Hukum Menghina dan Mengolok-olok Quran dan Sunnah Nabi

Hukum Menghina dan Mengolok-olok Quran dan Sunnah Nabi Makna Makna arti tafsir pengertian Quran Surah At Taubat 65 dan 66 Ayat 65: Dan jika kamu tanyakan kepada mereka (tentang apa yang mereka lakukan itu), tentulah mereka akan manjawab, "Sesungguhnya kami hanyalah bersenda gurau dan bermain-main saja". Katakanlah: "Apakah dengan Allah, ayat-ayat-Nya dan Rasul-Nya kamu selalu berolok-olok?" Ayat 66: Tidak usah kamu minta maaf, karena kamu kafir sesudah beriman. Jika Kami memaafkan segolongan kamu (lantaran mereka taubat), niscaya Kami akan mengazab golongan (yang lain) disebabkan mereka adalah orang-orang yang selalu berbuat dosa.
Hukum Menghina dan Mengolok-olok Quran dan Sunnah Nabi
Makna arti tafsir pengertian Quran Surah At Taubat 65 dan 66
Ayat 65: Dan jika kamu tanyakan kepada mereka (tentang apa yang mereka lakukan itu), tentulah mereka akan manjawab, "Sesungguhnya kami hanyalah bersenda gurau dan bermain-main saja". Katakanlah: "Apakah dengan Allah, ayat-ayat-Nya dan Rasul-Nya kamu selalu berolok-olok?"

Ayat 66: Tidak usah kamu minta maaf, karena kamu kafir sesudah beriman. Jika Kami memaafkan segolongan kamu (lantaran mereka taubat), niscaya Kami akan mengazab golongan (yang lain) disebabkan mereka adalah orang-orang yang selalu berbuat dosa.


ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ( 65 ) لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين

MAKSUD KEDUA AYAT MENURUT ULAMA AHLI TAFSIR

TAFSIR IBNU KATSIR, 4/172

تفسير ابن كثير
إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي
الجزء الرابع

( ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ( 65 ) لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين ( 66 ) )

قال أبو معشر المديني عن محمد بن كعب القرظي وغيره قالوا : قال رجل من المنافقين : ما أرى قراءنا هؤلاء إلا أرغبنا بطونا ، وأكذبنا ألسنة ، وأجبننا عند اللقاء . فرفع ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاء إلى رسول الله وقد ارتحل وركب ناقته ، فقال : يا رسول الله ، إنما كنا نخوض ونلعب . فقال : ( أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ) إلى قوله : ( مجرمين ) وإن رجليه لتنسفان الحجارة وما يلتفت إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو متعلق بنسعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

وقال عبد الله بن وهب : أخبرني هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن عبد الله بن عمر قال : قال رجل في غزوة تبوك في مجلسك ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء ، أرغب بطونا ، ولا أكذب ألسنا ، ولا أجبن عند اللقاء . فقال رجل في المسجد : كذبت ، ولكنك منافق . لأخبرن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونزل القرآن . قال عبد الله بن عمر : وأنا رأيته متعلقا بحقب ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تنكبه الحجارة وهو يقول : يا رسول الله ، إنما كنا نخوض ونلعب . ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) .

وقد رواه الليث ، عن هشام بن سعد ، بنحو من هذا .

وقال ابن إسحاق : وقد كان جماعة من المنافقين منهم وديعة بن ثابت ، أخو بني أمية بن زيد ، من بني عمرو بن عوف ، ورجل من أشجع حليف لبني سلمة يقال له : مخشن بن حمير يشيرون إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو منطلق إلى تبوك ، فقال بعضهم لبعض : أتحسبون جلاد بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضا ؟ والله لكأنا بكم غدا مقرنين في الحبال ، إرجافا وترهيبا للمؤمنين ، فقال مخشن [ ص: 172 ] بن حمير : والله لوددت أني أقاضى على أن يضرب كل رجل منا مائة جلدة ، وأنا ننفلت أن ينزل فينا قرآن لمقالتكم هذه . وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما بلغني - لعمار بن ياسر : أدرك القوم ، فإنهم قد احترقوا ، فسلهم عما قالوا ، فإن أنكروا فقل : بلى ، قلتم كذا وكذا . فانطلق إليهمعمار ، فقال ذلك لهم ، فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتذرون إليه ، فقال وديعة بن ثابت ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - واقف على راحلته ، فجعل يقول وهو آخذ بحقبها : يا رسول الله ، إنما كنا نخوض ونلعب ، [ فأنزل الله - عز وجل - : ( ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب ) ] فقال مخشن بن حمير : يا رسول الله ، قعد بي اسمي واسم أبي . فكان الذي عفي عنه في هذه الآية مخشن بن حمير ، فتسمى عبد الرحمن ، وسأل الله أن يقتل شهيدا لا يعلم بمكانه ، فقتل يوم اليمامة ، فلم يوجد له أثر .

