار السابقين فيما تكلموا فيه وفيما سكتوا عنه، وفيه تأسيس المنهج السكوت عما سكتوا عنه، الذي سار عليه من بعده مالك بن أنس وأحمد بن حنبل وآخرون، سوف تأتي الإشارة إلى أقوالهم.

فمالك بن أنس قال: «إياكم والبدع، قيل: يا أبا عبدالله، وما البدع، قال: أهل البدع الذين يتكلمون في اسماء الله وصفاته وكلامه وعلمه وقدرته، لا يسكتون عما سكت عنه الصحابة والتابعون»([59]).

وهكذا بدأ يتجذّر هذا المعنى السكوت عما سكت عنه الصحابة والتابعون عند هذا الاتجاه، وأصبح شعاراً يرفع بوجه أي تغير أو تجديد، وصار ديناً يدان به عندهم.

ثم تجذر هذا المعنى وتخصص على يد أحمد بن حنبل الذي أصبح له تأثير كبير على العامة في زمن المتوكل العباسي ولقّب بإمام السنة، وأصبحت أقواله عند هذا الاتجاه الميزان الذي توزن به الأشياء والمرجع فقال قوله المشهور: «لست بصاحب كلام، ولا أرى الكلام في شيء من هذا إلا ما كان من كتاب الله أو في حديث عن النبي9 أو عن الصحابة، فأما غير ذلك فان الكلام فيه غير محمود»([60]).

وفي حديث([61]) آخر لأحمد بن حنبل زاد فيه بعد ذكر الصحابة التابعين، فحصر الإمام أحمد الكلام المحمود بالكتاب، وحديث النبي، والصحابة والتابعين، فالأول والثاني ـ الكتاب وحديث النبي ـ مما لا خلاف فيه بين المسلمين، أما الثالث والرابع ـ الصحابة والتابعون ـ فإن ثبتت أقوالهم عن رسول الله 9 فترجع إلى حديث النبي، وان كانت أقوالهم ناتجة عن فهمهم واجتهادهم فموضع خلاف بين المسلمين.

حتّى ان أحمد بن حنبل في مسألة التابعين ورد عنه رأيان: الأول، يعتبر رأي التابعي حجة يجب الأخذ به، والثاني، لا يُلزم الأخذ به، قال أحمد بن حنبل: «الاتباع أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي وعن أصحابه، ثم هو من بعد في التابعين مخير»([62]).

وهذا نص منه بعدم الالزام برأي التابعين، ويؤيد هذا القول رواية أُخرى واردة عنه يصرّح فيها بلفظ السلف ويخصه بالصحابة فقط دون التابعين، قال ـ ضمن كلام طويل في بيان اعتقاداته-: «صفة المؤمن من أهل السنة والجماعة من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأقر بجميع ما أتت به الأنبياء والرسل... وعرف حق السلف الذين اختارهم الله لصحبة نبيّه 9»([63]).

وأرى انّ نظرية الأخذ عن التابعين وتابعي التابعين جاءت واكتملت بعد أحمد ابن حنبل عند هذا الاتجاه، هذا من جهة ومن جهة أُخرى فان المتعارف به عند أهل العلم من الجمهور هو اعتماد أقوال الصحابة بصورته التقليدية باعتباره الهوية التي لاتنفصل عن هوية المرسَل محمد 9 الذي مثل حقيقة السلف التي أصبحت فيما بعد ضرورة من ضرورات هذا الاتجاه لصياغة موقف هذا الاتجاه على المستويين النظري والتطبيقي.

ومن هنا ان معنى السلف أخذ منحى آخر بعد أحمد بن حنبل، فأصبح يشمل التابعين وأئمة الحديث، وفي مقدمتهم أحمد بن حنبل.

يقول أبو الحسن الأشعري([64]) (ت: 324 هـ): «قولنا الذي نقول به، وديانتنا التي ندين بها، التمسك بكتاب ربّنا U، وبسنة نبيّنا 9 وما روي عن السادة الصحابة والتابعين وأئمة الحديث، ونحن بذلك معتصمون وبما كان يقول به أبو عبد الله أحمد بن حنبل نضر الله وجهه، ورفع درجته وأجزل مثوبته قائلون ولمن خالف قوله مجانبون لأنه الإمام الفاضل والرئيس الكامل...» ([65])، فأصبح قول أحمد بن حنبل ديناً يدان به عند الذين جاءوا بعده من الحنابلة السلفية.

مع ان أحمد بن حنبل لا يلزم بقول التابعي ـ كما تقدم ـ ويقول أيضاً: «لا تقلدوني ولا تقلدوا مالكاً ولا الثوري ولا الأوزاعي وخذ من حيث أخذوا، وقال: من قلّة فقه الرجل أن يقلد دينه الرجال»([66]).

وتركز هذا المعنى ـ الدين ما قاله أحمد بن حنبل ـ أكثر عند غلاة الحنابلة كالبربهاري([67]) (ت:328 هـ)، المعاصر لأبي الحسن الأشعري والذي يُروى([68]) انّ الأشعري لما قدم بغداد جاء إلى أبي محمد البربهاري فجعل يقول: رددتُ على الجبائي، رددتُ على المجوسي وعلى النصارى فقال أبو محمد البربهاري: لا أدري ما تقول ولا نعرف إلا ما قاله الإمام أحمد.

وابن بطة الحنبلي([69]) (ت:387هـ) الذي يقول: «إذا رأيت الرجل البغدادي يحب أبا الحسن بن بشار([70]) وأبا محمد بن البربهاري فاعلم أنه صاحب سنة»([71]).

فالسنة عنده ما كان عليها أبو الحسن بن بشار وأبو محمد البربهاري الحنبليان!!

ثم تطور مصطلح السلف على يد إسماعيل الصابوني([72]) (ت: 449 هـ) ـ صاحب كتاب عقيدة السلف وأصحاب الحديث ـ فأخذ يشمل كل من تقدمه من أصحاب الحديث وأنصارهم، يقول الصابوني: «سألني اخواني في الدين أن أجمع لهم فصولاً في أصول الدين التي استمسك بها الذين مضوا من أئمة الدين وعلماء المسلمين والسلف الصالح...» ([73]).

ويقول أيضاً: «إذا رأيت الرجل يحب سفيان الثوري ومالك بن أنس، والأوزاعي، وشعبة([74])، وابن المبارك... وأحمد بن حنبل... فهو صاحب سنة»([75]).

أما ابن تيمية الحراني فيبدو أنه أول من استدل على التزام حرفية أقوال، وأفعال، وتصرفات، واعتقادات وعادات، الصحابة، والتابعين، وتابعي التابعين، بحديث القرون الثلاثة([76])، إذ يقول: (المعلوم بالضرورة لمن تدبر الكتاب والسنة، وما اتفق عليه أهل السنة والجماعة من جميع الطوائف: أن خير قرون هذه الأمة، في الأقوال والأعمال والاعتقاد وغيرها من كل فضيلة، أن خيرها القرن الأول، ثم الذي يلونهم، ثم الذين يلونهم، كما ثبت ذلك عن النبي 9 من غير وجه، وأنهم أفضل من الخلف في كل فضيلة: من علم، وعمل، وإيمان، وعقل ودين وبيان، وعبادة وأنهم أولى بالبيان لكل مشكل. هذا لا ينفيه إلا من كابر المعلوم من الدين بالضرورة من دين الإسلام، وأضله الله على علم...) ([77]).

وقد سار على خطى ابن تيمية كل من الوهابية ـ أتباع محمد بن عبد الوهاب ـ والسلفية([78]) الجهادية في تبديع كل قولٍ أو فعلٍ، لم يعرف عند أهل القرون الثلاثة، فهذا ابن تيمية، يصف الاحتفال في مولد النبي بدعة؛ بحجة أنه لم يفعله السلف([79]). أما الوهابية، فقد قام أحد رجالاتها وهو عبد الله بن سليمان بن بليهد، باستفتاء علماء المدينة بتخريب قباب الصحابة وأئمة أهل البيت: في بقيع الغرقد عام 1344 هـ، وقد نشر مقالاً في جريدة أم القرى في عدد جمادى الآخرة سنة 1345 هـ، جاء فيه: لم نسمع في خير القرون عن هذه البدعة ـ البناء على القبور ـ بل بعد القرون الخمسة([80]).

أما السلفية المعاصرة التي تعتبر أحمد بن حنبل، وابن تيمية أبرز الشخصيات السلفية في التاريخ([81]). إذ يصفها الدكتور القرضاوي في بعض مشاهداته بقوله: «ولقد راعني أن وجدت بعض الشباب المخلصين من بعض الجماعات الإسلامية في أمريكا قد أثاروا جدلاً عنيفاً في أحد المراكز الإسلامية؛ لأن المسلمين يجلسون على الكراسي في محاضرات السبت والأحد، ولا يجلسون على الحصير أو السجاد كما يجلس أهل المسجد.. وأنهم يلبسون البنطلونات لا الجلاليب البيض، ويأكلون على المناضد لا على الأرض...»([82]).

الظاهر أن هذه الأمور لم تكن متداولة عند أهل القرون([83]) الثلاثة ولذلك أصبحت عندهم محل جدال ونزاع!!!

والذي يبدو للباحث أنّنا أمام مؤسسين لمنهج سلفي جديد قائم على ضيق الأفق وتحجر الرؤية التي يتبناها هؤلاء الجدد والتي يمكن أن نفسرها بالانعطافة الكبرى التي تعاصرت مع التغيرات الكبيرة التي يشهدها الغرب بخاصة والعالم العربي عامة تمثلت بالآراء المتضاربة في الواقع العقائدي للسلفية.

وعلى هذا الأساس فإن ابن تيمية ومن سار على أثره من الوهابية والجماعات السلفية المتأخّرة قد اعتمدوا على حديث القرون الثلاثة في الحكم على تبديع وتحريم مستحدثات الأمور التي لم تكن عند أصحاب القرون الثلاثة، صحيح أن حديث القرون الثلاثة قد رواه البخاري([84]) ومسلم([85]) وغيرهم([86]) من أصحاب السنن، إلا أن الحديث عليه إشكالات كثيرة تمنع من الاحتجاج به في إثبات ما يدّعون؛ منها:

أولاً: انه خبر آحاد([87]) لا يوجب علماً ولا يجوز أن يحتج به في المسائل العقيدية([88]).

وهذا ما ذهب إليه ابن كلاب([89]) (ت:240هـ)، والقلانسي([90]) (ت:255هـ) وهما من أعمق محدثي أهل السنة كما يقول النشار([91]).

وأيضاً ذهبت الشيعة الإمامية إلى أن خبر الواحد لا يحتج به في المسائل العقائدية وبذلك يقول السيد المرتضى: (خير الناس قرني... أول ما فيه أنه خبر واحد لا يوجب علماً ولا يجوز أن يحتج به...) ([92]).

ثانياً: انه معارض بأحاديث كثيرة صحيحة منها: قال9: «مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره»([93])، وقوله9: «ليردنَّ عليَّ الحوض غداً رجال من أصحابي ثم ليختلجن عن الحوض فأقول: يا ربّ أصحابي، فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا من بعدك، فأقول: سحقاً سحقاً»([94]).

وحديث عن أبي جمعة قال: (تغدينا مع رسول الله 9 ومعنا أبو عبيدة بن الجرّاح، قال: فقلنا: يا رسول الله أحدٌ خير منا أسلمنا معك وجاهدنا معك، قال: نعم قوم يكونون بعدكم يؤمنون بي ولم يروني) ([95]).

ثالثاً: ان الحديث من خلاله، لو عممنا الحكم بأفضلية وعدالة كل فرد منهم على كل فرد من القرون اللاحقة، فانه يجب أن نعمم على كل فرد من أفراد القرن الرابع الهجري فما فوق بانه يمينه يسبق شهادته وشهادته يمينه كما في عجز الحديث، وهذا معارض بحديث عن رسول الله 9: «خير الشهود من أدى شهادته قبل أن يسألها»([96]).

رابعاً: ان عمدة الاحتجاج بحديث القرون الثلاثة أن يشمل بالخيرية جميع أفراد القرن وهذا لا يقول به أحد، قال ابن عبد البر: (وخير الناس قرني... ليس على عمومه لأنه جمع المنافقين وأهل الكبائر الذين قامت عليهم وعلى بعضهم الحدود)([97]). ثم ان القرون الثلاثة شهدت ظهور كثير من الفرق المنحرفة كالخوارج والمرجئة والمجبرة!!

خامساً: ان حديث خير القرون قد اضفى الشرعية بل العصمة على جيل الصحابة والتابعين وتابعيهم، «ولكن السلف أنفسهم لم يكونوا ينظرون إلى ما يصدر عنهم من أقوال وأعمال أو تصرفات، هذه النظرة القدسية الجامدة التي تقتضيهم أن يسمّروها بمسامير البقاء والخلود، ويجعلوا من شأنهم معها ما يشبه المدينة المسحورة»([98]).

فالخليفة الثاني عمر بن الخطاب مع مكانته وصحبته المعروفة عندهم يخاف أن يذكره رسول الله9 مع المنافقين فيقول لحذيفة اليمان: «أنشدك بالله هل سمّاني لك رسول الله 9 مع من سمّى من المنافقين»([99]).

ومن هذا حاله، كيف يكون معياراً للحق والباطل!!

وأخيراً فان هذا الحديث ـ القرون الثلاثة ـ لا ينسجم مع روح الاسلام وتعاليمه )إنَّ أكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّهِ أتْقَاكُمْ( (الحجرات/13) ، «ليس السلف بافضل من الخلف بالضرورة ولا الخلف أشر من السلف بالضرورة لكن لكل عصر اجتهاداته، ولكل جيل ابداعاته»([100]).

