Lian Mula'anah dalam Islam

Lian Mula'anah dalam Islam Secara terminologi, li'an merupakan suatu ucapan sumpah yang dilakukan oleh seorang suami kepada isterinya dengan lima kali sumpah dan pada sumpah yang terakhir si suami mengucapkan sumpah yang diikuti dengan laknat Allah ke atasnya sekiranya dia berdusta.
Lian Mula'anah dalam Islam

Secara terminologi, li'an merupakan suatu ucapan sumpah yang dilakukan oleh seorang suami kepada isterinya dengan lima kali sumpah dan pada sumpah yang terakhir si suami mengucapkan sumpah yang diikuti dengan laknat Allah ke atasnya sekiranya dia berdusta.

Dari segi istilah pula, li‟an ialah sumpah laknat kerana berlakunya tuduhan qazaf oleh suami terhadap isterinya, sama ada untuk menafikan nasab anak yang dikandung oleh isteri ataupun menuduh isterinya melakukan zina. Sebagaimana takrif tersebut, dapat difahami bahawa li‟an terjadi dalam dua keadaan
(„Abd al-Fattah Ibrahim, 1995 :143) : 1.

Si suami menuduh isterinya melakukan zina sedangkan dia tidak mampu untuk membawa empat orang saksi. 2.

Si suami menafikan nasab anak yang dikandung oleh isterinya kerana wujudnya kesamaran dalam proses kehamilan isterinya. Dalam Islam, si suami dapat menafikan nasab anak yang dikandung atau dilahirkan oleh isterinya selagi mana dia dapat membuktikan bahawa : a.

Suami belum pernah bersetubuh dengan isterinya akan tetapi secara tiba-tiba si isteri mengandung. b.

Anak tersebut lahir kurang dari enam bulan selepas hubungan persetubuhan dilakukan sedangkan anak tersebut lahir dengan sifat yang sempurna. c.

Anak tersebut lahir selepas melebihi tempoh setahun isteri dijimak oleh suami

LI'AN / MULA'ANAH MENURUT MAZHAB EMPAT


الفقه على المذاهب الأربعة - الجزيري
مبحث اللعان

(5/51)