وقال قتادة : ( ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب ) قال : فبينما النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك ، وركب من المنافقين يسيرون بين يديه ، فقالوا : يظن هذا أن يفتح قصور الروم وحصونها . هيهات هيهات . فأطلع الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - على ما قالوا ، فقال : علي بهؤلاء النفر . فدعاهم ، فقال : قلتم كذا وكذا . فحلفوا ما كنا إلا نخوض ونلعب .

وقال عكرمة في تفسير هذه الآية : كان رجل ممن إن شاء الله عفا عنه يقول : اللهم إني أسمع آية أنا أعنى بها ، تقشعر منها الجلود ، وتجب منها القلوب ، اللهم فاجعل وفاتي قتلا في سبيلك ، لا يقول أحد : أنا غسلت ، أنا كفنت ، أنا دفنت ، قال : فأصيب يوم اليمامة ، فما أحد من المسلمين إلا وقد وجد غيره .

وقوله : ( لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) أي : بهذا المقال الذي استهزأتم به ( إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة ) أي : لا يعفى عن جميعكم ، ولا بد من عذاب بعضكم ، ( بأنهم كانوا مجرمين ) أي : مجرمين بهذه المقالة الفاجرة الخاطئة .

TAFSIR TOBARI, 14/336

تفسير الطبري
محمد بن جرير الطبري
الجزء الرابع عشر

القول في تأويل قوله ( " 66 966 " لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين ( 66 ) )

قال أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : قل لهؤلاء الذين وصفت لك صفتهم : ( لا تعتذروا ) بالباطل ، فتقولوا : ( كنا نخوض ونلعب ) ( قد كفرتم ) يقول : قد جحدتم الحق بقولكم ما قلتم في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين به ( بعد إيمانكم ) يقول : بعد تصديقكم به وإقراركم به ( إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة ) .

وذكر أنه عني : ب " الطائفة " في هذا الموضع ، رجل واحد .

وكان ابن إسحاق يقول فيما : -

16919 - حدثنا به ابن حميد قال : حدثنا سلمة عن ابن إسحاق قال : كان الذي عفي عنه - فيما بلغني - مخشي بن حمير الأشجعي حليف بني سلمة ، وذلك أنه أنكر منهم بعض ما سمع .

16920 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا زيد بن حبان عن موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب : ( إن نعف عن طائفة منكم ) قال : " طائفة " رجل . [ ص: 337 ] واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك .

فقال بعضهم : معناه ( إن نعف عن طائفة منكم ) بإنكاره ما أنكر عليكم من قبل الكفر ( نعذب طائفة ) بكفره واستهزائه بآيات الله ورسوله .

ذكر من قال ذلك :

16922 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور عن معمر قال : قال بعضهم : كان رجل منهم لم يمالئهم في الحديث ، يسير مجانبا لهم ، فنزلت : ( إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة ) فسمي " طائفة " وهو واحد .

وقال آخرون : بل معنى ذلك . إن تتب طائفة منكم فيعفو الله عنه ، يعذب الله طائفة منكم بترك التوبة .

وأما قوله : ( إنهم كانوا مجرمين ) فإن معناه : نعذب طائفة منهم باكتسابهم الجرم ، وهو الكفر بالله ، وطعنهم في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

TAFSIR AL-BAHGAWI

تفسير البغوي
الحسين بن مسعود البغوي

( لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين ( 66 ) .

( ( لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) فإن قيل : كيف قال : كفرتم بعد إيمانكم ، وهم لم يكونوا مؤمنين؟

قيل : معناه : أظهرتم الكفر بعدما أظهرتم الإيمان .

( إن نعف عن طائفة منكم ) أي : نتب على طائفة منكم ، وأراد بالطائفة واحدا ، ( نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين ) بالاستهزاء . قرأ عاصم : " نعف " بالنون وفتحها وضم الفاء ، " نعذب " بالنون وكسر الذال ، ( طائفة ) نصب . وقرأ الآخرون : " يعف " بالياء وضمها وفتح الفاء ، ( تعذب ) بالتاء وفتح الذال ، " طائف " رفع على غير تسمية الفاعل .

وقال محمد بن إسحاق : الذي عفا عنه رجل واحد ، هو مخشي بن حمير الأشجعي ، يقال هو الذي كان يضحك ولا يخوض ، وكان يمشي مجانبا لهم وينكر بعض ما يسمع ، فلما نزلت هذه الآية تاب من نفاقه ، وقال : اللهم إني لا أزال أسمع آية تقرأ أعنى بها تقشعر الجلود منها ، وتجب منها القلوب ، اللهم اجعل وفاتي قتلا في سبيلك لا يقول أحد أنا غسلت أنا كفنت أنا دفنت ، فأصيب يوم اليمامة ، فما أحد من المسلمين إلا عرف مصرعه غيره .

TAFSIR AL-QURTUBI, 8/ 124

تفسير القرطبي
محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي
الجزء الثامن

[ قوله تعالى لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين [ ص: 124 ] قوله تعالى لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم على جهة التوبيخ ، كأنه يقول : لا تفعلوا ما لا ينفع ، ثم حكم عليهم بالكفر وعدم الاعتذار من الذنب . واعتذر بمعنى أعذر ، أي صار ذا عذر . قال لبيد :


ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر
والاعتذار : محو أثر الموجدة ، يقال : اعتذرت المنازل درست . والاعتذار الدروس . قال الشاعر :


أم كنت تعرف آيات فقد جعلت أطلال إلفك بالودكاء تعتذر
وقال ابن الأعرابي : أصله القطع . واعتذرت إليه قطعت ما في قلبه من الموجدة . ومنه عذرة الغلام وهو ما يقطع منه عند الختان . ومنه عذرة الجارية لأنه يقطع خاتم عذرتها .

إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين قيل : كانوا ثلاثة نفر ، هزئ اثنان وضحك واحد ، فالمعفو عنه هو الذي ضحك ولم يتكلم . والطائفة الجماعة ، ويقال للواحد على معنى نفس طائفة . وقال ابن الأنباري : يطلق لفظ الجمع على الواحد ، كقولك : خرج فلان على البغال . قال : ويجوز أن تكون الطائفة إذا أريد بها الواحد طائفا ، والهاء للمبالغة . واختلف في اسم هذا الرجل الذي عفي عنه على أقوال . فقيل : مخشي بن حمير ، قاله ابن إسحاق . وقال ابن هشام : ويقال فيه ابن مخشي . وقال خليفة بن خياط في تاريخه : اسمه مخاشن بن حمير . وذكر ابن عبد البر مخاشن الحميري وذكر السهيلي مخشن بن خمير . وذكر جميعهم أنه استشهد باليمامة ، وكان تاب وسمي عبد الرحمن ، فدعا الله أن يقتل شهيدا ولا يعلم بقبره . واختلف هل كان منافقا أو مسلما . فقيل : كان منافقا ثم تاب توبة نصوحا . وقيل : كان مسلما ، إلا أنه سمع المنافقين فضحك لهم ولم ينكر عليهم .