كما إن قضية التراث تطرح عادة طرحاً مضاعفاً الخطأ: فمن جهة يتضمن الطرح اتخاذ موقف من التراث كلّه بصورة قبلية ومن جهة ثانية تُغفل فيه عند طرحه خاصيتاه الأساسيتان: عالميته وشموليته، من ناحية، وتاريخيته من ناحية ثانية فمن الناحية المبدئية لا يمكن تبني التراث كلّه لأنّه ينتمي إلى الماضي؛ ولأن العناصر المقومة للماضي لا توجد كلها في الحاضر. وليس من الضروري أن يكون حضورها في المستقبل هو نفس حضورها في الحاضر.

وبالمثل لا يمكن رفض التراث كلّه للسبب نفسه، فهو شئنا أم كرهنا مقوم أساسي من مقومات الحاضر، وتغير الحاضر لا يعني البداية من الصفر([101]).

والواقع ان الفكر الإسلامي يتقدم بعنصرين أساسيين: عنصر الثبات والحركة، فمن جهة فيه عناصر ثابتة لا تتغير بتغير الزمان والمكان، ومن جهة أُخرى فيه عناصر متحركة ومتغيرة مع الزمان والمكان. وهذا هو سر قوة الفكر الإسلامي أنه خليط من هذين العنصرين. فمن الخطأ ان نتعامل مع الفكر والتراث الإسلامي على أنّ جميعه ثابت أو جميعه متحرّك.

فمشكلة السلفية مع الفكر والتراث الإسلامي انّها تعاملت معه على أنّ جميعه ثابت فلم تميز بين الشكل، والمضمون، وبين الغاية والوسيلة فحكمت عليهم بحكم واحد. «فالسلفية تعني، حضور الماضي في الحاضر حضور السلف في الخلف، حضور الأب في الابن، حضور الماضي في الحاضر بكل تفاصيله وأشكاله وصوره، لا الوقوف على المضمون هكذا يرى البعض من السلفية المتطرفة»([102]).

فالسلفي هو إنسان مقلد اضافة إلى أنه أهمل الزمان والمكان واغتال التاريخ وأسقط العقل ويعيش السلفي في القرن العشرين مقلداً القرن السابع، والتقليد مستحيل لأن ظروف القرن السابع تختلف عن ظروف القرن العشرين..» ([103]).

وأمام هذا التردي واللامسؤولية في الموقف نجد السلفية المعاصرة نشأت بوصفها ردّ فعل للرؤية المتمدنة التي طبقتها أوربا خاصة ـ والعالم العربي عامة ـ بعد عصر التنوير حتّى أخذت توجه ضربتها القوية لكل التوجهات التي لا تتناغم والواقع المعاصر الذي يتعاكس تماماً مع توجهاتها ورؤاها.

يظهر مما تقدم ان السلفية، بوصفها فرقة أو جماعة إسلامية، لم يرد لها ذكر، عند مصنفي الفرق والمذاهب الإسلامية، سوى المعاصرين منهم.

كما ان كلمة السلفية لم يكن لها مدلول اصطلاحي محدد، أو ذات معنى واحد عند الجميع، بل تطورت من خلال الحقب المتلاحقة، فالسلفية عند الاتباع تعني، اتباع السلف الصالح من الصحابة، وعند اتباع الاتباع، تعني اتباع السلف الصالح من الصحابة، والتابعين، ثم تطور المصطلح، فأخذ يشمل أئمة الحديث، وفي مقدمتهم أحمد بن حنبل، ثم أضيف إلى أحمد بن حنبل لاحقاً ابن تيمية الحراني، وأصبحا معاً، أبرز رجالات السلفية الوسيطة (الوهابية) والسلفية المعاصرة.

يبدو ان أول من نظّر، واستدل على التزام حرفية أقوال وأفعال أهل القرون الثلاثة ـ الصحابة والتابعين وتابعي التابعين ـ هو ابن تيمية الحراني، وحكم بتبديع كل قول، أو فعل لم يعرف عندهم.

إن أحمد بن حنبل، على الرغم من روايته حديث القرون الثلاثة، إلا أنه لم يذهب إلى ما ذهب إليه ابن تيمية، ولم يستدل بالحديث ـ القرون الثلاثة ـ على الزام إتباع أهل القرون الثلاثة، بل ورد الالزام عنه في اتباع الصحابة فقط.

إن حديث القرون الثلاثة عليه من الاشكالات ما يمنع من الاحتجاج به والالتزام بمضمونة، وهذا ما أشار إليه جمع من علماء المسلمين.


المبحث الثاني
السلفية الأولى
كان المسلمون في عهد النبي 9 على دين واحد، وهو التسليم بما جاء من عقائد التوحيد، والنبوة، واليوم الآخر، وأحكام الدين، كأحكام الصلاة، والصيام...

وكانوا يرجعون فيما اختلفوا فيه إلى الرسول 9 الذي كان عندهم المرجع في حل مسائلهم وفض نزاعاتهم وهم راضين بذلك ومسلِّمين.

كان إيمانهم إيماناً عفوياً، خالياً من الخوض في صعاب التساؤلات الفكرية المتصلة بصفات الله، وأحوال القيامة، والجنة والنار والقضاء والقدر... كل هذا كان نتاج واقع المجتمع العربي الذي اكتفى بالتعاليم الأولى من دون الخوض في أمهات المسائل التي شكلت فيما بعد عصب الحياة العقدية عند المسلمين، ولكن بعد وفاة الرسول الأكرم 9 بدأ النزاع على خلافته ومن يكون زعيماً للمسلمين بعد رسول الله 9 وهذا ما حدث في سقيفة بني ساعدة([104]).

ثم بعد ذلك تتابعت الفتن والخلافات السياسية وخصوصاً في خلافة عثمان (ت: 35 هـ) وخلافة أميرالمؤمنين علي 7 (ت: 40 هـ) حيث قتل عثمان وحدثت معارك طاحنة في زمن الإمام علي 7 تمثلت في معركة صفّين، ومعركة الجمل والنهروان.

وعلى أثر هذه الخلافات السياسية، والمعارك الطاحنة ظهرت مجموعة من المسائل العقائدية، والدينية، فكان أول الأمر جدل الخلافة، وأيهما أحق بالخلافة بعد رسول الله، ثم جرَّ ذلك الناس إلى الحديث فيما تمر به الأمة من أحداث ونكبات، أهي بقضاء الله وقدره أم هي من فعل الناس وعملهم؟ ومن ثَمَّ هل الإنسان مجبر في أفعاله أو مخير؟ وهؤلاء المسلمون الذين يتساقطون صرعى وهم يقاتلون في صفّ علي 7 أو صفّ معاوية ما حكمهم؟ وما رأي الدين فيهم؟

هذا من جانب، ومن جانب آخر الفتوحات الإسلامية الكبرى التي نقلت المسلمين إلى طور جديد حيث دخول شعوب وأقوام تحمل ثقافات وأدياناً مختلفة، مما جعل من المسلمين يقفون عند هذه الثقافات، موقف الناظر المتفحص لطبيعة تلك الثقافات، وكيفية الجمع التوظيفي بين ما تحمله الحضارة العربية الإسلامية، وبين متناقضات الأمم الأُخرى، الموصوفة بأنها دخيلة وغير معدودة على الواقع الإسلامي([105]).

وهكذا نجد إن ما بدأ بسيطاً كان الزمن كفيلاً بتعقيدهِ جراء العوامل آنفة الذكر، والبعد الزمني عن صاحب الدعوة، أضف إلى ذلك ظهور مستجدات كثيرة في الحياة السياسية، والاجتماعية، والفكرية، مضافاً إلى كل ذلك التلاقح الفكري الفلسفي الذي تم بين هذا الخضم من المؤثرات حتى لوَّن لنا العقيدة بأشكال ربّما جرّتها إلى متاهات لم تقصدها أصلاً([106]).

وإزاء هذه المستجدات والأحداث والشبهات انقسم أصحاب رسول الله 9 إلى فريقين: فريق آثر السكوت والابتعاد عن الجدل في هذه المسائل، وعدّ ذلك بدعة منكرة، من هؤلاء عمر بن الخطاب([107]) (ت: 23 هـ) وعبدالله بن عمر (ت: 73 هـ) وزيد بن ثابت (ت: 45 هـ)، وجمع كبير من الصحابة، وقد درج على منوالهم من التابعين ومن بعدهم سفيان الثوري والأوزاعي، ومالك بن أنس وأحمد بن حنبل، وفريق آخر آثر البحث والنقاش ومعالجة الشبهات، أياً كانت في رؤوس أصحابها، ومن هؤلاء الإمام علي بن أبي طالب([108])، وعبدالله بن عباس، وعبدالله بن مسعود (ت:32 هـ)، وجمع كبير من الصحابة، ودرج على مناولهم جملة من التابعين ومن بعدهم الحسن البصري([109]) وأبو حنيفة... فقد كان علي 7 يشجع دعوة المبتدعة إلى الحق بمجادلتهم في باطلهم الذي تعلقوا به، وقد ناظر 7 قدرياً في القدر، وأرسل ابن عباس ليناظر بعض المبتدعة، وناظر عبد الله بن مسعود يزيد بن عميرة في الإيمان. هذا في حين أن كثيراً من الصحابة كانوا يرون أن الدخول في مناقشة هؤلاء الناس بدعة يجب تجنبها([110]).

وظل هذا التيار مستمراً في القرن الثالث الهجري، وصار معتقد أهل السنة جميعاً بعد أن ارتبط باسم الإمام أحمد بن حنبل([111]). الذي ظهرت وتبلورت السلفية الأولى على يديه. حيث تبلور وعي سلفي، أعلى من شأن السلف الصالح، ووضعهم في موضع الجماعة الذهبية صاحبة الوصاية في تأويل النص وتفسيره.

وتعدُّ محنة القول بخلق القرآن في عام 218 هـ ، الظهور التاريخي الأول لبدايات التبلور المذهبي لدعاة السلفية والفرصة الأولى التي هيأت الشروط الموضوعية لتبلور النزعة السلفية في تيار متميز لأول مرّة([112]).


العوامل التي ساعدت على ظهور التيار السلفي:
وقد تضافرت عوامل عدّة، ساعدت على ظهور هذا التيار منها: وصول المتوكل العباسي إلى السلطة (232 ـ 247 هـ) الذي انتصر لأهل الحديث، وإمامهم أحمد بن حنبل، وتبنّى أفكارهم، إذ أمعن في اضطهاد المعتزلة، وألقى بهم في دياجير السجون، وأعلن براءة الإمام أحمد بن حنبل، وكرمه لقاء ما لقى من سلفه من عنت وقسوة([113]). وقد رد أحمد بن حنبل هذا الجميل على المتوكل العباسي من خلال فتواه بحرمة الخروج على الحاكم ولو كان فاجراً، يقول أحمد بن حنبل: «السمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البر والفاجر»([114])، ومُنح المتوكل من قبل هذا التيار لقب ناصر ومحيي السنة([115]).

أمّا العامل الآخر فهو ما قامت به المعتزلة ـ عندما كان لها حظوة ومكانة، وجاه، وسعة نفوذ عند خلفاء بني العباس ـ المأمون، المعتصم، الواثق ـ من امتحان الناس في خلق القرآن، وأخذوا بالعقاب الشديد، من تسول له نفسه معارضة هذه المقالة، وضغطهم على رجال الحديث، وأئمتهم حتى زجوا بهم في السجون([116]). هذا من جهة ومن جهة أُخرى فان المعتزلة قد بالغت في الاعتماد على العقل والمنطق والقياس على حساب النصوص، والمأثورات، وخاضوا وتعمقوا في المسائل العقلية الدقيقة، مما جعل فكرهم فكر صفوة لا فكر عامة وجمهور([117]). ذلك ان العامة والجمهور تميل إلى الأخذ بظواهر النصوص، والمحسوس، مما جعل فكر السلفية النصي الحرفي الظاهري، أقرب إلى العامة والجمهور.

وهذا ما يفسر انتشار الفكر السلفي في الأوساط الاجتماعية الفقيرة التي تكره كل ما هو جديد، أو لا يتناسب مع ظواهر النصوص وقد يكون هذا نتيجة طبيعية لضيق الأفق ومحدودية التوجه، أضف إلى ذلك شعورهم المتشدد الرافض للعقل خشية انسحاب العقل على موروثهم العقائدي القائم على ظاهر القرآن والسنة من دون اعتماد العقل في تأويل ما يمكن تأويله شريطة أن لا يضر بجوهر الإسلام وثوابته المعتمدة.

وبرزت لهذا الجمهور قيادات تنادي بالعودة إلى إسلام السلف، الإسلام الذي أصبح غريباً في مناخ متفلسف، يقدم العقل وبراهينه على النصوص وكان على رأس هؤلاء الإمام أحمد بن حنبل([118])، خصوصاً بعد خروجه من المحنة منتصراً بمساعدة المتوكل العباسي، الذي تبنى هذا الفكر، وآزره بكل قوّة.

والناس على دين ملوكهم: «فاستبدل السلفية بالمعتزلة، وحلّت النصوص محل العقلانية والرأي والتأويل، وخرج المحدّثون من محابسهم، وحل محلهم فيها علماء الكلام»([119]). ثم ان المتوكل العباسي أشخص الفقهاء والمحدّثين، فقُسّمت بينهم الجوائز، وأُجريت عليهم الأرزاق، وأمرهم المتوكل أن يجلسوا للناس وأن يحدثوا الأحاديث التي فيها الرد على المعتزلة والجهمية، وأن يحدثوا بأحاديث الرؤية([120]). فوضعت أحاديث كثيرة في الصفات تفيد التجسيم، وفي الرؤية، وفي قدم القرآن مما ليس له أصل في الإسلام، ولم يُعرف قبل هذا التاريخ. وفي هذه الأجواء نشطت عقيدة التشبيه والتجسيم([121]) وذم الكلام ، والقول بقدم القرآن.

وهكذا انتعشت الحركة السلفية، وانتشرت في الآفاق، وساد نهجها النصي الحديثي في مرافق الحياة العلمية والبحثية، وأصبحت مذهباً للدولة آنذاك.