- أم حق الزوج فإن الشارع لم يهمله في هذه الحالة بل جعل له حدا معقولا يدفع عنه أذى الغضب والغيظ من جهة ويشكك الناس في أمر الزوجة فلا تتأذى أسرتها بشرها من جهة أخرى
وبيان ذلك أن الأجنبي إذا رمى امرأة عفيفة أو رجلا عفيفا بالزنا ولم يأت بأربعة شهداء كان جزاؤه أن يحد حد القذف ( ثمانين جلدة )
أما الزوج فإنه إذا ادعى أن امرأته قد زنت فان الشارع لم يكلفه الإثبات كالأجنبي إذ لا مصلحة للزوج العاقل في قذف زوجته واتهامها بالزنا جزافا " فان عار ذلك - وان لم يلحقه هو دائما لإمكانه أن يتخلص منها - لكنه يلحق أبناءه فانه فإنه لم يكن له منها أبناء وبنات فانه يضن بكرامته عن الامتحان بين الناس مؤقتا ولهذا لم يسو الله عز و جل بين الزوج وبين الأجنبي إذا اتهم زوجته فشرع لهما في هذا الحالة ( اللعان ) وهو أن يقول الزوج أما القاضي : اشهد بالله أنني صادق فيما رمينها به من الزنا ويكرر ذلك أربع مرات ثم يقول بعد ذلك : لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين
وتقول الزوجة : اشهد بالله بأنه لكاذب فيما يرميها به من الزنا وتكرر ذلك أربع مرات ثم تقول : أن غضب الله عليها أن كان من الصادقين ( 1 )
( 1 ) ( قال الفقهاء : يسن للإمام أن يقوم بوعظ المتلاعنين قبل اللعان تحذيرا لهما من الكذب وتخويفا لهما من الوقوع في المعصية كما فعل النبي صلى الله عليه و سلم حينما قذف هلال بن أمية زوجته بالزنا مع شريك بن السحماء فتلا عليه آيات الله تعالى ووعظه وذكره بعقاب الله تعالى واخبره بان عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة فقال الرجل : لا والذي بعثك بالحق ما كذبت عليها ثم دعا المرأة فوعظها وخوفها وأخبرها أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة قالت : لا والذي بعثك بالحق إنه لكاذب ثم تلاعنا بعد ذلك وكان هذا أول لعان وقع في الإسلام
واتفق الأئمة على أن من السنة أن يبدأ الإمام بالرجل في اللعان كما حكاه الإمام المهدي في البحر ولكنهم اختلفوا في الوجوب
الشافعية وأشهب من المالكية والحنابلة - قالوا : يجب على الإمام أن يبدأ في اللعان بالرجل ولا يصح له أن يبدأ بالمرأة لأنه هو الذي اتهمها ورفع الأمر إلى الحاكم وطلب وقوع اللعان فهو صاحب الدعوة
وقد بدأ الله تعالى بذكر الزوج في آيات اللعان قبل الزوجة فقال تعالى : { والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين . والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين } الآيات . ولان اللعان شرع لدفع الحد عن الرجل الذي قذفها بالزنا كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم للهلال بن أمية : ( البينة وإلا حد في ظهرك ) فلو بدأ اللعان بالمرأة لكان دفعا لأمر لم يثبت بعد
الحنفية والمالكية وابن القاسم - قالوا : يسن الابتداء في اللعان بالرجل ولكن لا يجب فلو وقع الابتداء بالمرأة قبل الزوج صح اللعان واعتد به كالابتداء بالرجل لأنه لم يترك واجبا ولأن الله تعالى عطف آيات اللعان في القرآن بحرف الواو وهو لا يقتضي الترتيب وصفة اللعان أن يبدأ الإمام بأزواج فيشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين فيما رميتك به من الزنا ويقول في الخامسة : لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رميتك به من الزنا وإن كان القذف بالزنا ونفي الولد يقول : فيما رميتك به من الزنا ونفي الولد وإن كان اللعان بنفي الولد فقط يقول فيما رميتك به من نفي الولد لأنه المقصود باليمين ثم تشهد المرأة أربع مرات تقول في كل مرة : أشهد بالله أنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا أو من نفي الولد وتقول في الخامسة غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماني به من الزنا وفي نفي الولد تذكره كذلك
أول لعان في الإسلام
ذكر الجمهور أن قصة هلال بن أمية هي السبب في مشروعية اللعان في الدين الإسلامي لأنه أول رجل لاعن في الإسلام
وقد حكى الماوردي أن قصة هلال بن أمية أسبق من قصة عويمر العجلاني وزوجته خولة بنت عاصم
وقال الخطيب والنووي وتبعهما الحافظ يحتمل أن يكون هلال قد سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم أولا ثم سأل بعده عويمر العجلاني فنزلت الآيات في شأنهما معا وقال أبن الصباغ في الشامل قصة هلال بن أمية نزلت فيها الآيات الكريمة
واختلف العلماء في الوقت الذي وقع فيه اللعان فجزم الطبري وأبو حاتم وابن حبان أنه كان في شهر شعبان سنة تسع من الهجرة
وقيل : كان في السنة التي توفي فيها رسول الله صلى الله عليه و سلم ولما وقع في البخاري عن سهل بن سعد أنه شهد قصة الملاعنة وهو ابن خمس عشرة سنة وقيل : كانت القصة سنة عشر ووفاته صلوات الله وسلامه عليه كانت في سنة إحدى عشر وروي عن ابن عمر قال : ( فرق رسول الله صلى الله عليه و سلم بين أخوي بني عجلان وقال : الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما من تائب ثلاث ) متفق عليه
والمراد بقول : أخوي - الرجل وامرأته قال ابن منده في كتاب الصحابة : واسم الرجل عويمر من بني بكر واسم المرأة : خولة بنت قيس وذكر ابن مردويه أنها بنت أخي عاصم
تعريف اللعان
اللعان في اللغة : الأبعاد يقال : لعنه الله أي أبعده من رحمته وهو مصدر لاعن يلاعن ملاعنة وفي الشرع هو مختص بملاعنة تجري بين الزوجين بسبب مخصوص بصفة مخصوصة
واللعان شعيرة من شعائر الإسلام وهو في حقه كحد القذف فإن كان الزوج كاذبا التحق به كالحج حتى لا تقبل شهادته بعد اللعان أبدا وهو في حق الزوجة كحد الزنا وبهذا لا يثبت اللعان بالشهادة على الشهادة ولا بكتاب القاضي ولا بشهادة النساء كالحدود سواء بسواء ولابد من طلبها لأن الحق لها كما في حد القذف
واللعان : خصلة من خصال الدين الحنيف وحكم من أحكام الشريعة ومن خصوصيات الأمة المحمدية وقد كان موجب القذف الحد في الأجنبية والزوجة معا " بقوله تعالى : { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة ابد " وأولئك هم الفاسقون } [ آية 4 من سورة النور ]
ثم نسخ هذا الحكم في شأن الزوجات ونقل إلى اللعان بقوله تعالى : { والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة : أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين } [ آيات 6 ، 7 ، 8 ، 9 من سورة النور ]