TAFSIR AL-AKBIR, 5/62

التفسير الكبير المسمى البحر المحيط
أثير الدين أبو عبد الله محمد بن يوسف الأندلسي
الجزء الخامس

ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزئوا إن الله مخرج ما تحذرون ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيمكالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالذي خاضوا أولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم ) الاعتذار : [ ص: 62 ] التنصل من الذنب ، فقيل : أصله المحو ، من قولهم : اعتذرت المنازل ودرست ، فالمعتذر يحاول إزالة ذنبه . قال ابن أحمر :


قد كنت تعرف آيات فقد جعلت إطلال إلفك بالوعساء تعتذر


وعن ابن الأعرابي : أن الاعتذار هو القطع ، ومنه عذرة الجارية لأنها تعذر أي تقطع ، واعتذرت المياه انقطعت ، والعذر سبب لقطع الذم . عدن بالمكان يعدن عدونا أقام ، قاله أبو زيد وابن الأعرابي . قال الأعشى :


وإن يستضيفوا إلى حلمه يضافوا إلى راجح قد عدن


وتقول العرب : تركت إبل فلان عوادن بمكان كذا ، وهو أن تلزم الإبل المكان فتألفه ولا تبرحه . وسمي المعدن معدنا لإنبات الله الجوهر فيه وإثباته إياه في الأرض حتى عدن فيها أي ثبت . وعدن مدينة باليمن لأنها أكثر مدائن اليمن قطانا ودورا .

( ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم ) : كان قدام بن خالد وعبيد بن هلال والجلاس بن سويد في آخرين يؤذون الرسول فقال بعضهم : لا تفعلوا فإنا نخاف أن يبلغه فيوقع بنا . فقال الجلاس : بل نقول بما شئنا ، فإن محمدا أذن سامعة ، ثم نأتيه فيصدقنا فنزلت . وقيل : نزلت في نبتل بن الحارث كان ينم حديث الرسول إلى المنافقين ، فقيل له : لا تفعل ، فقال ذلك القول . وقيل : نزلت في الجلاس وزمعة بن ثابت في آخرين أرادوا أن يقعوا في الرسول وعندهم غلام من الأنصار يدعى عامر بن قيس فحقروه ، فقالوا : لئن كان ما يقول محمد حقا لنحن شر من الحمير ، فغضب الغلام فقال : والله إن ما يقول محمد حق ، وأنتم لشر من الحمير ، ثم أتى رسول الله فأخبره فدعاهم ، فسألهم ، فحلفوا إن عامرا كاذب ، وحلف عامر إنهم كذبة وقال : اللهم لا تفرق بيننا حتى يتبين صدق الصادق وكذب الكاذب ، ونزلت هذه الآية : ( يحلفون بالله لكم ليرضوكم ) ، فقال : رجل أذن إذا كان يسمع مقال كل أحد ، يستوي فيه الواحد والجمع ، قاله الجوهري . وقال الزمخشري : الأذن الرجل الذي يصدق كل ما يسمع ، ويقبل قول كل أحد ، سمي بالجارحة التي هي آلة السماع ، كأن جملته أذن سامعة ، ونظيره قولهم للرئية : عين . وقال الشاعر :