وعلى هذا الأساس فقد أسهمت العوامل السياسية في وضع القواعد المنهجية التي تم على أساسها تأسيس الفكر السلفي الذي نشأ وترعرع في أحضان الساسة الذين التزموا ورتّبوا عليه كثيراً من الثمرات والنتائج التي أصبحت ذات قيمة ذاتية عند الأوائل من السلف، ومن بعدهم من بناة هذا الفكر الذين أخذوا على عاتقهم نشر الوعي الثقافي السلفي على الصعيد العالمي.

وقد واصلت الحركة السلفية بعد أحمد بن حنبل السير على منوال العقائد التي صاغها، متمثلة بابنه عبد الله(ت: 290 هـ) ([122])، والبربهاري (ت: 362 هـ)، وابن بطة (ت:387هـ) والقاضي أبي يعلى([123]) الحنبلي (ت:458هـ)، وابن الزاغوني([124]) (ت: 528هـ) وفي هذه الفترة امتازت الحركة السلفية، بالمغالاة الشديدة بإمامهم أحمد بن حنبل، في تسطير المناقب له، والدعوة إلى مذهبه، عن طريق المنامات والرؤى، وفي هذا الصدد يقول عبد الوهاب الورّاق([125]) (ت: 251 هـ): «رأيت النبي9 أقبل فقال لي: مالي أراك محزوناً؟ فقلت: وكيف لا أكون محزوناً وقد حل بأمّتك ما قد ترى؟ فقال لي: لينتهينَّ الناس إلى مذهب أحمد بن حنبل، لينتهينَّ الناس إلى مذهب أحمد بن حنبل»([126]), وعلى هذا المنوال أخذت تنسج القصص والأساطير حول شخصية أحمد بن حنبل.

أضف إلى ذلك فإن هذه الفترة قد امتازت باستخدام العنف والقوّة لكل من لايرى رأيهم أو لا يسير على مذهبهم حتى ان الإمام الطبري (ت: 310 هـ) صاحب التفسير والتاريخ ظل حبيس داره مدّة ولما توفي حالوا دون تشييعه ودفنه، لأنّه صنّف كتاباً للفقهاء ولم يذكر فيه أحمد بن حنبل، فقيل له في ذلك فقال: لم يكن فقيهاً وإنّما كان محدّثاً([127]).

ويروى أيضاً: ان نائحة في بغداد كانت تنوح على الحسين 7 من غير تعريض بالسلف، فسمع بها الحنابلة أيام البربهاري الحنبلي فقال: بلغني أن نائحة يقال لها خلب تنوح، اطلبوها فاقتلوها([128]).

بعد أحمد بن حنبل خفَّ صوت السلفية، وابتعدت عن دائرة التأثير بين الناس، خصوصاً بعد ظهور دعوى أبي الحسن الأشعري (ت: 324 هـ) وانتشار مذهبه بين الناس، إذ أصبح بديلاً عن أحمد بن حنبل في ساحة العقائد، عند أهل السنة، يقول المقريزي (ت: 845 هـ) بعد الإشارة إلى عقائد الإمام أبي الحسن الأشعري: «هذه جملة من أصول عقيدته التي عليها الآن جماهير أهل الأمصار الإسلامية، والتي من جهر بخلافها أريق دمه»([129]).


الأسباب التي أدت إلى انحسار الفكر الحنبلي:
ان من الأسباب التي أدّت إلى انحسار الفكر العقائدي الحنبلي عن الساحة السنية هو المبالغة في إقصاء العقل، والحرفية في التعامل مع النص، فجاء أبو الحسن الأشعري بمنهج فيه شيء من الوسطية بين المعتزلة أصحاب العقل، والحنابلة النصيين فأصبح له نفوذ وتأثير في الساحة السنية العقيدية، استطاع من خلالها أن يكون البديل عن أحمد بن حنبل، ويلقّب بإمام السنة.

يعرض عرفان عبد الحميد الأسباب التي أدّت إلى انحسار عقائد أحمد بن حنبل، فيقول: مع سلامة هذه العقيدة، وارتباطها بإمام أهل السنة ـ أحمد بن حنبل ـ فإنها لم تستمر طويلاً لأنها تتضمن الإحالة إلى المجهولات، لا تفهم مؤداها ولا غايتها. وهاجمها كثير من العلماء حتى عدّها ابن حزم الأندلسي مدخلاً لطريق ينتهي بالتشبيه.

ومن جهة أُخرى ظهور المدارس التوفيقية كمدرسة أبي الحسن الأشعري (ت:324 هـ)، ومدرسة أبي منصور الماتريدي([130]) السمرقندي (ت:331 هـ)، الذين أخذوا بالتأويلات المجازية، متبعين الاسلوب الذي بدأه المعتزلة من قبل([131]).

الظهور الثاني للسلفية الأولى:
أما الظهور الثاني للسلفية الأولى([132])، فكان على يد ابن تيمية الحراني (ت:728 هـ) عند نهاية الخلافة العباسية، وعقيب سقوط بغداد عام 656 هـ . إذ يحمّل ابن تيمية أهل البدع ـ على حد تعبيره ـ من جهمية وقدرية وباطنية، وصوفية وفلاسفة مسؤولية السقوط، ويشنّ عليهم حملة عنيفة، داعياً إلى إحياء عقيدة السلف ومنهجهم فيتبعه نفر كثير.

ويمكننا القول ان السلفية الأولى بلغت مع ابن تيمية أوج نضوجها، واكتمالها، وغاية مداها،، ومعه اتخذ المنهج السلفي صورته البينة التي أبانت عن قواعده، وقضاياه بصورة حاسمة، وحددت الطريق لكل الذين جاءوا من بعده، أما آراؤه في الإيمان والكفر والقتال فستجعلها الجماعات الإسلامية المعاصرة ـ من السلفية الجهادية ـ عمدة حراكها، وسنداً لفعلها المباشر([133]).

فابن تيمية هو الذي أصّل الأصول وقعّد القواعد للسلفية، فهو بحق المنظر، والمشيد للبنيان القاعدي لأفكارها.

يصف عرفان عبد الحميد الحركة السلفية في زمن ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية([134]) فيقول: «وقد قوى هذا التيار في القرن السابع للهجرة على يد الإمام تقي الدين ابن تيمية الحراني (ت: 728 هـ) وتلميذه ابن قيم الجوزية (ت: 751 هـ) وصار يعرف بالعقيدة السلفية، وقد حاول كل من ابن تيمية، وابن قيم الجوزية دفع الشبه التي ألقيت عليه، وذلك بإيجاد أساس فكري، مبني على مبدأ عام، يقضي بان لا ضير من إثبات ظواهر الصفات الخبرية، وان ذلك لن يؤدي إلى التشبيه، ما دامت المماثلة منفية، وغير واردة بين الله الخالق والإنسان المخلوق»([135]).

فالحركة السلفية انتشرت بقوة في زمن ابن تيمية الذي أعلن هذا المذهب في «جرأة وقوّة وزاد آراءه انتشاراً اضطهاده بسببها، فإنّ الاضطهاد يُذيع الآراء وينشرها»([136]) لكن هذه الصحوة السلفية لم تنجح فيما نجح فيه ابن حنبل، فلم تصبح مذهباً للدولة، وإنّما ظلت حركة، يلقى اعلامها السجن والعنت والاضطهاد([137]).

وقد تميزت السلفية في عصر ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية، باتساق المنهج ووحدة الأصول الاعتقادية والفكرية لأن ابن قيم الجوزية كان تلميذاً مخلصاً لشيخه ابن تيمية، ومن أكثر الناس التصاقاً به، يقول ابن حجر (ت: 852 هـ): «غُلب عليه حب ابن تيمية حتى كان لا يخرج عن شيء من أقواله، بل ينتصر له في جميع ذلك، وهو الذي هذّب كتبه، ونشر علمه، ... واعتقل مع ابن تيمية بالقلعة»([138]).


المبحث الثالث
السلفية الوسيطة (الوهابية)
السلفية الوسيطة، هي السلفية التي تمثلها الوهابية، والتي تكونت في شبه الجزيرة العربية، في البيئة النجدية([139]) البدوية([140])، وهي سلفية نصوصية صلبة([141])، ارتبطت باسم مؤسسها محمد بن عبد الوهاب (1115 ـ 1206 هـ)، والتي قامت على بناء العقيدة في ضوء احيائها لمدرسة أحمد بن تيمية الحراني (661 ـ 728 هـ)، وتلميذه ابن قيم الجوزية (ت: 758 هـ)، وإضافتها عنصر مدرسة الحديث المرتبط باسم أحمد بن حنبل.

وما يميز السلفية الوسيطة عن السلفية الأولى، هو أنها أدمجت اتجاه أهل الحديث بشكل عضوي في مسائلها الاعتقادية، والعبادية، لكنها من ناحية رؤيتها الاعتقادية، لمفهوم التوحيد كانت تعيد إحياء المنظومة الفكرية لابن تيمية([142])، فلقد تابعت الوهابية([143]) تقسيم ابن تيمية([144]) للتوحيد ـ الربوبية، الالوهية، الأسماء والصفات ـ بشكل أكثر تشدداً، وحكمت على أغلب المسلمين بالكفر والخروج من الملة، لممارستهم بعض العبادات، كالتوسل بالأنبياء والصالحين، والتشفع بهم عند الله، وزيارة القبور، يقول محمد بن عبد الوهاب: «إن الذين قاتلهم رسول الله 9 أصح عقولاً، وأخف شركاً من هؤلاء»([145]). ويعني بهم المسلمين باستثناء أتباعه!!

كما تدعي الوهابية: أنّ العبادة مبنية على أصل توحيد الالوهية، لا على توحيد الربوبية، وان المشركين كانوا يوحدون في الربوبية، ولكنهم يشركون في الالوهية([146]).

وقد طبق الوهابية هذه المقولة على المسلمين، وقالوا: ان المسلمين كالمشركين في عصر الجاهلية، موحدين في الربوبية، مشركين في الالوهية([147])، وبذلك وضعوا قواعد للتكفير، وحددوها بعشرة، فمنها: الذبح لغير الله، والاستعانة، والاستعاذة، والاستغاثة، والنذر لغير الله، والدعاء من غير الله...([148]).

وإذا نظرنا في كتب محمد بن عبدالوهاب([149])، وبالخصوص كتابيه، التوحيد وكشف الشبهات نجدها مليئة بالعبارات الصريحة في تكفير المسلمين، وكذلك الاستشهادات والاقتباسات التي تؤكد مرجعيته الحنبلية التيمية المتشددة حتى انّ أحمد بن حنبل لم يرد عنه نهي في مسألة التوسل بالأولياء وزيارة الأضرحة، التي تعرض لها ابن تيمية([150]) بالنقد والتخطئة، وصولاً إلى استخدام العنف وهدم الأضرحة في زمن الوهابيين([151])، بحيث لم يبق في نجد والحجاز أي قبر من قبور الصحابة والأولياء، باستثناء قبر النبي 9 الذي يُعدّ في نظر الوهابيين صنم يعبد من دون الله، ولولا صيحات المسلمين في كل أنحاء العالم لهدم قبر الرسول 9 في ذلك الوقت([152]).

يقول محمد أبو زهرة عن الوهابية وهدم الأضرحة: «إنها كانت كلما مكن لها من قرية أو مدينة أتت على الأضرحة هدماً وتخريباً حتى أطلق عليها بعض الكتّاب الأوربيين وصف هدامي المعابد»([153]) ويضيف قائلاً: «لقد درس محمد بن عبدالوهاب مؤلفات ابن تيمية، فراقت في نظره، وتعمق فيها، وأخرجها من حيز النظر إلى حيز العمل»([154]) خصوصاً تلك التي تتصل بالمجتمع والدولة، وركز على فكرة ابن تيمية، التي تدعو إلى التعاون بين أهم فئتين في المجتمع وهما، الأمراء والعلماء، والتي تعرض لها ابن تيمية في كتابه الراعي والرعية، وقد ترجم محمد بن عبد الوهاب هذا التعاون بالاتفاق الذي تم بينه وبين الأمير محمد بن سعود حاكم الدرعية([155]) في نجد عام (1745م) ويُعدّ هذا حجر الزاوية في الحلف الوهابي السعودي الذي قامت على أساسه، ولا تزال المملكة العربية السعودية([156]).

يقول عثمان بن بشر النجدي في كتابه المجد في تاريخ نجد، عن الاتفاق بين محمد بن عبد الوهاب، ومحمد بن سعود أمير نجد بما نصّه: «وصل الشيخ ابن عبد الوهاب الدرعية بعد خروجه من العيينة([157])، فالتقى ببعض رجالها، وقرر لهم التوحيد، واستقر في قلوبهم، فأرادوا أن يخبروا محمد بن سعود (أمير الدرعية) ويشيروا عليه بنصرته فهابوه، فأتوا إلى زوجته موضى، وكانت ذات عقل ومعرفة فأخبروها بمكان الشيخ، وصفة ما يأمر به، وينهي عنه، فوقر في قلبها معرفة التوحيد، وقذف الله في قلبها محبة الشيخ فلما دخل عليها زوجها محمد، أخبرته بمكانه، وقالت إن هذا الرجل، أتى إليك وهو غنيمة، ساقها الله لك، فأكرمه وعظّمه، واغتنم نصرته، عمل أمير الدرعية بما أشارت عليه زوجته، فتوجه إلى الشيخ ورحّب به وأكرمه، وأمنه على نفسه، وبشّره بالنصرة والدفاع، ثم أخبره الشيخ بما كان عليه الرسول 9 وما دعا إليه، وما عليه أصحابه من بعده، وما أمروا به، وما نهوا عنه، وان كل بدعة بعدهم ضلال، وما أعزهم الله به بالجهاد في سبيل الله وأغناهم به، ثم أخبره بما عليه أهل نجد اليوم من مخالفتهم بالشرك بالله تعالى، والبدع، والاختلاف والجور والظلم.