وسبب نزول هذه الآيات الشريفة ما روي عن ابن عباس رحمهما الله تعالى أنه قال : لما نزل قول الله تعالى : { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء } قال عاصم بن عدي الأنصاري رضي الله تعالى عنه : ( إن دخل منا رجل بيته فوجد رجلا على بطن امرأته فإن جاء بأربعة رجال يشهدون بذلك فقد قضى الرجل حاجته وخرج وإن قتله قتل به وإن قال : وجدت فلانا مع تلك المرأة ضرب وإن سكت سكت على غيظ ) اللهم افتح وكان لعاصم هذا ابن عم يقال عويمر وله امرأة يقال لها : خولة بنت قيس فأتى عويمر عاصما فقال لقد رأيت شريك بن السحماء على بطن امرأتي خولة فاسترجع وأتى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله ما أسرع ما ابتليت بهذا في أهل بيتي . فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( ما ذاك ؟ ) فقال : أخبرني عويمر ابن عمي بأنه رأى شريك بن السحماء على بطن امرأته خولة وكان عويمر وخولة وشريك كلهم بنو عاصم
فدعا رسول الله صلى الله عليه و سلم بهم جميعا وقال لعويمر : اتق الله في زوجتك وابنة عمك ولا تقذفها فقال : يا رسول الله صلى الله عليه و سلم أقسم بالله أني رأيت شريكا على بطنها وأني ما قربتها منذ أربعة أشهر وأنها حبلى من غيري فقال لها رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( اتقي الله ولا تخبري إلا بما صنعت ) فقالت : يا رسول الله إن عويمرا رجل غيور وإنه رأى شريكا يطيل النظر إلي ويتحدث معي فحملته الغيرة على ما قال فأنزل الله تعالى هذه الآية فأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى نودي الصلاة جامعة فصلى العصر ثم قال لعويمر : ( قم وقل أشهد بالله أن خولة لزانية وإني لمن الصادقين ثم قال في الثانية قل : أشهد بالله أني رأيت شريكا على بطنها وإني لمن الصادقين ثم قال في الثالثة قل : أشهد بالله أنها حبلى من غيري وإني لمن الصادقين ثم قال في الرابعة قل : أشهد بالله أنها زانية وإني ما قربتها منذ أربعة أشهر وإني لمن الصادقين ثم قال في الخامسة قل : لعنة الله على عويمر - يعني نفسه - إن كان من الكاذبين فيما قال ثم قال اقعد وقال لخولة قومي فأقمت وقال : أشهد بالله ما أنا زانية وإن زوجي عويمرا لمن الكاذبين وقالت في الثانية : أشهد بالله ما رأى شريكا على بطني وإنه لمن الكاذبين وقالت في الثالثة : أشهد بالله أني حبلى منه وإنه لمن الكاذبين وقالت في الخامسة : غضب الله على خولة إن كان عويمر من الصادقين في قوله . ففرق رسول الله بينهما )
واعلم أنه إذا رمى الرجل امرأته بالزنا يجب عليه الحد إن كانت محصنة والتغرير إن لم تكن محصنة كما في رمي الأجنبية لا يختلف موجبهما غير أنهكا يختلفان في المخلص ففي قذف الأجنبي لا يسقط الحمد عن القاذف إلا بإقرار المقذوف أو ببينة تقوم على الزنا وفي قذف الزوجة يسقط عنه الحد بأحد هذين الأمرين أو باللعان وإنما اعتبر الشرع اللعان على هذه الصورة دون الأجنبيات لوجهين :
الأول : أنه لا معرة عليه في زنا الأجنبية والأولى له الستر عليها أما إذا وقع الزنا على زوجته فيلحقه العار والنسب الفاسد فلا يمكنه الصبر عليه وتوقيفه على البينة كالمعتذر فلا جرم خص الشرع هذه الصورة باللعان
الثاني : أن الغالب في المتعارف من أحوال الرجل مع امرأته أنه لا يقصدها بالقذف إلا عن حقيقة فإذا رماها نفس الرمي يشهد بكونه صادقا إلا أن شهادة الحال ليست بكاملة قضم إليها ما يقومها من الإيمان كشهادة المرأة لما ضعفت قويت بزيادة العدد والشاهد الواحد يتقوى باليمين على قول كثير من الفقهاء
إذا نكل الزوج أو الزوجة عن اللعان
الشافعية والمالكية والحنابلة - قالوا : إذا قذف الزوج زوجته فالواجب هو الحد ولكن المخلص منه باللعان كما أن الواجب في قذف الأجنبية الحد والمخلص منه بالشهود فإذا امتنع الزوج عن اللعان يلزمه الحد للقذف كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم للأهل بن أمية حين قذف زوجته : ( إما البينة وإما إقامة الحد عليك ) فإذا لاعن الزوج وامتنعت الزوجة عن اللعان يلزمها حد الزنا وإذا صدقته يقام عليها حد الزنا أيضا لأن الزاني يحد عندهم بالإقرار مرة واحدة وإن القرآن الكريم ذكر أن مقتضى قذف الأجنبيات الإتيان بالشهود أو الجلد فكذا موجب قذف الزوجات الإتيان باللعان أو الجلد فكذا موجب قذف الزوجات الإتيان باللعان أو الحد ولإن قوله تعالى : { ويدرأ عنها العذاب } يدل على أنه الحد ثبت أنها لو لم تلاعن لحدت وأنها بالإتيان باللعان دفعت عنها الحد وهو العذاب وكأن المرأة تقول : إن كان الرجل صادقا فحدوني وإن كان كاذبا فخلوني فما بالي والحبس وليس حبسي في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسوله ص ولا في إجماع الأمة ولا في القياس
ولأن الزوج قذفها ولم يأت بالمخرج من شهادة غيره أو شهادة نفسه فوجب عليه الحد لقوله تعالى : { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم } وإذا ثبت ذلك في حق الرجل ثبت في حق المرأة لأنه لا قائل بالفرق ولأن الرسول صلوات الله وسلامه عليه قال لخولة حينما رماها زوجها بالزنا : ( فالرجم أهون عليك من غضب الله تعالى )
الحنفية - قالوا : إذا امتنع الرجل عن اللعان حبس حتى يلاعن لأنه إذا كذب نفسه فيما رماها به من الزنا سقط اللعان وإذا سقط اللعان وجب عليه الحد لأن القذف لا يخلو من موجب فإذا سقط اللعان صرنا إلى حد القذف إذا هو الأصل في الباب
وإذا لاعن الرجل وجب على المرأة اللعان بنص القرآن الكريم فإذا امتنعت عن اللعان وعن الإقرار حبست حتى تلاعنه أو تصدقه فلا حاجة إلى اللعان ولا يجب عليها حد الزنا لأن من شرطه أن يقر الزاني أربع مرات مثل الشهادة ولأنها ما فقلت شيئا " سوى أنها تركت اللعان وهذا الترك ليس ببينة على الزنا ولا إقرارا منها به فوجب ألا يجوز رجمها لقول الله صلى الله عليه و سلم : ( لا يحل رجم امرئ إلا بإحدى ثلاث ) الحديث . وإذا لم يجب الرجم إذا كانت محصنة لم يجب الجلد في غير المحصنة لأنه لا قائل بالفرق ولأن النكول ليس بصريح في الإقرار فلم يجز إثبات الحد به كاللفظ المحتمل للزنا ولغيره
من يصح لعانه
الشافعية والمالكية والحنابلة - قالوا : من صح يمينه صح لعانه فيجري اللعان بين الحرين والعبدين والعادلين والفاسقين والذميين والمحدودين أو أحدهما رقيقا أو كان الزوج مسلما والمرأة ذمية
وحجة الأئمة الثلاثة في ذلك قوله تعالى : { والذين يرمون أزواجهم } فهو يتناول الكل ولا معنى للتخصيص ولأن القياس طاهر من وجهين :
الأول : أن المقصود من اللعان دفع العار عن النفس ومدفع ولد الزنا عن النفس وكما يحتاج غير المحدود - أي العدل - إليه فيجوز له اللعان
والثاني : أجمعنا على أنه يصح لعان الفاسق والأعمى وإن لم يكونا من أهل الشهادة فكذلك أقول في غيرهما والجامع هو الحاجة إلى دفع عار الزنا
( يتبع . . . )