قد صرت أذنا للوشاة سميعة ينالون من عرضي ولو شئت ما نالوا


وهذا منهم تنقيص للرسول ، إذ وصفوه بقلة الحزامة والانخداع . وقيل : المعنى ذو أذن ، فهو على حذف مضاف ، قاله ابن عباس . وقيل : أذن حديد السمع ، ربما سمع مقالتنا . وقيل : أذن وصف بني على فعل من أذن يأذن أذنا إذا استمع ، نحو أنف وشلل وارتفع . أذن على إضمار مبتدأ ؛ أي : قل هو أذن خير لكم . وهذه الإضافة نظيرها قولهم : رجل صدق ، تريد الجودة والصلاح . كأنه قيل : نعم هو أذن ، ولكن نعم الأذن . ويجوز أن يراد هو أذن في الخير والحق وما يجب سماعه وقبوله ، وليس بأذن في غير ذلك . ويدل عليه ( خير ) و ( رحمة ) في قراءة من جرها عطفا على ( خير ) أي : هو أذن خير ورحمة لا يسمع غيرهما ولا يقبله ، قاله الزمخشري . وقرأ الحسن ومجاهد وزيد بن علي وأبو بكر عن عاصم في [ ص: 63 ] رواية : ( قل أذن ) بالتنوين ( خير ) بالرفع . وجوزوا في ( أذن ) أن يكون خبر مبتدأ محذوف ، و " خير " خبر ثان لذلك المحذوف ، أي : هو أذن هو خير لكم ، لأنه صلى الله عليه وسلم يقبل معاذيركم ولا يكافئكم على سوء خلتكم . وأن يكون ( خير ) صفة لـ ( أذن ) ، أي : أذن ذو خير لكم . أو على أن ( خيرا ) أفعل تفضيل ، أي : أكثر خيرا لكم ، وأن يكون ( أذن ) مبتدأ ، خبره ( خير ) . وجاز أن يخبر بالنكرة عن النكرة مع حصول الفائدة فيه ، قاله صاحب اللوامح ، وهو جائز على تقدير حذف وصف ، أي : أذن لا يؤاخذكم خير لكم ، ثم وصفه تعالى بأنه يؤمن بالله ، ومن آمن بالله كان خائفا منه لا يقدم على الإيذاء بالباطل ، ( ويؤمن للمؤمنين ) ، أي : يسمع من المؤمنين ويسلم لهم ما يقولون ، ويصدقهم لكونهم مؤمنين ، فهم صادقون . و ( ورحمة للذين آمنوا منكم ) ، وخص المؤمنين وإن كان رحمة للعالمين ؛ لأن ما حصل لهم بالإيمان بسبب الرسول لم يحصل لغيرهم ، وخصوا هنا بالذكر وإن كانوا قد دخلوا في العالمين لحصول مزيتهم . وهذه الأوصاف الثلاثة مبينة جهة الخيرية ، ومظهرة كونه أذن خير . وتعدية ( يؤمن ) أولا بالباء ، وثانيا باللام . قال ابن قتيبة : هما زائدان ، والمعنى : يصدق الله ، ويصدق المؤمنين .

وقال الزمخشري : قصد التصديق بالله الذي هو نقيض الكفر ، فعدي بالباء ، وقصد الاستماع للمؤمنين ، وأن يسلم لهم ما يقولون فعدي باللام . ألا ترى إلى قوله تعالى : ( وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين ) ما أغناه عن الباء ، ونحوه ( فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه ) ، ( أنؤمن لك واتبعك الأرذلون ) ( آمنتم له قبل أن آذن لكم ) . انتهى . وقال ابن عطية : ( يؤمن بالله ) يصدق بالله ، ( ويؤمن للمؤمنين ) قيل : معناه ويصدق المؤمنين ، واللام زائدة كما هي في ( ردف لكم ) وقال المبرد : هي متعلقة بمصدر مقدر من الفعل ، كأنه قال : وإيمانه للمؤمنين ، أي : وتصديقه . وقيل : يقال آمنت لك بمعنى صدقتك ، ومنه قوله : ( وما أنت بمؤمن لنا ) وعندي أن هذه التي معها اللام في ضمنها باء ، فالمعنى : ويصدق للمؤمنين فيما يخبرونه به ، وكذلك ( وما أنت بمؤمن لنا ) بما نقوله لك . انتهى . وقرأ أبي ، وعبد الله ، والأعمش ، وحمزة : ( ورحمة ) بالجر عطفا على ( خير ) ، فالجملة من ( يؤمن ) اعتراض بين المتعاطفين ، وباقي السبعة بالرفع عطفا على ( يؤمن ) ، و ( يؤمن ) صفة لـ ( أذن خير ) . وابن أبي عبلة : بالنصب مفعولا من أجله حذف متعلقه ، التقدير : ورحمة يأذن لكم ، فحذف لدلالة ( أذن خير لكم ) عليه . وأبرز اسم الرسول ولم يأت به ضميرا على نسق ( يؤمن ) بلفظ الرسول تعظيما لشأنه ، وجمعا له في الآية بين الرتبتين العظيمتين من النبوة والرسالة ، وإضافته إليه زيادة في تشريفه ، وحتم على من أذاه بالعذاب الأليم ، وحق لهم ذلك ( والذين يؤذون ) عام يندرج فيه هؤلاء الذين أذوا هذا الإيذاء الخاص وغيرهم .

( يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين ) : الظاهر أن الضمير في ( يحلفون ) عائد على الذين يقولون : ( هو أذن ) أنكروه وحلفوا أنهم ما قالوه . وقيل : عائد على الذين قالوا : إن كان ما يقول محمد حقا ، فنحن شر من الحمير ، وتقدم ذكر ذلك . وقيل : عائد على الذين تخلفوا عن غزوة تبوك ، فلما رجع الرسول والمؤمنون اعتذروا وحلفوا واعتلوا ، قاله ابن السائب ، واختاره البيهقي . وكانوا ثلاثة وثمانين ، حلف منهم ثمانون ، فقبل الرسول أعذارهم واعترف [ ص: 64 ] منهم بالحق ثلاثة ، فأطلع الله رسوله على كذبهم ونفاقهم ، وهلكوا جميعا بآفات ، ونجا الذين صدقوا . وقيل : عائد على عبد الله بن أبي ومن معه حلفوا ألا يتخلفوا عن رسول الله وليكونوا معه على عدوه . وقال ابن عطية : المراد جميع المنافقين الذين يحلفون للرسول والمؤمنين إنهم معهم في الدين وفي كل أمر وحرب ، وهم يبطنون النفاق ، ويتربصون بالمؤمنين الدوائر ، وهذا قول جماعة من أهل التأويل . واللام في ( ليرضوكم ) لام كي ، وأخطأ من ذهب إلى أنها جواب القسم ، وأفرد الضمير في ( أن يرضوه ) لأنهما في حكم مرضي واحد ، إذ رضا الله هو رضا الرسول ، أو يكون في الكلام حذف . قال ابن عطية : مذهب سيبويه أنهما جملتان ، حذفت الأولى لدلالة الثانية عليها ، والتقدير عنده : والله أحق أن يرضوه ، ورسوله أحق أن يرضوه . وهذا كقول الشاعر :


نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض والرأي مختلف
ومذهب المبرد : أن في الكلام تقديما وتأخيرا ، وتقديره : والله أحق أن يرضوه ورسوله . وقيل : الضمير عائد على المذكور كما قال رؤبة :


فيها خطوط من سواد وبلق كأنها في الجلد توليع البهق


انتهى . فقوله : " مذهب سيبويه أنهما جملتان حذفت الأولى لدلالة الثانية عليها " إن كان الضمير في " أنهما " عائدا على كل واحدة من الجملتين - فكيف تقول : حذفت الأولى ، ولم تحذف الأولى إنما حذف خبرها ؟ وإن كان الضمير عائدا على الخبر ، وهو ( أحق أن يرضوه ) ، فلا يكون جملة إلا باعتقاد كون ( أن يرضوه ) مبتدأ و ( أحق ) المتقدم خبره ، لكن لا يتعين هذا القول ، إذ يجوز أن يكون الخبر مفردا بأن يكون التقدير : أحق بأن يرضوه . وعلى التقدير الأول يكون التقدير : والله إرضاؤه أحق . وقدره الزمخشري : والله أحق أن يرضوه ورسوله كذلك . ( إن كانوا مؤمنين ) كما يزعمون ، فأحق من يرضونه الله ورسوله بالطاعة والوفاق .

( ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم ) ؛ أي : ألم يعلم المنافقون ؟ وهو استفهام معناه التوبيخ والإنكار . وقرأ الحسن والأعرج : بالتاء على الخطاب ، فالظاهر أنه التفات ، فهو خطاب للمنافقين . قيل : ويحتمل أن يكون خطابا للمؤمنين ، فيكون معنى الاستفهام التقرير . وإن كان خطابا للرسول فهو خطاب تعظيم ، والاستفهام فيه للتعجب ، والتقدير : ألا تعجب من جهلهم في محادة الله تعالى ، وفي مصحف أبي : " ألم يعلم " . قال ابن عطية : على خطاب النبي عليه السلام . انتهى . والأولى أن يكون خطابا للسامع ، قال أهل المعاني : ألم تعلم ، الخطاب لمن حاول تعليم إنسان شيئا مدة وبالغ في ذلك التعليم فلم يعلم فقال له : ألم تعلم بعد المباحث [ ص: 65 ] الظاهرة والمدة المديدة ؟ ! وحسن ذلك لأنه طال مكث النبي صلى الله عليه وسلم معه ، وكثر منه التحذير عن معصية الله والترغيب في طاعة الله . قال بعضهم : المحادة المخالفة ، حاددته خالفته ، واشتقاقه من الحد أي كان على حد غير حادة كقولك : شاقه ، كان في شق غير شقه . وقال أبو مسلم : المحادة مأخوذة من الحديد ، حديد السلاح . والمحادة هنا ، قال ابن عباس : المخالفة . وقيل : المحاربة . وقيل : المعاندة . وقيل : المعاداة . وقيل : مجاوزة الحد في المخالفة . وهذه أقوال متقاربة . وقرأ الجمهور ( فأن له ) بالفتح ، والفاء جواب الشرط ، فتقتضي جملة ، و ( أن له ) مفرد في موضع رفع على الابتداء ، وخبره محذوف ، قدره الزمخشري مقدما نكرة ، أي : فحق أن يكون ، وقدره غيره متأخرا ، أي : فأن له نار جهنم واجب ، قاله الأخفش ، ورد عليه بأن ( أن ) لا يبتدأ بها متقدمة على الخبر ، وهذا مذهب سيبويه والجمهور . وأجاز الأخفش والفراء وأبو حاتم الابتداء بها متقدمة على الخبر ، فالأخفش خرج ذلك على أصله ، أو في موضع رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أي : فالواجب أن له النار . قال علي بن سليمان : وقال الجرمي والمبرد : ( أن ) الثانية مكررة للتوكيد ، كأن التقدير : فله نار جهنم ، وكرر ( أن ) توكيدا . وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون ( فأن له ) معطوفا على " أنه " ، على أن جواب " من " محذوف ، تقديره : ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله يهلك فأن له نار جهنم . انتهى . فيكون ( فأن له نار جهنم ) في موضع نصب . وهذا الذي قدره لا يصح ، لأنهم نصوا على أنه إذا حذف الجواب لدلالة الكلام عليه كان فعل الشرط ماضيا في اللفظ ، أو مضارعا مجزوما بـ " لم " ، فمن كلامهم : " أنت ظالم إن فعلت " ، ولا يجوز " إن تفعل " ، وهنا حذف جواب الشرط ، وفعل الشرط ليس ماضي اللفظ ولا مضارعا مقرونا بـ " لم " ، وذلك إن جاء في كلامهم فمخصوص بالضرورة . وأيضا فتجد الكلام تاما دون تقدير هذا الجواب . ونقلوا عن سيبويه أن " أن " بدل من " أنه " . قال ابن عطية : وهذا معترض بأن الشيء لا يبدل منه حتى يستوفى . والأولى في هذا الموضع : لم يأت خبرها بعد أن لم يتم جواب الشرط ، وتلك الجملة هي الخبر . وأيضا فإن الفاء مانع البدل ، وأيضا فهي معنى آخر غير الأول ، فيقلق البدل ، وإذا تلطف للبدل فهو بدل اشتمال . انتهى . وقال أبو البقاء : وهذا - يعني البدل - ضعيف لوجهين : أحدهما : أن الفاء التي معها تمنع من ذلك ، والحكم بزيادتها ضعيف . والثاني : أن جعلها بدلا يوجب سقوط جواب الكلام . انتهى . وقيل : هو على إسقاط اللام ، أي : فلأن له نار جهنم ، فالفاء جواب الشرط ، ويحتاج إلى إضمار ما يتم به جواب الشرط جملة ، أي : فمحادته ؛ لأن له نار جهنم . وقرأ ابن أبي عبلة : " فإن له " بالكسر في الهمزة ، حكاها عنه أبو عمرو الداني ، وهي قراءة محبوب عن الحسن ، ورواية أبي عبيدة عن أبي عمرو ، ووجهه في العربية قوي ؛ لأن الفاء تقتضي الاستئناف ، والكسر مختار لأنه لا يحتاج إلى إضمار ، بخلاف الفتح . وقال الشاعر :


فمن يك سائلا عني فإني وجروة لا ترود ولا تعار


وعلى هذا يجوز في " أن " بعد فاء الجزاء وجهان : الفتح ، والكسر . ذلك لأن كينونة النار له خالدا فيها هو الهوان العظيم كما قال ربنا : ( إنك من تدخل النار فقد أخزيته ) .
LihatTutupKomentar