فلما تحقق محمد معرفة التوحيد وعلم ما فيه من المصالح الدينية والدنيوية، قال له: يا شيخ إن هذا دين الله ورسوله الذي لا شك فيه، وابشر بالنصرة لك، ولما أمرت به، والجهاد لمن خالف التوحيد، ولكن أريد أن اشترط عليك اثنين، نحن إذا قمنا في نصرتك والجهاد في سبيل الله، وفتح الله لنا ولك البلدان، أخاف أن ترحل عنا، وتستبدل بنا غيرنا.

والثانية: ان لي على الدرعية قانوناً أخذه منهم في وقت الثمار وأخاف أن تقول، لا تأخذ منهم شيئاً، فقال الشيخ: أما الأولى فابسط يدك الدم بالدم والهدم بالهدم، وأما الثانية، فلعل الله يفتح لك الفتوحات فيعوضك الله من الغنائم ماهو خير منها»([158]).

الملاحظ على هذا الاتفاق على ما يراه الباحث: ان نصرة محمد بن سعود، وقبول دعوة محمد بن عبد الوهاب، لم تكن لوجه الله، بل لتوسعة السلطان والملك، والسبب في ذلك، ان دولة الخلافة الإسلامية المتمثلة بالدولة العثمانية كانت قائمة، ويتربص بها الأعداء من كل مكان، فكان الأولى لابن سعود أن ينصر دولة الخلافة على المشركين من الصليبيين المتمثلين آنذاك بالعدوان الإنكليزي والفرنسي، لا أن ينصر محمد بن عبد الوهاب على المسلمين، من أبناء جلدته ويُعمل فيهم السيف، والسلب والنهب.

ثم ان رد محمد بن عبد الوهاب على طلب ابن سعود، كان رداً مثيراً حيث قال: الدم بالدم والهدم بالهدم، وهو شعار خطير، يُرفع ويُعمل به مع المسلمين، وكان الأجدر به أن يرفعه بوجه الإنكليز والفرنسيين، ثم من أين لابن عبد الوهاب نبوءة فتح البلدان، والحصول على الغنائم!!

هذه الملاحظات وغيرها تؤيد الرأي القائل، ان مشروع ابن عبد الوهاب وابن سعود، كان مشروعاً بريطانياً([159])، أراد تفتيت وحدة المسلمين، وإشغالهم ببعضهم البعض، من باب فرق تسد، الشعار البريطاني المعروف، تمهيداً للسيطرة عليهم.

كان لاتفاق محمد بن عبد الوهاب، وابن سعود، أثر مهم في وضع الأساس لقيام الدولة السعودية([160]) الوهابية في بلاد نجد والحجاز، وأخذت الدعوة الوهابية، تنتشر في بلاد نجد بشكل واسع وسريع يدعمها السيف والسلطان.

يقول محمد أبو زهرة: «لقد قاد الفكرة الوهابية في ميدان الحرب والصراع، محمد بن سعود جد الأسرة السعودية الحاكمة للأراضي العربية، وقد كان صهراً للشيخ محمد بن عبد الوهاب، واعتنق مذهبه وتحمس له وأخذ يدعو إلى الفكرة بقوّة السيف، وأعلن أنه يفعل ذلك لإقامة السنة، وإماتة البدعة، ولعلّ هذه الدعوة الدينية التي أخذت طابع العنف كانت تحمل معها تمرداً على حكم العثمانيين، ومهما يكن من أمر فقد استمرت الدعوة مؤيدة بقوّة السلاح، فجرّدت الدولة العثمانية لها القوّة، ولكنها لم تنتصر عليها، ولم تقو على القضاء على قوتها، حتى تصدى والي مصر محمد علي لها، فانقضّ على الوهابية بجيشه، وهزمهم في عدّة معارك، وعندئذ انقبضت القوّة المسلحة واقتصرت على القبائل العربية، وكانت الرياض وما حولها مركزاً لهذه الدعوة المستمرة التي كانت تعنف ان وجدت قوّة، وتنقبض ان وجدت مقاومة عنيفة»([161]).

ان جنود محمد علي هم الذين هزموا الوهابيين في 1811 م، واستعادوا مكة والمدينة، ودفعوا بهم نحو الحجاز، وفي عام 1818م انقضّ ابنه إبراهيم باشا على القوات الوهابية ـ السعودية، في عقر قاعدتهم في نجد، ودمّر عاصمتهم الدرعية، لقد أعيد تأسيس السيطرة العثمانية، حتى أنهم لم يتمكنوا من إعادة تأسيس أنفسهم كسلطة محلية إلا بعد مائة عام، عندما تحالفوا مع الإمبراطورية البريطانية، لاسترجاع نجد بإشعال الجهاد ضد مسلمي الخلافة([162]).

لقد تقاسم آل الشيخ وآل سعود أمور الدولة السعودية الوهابية، منذ البداية، فما تعلق بالهوية والأحوال الشخصية والدينية تولاه آل الشيخ، وما تعلق بتسيير أُمور الجماعة العامة (الدولة) تولاه آل سعود، ومعلوم ان موقف السلفية الوسيطة (الوهابية) من السلطة السياسية هو امتداد طبيعي لموقف السلفية الأولى، الداعي إلى وجوب طاعة أولي الأمر في السراء والضراء، بمعنى ان السلفي لا يتجه في الأصل لإنقاذ نفسه عن طريق تولي السلطة، بل يسلّم به للقائم على الأمر، أو يكتفي هو بأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر بالحسنى، وبما لا يخل بالهيبة والسلطان([163]).

ومع مرور الوقت تميّزت وهابيتان، الوهابية الرسمية التي تلعب دور وعّاظ السلاطين للحكام السعوديين، والوهابية المنشقة المنتمية للسلفية الجهادية([164]).

لقد تعرّض الفكر الوهابي من قبل علماء المسلمين ـ السنة والشيعة ـ للردّ والمناقشة، والتفنيد والاستنكار، وكان على رأس قائمة الرادّين عليه، أخوه الشيخ سليمان بن عبد الوهاب (ت:1210هـ) في كتابه الصواعق الإلهية، حيث جاء فيه: «ان هذه الأمور ـ التي كفر بها الوهابيون المسلمين ـ حدثت من زمن الإمام أحمد بن حنبل، في زمان أئمة الإسلام، وأنكرها من أنكرها منهم، ولازالت حتى ملأت بلاد الإسلام كلّها، وفعلت هذه الأفاعيل كلّها التي تكفرون بها، ولم يروَ عن أحد من أئمة المسلمين أنهم كفروا بذلك، ولا قالوا هؤلاء مرتدون، ولا أمروا بجهادهم، ولا سموا بلاد المسلمين بلاد شرك وحرب كما قلتم أنتم، بل كفّرتم من لم يكفر بهذه الأفاعيل وإن لم يفعلها...»([165]).


المبحث الرابع
السلفية المتأخرة (الجهادية)
تُعدّ السلفية الجهادية امتداداً طبيعياً للسلفية الأولى والوسيطة، ويُعد المودودي([166]) (ت:1979م)، وسيد قطب([167]) (ت: 1966م) الركيزة الأساسية لهذا الاتجاه الفكري([168]).

فالمودودي أول من نظّر مسألة الحاكمية، التي من خلالها حكم على المجتمعات المسلمة بالجاهلية، معللاً ذلك بانّها لا تطبق الشريعة الإسلامية، وعلى الأنظمة بالكفر، لأنها تحكم على وفق القانون الوضعي([169])، وعلى هذا الأساس فهو «يربط بين مفهومي الوحدانية والاستخلاف ربطاً محكماً»([170]) إذ يقول المودودي في هذا الصدد: «إنّ الدولة الإسلامية تقوم على أساس واحد، هو حاكمية الله الواحد الأحد، إنّ نظريتها الأساسية، تقوم على أنّ الأرض كلّها لله، وهو ربّها، والمتصرف في شؤونها، فالأمر والتشريع والحكم، كلّها مختصة بالله وحده، وليس لفرد أو أسرة أو طبقة أو شعب، ولا للنوع البشري كافة شيء، من سلطة الأمر والتشريع، فلا مجال في حظيرة الإسلام، ودائرة نفوذه إلا لدولة يقوم فيها المرء بوظيفة خليفة الله»([171]).

استعمال المودودي، ومن بعده سيد قطب مفهوم الجاهلية([172])، سلاحاً معرفياً لرفض كل نمط من أنماط الحياة غير الإسلامية، ومفهوم الحاكمية([173]) لرفض كل حكم لا يستند على شريعة الله (عزّ وجلّ) ومنهاجه.

ففي مسألة الجاهلية يؤسّس المودودي لظاهرة خطيرة، وهي رمي المجتمع المسلم بصفة الجاهلية التي هي على النقيض من الإسلام، إذ يقول من كلام طويل له: فإن عشرتنا ومواكبنا كلّها مصطبغة بصبغة الجاهليتين القديمة، والجديدة متلونة بلونها، ثم يقول: وجملة القول: إنّ كلّ فرع من فروع حياتنا الاجتماعية يناقض الإسلام ويعارضه، وناهيك به حجة للناس، والعالم على أن أتباع الإسلام أنفسهم يؤثرون الجاهلية على الإسلام([174]).

ويضيف المودودي في مسألة الحاكمية والخلافة، فيقول: «الحاكم الحقيقي في الإسلام، إنّما هو الله وحده، فإذا نظرت إلى هذه النظرية الأساسية، وبحثت عن موقف الذين يقومون بتنفيذ القانون الإلهي في الأرض تبين لك أنه لا يكون موقفهم إلا كموقف النواب عن الحاكم الحقيقي، فهذا هو موقف أولي الأمر في الإسلام بعينه»([175]).

وفي موضع آخر يقرر المودودي ان الحاكمية قد أجاب عليها القرآن بشكل قطعي وواضح كل الوضوح، وهو ان الحاكمية بكل معنى من معانيها فهي لله تعالى وحده فانه هو الحاكم الحقيقي، في واقع الأمر، ولا يستحق أن يكون الحاكم الأصلي إلا هو وحده([176]).

أمّا سيد قطب فقد تأثر كثيراً بآراء المودودي، وأعطى لمفاهيمه بعداً حركياً، وذهب بها إلى المدى الأقصى([177]). وقد نقل سيد قطب كثيراً من آراء المودودي، وأودعها تفسيره في ظلال القرآن وكتابه معالم في الطريق، «الذي وصف بأنه زنزانة فكرية مغلقة، فهو بيئة العذابات التي شُكلت في السجون»([178]).

وقد اشتمل كتابه الموسوم بـ(معالم في الطريق) على رؤية نوعية للمجتمع، وللعلاقات القائمة في إطاره، وهو يُعدُّ دليل ومشروع عمل للجماعات الجهادية، ومحور رؤية سيد قطب تقوم على أساس الاعتداء على سلطان الله في الأرض، وعلى أخصّ خصائص الالوهية، وهي الحاكمية([179]).

فالمجتمع والنظام ـ على وفق هذا المنظور ـ الذي لا يتخذ من التشريع والقانون الإلهي حكماً ومنهجاً، فهو مجتمع جاهلي ونظام كافر، ومفهوما الجاهلية، والحاكمية، ولدا على يد أبي الأعلى المودودي، وأشاع استخدامهما سيد قطب، ومن ثم تعاقب منظّرو السلفية الجهادية على توسعتهما، وصولاً إلى مفهومي الولاء والبراءة([180]) عند تنظيم القاعدة([181]).

ومفهوم الجاهلية هو توصيف للواقع الاجتماعي والسياسي المعاش، إذا كان لايستقيم ومفاهيم السلفية الجهادية، تجاه المجتمع والدولة، وغدا اطلاقه، على هذا الواقع، لا بوصفه توصيفاً سلبياً فحسب بل تم إدخاله في المنظومة العقدية والفقهية بوصفه حكماً شرعياً يُرمى به الأفراد والجماعات والمجتمعات([182])، يقول سيد قطب في هذا الوصف: «ان العالم يعيش اليوم في جاهلية، من ناحية الأصل الذي تنبثق منه مقومات الحياة، وأنظمتها جاهلية، لا تخفف منها شيئاً هذه التيسيرات المادية الهائلة، وهذا الابداع المادي الفائق هذه الجاهلية تقوم على أساس الاعتداء على سلطان الله في أرضه، وعلى أخص خصائص الالوهية، وهي الحاكمية، إنها تسند الحاكمية إلى البشر، فتجعل بعضهم لبعض أرباباً، لا في الصورة البدائية الساذجة التي عرفتها الجاهلية الأولى، ولكن في صورة ادعاء حق وضع التصورات والقيم، والشرائع والقوانين، والأنظمة والأوضاع بمعزل عن منهج الله للحياة، وفيما لم يأذن به الله»([183]).

وفي ضوء ما تقدم يعتقد الباحث ان سيد قطب لم يفرق بين مجتمع الجاهلية الأولى الوثنية المشركة في عبادة الله تعالى، والمتخذة لنفسها منهجاً لا يقوم على شرعية الله، وبين المجتمعات المسلمة التي اعتمدت في قوانينها ودستورها على القانون الوضعي، فالمجتمعات المسلمة، على الرغم من اعتقادها بالإله الواحد وإيمانها بالإسلام ديناً، إلا أنها في نظر سيد قطب، تعدُّ مجتمعات جاهلية كافرة، كالجاهلية الأولى، لأنها نازعت الله في سلطانه، وعلى أخص خصائص الالوهية، وهي الركون والاستناد إلى حاكمية البشر دون حاكمية الله تعالى وتشريعه.

فسيد قطب يُعدّ رائد التحول الكبير في الحراك الإسلامي المعاصر، عندما تحول في مطلع الستينات عن النهج الإخواني([184]) الداعي إلى التغيير السلمي، والتدرج، واضعاً كتابه (معالم في الطريق) الذي أصبح برنامج عمل لكثير من الجماعات السلفية المعاصرة، كما أسس سيد قطب في معالمه لفكر الثورة ونهج الخروج على الحكام وأولي الأمر([185])، مخالفاً بذلك ما عليه السلفية الأولى والوسيطة، في موقفها الداعي إلى عدم الخروج على الحكام، وان كانوا ظلمة، ما لم يظهر منهم كفر بواح([186]).