(5/52)

الحنفية - قالوا : إذا لم يكن الزوج من أهل الشهادة بأن كان عبدا أو محدودا في قذف أو كافرا لا يصح لعانه وكذلك الزوجة إذا كانت ممن لا يجب على قاذفها الحد إذا كان أجنبيا " نحو أن تكون الزوجة مملوكة أو ذمية أو محدودة في قذف أو صبية أو مجنونة أو زانية فلا حد عليه ولا لعان لان المانع من جهتها فصار كما إذا صدقته في قوله الذي رماها به
وعلى الحاكم أن يعزر الزوج في هذه الحالة لأنه ألحق الشين بها ولم يجب الحد عليه لذا العذر فوجب عليه التعذير حسما لهذا الباب وحفظا للأعراض
وإذا لم يكن الزوج من أهل الشهادة كما ذكرنا ورمى زوجته بالزنا فيجب أن يقام عليه حد القذف لآن اللعان امتنع من جهته فيرجع إلى الموجب الأصلي
وان لم يكونا من أهل الشهادة بأن كانا محدودين في قذف حد الزوج لأن اللعان امتنع من جهته
واحتج الأحناف بما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( أربع من النساء ليس بينهن وبين أزواجهن ملاعنة : اليهودية والنصرانية تحت المسلم والحرة تحت المملوك والمملوكة تحت الحر )
ولأن الواجب على الذي يقذف الزوجة أو الأجنبية الحد بقوله تعالى : { والذين يرمون المحصنات } ثم نسخ ذلك الحكم عن الأزواج قائما مقام الحد في الأجنبيات لم يجب اللعان على من لا يجب عليه الحد لو قذفها أجنبي
ولأن اللعان شهادة فوجب أن لا يصح إلا من أهل الشهادة إنما قال الأحناف : إن اللعان شهادة لوجهين : الأول قوله تعالى : { ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله } فسمى الله تعالى لعانهما شهادة كما قال تعالى : { واستشهدوا شهيدين من رجالكم } وقال تعالى : { فاستشهدوا عليهن أربعة منكم }
الثاني : أنه عليه الصلاة و السلام حين لاعن بين زوجين آمرهما باللعان بلفظ الشهادة ولم يقتصر على لفظ اليمين إذا ثبت ذلك في المحدود ثبت في العبد والكافر أما الإجماع على أنهما ليسا من أهل الشهادة أو لأنه لا قائل بالفرق فقد أجاب الشافعية بأن اللعان ليس شهادة في الحقيقة بل هو يمين لأنه لا يجوز أن يشهد الإنسان لنفسهن ولأنه لو كان اللعان شهادة كما قال الأحناف لكانت المرأة تأتي في اللعان بثمان شهادات لأنها على النصف من الرجل ولأنه يصح اللعان من الأعمى والفاسق بالإجماع ولا تجوز شهادتهما فإن قيل : الفاسق والفاسقة قد يتوبان قلنا وكذلك العبد قد يعتق فتجوز شهادته ثم أكد الشافعي رحمه الله ذلك الرأي بأن العبد إذا عتق تقبل شهادته في الحال أما الفاسق إذا تاب فلا تقبل شهادته في الحال ثم ألزم أبا حنيفة رحمه الله بأن شهادة أهل الذمة مقبولة بعضهم على بعض فينبغي أن يجوز اللعان بين الذمي والذمية
الشافعية - قالوا : إن الحدود تختلف بمن وقعت له ومعناه أن الزوج إن لم يلاعن فنصف حد القذف عليه لرقه وإن لاعن ولم تلاعن اختلف حدها بإحصانها وعدم إحصانها وحريتها ورقها
الشافعية - قالوا : يتعلق باللعان خمسة أحكام : درء الحد ونفي الولد والفرقة والتحريم المؤبد ووجوب الحد عليهما وكلها تثبت بمجرد لعانه ولا يفتقر فيه إلى لعان الزوجة ولا إلى حكم الحاكم فإن حكم الحاكم به كان تنفيذا منه لا إيقاعا للفرقة لأن الفرقة حصلت بمجرد أن انتهى الزوج من شهادته وقسمه ولا يتوقف ذلك على صدور حكم الحاكم بالفرقة فأن اللعان طلاق بائن لما رواه الجماعة عن نافع عن ابن عمر ( أن رجلا لاعن بامرأته وانتفى من ولدها ففرق النبي بينهما وألحق الولد بالمرأة )

(5/53)

وقوع الفرقة باللعان

(5/54)

