Hukum Shalat di Kuburan dan Masjid yang Ada Kuburnya

Hukum Shalat di Kuburan dan Masjid yang Ada Kuburnya
Hukum Shalat di Kuburan dan Masjid yang Ada Kuburnya


حكم الصلاة في المقبرة وفي مسجد فيه قبر
دراسة فقهية مقارنة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه ومن تبع هداه وبعد:
فهذا بحث موجز في حكم الصلاة في مسجد فيه قبر وقد جعلته في مبحثين:

المبحث الأول: حالات الصلاة في مسجد فيه قبر وحكم كل حالة
والمبحث الثاني: في أدلة أهل العلم في المسألة

المبحث الأول:
حالات الصلاة في مسجد فيه قبر وحكم كل حالة
الصلاة بالنسبة للقبور لها ثلاثة أحوال:
1- أن تكون على القبور
2- أن تكون إلى القبور
3- أن تكون عند القبور

ولكل من ذلك حالتان:

الحالة الأولى : أن توجد في موضع الصلاة نجاسة من صديد الموتى فلا خلاف بين أهل العلم في حرمة الصلاة في ذلك الموضع والصلاة عندئذ باطلة

والحالة الثانية : ألا توجد في الموضع نجاسة وقد اختلف أهل العلم في هذه الحالة على ثلاثة أقوال :
- القول الأول :أن ذلك مكروه والصلاة صحيحة وهو مذهب الجمهور وعليه الشافعية وهو رواية عند الحنابلة وعليه الحنفية في حالة الصلاة إلى القبور , وكذا في حالة الصلاة على القبور مالم يكن قبر نبي
- والقول الثاني :أن ذلك جائز وهو مذهب المالكية, وهو أيضا مذهب الحنفية في حالة الصلاة عند القبور
- والقول الثالث :أن ذلك حرام وهو الرواية الأخرى عند الحنابلة وعليها المذهب, وفي صحة الصلاة عندهم روايتان والأصح عدم الصحة, ثم الكلام السابق عند الحنابلة إنما هو إذا كانت الصلاة في مقبرة أما القبر والقبران فلا يمنعون من الصلاة عندها وخالف في ذلك بعضهم كما سيأتي إن شاء الله
والآن إليك بعض أقوال أهل العلم من المذاهب الأربعة في المسألة ضمن الفروع التالية :

الفرع الأول:
من أقوال الحنفية
في بدائع الصنائع 1/301: (وأما المقبرة فقيل : إنما نهى عن ذلك لما فيه من التشبيه باليهود كما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد فلا تتخذوا قبري بعدي مسجد .
وروي أن عمر رضي الله عنه رأى رجلا يصلي بالليل إلى قبر فناداه: القبر القبر, فظن الرجل أنه يقول القمر القمر فجعل ينظر إلى السماء فما زال به حتى تنبه ، فعلى هذا تجوز الصلاة وتكره

وقيل : معنى النهي أن المقابر لا تخلو عن النجاسات لأن الجهال يستترون بما شرف من القبور فيبولون ويتغوطون خلفه، فعلى هذا لا تجوز الصلاة لو كان في موضع يفعلون ذلك لانعدام طهارة المكان)اه

وفي البحر الرائق 5/217: (ويكره أن يكون محراب المسجد نحو المقبرة أو الميضأة أو الحمام)اه
وفي حاشية ابن عابدين 1/38 قوله: (ومقبرة) مثلث الباء, واختلف في علته:

- فقيل: لأن فيها عظام الموتى وصديدهم وهو نجس وفيه نظر
- وقيل: لأن أصل عبادة الأصنام اتخاذ قبور الصالحين مساجد
- وقيل: لأنه تشبه باليهود وعليه مشى في الخانية
ولا بأس بالصلاة فيها [يعني المقبرة] إذا كان فيها موضع أعد للصلاة وليس فيه قبر ولا نجاسة كما في الخانية ولا قبلته إلى قبر حلية)اه

وفي حاشية الطحطاوي 2/351 قوله: وفي المقبرة بتثليث الباء لأنه تشبه باليهود والنصارى قال صلى الله عليه وآله وسلم : (لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) وسواء كانت فوقه أو خلفه ، أو تحت ما هو واقف عليه