فحكم سيد قطب من خلال كتابه معالم في الطريق بكفر الأمة، بدون تردد، شاملاً الحاضر وأربعة عشر قرناً من الماضي، ولم يستثنِ إلا الخلافة الراشدة، إذ قال: «ليس على وجه الأرض مجتمع قرّر فعلاً تمكين شريعة الله وحدها، ورفض كل شريعة سواها»([187])، فالأمة الإسلامية ـ كما يرى سيد قطب ـ «قد انقطع وجودها منذ قرون كثيرة»([188]).

ثم يقرر بشكل صريح: «إن الناس ليسوا مسلمين ـ كما يدعون ـ وهم يحيون حياة الجاهلية»([189]).

وفي موضع آخر من كتابه معالم في الطريق يقول: «ينبغي أن يكون مفهوماً لأصحاب الدعوة الإسلامية أنهم حين يدعون الناس لإعادة انشاء هذا الدين يجب أن يدعوهم أولاً إلى اعتناق العقيدة حتى لو كانوا يدعون أنفسهم مسلمين، وتشهد لهم شهادات الميلاد بأنهم مسلمون؛ يجب أن يعلموهم أن الإسلام هو أولاً، إقرار عقيدة لا إله إلا الله، بمدلولها الحقيقي، وهو رد الحاكمية لله في أمرهم كلّه... فإذا دخل في هذا الدين ـ بمفهومه الأصيل ـ عصبة من الناس، فهذه العصبة هي التي يطلق عليها اسم المجتمع المسلم»([190]).

وفي هذه النصوص دلالة واضحة وجلية على أن سيد قطب يحكم على الأمة المسلمة، بالكفر العقيدي، المخرج من الملة، ويقدم تعريفاً جديداً للمسلم ـ ما أنزل الله به من سلطان ـ فالمسلم الذي تشهد له شهادة الميلاد يجب عليه أن يتشهد الشهادة من جديد، بمدلولها الحقيقي، الذي هو رد الحاكمية لله في أموره كلّها، وهذا لم يقل به أحد من علماء المسلمين! ثم انه يؤسس للجماعة والعصبة الجديدة البديلة عن المجتمع المسلم، والمتحيزة والخارجة عنه، وبذلك أسس للقطيعة والعنف والتكفير في داخل المجتمع المسلم.

هذه الجماعة والعصبة الجديدة، التي بدأت شيئاً فشيئاً تنسلخ عن المجتمع ـ وفق البرنامج القطبي ـ وتبني حولها أسواراً عالية عازلة بينها وبين المجتمع المسلم الذي تعيش فيه، وبدأت تذوب كل المشتركات بينها من مشاعر وأحاسيس واخوة، وتحلّ محلّها مفاهيم جديدة أُخرى على وفق المنظومة الجديدة لهذه الجماعات التي شكلت النظام الداخلي لها.

كما أعتقد ان موقف سيد قطب الأخير يُعد تكثيفاً متطرفاً لاتجاه موجود في ضمن الدائرة الإسلامية (المحيط الإسلامي) إذ كانت الرهانات الدينية القائمة على التغولق والانكفاء المشحونة بقدسية النصوص التي لم تنفك ابداً عن توجهات السلف وخطاباتهم تتجاوز الحد المعقول لكي تلبي الحاجيات العقدية والنفسية والاجتماعية والايديلوجية طبقاً لقواعد الخلفاء وجيل الصحابة الذين يعدّونهم القادة الروحيين لتأصيل هذا التراث المعبر عن ذاتية التفكير السلفي واتجاهاته.

يقول أحد الباحثين: ان النواة التنظيمية للسلفية الجهادية، قد تشكلت من رحم حركة الإخوان المسلمين، خصوصاً بعد حالة العداء التي حصلت بين الإخوان وحكومة عبدالناصر، وبالتحديد بعد محاولة اغتيال عبد الناصر سنة 1954م([191])، والتي اتَّهم بها الإخوان المسلمين، فزجَ الإخوان على أثر ذلك بالسجون والمعتقلات، والتعذيب، في هذه الأجواء بدأ فكر سيد قطب يتحرك عند هذه الجماعات، خصوصاً بعد تأليفه كتاب معالم في الطريق، «الذي بات نوعاً من البيان، وأشبه بدليل «ما العمل»؟ للتيار الإسلامي المتشدد»([192]).

وفي هذه الأثناء بدأ شباب الجماعة بالتعرف على فكر المودودي، من خلال ترجمة أعماله إلى العربية، ومن كل ذلك ولدت مدرسة الغلو والتطرف في مصر، وتأسست جماعة الجهاد، التي اعتمدت فكر المودودي وسيد قطب.

وقد كشفت الثمانينات في مصر، والتسعينات في أفعانستان أن جماعة الجهاد المصرية تقود تحولات كبرى في الحركة الإسلامية في مصر، والعالم العربي والإسلامي([193])، والتي اشتركت مع ابن لادن ـ مؤخراً ـ من خلال الظواهري في تشكيل تنظيم القاعدة عام 1986([194]).

«في الثمانينات من القرن العشرين، ظهر الاتجاه السلفي الجهادي بشكل قوي، إثر اجتياح الجيش السوفيتي لأفغانستان، ومع توجه أمريكا للاستعانة بالإسلام في مواجهة الشيوعية الزاحفة آنذاك نحو المياه الدافئة، ونفط الخليج، هذا الاتجاه الذي تعضد بالمجاهدين العرب»([195])، من الأقطار العربية كافة، وبالخصوص مصر، وكان هذا التوجه يتماشى مع «رغبة الأجهزة الأمنية العربية في التخلص من هؤلاء الشباب، الذين بدأوا يثيرون صراعاً لا ينتهي بالنسبة لهم عبرَ اللقاءات والندوات في المساجد، والمواجهات الدامية العنيفة مع الاجهزة الأمنية، في كثير من الدول العربية والإسلامية، وكان من وجهة نظرهم ـ الجهات الأمنية ـ أن السفر إلى أفغانستان يعد الطريقة المثلى للتخلص منهم بدون مشاكل، بالنظر إلى أنه سيتم القضاء عليهم، حيث لا قبل لهم بمواجهة جيوش نظامية تملك كل أنواع الأسلحة الفتاكة»([196]).

يبدو للباحث ان السلفية الجهادية بدأت مع حرب أفغانستان وإن لم يكن اسمها ذلك ساعتها، ولكن نواياها بدأت في ذلك الوقت على يد المجاهدين العرب، وقد مرّت بمراحل كثيرة، قبل أن تتطور وتصل إلى شكلها الحالي وكانت أولى بداياتها على يد الشيخ عبد الله([197]) عزّام (ت: 1989م) المبشر بالجهاد، وقد دعا إلى الجهاد وعظّمه في مجموعة من المقالات، والمؤتمرات عبر العالم، وفي معسكرات التدريب الباكستانية، وكان في أفغانستان يقوم باستقبال شبان الجهاد، وتنظيم صفوف المقاتلين([198]). وهو مؤسس أول كتيبة للمجاهدين العرب في أفغانستان، وكان رئيس مكتب المجاهدين العرب في بيشاور([199]).

كان عبد الله عزام، يرى ان العدو البعيد قبل القريب، وهذه المقولة كانت محور الخلاف بينه وبين الظواهري، الذي كان يرى ان الأولى بالازالة هي الأنظمة العربية، بالطريقة العسكرية، ثم إقامة الدولة الإسلامية، ثم التفرغ للعدو البعيد، فعبد الله عزّام كان يرفض مطلقاً العمليات العسكرية في الدول الإسلامية، بينما الجماعات الأُخرى وعلى رأسهم الظواهري، يستحلون دماء المسلمين بدون تحرّج، طالما انها ستؤدي في النهاية إلى قيام الدولة الإسلامية على حد زعمهم([200]).

بعد مقتل عبد الله عزّام، أصبحت الشخصية الأولى في الإشراف على معسكرات المجاهدين في بيشاور، هي شخصية ابن لادن، الذي أصبح زعيم تنظيم القاعدة، «الذي يلقبونه بأبي التنظيمات»([201]).

وقد حظي أسامة بن لادن، بشهرة دولية واسعة، وثقة الأوساط الأفغانية نتيجة جهوده الكبيرة في تنظيم وتجميع المجاهدين العرب في أفغانستان، والاسهام بفعالية في الانتصارات الأفغانية على القوات السوفيتية الغازية([202]).

الصعود الثاني لابن لادن، كان في منتصف التسعينات من القرن العشرين، عندما انتهى الجهاد في أفغانستان، وبدأ يتفرغ لتنفيذ عدد من عمليات الإرهاب والعنف، وكان يدعو إلى انعاش العمل الجهادي، وإخراج القوات الأمريكية من دول الخليج.

وعلى إثر ذلك جاءت الضربات الموجعة التي وجهت إلى البعثة العسكرية الأمريكية في الرياض، وكذلك موقع القوات الأمريكية في الخبر والذي أسفر عن عشرات القتلى ومئات من الجرحى بالإضافة إلى حادثي انفجار السفارة الأمريكية في نيروبي ودار السلام الذي كان بمثابة إعلان قوي عن تواجد أسامة بن لادن القوي في كل موقع له علاقة بالمصالح الأمريكية([203]).

أخيراً توجت هذه الأعمال بالإعلان الصريح عن قيام الجبهة الإسلامية العالمية لجهاد اليهود والنصارى عام 1998م، التي تشارك جماعة الجهاد المصرية فيها بزعامة أيمن الظواهري، وجماعتان من باكستان، وأُخرى من بنجلادش والفلبين بهدف تدمير المصالح الأمريكية([204]).

بعد أحداث الحادي عشر من أيلول، ومباركة ابن لادن لها واعلان تنظيمه المسؤولية عنها... وما تبعها من غزو أمريكي لأفغانستان، والعراق، بدأ الفكر السلفي الجهادي بالانتشار إلى حد كبير، وصارت له أعداد كثيرة من المؤيدين في الدول العربية والإسلامية، وعلى مواقع الانترنت([205]).