- وبذلك تبين منه مؤبدا - أي تطلق منه - وهذا المعنى يسجل غضب الله ولعنته على الكاذب حقا ( 1 )
( 1 ) ( اختلف الفقهاء في وقوع الفرقة باللعان
الحنفية والحنابلة - قالوا : لا تقع الفرقة بفراغهما من اللعان حتى يفرق الحاكم بينهما ولا تقع الفرقة قبل صدور الحكم
الشافعية - قالوا : إذا اكمل الزوج الشهادة والا لتعان فقد زال فراش امرأته ولا تحل له أبدا التعنت أو لم تلتعن وذلك لقوله تعالى : { ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين } فدل هذا على أنه لا تأثير للعان المرأة إلا في دفع العذاب عن نفسها وأن كل ما يجب باللعان من الأحكام فقد وقع بلعان الزوج ولأن لعان الزوج وحده مستقل بنفي الولد فوجب أن يكون الاعتبار بقوله في الإلحاق لا بقولها ألا ترى أنها في لعانها تلحق الولد به ونحن ننفيه عنه فيعتبر نفي الزوج لا إلحاق المرأة ولهذا إذا أكذب الزوج نفسه ألحق به الولد وما دام يبقى مصرا على اللعان فالولد منفي عنه وإذا ثبت أن لعانه مستقل بنفي الولد وجب أن يكون مستقلا بوقوع الفرقة لأن الفرقة لو لم تقع لم ينتف الولد وجب أن يكون مستقى بوقع الفرقة لآن الفرقة لو لم تقع لم ينتف الولد لقوله صلى الله عليه و سلم ( الولد للفراش ) فما دام يبقى الفراش التحق به فلما انتفى الولد عنه بمجرد لعانه وجب أن يزول الفراش عنه بمجرد لعانه
المالكية والليث وزفر - قالوا : إذا فرغا من اللعان وقعت الفرقة بعد لعانها خاصة وإن لم يفرق الحاكم بينهما وقد احتج الحنفية على مذهبهم بما روى سهل بن سعد في قصة العجلاني مضت السنة في المتلاعنين أن يفرق بينهما ثم لا يجتمعان أبدا وبما روي في قصة عويمر أنهما لما فرغا ( قال عويمر كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها هي طالق ثلاثا ) فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله الله صلى اللله عليه وسلم والاستدلال بهذا الخبر من وجوه :
( أحدها ) : أنه لو وقعت الفرقة باللعان لبطل قوله ( كذبت عليها إن أمسكتها ) لأن إمساكها غير ممكن
( وثانيها ) : ما روي في هذا الخبر أنه طلقها ثلاث تطليقات فأنفذه رسول الله الله صلى اللله عليه وسلم وتنفيذ الطلاق إنما يمكن إذا لم تقع الفرقة بنفس اللعان
( وثالثها ) : ما قال سهل بن سعد في هذا الخبر ( مضت السنة في المتلاعنين أن يفرق بينهما ولا يجتمعان أبدا ) ولو كانت الفرقة واقعة باللعان استحال التفريق بعدها وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( المتلاعنان إذا تفرقا لا يجتمعان أبدا )
وقد قال أبو بكر الرازي : قول الشافعي خلاف الآية لأن الله تعالى إنما أوجب اللعان بين الزوجين
ولأن اللعان شهادة لا يثبت حكمه إلا عند الحاكم فوجب ألا يوجب الفرقة إلا بحكم الحاكم كما لا يثبت المشهود به إلا بحكم الحاكم ولأن اللعان تستحق به المرأة نفسها كما يستحق المدعي بالبينة فلما لم يجز أن يستحق المدعي ما ادعاه إلا بحكم الحاكم وجب مثله في استحقاق المرأة نفسها . ولأن أكثر ما فيه أنها زنت ولو قامت البينة على زناها أو هي أقرت بذلك فذلك لا يوجب التحريم فكذا اللعان وإذا لم يوجد فيها دلالة على التحريم وجب ألا تقع الفرقة به فلا بد من إحداث التفريق بين الزوجين إما من قبل الزوج أو من قبل الحاكم
وأما حجة المالية فلأنهما لو تراضيا على البقاء على النكاح بعد اللعان لم يخليا بل يفرق بينهما فدل ذلك على أن اللعان قد أوجب الفرقة إن لم يفرق الحاكم بينهما
اجتماع الزوجين بعد اللعان
الشافعية والمالكية والحنابلة وأبو يوسف والثوري - قالوا : المتلاعنان لا يجتمعان أبدا بعد الفرقة وهو قول علي وعمر وأبن مسعود لما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال للملاعن بعد اللعان : ( لا سبيل لك عليها ) ولم يقل حتى تكذب نفسك ولو كان الإكذاب غاية لهذه الحرمة لردها رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى هذه الغاية كما قال في المطلقة بالثلاث ( فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره )
ولآن اللعان فسخ فيكون التحريم مؤبدا كالرضاع فلا تحل له أبدا وفي الحديث ( المتلاعنان إذا تفرقا لا يجتمعان أبدا ) . ولما روي عن الإمام علي كرم الله وجهه وعمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم أنهم قالوا : لا يجتمع المتلاعنان أبدا
وما رواه الزهري عن سهل بن سعد في قصة العجلاني ( مضت السنة أنهما إذا تلاعنا فرق بينهما ثم لا يجتمعان أبدا فدلت هذه الروايات كلها على أن تحريم الزوجة على زوجها مؤبد
الحنفية - قالوا : إذا أكذب الرجل نفسه وأقيم عليه الحد زال تحريم العقد وحلت له بنكاح جديد فهو تحريم مؤقت احتجوا على ذلك بقوله تعالى : { وأحل لكم ما وراء ذلكم } وقوله تعالى : { فأنكحوا ما طاب لكم من النساء } فاللعان طلاق ثلاثا لا يتأبد به التحريم
إذا أتى أحدهما ببعض كلمات اللعان
الحنفية - قالوا : أكثر كلمات اللعان تعمل عمل الكل إذا حكم به الحاكم
الشافعية - قالوا : لو أتى أحدهما ببعض كلمات اللعان لا يتعلق به الحكم فإنها لا تدرأ العذاب عن نفسها إلا بتمام ما ذكره الله تعالى
اتفق الفقهاء : على أن اللعان كالشهادة فلا يثبت إلا عند الحاكم . وقالوا : يشترط في اللعان أن يكون من الزوج سواء دخل بها أم لا وأن يكون بالغا عاقلا مسلما
وقالوا : يشترط حضور جماعة للعان لا تقل عن أربعة عدول ذكور لا احتمال نكول الزوج أو إقرارها . ويشترط أن تكون الزوجة في عصمته بنكاح صحيح دون الفاسد أو تكون في العدة . ويصح لعان الأخرس إذا كان يحسن الكتابة ويشترط أن يكرر الكتابة خمس مرات قبل الشهادة
الشافعية والحنابلة - قالوا : أن اللعان يمين
الحنفية والمالكية - قالوا : أن اللعان شهادة مؤكدة بالأيمان موثقة باللعن والغضب وذلك لقوله تعالى : { فشهادة أحدهما أربع شهادات بالله } ولقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه ( فجاء هلال فشهد ثم جاءت فشهدت ) كما رواه أبن عباس رضي الله عنهما
وقيل : أن اللعان شهادة شائبة بيمين
اللعان على الحمل
الشافعية والمالكية - قالوا : يصح اللعان على الحمل قبل الوضع مطلقا ويصح كذلك نفي الحمل
إلا أن المالكية اشترطوا أن يكون استبراؤها بثلاث حيضات أو بحيضة واحدة على خلاف بينهم . واستدلوا بالحديث السابق وأن اللعان وقع والزوجة حامل ولأن الحمل قرينة قوية يتأكد منها وجوده ولحصول الريبة بمجرد الحمل فيصح اللعان لأجله مبادرة للخلوص من العار الذي يلحقه من جراء ذلك
الحنفية والحنابلة - قالوا : لا يصح اللعان النفي قبل الوضع لعدم التيقن لاحتمال أن يكون الحمل ريحا