ويستثنى مقابر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فلا تكره الصلاة فيها مطلقا منبوشة أو لا, بعد أن لا يكون القبر في جهة القبلة, لأنهم أحياء في قبورهم ألا ترى أن مرقد إسماعيل عليه السلام في الحجر تحت الميزاب وأن بين الحجر الأسود وزمزم قبر سبعين نبيا ثم إن ذلك المسجد أفضل مكان يتحرى للصلاة بخلاف مقابر غيرهم أفاده في شرح المشكاة
وفي زاد الفقير: وتكره الصلاة في المقبرة إلا أن يكون فيها موضع أعد للصلاة لا نجاسة فيه ، ولا قذر فيه اهـ
قال الحلبي : لأن الكراهة معللة بالتشبه ، وهو منتف حينئذ ، وفي القهستاني عن جنائز المضمرات: لا تكره الصلاة إلى جهة القبر إلا إذا كان بين يديه بحيث لو صلى صلاة الخاشعين وقع بصره عليه)اه

الفرع الثاني
من أقوال المالكية

في المدونة الفقهية 1/90 : (قلت لابن القاسم: هل كان مالك يوسع أن يصلي الرجل وبين يديه قبر يكون سترة له؟ قال: كان مالك لا يرى بأسا بالصلاة في المقابر وهو إذا صلى في المقبرة كانت القبور أمامه وخلفه وعن يمينه وعن يساره

قال: وقال مالك: لا بأس بالصلاة في المقابر, قال: وبلغني أن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانوا يصلون في المقبرة)اه

وفي الذخيرة للقرافي 2/95 وثالثها المقبرة :قال في الكتاب : لا بأس بالصلاة إلى القبر وفي المقبرة وبلغني أن أصحاب رسول الله كانوا يفعلون ذلك, قال صاحب الطراز : ومنع ابن حنبل من الصلاة إلى القبر وفي المقبرة
والمقبرة تنقسم إلى مقبرة الكفار والمسلمين وعلى التقديرين فإما أن يتيقن نبشها أو عدمه أو يشك في ذلك فهذه ستة أقسام منع أحمد والشافعي جميع ذلك, واختلف قول أحمد في صحة الصلاة فمرة حمل النهي على التعبد لا على النجاسة فحكم بالصحة

وفرق ابن حبيب بين قبور المسلمين والمشركين فمنع من قبور المشركين لأنه حفرة من حفر النار وقال : يعيد في العامرة أبدا في العمد والجهل لبقاء نبشها النجس ولا يعيد في الداثرة لذهاب نبشها وبين قبور المسلمين فلم يمنع كانت داثرة أو عامرة

قال صاحب الطراز : ويحمل قوله في الكتاب على أن المقبرة لم تنبش أما المنبوشة التي يخرج منها صديد الأموات وما في أمعائهم فلم يتكلم عليه مالك

حجتنا : أن مسجده عليه السلام كان مقبرة للمشركين فنبشها عليه السلام وجعل مسجده موضعها ولأنه عليه السلام صلى على قبور الشهداء, وهذه المسألة مبنية على تعارض الأصل والغالب فرجح مالك الأصل وغيره الغالب
حجة المخالف : ما في الترمذي نهى عليه السلام أن يصلى في سبعة مواضع في المزيلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق ومعاطن الإبل وفي الحمام وفوق ظهر بيت الله عز وجل وقال عليه السلام لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها ) اه

وفي مواهب الجليل 1/135 : ( ومن صلى وبين يديه جدار مرحاض أو قبر فلا بأس به إذا كان موضعه طاهرا, قال ابن ناجي: ظاهره وإن ظهر على الجدار نجاسة وهو كذلك لأن المعتبر محل قيام المصلي وقعوده وسجوده وموضع كفيه لا أمامه أو يمينه أو شماله انتهى) اه

وفي حاشية الدسوقي 1/188: (قوله : وجازت بمربض بقر أو غنم ولو على القبر) أي هذا إذا صلى بين القبور بل ولو صلى فوق القبر

فإن قلتَ : سيأتي أن القبر حبس لا يمشى عليه ولا ينبش والصلاة تستلزم المشي, قلتُ : يحمل كلامه على ما إذا كان القبر غير مسنم والطريق دونه فإنه يجوز المشي عليه حينئذ

(قوله: منبوشة أو لا) فيه أن المقبرة إذا نبشت صار التراب الذي نزل عليه الدم والقيح من الموتى ظاهرا على وجه الأرض فيكون قد صلى على تراب نجس فكيف يحكم بجواز الصلاة ؟