ويرتكز تنظيم القاعدة على عقيدة الولاء والبراءة، ويستقي قوته من عدّة عوامل أهمها، جاذبية الطرح وبساطته، وروح التدين التي تسود المجتمعات الإسلامية، وخبرة الإخوان المسلمين في التنظيم والعمل السياسي، وتفرده في ساحة المواجهة مع الغرب([206]).
---------------------------------------
([1]) البوطي/ السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي.
([2]) البخاري/ صحيح البخاري 3/ 151 كتاب الشهادات، الترمذي/ سنن الترمذي 3/ 339+/ 2320.
([3]) الرأي: هو اعتقاد النفس أحد النقيضين عن غلبة الظن، الراغب/ مفردات غريب القرآن/ 209.
([4]) القياس: هو التسوية في الحكم بين أصل منصوص عليه وفرع لم ينصّ عليه لمشابهة بينهما. مصطفى جمال الدين/ القياس حقيقته وحجيته/ 53 ـ 54.
([5]) أبو حاتم الرازي/ الزينة في الكلمات الإسلامية العربية/ 267 القسم الثالث.
([6]) جماعة ظهروا في البصرة وكانوا من أهل النظر والكلام والجدل يمثلون الخط العقلي في الفكر الإسلامي، ظهروا حينما انشق واصل بن عطاء (ت: 131 هـ) عن مجلس الحسن البصري (ت: 110 هـ). ظ: الشهرستاني الملل والنحل 1/ 38، د. أحمد محمود صبحي/ في علم الكلام 1/ 103.
([7]) نسبة إلى جهم بن صفوان، ويكنّى أبا محرز، فقد نشأ في سمرقند بخراسان وينسب إليه القول بالجبر ونفي الصفات ونفي التشبيه. ظ: علي سامي النشار/ نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام/ 333 ـ 342.
([8]) الصابوني، أبو عثمان إسماعيل/ عقيدة السلف وأصحاب الحديث/ 106.
([9]) الجابري/ الفكر السلفي عند الشيعة الإمامية/ 43.
([10]) الشهرستاني/ الملل والنحل 1/ 79.
([11]) وهي الأحاديث ذات الأصل اليهودي. ظ: الدكتور علي سامي النشار/ نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام 1/70.
([12]) اختلفوا في اسم أبي هريرة واسم أبيه اختلافاً كبيراً لا يحاط به ولا يضبط في الجاهلية والإسلام وقد غلبت عليه كنيته فهو كمن لا اسم له غيرها، وأصله من عشيرة سليم بن فهم من قبيلة أزد ثم من دوس اسلم بعد الثلاثين من عمره في سنة 7 من الهجرة، ولفقره اتخذ سبيله إلى الصفة وهو موضع في مؤخر مسجد النبي9 اعد للفقراء الذين لا منازل لهم ولا عشائر.
ظ: ابن حجر العسقلاني/ الإصابة 4/ 200، ابن عبد البر/ الاستيعاب 4/ 200، محمود أبو ريّة/ أضواء على السنة المحمدية/ 202 ـ 204.
([13]) النشار/ نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام 1/ 258.
([14]) الشهيد الثاني/ حقائق الإيمان/ 59.
([15]) التهانوي/ موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم 1/ 678.
([16]) سبحاني/ الملل والنحل 1/ 124.
([17]) الصفدي/ الغيث المنسجم 2/ 55.
([18]) الجابري/ الفكر السلفي عند الشيعة الاثنا عشرية/ 79.
([19]) أبو زهرة/ تاريخ المذاهب الإسلامية/ 259.
([20]) هو عبد الرحمن بن عمر الأوزاعي إمام أهل الشام روى عنه سفيان الثوري وأخذ عنه كثيرون وكانت ولادته ببعلبك سنة 88 هـ وقيل سنة 93 وتوفي في سنة 157 هـ .
ظ: ابن خلكان/ وفيات الأعيان 3/ 127 رقم 361 ، بطرس البستاني/ دائرة المعارف 4/ 643.
([21]) هو أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق، مات في البصرة، متوارياً عن الخليفة العباسي سنة 161 هـ . ظ: الذهبي/ سير أعلام النبلاء 6/ 130/ رقم 1218.
([22]) صاحب المذهب المالكي وكتاب الموطا وهو أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر. ظ: الذهبي / سير أعلام النبلاء 6/ 303/ رقم 1315.
([23]) الصابوني/ عقيدة السلف/ 110، البغوي/ تفسير البغوي 2/ 165، السيوطي/ الدر المنثور 3/ 170، ابن تيمية/ نقض المنطق/ 16
([24]) هو أبو عبدالله أحمد بن حنبل بن هلال بن أسد، عربي النسب إذ ينتهي إلى قبيلة شيبان، كانت أسرته في خراسان، ثم انتقلت إلى بغداد، حيث ولد أحمد بن حنبل فيها سنة 164هـ، وكان جده والياً عند الأمويين أواخر أيامهم ثم اتصل بالعباسين وعمل معهم وقد وجه أحمد منذ صباه إلى دراسة القرآن والسنة، وبالخصوص الحديث حيث أنه اختص فيه حفظاً ورواية وجمعاً، ابتدأ رحلاته في طلب الحديث سنة 186هـ إذ رحل إلى البصرة ثم الحجاز والكوفة واليمن، صنّف كتابه المسند، وجمع فيه الأحاديث الكثيرة، وكان أحمد بن حنبل من أصحاب الشافعي وخواصه، وكان له ولدان، صالح وعبد الله، عاصر من الخلفاء العباسين المأمون والواثق والمعتصم والمتوكل. توفي في بغداد ودفن فيها.
ظ: أبو يعلى/طبقات الحنابلة 1/8 رقم1، ابن خلكان/وفيات الأعيان 1/63 رقم20، الذهبي/العبر في خبر من عبر 1/215، ابن العماد الحنبلي/شذرات الذهب 2/96، محمد أبو زهرة/تاريخ المذاهب الإسلامية/ 484.
([25]) سبحاني/ الملل والنحل/ 309.
([26]) أي بعد هلاك الواثق العباسي ومجيء المتوكل، والمحنة هي ما صنعه المأمون العباسي في امتحان الناس وإجبارهم على القول بخلق القرآن، وذلك في سنة ثمان عشرة ومائتين. ظ: تاريخ الطبري 7/ 518 ـ 519، د. أحمد محمود صبحي/ في علم الكلام 1/ 133.
([27]) سبحاني/ الملل والنحل 3/ 310 (بتصرف).
([28]) هو أحمد بن عبد الحليم بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن الخضر بن علي بن عبد الله، وتعرف اسرته بأسرة ابن تيمية، ويعرف ابن تيمية بالحراني والدمشقي ـ والنسب إلى بلد دون القبيلة تومي إلى أنه ليس بعربي ـ كان مولده سنة 661 هـ في حران من بيت حمل لواء المذهب الحنبلي، وتعاقب فيه رجاله على زعامة المذهب، وتوارثوا البيان والبنان فتصدروا الخطابة وأكثروا التأليف. انتقل مع أبيه إلى دمشق واشتهر فيها، تعرض للاعتقال والسجن بسبب خروجه على إجماع المسلمين بآرائه وأفكاره حتى مات مسجوناً في قلعة دمشق سنة 728 هـ ، له مصنّفات كثيرة. ظ: الذهبي: العبر في خبر من عبر 2/ 405، ابن العماد الحنبلي/شذرات الذهب 6/ 80، الزرگلي/الأعلام 1/144.
([29]) ولد في قرية العيينة بنجد وفيها أخذ دروسه الأولى، ثم انتقل إلى المدينة المنوّرة، وأقام مدة في البصرة وبغداد ثم عاد إلى العيينة ليخرج منها بدعوته الجديدة، متأثراً بأفكار ابن تيمية وابن قيم الجوزية التابعين لمذهب أحمد بن حنبل، وقد صادفت دعوته نجاحاً كبيراً بعد أن أخذ بها أمير الدرعية في نجد محمد بن سعود وبعد هذا الاتفاق أخذت دعوته بالانتشار في شبه الجزيرة العربية ووصل نشاط الوهابيين إلى أطراف بلاد الشام والعراق فطلب السلطان العثماني إلى محمد علي باشا والي مصر قتالهم فبعث بحملات عدّة إلى الجزيرة تمكنت من الحاق الهزيمة بهم وتقليص نفوذهم وحصره في نجد.
لكن الوهابيين عادوا في عام 1841م بعد انسحاب الجيوش المصرية إلى نشاطهم فتمكنوا بقيادة آل سعود من السيطرة على الجزيرة العربية وبعث الدولة السعودية وقد انتشرت أفكار ابن عبد الوهاب وتأثر بها سلطان مراكش سيدي محمد بن عبد الله (ت: 1790م) وفي الهند سيد أحمد وفي الشمال الأفريقي محمد بن علي السنوسي وفي السودان وغيره. وله تصانيف منها كتاب التوحيد وكتاب الكبائر وكشف الشبهات... ظ: الزرگلي/ الأعلام 6/ 257، فهمي جدعان/ أسس التقدم العلمي/569 .
([30]) أبو زهرة/ تاريخ المذاهب الإسلامية/ 187.
([31]) محمد بن يزيد القزويني/ سنن ابن ماجة 1/ 125 ح203.
([32]) ابن منظور/ لسان العرب 7/ 280.
([33]) العسكري/ المصطلحات الإسلامية/ 223.
([34]) عمر بن عبدالعزيز بن مروان بن الحكم القرشي الأموي ملك تسعة وعشرين شهراً مات وهو ابن تسع وثلاثين سنة. ظ: البخاري/التاريخ الكبير 6/ 32/ رقم 2079، الأصبهاني/ حلية الأولياء 5/ 288/ رقم 323.
([35]) الأصبهاني/ حلية الأولياء 5/ 380 ح 7477.
([36]) حسن الحكيم/ مذاهب الإسلاميين/ 43.
([37]) سبحاني/ الملل والنحل 1/ 310.
([38]) حسن إبراهيم حسن/ تاريخ الإسلام 2/ 134.
([39]) أحمد بن يحيى بن المرتضى/ المنية والأمل في شرح الملل والنحل/ 106.
([40]) مصطلح سياسي أطلق على الشيعة من قبل أعدائهم. وفي الأصل (اللغة): جنود تركوا قائدهم وانصرفوا، فكل طائفة منهم رافضة والنسبة إليهم رافضي. ظ: ابن منظور/ لسان العرب 6/ 191 مادة (رفض).
([41]) ابن تيمية/ منهاج السنة 1/ 291.
([42]) ابن حبان/ الصحيح 16 / 237.
([43]) السيوطي/ تاريخ الخلفاء/ 153.
([44]) حجر بن عدي الكندي يكنى أبا عبد الرحمن كان قد وفد إلى النبي 9 وشهد القادسية وشهد الجمل وصفّين مع علي 7، قتله معاوية بن أبي سفيان بمرج عذراء سنة ثلاث وخمسين. ظ: الحاكم النيسابوري/ المستدرك 3/ 531 ـ 532 ح5974.
([45]) ان رجلاً جاء إلى سهل بن سعد فقال: هذا فلان أمير المدينة يذكر علياً7 عند المنبر، قال فيقول ماذا؟ قال يقول له أبو تراب، فضحك وقال: ما سماه به إلا النبي9 وما كان له اسم أحب إليه منه، فاستعظمت الحديث وقلت يا أباعباس كيف كان ذلك؟ قال دخل علي 7 على فاطمة 3 ثم خرج فاضطجع في المسجد فدخل رسول الله9 على ابنته فاطمة3 وقبّل رأسها ونحرها وقال لها: أين ابن عمك؟ قالت: في المسجد فخرج النبي9 فوجد رداءه قد سقط عن ظهره وخلط التراب إلى ظهره فجعل يمسح التراب عن ظهره ويقول قم أبا تراب مرّتين.
ظ: صحيح مسلم/ 942 ح2409 (باب فضائل علي 7) ظ: ابن طاووس/ الطرائف 1/ 118.
([46]) زرى عليه عمله إذا عابه وعنّفه. ظ: ابن منظور / لسان العرب 7/ 30.
([47]) اليعقوبي/تاريخ اليعقوبي 2/ 160 ـ 161، المسعودي/ مروج الذهب 3/ 12 ـ 13.
([48]) المالكي/ قراءة في كتب العقائد المذهب الحنبلي انموذجاً/ 75 ـ 76.
([49]) نسبة إلى الخليفة عثمان بن عفان.
([50]) المالكي/ قراءة في كتب العقائد/ 76.
([51]) المالكي/ قراءة في كتب العقائد/ 76.
([52]) أبو زهرة/ تاريخ المذاهب الإسلامية/ 187.
([53]) السبحاني/ المذاهب الإسلامية الملل والنحل/ 33.
([54]) التهانوي/ كشاف اصطلاحات الفنون 2/ 385.
([55]) ابن داود/ السنن 4/ 202 ـ 203/ 4612.
([56]) الحسن البصري الإمام الفصيح المشهور كان من سادات التابعين وكبرائهم وجمع كل فن من علم وزهد وورع وعبادة، أبو يسار كان مولى زيد بن ثابت الأنصاري وأمه خيرة مولاة أم سلمة زوجة النبي 9 ولد بالمدينة لسنتين بقينا من خلافة عمر وتوفي بالبصرة في رجب سنة 110 هـ. ظ: البخاري/ التاريخ الكبير 2/ 272 رقم 2503، الذهبي/ سير أعلام النبلاء 4/ 642 رقم 7206، بطرس البستاني/ دائرة المعارف 7/ 44.
([57]) ابن المرتضى/ المنية والأمل في شرح الملل والنحل/ 134.
([58]) أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي/ تلبيس إبليس/ 9.
([59]) الصابوني/ عقيدة السلف/ 119.
([60]) أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي/ مناقب الإمام أحمد بن حنبل/ 156.
([61]) المصدر السابق/ 378 ـ 379.
([62]) ابن قيم الجوزية/ أعلام الموقعين 2/ 139.
([63]) أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي/ مناقب أحمد بن حنبل/ 165.
([64]) أبو الحسن الأشعري علي بن إسماعيل بن أبي بشر المتكلم البصري صاحب التصانيف وله بضع وستون سنة أخذ علم الجدل والنظر عن أبي علي الجبائي المعتزلي وكان متكلماً على طريقة المتعتزلة ثم خرج عليهم، وتنسب فرقة الأشاعرة الكلامية إليه. ظ: ابن العماد الحنبلي/ شذرات الذهب 2/ 303، بشير محمد عيون/ مقدمة الإبانة عن أصول الدين للأشعري/ 8.
([65]) أبو الحسن الأشعري/ الإبانة/ 43.
([66]) ابن القيم الجوزية/ اعلام الموقعين 2/ 139.
([67]) البربهاري هو أبو محمد الحسن بن علي بن خلف شيخ الحنابلة في وقته الفقيه الداعية إلى الأثر توفي مستتراً من الحاكم في رجب سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة. ظ: الذهبي/ سير أعلام النبلاء 10/ 50 الرقم 3037.