الحنفية - قالوا : لا يصح نفي الولد بعد الإقرار بهن لأنه لو صح الرجوع بعد الإقرار لصح في كل إقرار لا يمكن أن يتقرر حق من الحقوق والثاني باطل بالإجماع وقد روي أن رجلا اعترف بولده في بطنها ثم أنكره بعد ولاجتها فجلده عمر رضي الله تعالى عنه وألحق به الولد
اتفق الفقهاء على أن المرأة المفسوخة باللعان لا تستحق في مدة العدة . نفقة ولا سكنى لأن النفقة إنما تستحق في عدة الطلاق لا في عدة الفسخ وكذلك السكنى ومن قال أن اللعان طلاق كأبي حنيفة يقول بوجوب النفقة والسكنى
حكم الأخرس
الحنفية - قالوا : لا يصح قذف الأخرس ولا لعانه لوجود شبهة تذرا الحد عنه
المالكية والشافعية والحنابلة - قالوا : يصح قذف الأخرس ويصح لعانه لزوجته إذا كانت له إشارة مفهومة توضح قصده ويعلم ما يقوله أو كان يحسن الكتابة ويلزمه الحد في هذه الحال لأن من كتب أو أشار إلى القذف إشارة يفهمها الناس فقد رمى المحصنة وألحق العار بها فوجب أدراجه تحت الظاهر وعول معاملة الناطق
ولد المتلاعنين
ذكر الفقهاء أن ولد المتلاعنين ينسب إلى أمه فيرث منها إذا ماتت وترثه إذا مات قبلها ولا يصح لأحد أن يرمي المرأة بالزنا بالرجل الذي اتهمها به زوجها ومن قذفها بالزنا يحد حد القذف وذلك لأنه لم يتبين صدق ما قاله الزوج فهي محصنة والأصل عدم الوقوع في المحرم ومجرد وقوع اللعان لا يخرجها من العفاف والأعراض محمية عن الثلب ما لم يحصل اليقين ولا يصح لأحد أن يرمي ولد المتلاعنين بأنه أبن زنا ومن دعاه ولد الزنا يجلد ثمانين جلدة وقرابة الولد المنفي قرابة أمه لما روي عن أبن عباس رضي الله عنهما ( وقضى أنه ليس عليه قوت ولا سكنى من أجل أنهما يفترقان بغير طلاق ولا متوفى عنها ) وقول ( وألحق الولد بالمرأة ) وفي رواية ( فكان الولد ينسب إلى أمه ) أي صيره لها وحدها ونفاه عن الزوج فلا توارث بينهما وعصبة أمه تصبر عصبة له وروي أن النبي صلى الله عليه و سلم قال في حديث اللعان ( ومن رماها به جلد ثمانين جلد ) وفي رواية ( وقضى أن لا يدعى ولدها لأب ولا يرمى ولدها ومن رماها أو رمى ولها فعليه الحد )
لا يصح للملاعن أن يسترد مهره
قال الفقهاء : إذا تم اللعان فإن الزوجة يفسخ عقدها وتستحق المال الذي صار إليها من المهر بما استحل الزوج من فرجها في المدة السابقة للعان فقد روي أن هلال بن أمية بعدما لاعن امرأته قال : يا رسول الله ( مالي ) أي الصداق الذي سلمه أتليها يزيد أن يرجع به عليها فأجابه صلى الله عليه و سلم بقوله : ( لا سبيل لك عليها ) وإنها قد استحقته بذلك السبب وأوضح له استحقاقها له على فرض صدقه وعلى فرض كذبه لأنه مع الصدق قد استوفى منها ما يوجب استحقاقها له وعلى فرض كذبه كذلك مع كونه قد ظلمها برميها بما رماها به وهذا الرأي مجمع عليه في المدخول بها عن أبن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله للمتلاعنين : حسابكما على الله أحدكما كاذب لا سبيل لك عليها قال يا رسول الله مالي قال لا مال لك إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها وإن كنت كذبت عليها فذلك أبعد لك منها متفق عليه
أما في الزوجة التي لم يدخل بها زوجها فذهب الجمهور إلى أنها تستحق نصف الصداق كغيرها من المطلقات قبل الدخول وقال حماد والحكم أنها تستحق جميعه وقال الزهري ومالك : لاشيء لها
مخالفة لون الابن لأبيه
الحنفية والمالكية - قالوا : لا يجوز للأب أن ينفي ولده بمجرد كونه مخالفا له في اللون
الشافعية - قالوا : إذا لم ينضم إلى المخالفة في اللون قرينة زنا لم يجز النفي فإن اتهمها فأتت بولد على لون الرجل الذي اتهمها به جاز النفي على الصحيح
الحنابلة - قالوا : يجوز نفي الولد الذي جاء لونه مخالفا للون أبيه مع القرينة مطلقا وأما بدون القرينة فلا . فقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( جاء رجل من بني فزارة إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : ولدت امرأتي غلاما أسود وهو حينئذ يعرض بأن ينفيه فقال له النبي الله صلى اللله عليه وسلم : هل لك من إبل ؟ قال : نعم . قال : فما لونها ؟ قال لونها ؟ قال : حمر قال هل فيها أورق ؟ قال : إن فيها لورقا قال : فأنى أتاها ذلك ؟ قال : عسى أن يكون نزعة عرق قال : فهذا عسى أن يكون نزعة عرق ولم يرخص له في الانتفاء منه رواه الجماعة . ولأبي داود في رواية ( إن امرأتي ولدت غلاما اسود وإني أنكره )
وروي عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت ( إن رسول الله صلى الله عليه و سلم دخل علي تبرق أسارير وجهه فقال : ألم تري أن مجزرا نظر آنفا إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد فقال إن هذه الأقدام بعضها من بعض ) . رواه الجماعة وذلك أن الناس كانوا قد ارتابوا في زيد بن حارثة وابنه أسامة - وكان زيد ابيض وأسامة اسود فتكلم في ذلك بقول كان يسوء رسول الله صلى الله عليه و سلم فلما سمع قول المدلجي فرح به وسري عنه لأنه رفع التهمة عن سيدنا زيد وأثبت صدق نسب أسامة منه وذلك حق والرسول صلى الله عليه و سلم لا يظهر السرور إلا بما هو حق عنده وأسامة قد ثبت فراش أبيه شرعا ولما وقعت القالة بسبب اختلاف اللون كان قول المدلجي دافعا لمقالة السوء
حكم طلاقها بعد القذف
الحنفية - قالوا : لو طلق الرجل زوجته التي رماها بالزنا بعد القذف ثلاثا أو بائنا فلا لعان بينهما ولا حد بذلك القذف ولو قال لها : أنت طالق ثلاثا ( يا زانية ) فعليه الحد دون اللعان لأنه قذف امرأة أجنبية عنه ولو قال : يا زانية أنت طالق ثلاثا فلا حد ولا لعان لأنه طلقها ثلاثا بعد وجود اللعان فسقط عنه بالبينونة
ولو قذف أربع نسوة له لاعن مع كل زوجة منهن ولو قذف أربع أجنبيات حد لهن حدا واحدا والفرق في ذلك أن المقصود في المسألة الثانية الزجر وهو يحصل بحد واحد أما الأول فالمقصود باللعان هو دفع العار عن المرأة المتهمة وإبطال نكاحها عليه وذلك لا يحصل بلعان واحد ولو قال لها : ليس حملك مني فلا لعان لأنه لم يتيقن بقيام الحمل لم يعد قاذفا ولو نفى ولد زوجه الحرة فصدقته فلا حد ولا لعان لأنه لم يتيقن بقيام الحمل فلم يعد قاذفا ولو ننفى ولد زوجه الحرة فصدقته فلا حد ولا لعان وهو ابنهما لا يصدقان على نفيه لأن النسب حق الولد والأم لا تملك إسقاط حق ولدها فلا ينتفي بتصديقها وإنما لم يحسب الحد واللعان لتصديقها لأنه لا يجوز لها أن تشهد إنه لمن الكاذبين بعد ذلك وقد قالت إنه لمن الصادقين وإذا تعذر اللعان لا ينتفي النسب ولو طلقها بعد القذف طلاقا رجعيا وجب اللعان لقيام الزوجية ولو تزوجها بعد الطلاق البائن فلا لعان ولا حد بذلك القذف
نفي الولد بعد الولادة
( يتبع . . . )