وحاصل الجواب :أنه سيأتي في كلام المصنف تقييد الجواز بالأمن من النجاسة بأن يعتقد أو يظن طهارة المحل الذي يصلي عليه والمقبرة إذا نبشت يمكن أن يعتقد أو يظن طهارة ما صلى عليه وأنه من غير المنبوش أو أن الدم والصديد النازل من الموتى لم يعم التراب, أو يقال إن جواز الصلاة في المقبرة المنبوشة مبني على ما قاله مالك من ترجيح الأصل وهو الطهارة على الغالب وهو النجاسة عند تعارضهما فتأمل

(قوله : خلافا لمن قال بعدم الجواز في مقبرتهم ) الذي في المواق ترجيح هذا القول فانظره اه ... (قوله: إن أمنت من النجس ) أي بأن تحقق أو ظن طهارة الموضع الذي صلى فيه منها ...(قوله : كموضع منها ) أي كأن يصلي في موضع من هذه الأمور الأربعة المقبرة والزبلة والمحجة والمجزرة منقطع عن النجاسة أي بعيد عنها) اه

الفرع الثالث:
من أقوال الشافعية

في الأم 1/92 : روى حديث (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام) ثم ( قال الشافعي ): وبهذا نقول ومعقول أنه كما جاء في الحديث ولو لم يبينه لأنه ليس لأحد أن يصلي على أرض نجسة لأن المقبرة مختلطة التراب بلحوم الموتى وصديدهم وما يخرج منهم وذلك ميتة وإن الحمام ما كان مدخولا يجري عليه البول والدم والأنجاس

( قال الشافعي ) والمقبرة الموضع الذي يقبر فيها العامة وذلك كما وصفت مختلطة التراب بالموتى وأما صحراء لم يقبر فيها قط قبر فيها قوم مات لهم ميت ثم لم يحرك القبر فلو صلى رجل إلي جنب ذلك القبر أو فوقه كرهته له ولم آمره يعيد لأن العلم يحيط بأن التراب طاهر لم يختلط فيه شيء وكذلك لو قبر فيه ميتان أو موتى )اه
وقال الإمام البيهقي 2/435 : ( عن أنس قال : قمت يوما أصلى وبين يدي قبر لا أشعر به فنادانى عمر القبر القبر فظننت أنه يعني القمر فقال لي بعض من يليني إنما يعني القبر فتنحيت عنه وروينا عن أبي ظبيان عن بن عباس أنه كره أن يصلى إلى حش أو حمام أو قبر وكل ذلك على وجه الكراهية إذا لم يعلم في الموضع الذي تصيبه ببدنه وثيابه نجاسة لما روينا في هذا الحديث الثابت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جعلت لي الأرض طيبه طهورا ومسجدا ) اه

وقال النووي في المجموع 3/164: (حكم المسألة :
إن تحقق أن المقبرة منبوشة لم تصح صلاته فيها بلا خلاف إذا لم يبسط تحته شيء, وإن تحقق عدم نبشها صحت بلا خلاف وهي مكروهة كراهة تنزيه

وإن شك في نبشها فقولان :أصحهما تصح الصلاة مع الكراهة, والثاني لا تصح , هكذا ذكر الجمهور الخلاف في المسألة الأخيرة قولين كما ذكره المصنف هنا , ممن ذكرهما قولين الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب في تعليقه والمحاملي والشيخ أبو علي البندنيجي وصاحب الشامل وخلائق من العراقيين , ومعظم الخراسانيين ونقلهما جماعة وجهين منهم المصنف في التنبيه وصاحب الحاوي قال في الحاوي : القول بالصحة هو قول ابن أبي هريرة وبالبطلان قول أبي إسحاق والصواب طريقة من قال : قولان, قال صاحب الشامل: قال في الأم : لا تصح , وقال في الإملاء : تصح واتفق الأصحاب على أن الأصح الصحة وبه قطع الجرجاني في التحرير

قال أصحابنا : ويكره أن يصلي إلى القبر هكذا قالوا يكره , ولو قيل : يحرم لحديث أبي مرثد وغيره مما سبق لم يبعد, قال صاحب التتمة : وأما الصلاة عند رأس قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متوجها إليه فحرام .
وقال النووي في المجموع 3/166 ( فرع ) في مذاهب العلماء في الصلاة في المقبرة :