([68]) الذهبي/ سير أعلام النبلاء 10/ 50 الرقم 3037.
([69]) ابن بطة هو أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان بن بطة العكبري الفقيه الحنبلي توفي في المحرم وله ثلاث وثمانون سنة كان صاحب حديث ولكنه ضعيف من قبل حفظه ومن مصنفاته كتاب الإبانة في أصول الدين. ظ: الذهبي/ سير أعلام النبلاء 10/ 658 رقم 3739، ابن عماد الحنبلي/ شذرات الذهب 3/ 122 (حوادث سنة 387 هـ).
([70]) أبو الحسن بن بشار هو علي بن محمد بن بشار البغدادي الزاهد شيخ الحنابلة أخذ عن صالح بن أحمد بن حنبل توفي سنة 313 هـ ، ظ: أبو يعلى / طبقات الحنابلة 3/ 111 رقم 599، البغدادي/ تاريخ بغداد 22/ 67، الذهبي/ تاريخ الإسلام 23/ 458، ابن عماد الحنبلي/ شذرات الذهب 2/ 267.
([71]) أبو يعلى/ طبقات الحنابلة 3/ 111 رقم 599، البغدادي/ تاريخ بغداد 22/ 67، الذهبي/ تاريخ الإسلام 23/ 458.
([72]) إسماعيل الصابوني هو أبو عثمان شيخ الإسلام إسماعيل بن عبد الرحمن النيسابوري الشافعي الواعظ المفسّر المصنّف أحد الأعلام. ظ: الأسنوي/ طبقات الشافعية 2/ 43 رقم 734، ابن العماد الحنبلي/ شذرات الذهب 3/ 282.
([73]) الصابوني/ عقيدة السلف وأصحاب الحديث/ 106.
([74]) وهو شعبة بن الحجاج المكنى بأبي بسطام (ت: 106 هـ).
([75]) الصابوني/ عقيدة السلف وأصحاب الحديث/ 133 ـ 134.
([76]) قال9: (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجيء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته). صحيح البخاري 3/ 151 كتاب الشهادات.
([77]) ابن تيمية/ مجموع الفتاوى 4/ 84.
([78]) سيرد التعريف بها ضمن مبحث خاص في هذا الفصل.
([79]) ابن تيمية/ اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم/ 294 ـ 295.
([80]) الأميني/ كشف الارتياب في اتباع محمد بن عبد الوهاب/ 286.
([81]) البوطي/ السلفية/ 240.
([82]) الصحوة الإسلامية بين الجمود والتطرف/ 39.
([83]) القرن: الأمة تأتي بعد الأمة، وقيل: مدته عشر سنين، وقيل عشرون سنة، وقيل: ثلاثون، وقيل: ستون، وقيل: سبعون، وقيل: ثمانون وهو مقدار التوسط في أعمار أهل الزمان، وفي النهاية: أهل كل زمان، مأخوذ من الاقتران فكأنه المقدار الذي يقترن فيه أهل ذلك الزمان في أعمارهم وأحوالهم. ظ: ابن منظور/ لسان العرب 12 / 87 (مادة قرن).
([84]) ظ: البخاري/ صحيح البخاري 3/ 151 كتاب الشهادات.
([85]) ظ: مسلم / صحيح مسلم/ 983 رقم الحديث 2533 (باب فضائل الصحابة ثم الذين يلونهم...).
([86]) ظ: أحمد بن حنبل / المسند 4/ 267 حديث حنظلة الكاتب الأسدي.
([87]) ظ: خبر الآحاد: هو الذي لا تتوفر فيه مواصفات الحديث المتواتر، سواء كثرة رواته أم قلتهم، وليس شأنه افادة العلم بنفسه، نعم قد يفيده بانضمام القرآن إليه، وقد اختلفوا في حجية خبر الواحد، فالشريف المرتضى كان لا يعمل بأخبار الآحاد وتابعه عدد من الفقهاء والمحدّثين وقد ادعى على ذلك اجماع الإمامية بقوله: (ان أصحابنا كلهم سلفهم وخلفهم ومتقدمهم ومتأخرهم يمنعون من العمل بأخبار الآحاد)، أما الشيخ الطوسي (ت: 460 هـ) قد أخذ بحجية خبر الواحد ولكن وفق شروط وقرائن تدل على صدقه. ظ: حسن الحكيم/ مذاهب الإسلاميين في الحديث/ 183 ـ 184.
([88]) لأن المسألة المطروحة هنا عقيدية وهي: ان اجتهادات أهل القرون الثلاثة حجة لذاتها أي: انّ تصرفات أهل القرون الثلاثة حجة لأنهم أهل القرون الثلاثة لا غير!!
([89]) رأس المتكلمين في البصرة في زمانه، أبو محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب القطان البصري، صاحب التصانيف في الرد على المعتزلة. أخذ عنه الكلام داود الظاهري، وكان يلقب كلاباً لأنه كان يجر الخصم إلى نفسه ببيانه وبلاغته وأصحابه هم الكلابية. الذهبي/ سير أعلام النبلاء 8/ 113 رقم 2012، السبكي/ طبقات الشافعية الكبرى 1/ 492 رقم 65.
([90]) هو أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن بن خالد القلانسي.
([91]) ظ: النشار/ نشأة الفكر الفلسفي/ 282.
([92]) المرتضى/ الشافي في الإمامية 4/ 55.
([93]) أحمد بن حنبل/ المسند 3/ 130 مسند أنس بن مالك.
([94]) مسلم / صحيح مسلم/ 901 (باب اثبات حوض نبينا 9 وصفاته).
([95]) الحاكم النيسابوري/المستدرك على الصحيحن 4/95–96 ح6992 (باب فضائل الأمة بعد الصحابة والتابعين).
([96]) سنن ابن ماجة 3/ 129 ح2364.
([97]) المقريزي/ امتاع الاسماع 12/ 341 نقلاً عن ابن عبد البر.
([98]) البوطي/ السلفية/ 14 ـ 15.
([99]) محمد بن صالح العثيمين / شرح الأصول الثلاثة والستة لمحمد بن عبد الوهاب/ 127.
([100]) حسن حنفي/ من العقيدة إلى الثورة 1/ 34.
([101]) ظ: محمد عزام/ الاتجاهات الفكرية المعاصرة من السلفية إلى الحداثة/ 70.
([102]) د. محمد عابد الجابري/ التراث والحداثة/ 24.
([103]) محمد رفعت زنجير/ اتجاهات تجديدية متطرفة في الفكر الإسلامي المعاصر/ 95.
([104]) وهو المكان الذي اجتمع فيه الأنصار وبعض المهاجرين منهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة. وحصلت فيه البيعة لأبي بكر بالخلافة. ظ: المسعودي/ مروج الذهب 2/ 316، تاريخ الطبري 3/ 70، تاريخ اليعقوبي 2/ 83.
([105]) ظ: عرفان عبد الحميد/ دراسات في الفرق والعقائد/ 124، أحمد محمود صبحي/ في علم الكلام 1/ 32.
([106]) الجابري/ الفكر السلفي/ 68.
([107]) قرأ عمر بن الخطاب )وَفَاكِهَةً وَأبّاً( (عبس/ 31) ، وقال هذه الفاكهة فما الأب؟ ثم قال: نهينا عن التكلف.
القرضاوي/ كيف نتعامل مع التراث والتمذهب والاختلاف/ 263.
وعن العدبس، قال: كنّا عند عمر بن الخطاب فأتاه رجل فقال: يا أمير المؤمنين! ما )الجَوَارِ الكُـنَّسِ(؟ (التكوير/ 16) فطعن عمر بمخصرة معه في عمامة الرجل فألقاها عن رأسه، فقال عمر: أحروري؟. السيوطي/ الدر المنثور 6/ 529.
([108]) قال الإمام علي 7: «سلوني قبل أن تفقدوني، فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لو سألتموني عن آية آية، في ليل نزلت أم في نهار نزلت، مكيها ومدنيها، سفريها وحضريها، وناسخها ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها، وتأويلها وتنزيلها لأنبأتكم»، الطبرسي: الاحتجاج1/ 313.
([109]) يقول الحسن البصري في رسالة له حول القضاء والقدر: «لم يكن أحد من السلف يذكر ذلك ولا يجادل فيه لأنهم كانوا على أمرٍ واحد. وإنّما أحدثنا الكلام فيه لما أحدث الناس من النكرة له فلما أحدث المحدّثون في دينهم ما أحدثوه أحدث الله للمتمسكين بكتابه ما يبطلون به المحدثات ويحذرون به من المهلكات». ابن المرتضى/ المنية والأمل/ 12.
([110]) ظ: البوطي/ السلفية/ 151 ـ 152.
([111]) ظ: عرفان عبد الحميد/ دراسات في الفرق والعقائد/ 210.
([112]) ظ: مجموعة باحثين/ د. أنور أبو طه/ السلفية (السلفية الجهادية ومسألة الدولة) 113 ـ 114.
([113]) ظ: أبو الفرج عبد الرحمن الجوزي / مناقب الإمام أحمد/ 361.
([114]) د. عبد العزيز السيلي/ العقيدة السلفية/ 213.
([115]) ظ: الذهبي/ سير أعلام النبلاء 8/ 341 رقم 2110، ابن العماد الحنبلي/ شذرات الذهب 2/ 114.
([116]) ظ: الطبري/ تاريخ الأمم والملوك 11/ 45.
([117]) ظ: مجموعة باحثين/ السلفية/ 201.
([118]) ظ: مجموعة باحثين/ السلفية/ 202.
([119]) م. ن/ 203.
([120]) ظ: عبد الرحمن بن علي الجوزي/ المنتظم في تواريخ الملوك والأمم 6/ 423، حوادث سنة 234.
([121]) ظ: صائب عبد الحميد/ تاريخ الإسلام الثقافي والسياسي/ 580.
([122]) هو عبد الله بن أحمد بن حنبل أبو عبد الرحمن المولود سنة 213 هـ حدّث عن أبيه ورتّب مسنده. ظ: الفرّاء الحنبلي / طبقات الحنابلة 2 / 5 رقم 249، ابن العماد الحنبلي / شذرات الذهب 2 / 202 ـ 203.
([123]) القاضي أبو يعلى، وهو محمد بن الحسين بن الفرّاء، المتوفى سنة 458 هـ، قيل فيه: «انه شان الحنابلة شيناً لا يغسله ماء البحر». ظ: الخطيب البغدادي/ تاريخ بغداد 2/ 257 رقم 730، ابن العماد الحنبلي/ شذرات الذهب 3/ 306.
([124]) ابن الزاغوني، أبوالحسن علي بن عبيدالله المتوفى سنة 527 هـ كتب رسالة في العقائد عنوانها: (الإيضاح)، وقد قيل عنه: «ان في قوله من غرائب التشبيه ما يحار فيه النبيه»، ظ: ابن العماد الحنبلي/ شذرات الذهب 4/ 80.
([125]) هو عبد الوهاب بن عبد الحكيم بن نافع، أبو الحسن البغدادي، وقال المروزي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: عبد الوهاب الورّاق رجل صالح مثله يوفق لإصابة الحق. ظ: القاضي أبي يعلى الفرّاء الحنبلي/ طبقات الحنابلة 2/ 85 ـ 92 رقم 281.
([126]) القاضي أبي يعلى الحنبلي/ طبقات الحنابلة 2/ 89.
([127]) ظ: ابن الأثير/ الكامل في التاريخ 7/ 8 ـ 9.
([128]) التنوخي/ نشوار المحاضرة 2/ 233.
([129]) المقريزي/ الخطط 3/ 316.
([130]) هو محمد بن محمد بن محمود أبو منصور الماتريدي من كبار العلماء صاحب المدرسة الكلامية الماتريدية في سمرقند له كتاب التوحيد وكتاب المقالات وكتاب تأويلات القرآن. ظ: أبو الوفاء القرشي/ الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية/ 375.
([131]) عرفان عبد الحميد/ دراسات في الفرق والمذاهب/ 210 ـ 211.
([132]) السبب في جعل ابن تيمية ضمن السلفية الأولى لأنه شكل مع أحمد بن حنبل المرجعية الفكرية لجميع الاتجاهات السلفية.
([133]) ظ: مجموعة باحثين/ د. أنور أبو طه/ السلفية (السلفية الجهادية ومسألة الدولة)/ 114.
([134]) هو شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز الزرعي الحنبلي، ولد سنة 691 هـ تتلمذ على يد ابن تيمية الحراني غلب عليه حب ابن تيمية حتى كان لا يخرج عن شيء من أقواله بل ينتصر له في جميع ذلك، وهو الذي هذب كتبه، واعتقل مع ابن تيمية في القلعة وحبس لإنكاره شد الرحال لزيارة قبل الخليل ثم تصدر للاشتغال ونشر العلم ولكنه معجب برأيه جريء على الأمور.
له مصنفات كثيرة منها: اعلام الموقعين عن رب العالمين، وكتاب مراحل السائرين، وكتاب شرح أسماء الكتاب العزيز، وكتاب زاد المسافرين، وزاد المعاد.
ظ: ابن حجر العسقلاني/ الدرر الكامنة 3/ 243 ـ 244 رقم 3700، الذهبي/ العبر في خبر من عبر 2/ 452، ابن العماد الحنبلي/ شذرات الذهب 6/ 168.
([135]) عرفان عبد الحميد/ دراسات في الفرق والمذاهب/213.
([136]) أبو زهرة/ تاريخ المذاهب الإسلامية/ 194.
([137]) ظ: مجموعة باحثين/ السلفية/ 205.
([138]) ابن حجر العسقلاني/ الدرر الكامنة 3/ 243 ـ 244 رقم 3700.
([139]) النجد في الأصل: كل ما ارتفع عن تهامة فهو نجد، وقيل نجد كل ما وراء الخندق الذي خندقه كسرى إلى أن تميل إلى الحرّة فإذا ملت إليها فأنت في الحجاز، وقيل نجد هو اسم للأرض العريضة التي أعلاها تهامة واليمن وأسفلها العراق والشام. ظ: ياقوت الحموي/ معجم البلدان 5/ 304.
([140]) يقول علي الوردي: أن البدو يميلون إلى الدين القوي الذي يؤدي بهم إلى النصر والغنيمة. ظ: علي الوردي / دراسات في طبيعة المجتمع العراقي/ 12.
([141]) بعض الكتاب يرى إن الوهابية حركة تجديدية إصلاحية قامت على أساس محاربة البدع والخرافات. ظ: د. محمد صالح المراكشي/ الإيديولوجية والحداثة/ 24، محمد عزام/ الاتجاهات الفكرية المعاصرة/ 88.
([142]) ظ: مجموعة باحثين/ د. محمد جمال باروت/ السلفية (المؤثرات الفكرية للسلفية)/ 168.
([143]) ظ: محمد صالح العثيمين/ شرح العقيدة الواسطية لابن تيمية/ 16 ـ 21.