(5/55)

واتفق العلماء على أن الزوج لو نفى الولد عقب الولادة انتفى وإذا لم ينفه حتى حالت المدة بعد الوضع لم يكن له نفيه لأنه قبل التهاني بالولادة وابتاع حاجات الولادة وقبل هدايا الأصدقاء فإذا فعل ذلك ومضت مدة عليه وهو ممسك كان فعله اعترافا ظاهرا بالولد فلا يصح نفيه بعده وقد روي عن قبيصة بن ذؤيب أنه قال ( قضى عمر بن الخطاب في رجل أنكر ولد امرأته وهو في بطنها ثم اعترف به وهو في بطنها حتى إذا ولج أنكره ف - أمر به عمر فجلد ثمانين جلدة لفريته عليها ثم ألحق به ولدها ) . وورد في حديث أبن عباس رضي الله عنهما ( أن النبي صلى الله عليه و سلم لاعن بين هلال بن أمية وامرأته وفرق بينهما وقضى أن لا يدعى ولدها لأب ويرمى ولدها ورماها أو رمى ولدها فعليه الحد ) قال عكرمة رضي الله عنه : ( فكان ذلك الولد بعد ذلك أميرا على مصر من الأمصار وما يدعى لأب ) رواه أحمد وإذا كان الزوج غائبا في بلد نائية علم بولادة زوجته عند حضوره من سفره فكأنها ولدت حال علمه . فيصح له نفيه عقب علمه بولادته فإذا مكث مدة بعد العلم فلا يصح له أن ينفيه لأنه رضي به
واتفق الفقهاء : على أنه لا ينفى نسب الحمل قبل الولادة لأنه حكم عليه ولا حكم على الجنين قبل الولادة كالإرث الوصية وإنما يؤجل الحكم عليه حتى تلد
الحنفية - قالوا : من ولدت ولدين في بطن واحد فاعترف بالأول ونفى الثاني ثبت نسبهما ولاعن وإن عكس فنفى الأول واعترف بالثاني ثبت نسبهما وأقيم عليه الحد أما ثبوت النسب فلأنهما توأمان خلقا من ماء واحد فمتى ثبت نسب أحدهما باعترافه ثبت نسب الآخر ضرورة ولأنه لما نفى الثاني لم يكن مكذبا نفسه فيلاعن ولما نفى الأول صار مكذبا نفسه باعترافه بالثاني فيحد
من قذف زوجته برجل سماه
الحنفية والمالكية رحمهم الله - قالوا لو قذف رجل زوجته برجل بعينه وسماه فقال : زنى بك فلان لاعن للزوجة وحد للرجل الذي قذفه إن طلب الحد ولا يسقط حد القذف باللعان
الشافعية في أرجح أقوالهم - قالوا : أنه يجب عليه حد واحد لهما والرأي الثاني - لكل منهما حد عليه فإن ذكر القذف في لعانه سقط الحد عنه
الحنابلة - قالوا : عليه حد واحد لهما ويسقط بلعانها
روي عن أنس بن مالك رضى الله تعالى عنه ( أن هلال بن أمية قذف امرأته بشريك بن سحماء وكان أخا البراء بن مالك لأمه وكان أول رجل لاعن في الإسلام قال : فلاعنها فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أبصروها فإن جاءت به ابيض سبطا فضيء العينين فهو لهلال بن أمية وإن جاءت به أكحل جعدا حمش الساقين فهو لشريك بن سحماء قال : فأنبئت أنها جاءت به أكحل جعدا حمش الساقين ) رواه أحمد ومسلم والنسائي والسبط - هو المسترسل من الشعر : وقوله ( فضيء العينين ) هو فاسد العينين - والأكحل الذي في عينيه سواد - والجعد من الشعر خلاف السبط . أو القصير منه وقوله ( حمش الساقين ) أي رقيق الساقين وفي رواية فأخبره بالذي وجد عليه امرأته وكان ذلك الرجل مصفرا قليل الشعر سبطه وكان الذي ادعى عليه أنه وجد عند أهله خدلا آدم كثير اللحم فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( اللهم بين ) فوضعت شبيها بالذي ذكر زوجها أنه وجده عندها فلاعن رسول الله صلى الله عليه و سلم بينهما
حكم اللعان من غير رؤية
المالكية - قالوا : لو قال لزوجته - يا زانية - وجب عليه الحد إن لم يثبته وليس له أن يلاعن حتى يدعي رؤيته بعينه لأن الرؤية شرط في اللعان عندهم
الحنفية والشافعية - قالوا : إن للزوج أن يلاعن زوجته ولو لم يذكر رؤيته لأنها ليست بشرط عندهم
إذا رآها في العدة تزني
المالكية - قالوا : إذا بانت زوجته منه ثم رآها تزني في أيام العدة فله أن يلاعنها ولو ظهر بها حمل بعد طلاقه وقال : كنت استبرأتها بحيضة فله أن يلاعنها أيضا
الشافعية - قالوا : إن كان هناك حمل أو ولد فله أن يلاعن وإلا فلا حق له
الحنفية والحنابلة - قالوا : ليس له أن يلاعن أصلا لأنها صارت أجنبية له بعد طلاقها
من طلق امرأته عقب العقد وأتت بولد
المالكية والشافعية والحنابلة - قالوا : لو تزوج امرأة ثم طلقها عقب العقد مباشرة من غير أماكن وطئها وأتت بولد لستة أشهر من العقد لم يلحق به كما لو أتت به لأقل من ستة أشهر للتأكد من أنه حملت به قبل إجراء العقد
الحنفية - قالوا : إنه يلحقه إذا عقد عليها بحضرة الحكم ثم طلقها عقب العقد وأتت به لستة أشهر لا قل ولا أكثر منها فإن الولد حينئذ يلحقه لحدوثه قبل الطلاق وبعد العقد
من تزوج بامرأة وغاب عنها