- قد ذكرنا مذهبنا فيها , وأنها ثلاثة أقسام , قال ابن المنذر روينا عن علي وابن عباس وابن عمر وعطاء والنخعي أنهم كرهوا الصلاة في المقبرة

- ولم يكرها أبو هريرة وواثلة بن الأسقع والحسن البصري
- وعن مالك روايتان أشهرهما لا يكره ما لم يعلم نجاستها
- وقال أحمد: الصلاة فيها حرام , وفي صحتها روايتان وإن تحقق طهارتها
- ونقل صاحب الحاوي عن داود أنه قال : تصح الصلاة وإن تحقق نبشها)اه
وفي المجموع أيضا 5/280: ( اتفقت نصوص الشافعي والأصحاب على كراهة بناء مسجد على القبر سواء كان الميت مشهورا بالصلاح أو غيره , لعموم الأحاديث

قال الشافعي والأصحاب : وتكره الصلاة إلى القبور , سواء كان الميت صالحا أو غيره قال الحافظ أبو موسى : قال الإمام أبو الحسن الزعفراني رحمه الله : ولا يصلى إلى قبره , ولا عنده تبركا به وإعظاما له للأحاديث والله أعلم ) اه
وفي فتح المعين للمليباري 2/360 في شروط صحة النذر : ( وخرج بالقربة المعصية كصوم أيام التشريق وصلاة لا سبب لها في وقت مكروه فلا ينعقدان, وكالمعصية المكروه كالصلاة عند القبر والنذر لأحد أبويه أو أولاده فقط ) اه ونحوه في حاشية الشرواني على التحفة 10/79

وقال الحافظ في الفتح 1/524 : ( قوله: (وما يكره من الصلاة في القبور) يتناول ما إذا وقعت الصلاة على القبر أو إلى القبر أو بين القبرين وفي ذلك حديث رواه مسلم من طريق أبي مرثد الغنوي مرفوعا: (لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها أو عليها) قلت: وليس هو على شرط البخاري فأشار إليه في الترجمة وأورد معه اثر عمر الدال على أن النهي عن ذلك لا يقتضي فساد الصلاة ) اه

وقال الحافظ أيضا 1/529 : ( استنبط من قوله في الحديث ولا تتخذوها قبورا أن القبور ليست بمحل للعبادة فتكون الصلاة فيها مكروهة…

قال بن التين: تأوله البخاري على كراهة الصلاة في المقابر وتأوله جماعة على أنه إنما فيه الندب إلى الصلاة في البيوت إذ الموتى لا يصلون كأنه قال لا تكونوا كالموتى الذين لا يصلون في بيوتهم وهي القبور, قال: فأما جواز الصلاة في المقابر أو المنع منه فليس في الحديث ما يؤخذ منه ذلك)اه

الفرع الرابع
من أقوال الحنابلة

في المغني لابن قدامة 1/403: ( اختلفت الرواية عن أحمد رحمه الله في الصلاة في هذه المواضع, فروي أن الصلاة لا تصح فيها بحال .وممن روي عنه أنه كره الصلاة في المقبرة علي وابن عباس وابن عمر وعطاء والنخعي وابن المنذر ...
وعن أحمد رواية أخرى أن الصلاة في هذه صحيحة ما لم تكن نجسة . وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي; لقوله عليه السلام (جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا) وفي لفظ (فحيثما أدركتك الصلاة فصل , فإنه مسجد) . وفي لفظ (أينما أدركتك الصلاة فصل , فإنه مسجد) متفق عليها ولأنه موضع طاهر فصحت الصلاة فيه كالصحراء...

وقال بعض أصحابنا :إن كان المصلي عالما بالنهي في هذه المواضع , لم تصح صلاته فيها ; لأنه عاص بصلاته فيها , والمعصية لا تكون قربة ولا طاعة, وإن لم يكن عالما فهل تصح صلاته ؟ على روايتين :إحداهما : لا تصح لأنه صلى فيما لا تصح الصلاة فيه مع العلم , فلا تصح مع الجهل , كالصلاة في محل نجس .والثانية : تصح لأنه معذور)اه

وفي المغني لابن قدامة 1/405: (فصل : قال القاضي :المنع من هذه المواضع تعبد لا لعلة معقولة , فعلى هذا يتناول النهي كل ما وقع عليه الاسم فلا فرق في المقبرة بين القديمة والحديثة , وما تقلبت أتربتها أو لم تتقلب ; لتناول الاسم لها