([144]) يقسم ابن تيمية التوحيد إلى ثلاثة أقسام: أولاً: توحيد الالوهية: ويقصد به ان الله تعالى هو الذي يجب أن يكون هو المقصود المدعو المطلوب وهو المعين على دفع المكروه.
ثانياً: توحيد الربوبية: ويقصد به ان الرب هو الذي يربي عبده فيعطيه خلقه ثم يهديه إلى جميع أحواله من العبادة وغيرها. ظ: مجموع الفتاوى 1/ 57.
ثالثاً: توحيد الأسماء والصفات: وهو ان يوصف الله بما وصف به نفسه وبما وصفته به رسله نفياً واثباتاً. ظ: مجموع التفاوى 3/6.
([145]) كشف الشبهات في التوحيد/ 12.
([146]) ظ: م. ن/ 35.
([147]) م. ن/ 35.
([148]) محمد بن عبد الوهاب/ شرح الأصول الثلاثة/ 41 ـ 42، 126.
([149]) أما كتب محمد بن عبد الوهاب الأُخرى فهي:
1- كتاب الكبائر.
2- كتاب الأصول الثلاثة.
3- كتاب مختصر الإنصاف والشرح الكبير.
4- كتاب مختصر زاد المعاد.
ظ: الزرگلي / الأعلام 6/ 257.
([150]) اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم/ 108 ـ 109، 318.
([151]) ظ: الجبرتي/ تاريخ عجائب الآثار 2/ 408 حوادث سنة 1218 هـ، أيوب صبري قائد البحرية العثمانية/ تاريخ الوهابيين/ 85، محمود شكري الآلوسي/ تاريخ نجد/ 114، محسن الأمين/ كشف الارتياب/ 53 ـ 56.
([152]) ابن باز مفتي الديار السعودية يسمي قبر الرسول 9 بالصنم، ويقول ما دام (أي قبة الرسول 9 هناك لا أزوره. وكان محمد بن عبد الوهاب يقول عن الرسول 9 انه طارش، وان بعض اتباعه كان يقول عصاي هذه خير من محمد لأنه ينتفع بها في قتل الحية ونحوها، ومحمد قد مات، ولم يبق فيه نفع وإنّما هو طارش ومضى، وإنهم رَمَوا قبة الرسول 7 بالرصاص، ظ: محسن الأمين/ كشف الارتياب/ 53 ـ 56، حسين أبو علي / الوهابية جذورها التاريخية/ 102 ـ 104.
([153]) تاريخ المذاهب الإسلامية/ 209.
([154]) م. ن/ 208.
([155]) الدرعية: نسبة إلى الدروع وهم بطن من بني حنيفة، وهي قرية صغيرة قرب الرياض، اتخذها آل سعود مقراً لحكمهم، وقد اتخذها محمد بن عبد الوهاب مقراً له بعد تحالفه مع ابن سعود حاكم الدرعية آنذاك.
ظ: عبد الله بن محمد بن خميس/ معجم اليمامة/ 416.
([156]) مجموعة باحثين/ د. أحمد ملي/ السلفية والسلطة/ 94.
([157]) العيينة: تقع في رحبة واسعة وأرض لينة خصبة وماء وفير، في ملتقى شعاب وادي (حنيفة) الرئيسية، وهي التي ولد فيها الشيخ محمد بن عبد الوهاب سنة 1115 هـ ، ظ: عبد الله بن محمد بن خميس/ معجم اليمامة 2/ 198.
([158]) عثمان بن بشر النجدي/ عنوان المجد في تاريخ نجد/ 11 ـ 12، نقلاً عن الكثيري/ السلفية بين أهل السنة والإمامية/ 301، محمود شكري الآلوسي/ تاريخ نجد/ 115 ـ 117.
([159]) ظ: جورج انطونيوس / يقظة العرب / 448 ، عبد العزيز عبد الغني إبراهيم / صراع الأمراء / 65 وكذلك ص70، نجدة فتحي صفوة/ الجزيرة العربية في الوثائق البريطانية 1/ 24 ـ 27، محمد عوض الخطيب / صفحات من تاريخ الجزيرة العربية / 209 ـ 268، لويس دوكورأنس / الوهابيون تاريخ ما أهمله التاريخ/ 192.
([160]) قُسِّمَ تاريخ السعودية من قبل الباحثين إلى ثلاثة أدوار:
يبدأ الأول منها بالمبايعة التي تمت بين الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود عام 1157 هـ، وينتهي باستسلام عبد الله بن سعود لإبراهيم باشا سنة 1233 هـ.
ويبدأ الدور الثاني عند أكثر الباحثين بنجاح تركي بن عبد الله في إخراج بقية جنود الحاميات العسكرية التابعة لمحمد علي من نجد عام 1240 هـ، وينتهي بظهور الأمير محمد بن رشيد على عبد الرحمن بن فيصل عام 1309 هـ .
والدور الثالث يبدأ بدخول الملك عبدالعزيز ابن عبدالرحمن آل سعود الرياض عام 1319هـ.
ظ: د. سهيل صابان/ الجزيرة العربية/ بحوث ودراسات من وثائق الأرشيف العثماني والمصادر التركية/ 313.
([161]) محمد أبو زهرة/ تاريخ المذاهب الإسلامية/ 209.
([162]) ظ: طارق علي/ مائة عام من العبودية/ 21.
([163]) ظ: مجموعة باحثين/ د. أنور أبو طه/ السلفية (السلفية مدخل في المصطلح)/ 117.
([164]) ظ: م. ن/ 161.
([165]) سليمان بن عبد الوهاب/ الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية/ 38.
([166]) ولد سنة 1903م، بـ«اورانك آ باد» بمقاطعة حيدرآباد وبها قضى الأعوام الأربعة عشر الأولى من عمره. التحق بالمدرسة في الحادية عشرة، واتجهت دراسته إلى اللغة العربية والفارسية وتراث الإسلام، درس الفقه والحديث، وكانت الصحافة طريقه إلى كسب الرزق بعد نيله شهادة (مولوي) المعادلة لدرجة اللسانس. أسس عام 1920م جبهة صحفية لدعم الإسلام، جمع في شخصه ثقافة إسلامية وغربية، وتركزت جهوده السياسية والفكرية في الثلث الأول من القرن العشرين حول المساهمة في رسم مستقبل مسلمي الهند، وعندما تأسست الجماعة الإسلامية عام 1941م انتخب المودودي أميراً لها.
وبعد ظهور دولة بنغلادش، طلب المودودي أعفاءه من إمارة الجماعة وتفرغ للعمل الفكري حتى وفاته. سجن مراراً بين الأعوام 1948م و1953م. من مصنّفاته: تفسير تفهيم القرآن (ستة أجزاء) المكانة القانونية للسنة، سيرة النبي 7 ، الإسلام والجاهلية، الجهاد في سبيل الله، نظرية الإسلام السياسية الدين القيم. ظ: د. حسين سعد/ الأصولية الإسلامية العربية المعاصرة/ 105.
([167]) ولد في قرية من قرى أسيوط بمصر سنة 1906م لأب ميسور الحال منتسب إلى الحزب الوطني، أدخل المدرسة وحفظ القرآن وهو في العاشرة من عمره أرسله أبوه بعد ذلك إلى القاهرة ليتم دراسته فتخرّج من دار العلوم عام 1929م، اشتغل في التعليم وأرسلته وزارة المعارف إلى أمريكا لدراسة نظام التعليم فرجع منها عام 1951م، اعتزل الوظيفة ليتفرغ للتأليف والكتابة، كان قد بدأ حياته الأدبية في مدرسة العقاد، لكنه ما لبث أن تحول عن الأدب الخالص إلى الفعالية الفكرية الإسلامية، وكان ذلك في أواخر الأربعينات، في الوقت الذي أصبحت فيه جماعة الإخوان المسلمين قويّة وفعالة، وقد وجد سيد قطب في هذه الحركة تجسيداً لتطلعاته، انخرط في الجماعة وبدأ التأليف في تيارها فأصدر دراسات إسلامية، والعدالة الاجتماعية في الإسلام. وبعد صراع عام 1954م بين الإخوان المسلمين وقادة الثورة في مصر تعرض سيد قطب للاضطهاد والسجن، لكن النهاية الفاجعة التي مني بها سيد قطب جاءت بعد إصداره لمجموعة من الكتب الثورية (هذا الدين، المستقبل لهذا الدين، معالم في الطريق) إذ زج به في السجن عام 1965م واتهم بالتآمر على النظام السياسي القائم وحكم عليه بالإعدام مع مجموعة من رفاقه ونفذ الحكم عام 1966م، له مجموعة كبيرة من المؤلفات. ظ: الزرگلي/ الاعلام 3/ 147، د. فهمي جدعان/ أسس التقدم العلمي عند مفكري الإسلام/ 573 ـ 574.
([168]) ظ: الإمام حسن البنا/ د. محمد أحمد صالح أبو الطيب/ 126، مجموعة باحثين/ د. أنور أبو طه/ السلفية (السلفية الجهادية ومسألة الدولة)/ 113.
([169]) الوضعي: ما ارتبط بالتجربة، والأشياء التي هذا حالها تكون متحققة في عالم الحس والتجربة. ظ: مراد وهبة، يوسف كرم، ويوسف شلال/ المعجم الفلسفي مادة وضعي. وما تقصده بالوضعي هنا ما يكون من وضع الإنسان، أي من انتاج عقله وفكره فهو بشري، ويقابل الالهي.
([170]) مجموعة باحثين/ د. عبد الغني عماد/ السلفية (السلفية وإشكالية الآخر)/ 62.
([171]) نظرية الإسلام وهديه في السياسة والقانون والدستور/ 77 ـ 78.
([172]) الجاهلية كما يعرّفها سيد قطب: هي حكم البشر للبشر، لأنها هي عبودية البشر للبشر، والخروج من عبودية الله، ورفض إلوهية الله، والاعتراف في مقابل هذا الرفض بإلوهية بعض البشر، والعبودية لهم دون الله، والناس في أي زمان وفي أي مكان إما أنهم يحكمون بشريعة الله، وإما أنهم يحكمون بشريعة من صنع البشر، والذي لا يبتغي حكم الله، يبتغي حكم الجاهلية. ظ: في ظلال القرآن 2/ 751.
([173]) الحاكمية: هي أن يكون الحكم والشريعة، والتقاضي حسب مواثيق الله وعقودة وشرائعه، التي استُحفظ عليها أصحاب الديانات السماوية، واحدة بعد الأُخرى، وكتبها على الرسل، وعلى من يتولون الأمر بعدهم ليسيروا على هداهم. ظ: سيد قطب/ ظلال القرآن 2/ 724.
فالحاكمية: تعني تحكيم شريعة الله، ورفض كل شريعة أُخرى سواء أكانت حكم الشعب والأمة ـ الديمقراطية ـ أو حكم الحاكم والطاغوت، ووصف المجتمعات التي لا تحكم وفق شريعة الله، بالمجتمعات الجاهلية، ومعلوم ان وصف الجاهلية كان يطلق على عصر ما قبل البعثة النبوية.
([174]) ظ: شهادة حق ضمن كتاب الإسلام والجاهلية/ 24 ـ 25.
([175]) نظرية الإسلام وهديه/ 48 ـ 49.
([176]) م. ن/ 250.
([177]) ظ: مجموعة باحثين/ د. عبد الغني عماد/ السلفية (السلفية وإشكالية الآخر)/ 65.
([178]) م. ن/ 188، تعقيب/ د. أنور أبو طه.
([179]) ظ: سيد قطب/ معالم في الطريق/ 10.
([180]) الولاء: يعني التولي للعقيدة وللإسلام، وليس للمسلمين أو الوطن، أو لأية أفكار بشرية، كالاشتراكية، والليبرالية، والقومية، والديمقراطية... .
والبراءة: تعني التبرء من الآخر، المتمثل بأنظمة الكفر السائدة في العالم الإسلامي وفي الغرب، والإيمان بأن الصراع والجهاد حتمي ضدها في كل زمان ومكان. ظ: السلفية/ مجموعة باحثين/ 76.
([181]) التنظيم الذي تأسس سنة 1986م على يد ابن لادن. ظ: جيل كيبيل/ الفتنة/ 215.
([182]) ظ: مجموع باحثين/ د. أنور أبو طه/ السلفية (السلفية الجهادية ومسألة الدولة)/ 129.
([183]) سيد قطب/ معالم في الطريق/ 10.
([184]) الإخوان المسلمين: حركة تأسست سنة 1928م في مصر على يد حسن البنا (ت: 1949م) مع ستة من رفاقه، تتخذ من الإسلام منهجاً. ظ: ريتشارد ب. ميتشل/ الإخوان المسلمون/ 90 ـ 91، محمود عبد الحليم/ الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ.
([185]) ظ: مجموعة باحثين/ د. أنور أبو طه/ السلفية (السلفية الجهادية ومسألة الدولة)/ 132.
([186]) ظ: النووي/ شرح صحيح مسلم 12/ 229، د. عبد العزيز السيلي/ العقيدة والسلفية/ 213.
([187]) معالم في الطريق/ 39.
([188]) م. ن/ 8.
([189]) م. ن/ 173.
([190]) م. ن/ 40.
([191]) ظ: جيل كيبيل/ الفتنة حروب في ديار المسلمين/ 208.
([192]) م. ن/ 212.
([193]) د. محمد أحمد صالح أبو الطيب/ الإمام حسن البنا/ 127.
([194]) جيل كيبيل/ الفتنة/ 215.
([195]) ظ: الموقع الألكتروني/ انباء الاخباري.
([196]) خالد خليل أسعد/ مقاتل من مكة/ 53 ـ 54.
([197]) وهو أحد الإخوان المسلمين، من أصل فلسطيني أردني ولد في قرية سيلة بفلسطين، كان له أثر كبير في جمع المجاهدين في أفغانستان، وتقليل نقاط الخلاف بينهم، قتل مع اثنين من أولاده في سيارة ملغمة في بيشاور في عام 1989م، بتدبير من المخابرات الامريكية، وهو صاحب مقولة العدو البعيد قبل القريب، أي كان يرفض العمليات العسكرية في الدول الإسلامية، وهو صاحب المقولة ـ التي يعتمدها الفكر الجهادي بشكل كبير -: «وإني لأشعر بفضل الله العظيم عليَّ إذ شرح صدري، وفتح قلبي لدراسة كتب سيد قطب، فقد وجّهني سيد قطب فكرياً وابن تيمية عقدياً وابن القيم روحياً»، ظ: الموقع الالكتروني/ الفكر السلفي الجهادي، خالد خليل أسعد/ مقاتل من مكة/ 80، الزرگلي/ إتمام الاعلام/ 265 ـ 266.
([198]) ظ: جيل كيبيل/ الفتنة/ 114 ـ 115.
([199]) ظ: خالد خليل أسعد/ مقاتل من مكة/ 80.
([200]) ظ: الموقع الألكتروني/ الفكر السلفي الجهادي.
([201]) خالد خليل أسعد/ مقاتل من مكة/ 145.
([202]) ظ: م. ن/ 145.
([203]) م. ن/ 146.
([204]) ظ: م. ن، الموقع الالكتروني/ أنباء الاخباري.
([205]) ظ: الموقع الالكتروني/ الفكر السلفي الجهادي.
([206]) ظ: مجموعة باحثين/ د. عبد الغني عماد/ السلفية (السلفية وإشكالية الآخر)/ 7.

المصدر
LihatTutupKomentar