الحنيفية - قالوا : لو تزوج رجل بامرأة وغاب عنها سنتين فأتاها خبر وفاته فاعتدت منه ثم تزوجت وأتت بأولاد من الزوج الثاني ثم قدم الأول . وحجتهم في ذلك قول الرسول صلى الله عليه و سلم ( الولد للفراش وللعاهر الحجر ) رواه الجماعة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه وفي لفظ للبخاري ( الولد لصاحب الفراش ) فقد صارت فراشا له بالعقد فأولده بنص الشارع إذ الإحكام يرجع وضعها إليه ولو لم يقبلها بعض العقول
وقد اختلف العلماء في معنى ( الفراش )
الحنفية - قالوا : إن الفراش في الحديث الشريف اسم للزوج وأنشد أبن الأعرابي مستلا على هذا المعنى قول جرير : باتت تعانقه وبات فراشها
وقوله ( وللعاهر الحجر ) العاهر الزاني - يقال : عهر أي زنى - قيل ويختص ذلك بالليل ومعنى له الحجر الخيبة أي لاشيء له في الولد وقيل : أن المراد بالحجر أنه يرجم بالحجارة إذا زنى وكان محصنا
روى الجماعة عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت : ( اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن زمعة إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال سعد : يا رسول الله أبن أخي عتبة بن أبي وقاس عهد إلي أنه ابنه اظهر إلى شبهه وقال عبد الله بن زمعة : هذا أخي يا رسول الله ولج على فارش أبي فنظر رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى شبهه فرأى شبها بينا بعتبة فقال : هو لك يا عبد الله بن زمعة الولد للفراش وللعاهر الحجر واحتجبي منه يا سودة بنت زمعة قال : لم ير سودة قط ) رواه الجماعة وسودة هي أم المؤمنين رضي الله عنها
فالحنفية يثبتون النسب بمجرد العقد وقالوا : إن مجرد المظنة كافية بل قالوا : لو أن رجلا تزوج امرأة بالمغرب وهو بالمشرق لستة اشهر كان الولد ملحقا به ورد بمنع حصولها بمجرد العقد بل لابد من إمكان الوطء ولا شك أن اعتبار مجرد العقد في ثبوت الفراش مجرد ظاهر وذهب أبن تيمية إلى أنه لابد من معرفة الدخول المحقق : وكيف تأتي الشريعة بإلحاق نسب من لم يبن بامرأته ولا دخل بها ولا اجتمع بها بمجرد إمكان ذلك ؟
أجاب الأحناف على ذلك بأن معرفة الوطء المحقق متعسرة فاعتبارها يؤدي إلى بطلان كثير من الأنساب وهو يحتاط فيها واعتبار مجرد الإمكان يناسب ذلك الاحتياط
الشافعية والمالكية والحنابلة - قالوا : في هذه المسألة أن الأولاد يكونون للزوج الثاني للتأكد من أنه تزوج المرأة ووطأها وهي فارشه وذلك هو المعقول
ولابد في ثبوت الولد أن تأتي المرأة به بعد مضى أقل مدة الحمل وهو ستة اشهر من وقت إمكان الوطء في النكاح الصحيح أو الفاسد عند الأئمة الثلاثة أو تأتي به من وقت العقد وإن لم يجتمع لها عند الحناف أو معرفة الوطء المحقق عند أبن تيمية وهذا مجمع عليه فولدت قبل مضي المدة لقطعنا بأن الولد من قبل العقد فلا يلحق بأحد . وقالوا : لا يجوز إلحاق الولد بأكثر من رجل واحد
رأي الخوارج
قال الخوارج : إن الزنا والقذف كفر ورد عليهم أهل السنة بقوله تعالى : { والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم } الآيات واحتجوا بالآية من وجهين :
الأول - أن الرامي إن صدق فهي زانية وإن كذب فهو قاذف فلا بد على قولهم من وقوع الكفر من أحدهما وذلك يكون ردة : فيجب على هذا أن تقع الفرقة ولا لعان أصلا . وأن تكون فرقة الردة حتى لا يتعلق بذلك توارث البتة
الثاني - أن الكفر إذا ثبت عليها لعانه - كما قالوا - فالواجب أن تقتل لا أن تجلد أو ترجم لأن عقوبة المرتد مباينة للحد في الزنا
وقال أهل السنة : إن الآية دالة على بطلان قول من يقول : إن وقوع الزنا يفسد النكاح . وذلك لأنه يجب إذا رماها بالزنا أن يكون قوله هذا كأنه معترف بفساد النكاح حتى يكون سبيله سبيل من يقر بأنها أخته من الرضاع أو بأنها كافرة ولو كان كذلك لوجب أن تقع الفرقة بنفس الرمي من قبل اللعان وقد ثبت بالإجماع فساد ذلك الرأي
رأي المعتزلة
المعتزلة - قالوا : دلت آية اللعان على أن القاذف مستحق للعن الله تعالى إذا كان كاذبا وأنه قد فسق وكذلك الزاني والزانية يستحقان غضب الله تعالى وعقابه وإلا لم يحسن منهما أن يلعنا أنفسهما . كما لا يجوز أن يدعو أحد ربه أن يلعن الأطفال والمجانين وإذا صح ذلك فقد استحق العقاب والعقاب يكون دائما كالثواب ولا يجتمعان فثوابهما أيضا محبط فلا يجوز إذا لم يتوبا أن يدخلا الجنة لأن الأمة مجمعة على أن من دخل الجنة من المكلفين فهو مثاب على طاعاته وذلك يدل على خلود الفساق في نار جهنم
الأئمة - قالوا : لا نسلم أنه كونه مغضوبا عليه بفسقه يتأتى كونه مرضيا عنه لجهة إيمانه ثم لو سلمناه لم نسلم أن الجنة لا يدخلها إلا مستحق الثواب والإجماع ممنوع وقيل : إنما خصت الملاعنة بأن تخمس بغضب الله تغليظا عليها لأنها هي أصل الفجور ومنبعه بخيلائها وأطماعها ولذلك كانت في مقدمة آية الجلد )

(5/56)

LihatTutupKomentar