فإن كان في الموضع قبر أو قبران لم يمنع من الصلاة فيها لأنها لا يتناولها اسم المقبرة, وإن نقلت القبور منها , جازت الصلاة فيها; لأن مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت فيه قبور المشركين , فنبشت متفق عليه ...
ويحتمل أن المنع في هذه المواضع معلل بأنها مظان للنجاسات, فإن المقبرة تنبش ويظهر التراب الذي فيه صديد الموتى ودماؤهم ولحومهم, ومعاطن الإبل يبال فيها ...فنهي عن الصلاة فيها لذلك وتعلق الحكم بها وإن كانت طاهرة لأن المظنة يتعلق الحكم بها وإن خفيت الحكمة فيها , ومتى أمكن تعليل الحكم تعين تعليله , وكان أولى من قهر التعبد ومرارة التحكم)اه

وفي المغني لابن قدامة 1/406: (فصل : ويكره أن يصلي إلى هذه المواضع فإن فعل صحت صلاته نص عليه أحمد في رواية أبي طالب وقد سئل عن الصلاة إلى المقبرة والحمام والحش ؟ قال : لا ينبغي أن يكون في القبلة قبر , ولا حش ولا حمام , فإن كان يجزئه

وقال أبو بكر : يتوجه في الإعادة قولان ; أحدهما : يعيد ; لموضع النهي , وبه أقول والثاني : يصح ; لأنه لم يصل في شيء من المواضع المنهي عنها .

وقال أبو عبد الله بن حامد : إن صلى إلى المقبرة والحش فحكمه حكم المصلي فيهما إذا لم يكن بينه وبينهما حائل ; لما روى أبو مرثد الغنوي , أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : { لا تصلوا إلى القبور , ولا تجلسوا إليها } . متفق عليه .وقال الأثرم : ذكر أحمد حديث أبي مرثد , ثم قال : إسناده جيد .

وقال أنس : رآني عمر , وأنا أصلي إلى قبر , فجعل يشير إلي : القبر , القبر .قال القاضي : وفي هذا تنبيه على نظائره من المواضع التي نهي عن الصلاة فيها .

والصحيح أنه لا بأس بالصلاة إلى شيء من هذه المواضع إلا المقبرة ; لأن قوله عليه الصلاة والسلام { جعلت الأرض مسجدا } يتناول الموضع الذي يصلي فيه من هي في قبلته , وقياس ذلك على الصلاة إلى المقبرة لا يصح لأن النهي إن كان تعبدا غير معقول المعنى امتنع تعديته ودخول القياس فيه , وإن كان لمعنى مختص بها , وهو اتخاذ القبور مسجدا , والتشبه بمن يعظمها ويصلي إليها , فلا يتعداها الحكم ; لعدم وجود المعنى في غيرها... فعلى هذا لا تصح الصلاة إلى القبور للنهي عنها, ويصح إلى غيرها لبقائها في عموم الإباحة وامتناع قياسها على ما ورد النهي فيه , والله أعلم)اه

وفي الفروع لابن مفلح 2/214: ( ويحرم إسراجها واتخاذ المسجد عليها, وبنيها ذكره بعضهم, وقال شيخنا: يتعين إزالتها لا أعلم فيه خلافا بين العلماء المعروفين

قال: ولا تصح الصلاة فيها على ظاهر المذهب للنهي واللعن وليس فيها خلاف لكون المدفون فيها واحدا وإنما اختلف أصحابنا في المقبرة المجردة عن مسجد هل حدها ثلاثة أقبر أو ينهي عن الصلاة عند القبر الفذ على وجهين) اه
وفي الإنصاف للمرداوي 1/493 : (الثانية : إن بنى المسجد بمقبرة : فالصلاة فيه كالصلاة في المقبرة وإن حدثت القبور بعده حوله أو في قبلته ، فالصلاة فيه كالصلاة في المقبرة على ما يأتي قريبا. هذا هو الصحيح من المذهب قال في الفروع : ويتوجه تصح يعنى مطلقا ، وهو ظاهر كلام جماعة, قلت : وهو الصواب .

وقال الآمدي : لا فرق بين المسجد القديم والحديث . وقال في الهدى : لو وضع القبر والمسجد معا لم يجز ، ولم يصح الوقف ولا صلاة, وقال ابن عقيل في الفصول : إن بنى فيها مسجد بعد أن انقلبت أرضها بالدفن : لم تجز الصلاة فيه . لأنه بنى في أرض الظاهر نجاستها . كالبقعة النجسة وإن بنى في ساحة طاهرة ، وجعلت الساحة مقبرة جازت لأنه في جوار مقبرة)اه

وفي الإنصاف للمرداوي 1/493 : (قوله: (وتصح الصلاة إليها) هذا المذهب مطلقا مع الكراهة. نص عليه في رواية أبي طالب وغيره . وعليه الجمهور . وجزم به في الوجيز ، والإفادات ، وقدمه في الهداية ، والمستوعب ، والخلاصة ، والتلخيص ، والفروع ، وابن تميم ، والحاويين ، والفائق ، وإدراك الغاية ، وغيرهم .

وقيل : لا تصح إليها مطلقا . وقيل : لا تصح الصلاة إلى المقبرة فقط . واختاره المصنف ، والمجد وصاحب النظم ، والفائق . وقال في الفروع : وهو أظهر . وعنه لا تصح إلى المقبرة والحش . اختاره ابن حامد ، والشيخ تقي الدين . وجزم به في المنور . وقيل : لا تصح إلى المقبرة ، والحش ، والحمام . وعنه لا يصلى إلى قبر أو حش أو حمام أو طريق . قاله ابن تميم . قال أبو بكر : فإن فعل ففي الإعادة قولان . قال القاضي : ويقاس على ذلك سائر موضع النهى إذا صلى إليها إلا الكعبة

تنبيه : محل الخلاف إذا لم يكن حائل فإن كان بين المصلى وبين ذلك حائل ، ولو كمؤخرة الرحل صحت الصلاة على الصحيح من المذهب . وقدمه في الفروع وغيره . وجزم به في الفائق وغيره .

قال في الفروع: وظاهره أنه ليس كسترة صلاة ، حتى يكفي الخط . بل كسترة المتخلى. قال: ويتوجه أن مرادهم لا يضر بعدٌ كثير عرفا، كما لا أثر له في مار أمام المصلى .

وعنه لا يكفي حائط المسجد. نص عليه . وجزم به المجد ، وابن تميم ، والناظم ، وغيرهم . وقدمه في الرعايتين ، والحاويين ، وغيرهم . لكراهة السلف الصلاة في مسجد قبلته حش وتأول ابن عقيل النص على سراية النجاسة تحت مقام المصلى ، واستحسنه صاحب التلخيص . وعن أحمد نحوه .

قال ابن عقيل : يبين صحة تأويلي لو كان الحائل كآخرة الرحل : لم تبطل الصلاة بمرور الكلب . ولو كانت النجاسة في القبلة كهي تحت القدم لبطلت . لأن نجاسة الكلب آكد من نجاسة الخلاء ، لغسلها بالتراب قال في الفروع : فيلزمه أن يقول بالخط هنا . ولا وجه له وعدمه يدل على الفرق.

فائدة : لو غيرت مواضع النهى بما يزيل اسمها كجعل الحمام دارا ونبش المقبرة ونحو ذلك : صحت الصلاة فيها ، على الصحيح من المذهب. وحكى قولا : لا تصح الصلاة . قلت: وهو بعيد جدا)اه

وفي الفتاوي الكبرى لابن تيمية 5/326 ولا تصح الصلاة في المقبرة ولا إليها ، والنهي عن ذلك إنما هو سد لذريعة الشرك ، وذكر طائفة من أصحابنا أن القبر والقبرين لا يمنع من الصلاة ، لأنه لا يتناول اسم المقبرة ، وإنما المقبرة ثلاثة قبور فصاعدا . وليس في كلام أحمد وعامة أصحابه هذا الفرق ، بل عموم كلامهم وتعليلهم واستدلالهم يوجب منع الصلاة عند قبر واحد من القبور ، وهو الصواب ، والمقبرة كل ما قبر فيه . لا أنه جمع قبر .

وقال أصحابنا : وكل ما دخل في اسم المقبرة مما حول القبور لا يصلى فيه, فهذا يعين أن المنع يكون متناولاً لحرمة القبر المنفرد وفنائه المضاف إليه ، وذكر الآمدي وغيره أنه لا تجوز الصلاة فيه ، أي المسجد الذي قبلته إلى القبر ، حتى يكون بين الحائط وبين المقبرة حائل آخر)اه

المصدر
LihatTutupKomentar