Hukum Tawasul dan Minta Tolong pada Nabi, Wali dan Orang Soleh (1)

Hukum Tawasul (tawassul) dan Minta Tolong pada Nabi, Wali (auliya), ulama dan Orang Soleh yang masih hidup atau sudah meninggal halal atau haram?
Hukum Tawasul (tawassul) dan Minta Tolong pada Nabi, Wali (auliya), ulama dan Orang Soleh yang masih hidup atau sudah meninggal halal atau haram?


حكم طلب المدد من الأولياء والصالحين :
أمــــــانة الفتــــــوى بدار الإفتاء المصرية.

الأصل في الأفعال التي تصدر من المسلم أن تُحمَل على الأوجه التي لا تتعارض مع أصل التوحيد؛ فإن إسلامه قرينة قوية توجب حملَ أفعاله المحتملة على ما يوافق عقيدته، ولا يجوز حملها على خلاف ذلك، وتلك قاعدة عامة يجب تطبيقُها في كل الأفعال الصادرة من المسلمين.

وقد دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة النبوية وإجماع علماء الأمة على أن كثيرًا من الأفعال التي نسبَتْها الشريعة إلى الله تعالى يصح إسنادُها إلى المخلوقين على جهة التسبب والاكتساب، ومن هذه الأفعال (الإمداد)؛ وهو منح المدد وإعطاؤه.

كما أن هناك فارقًا بين اعتقاد كون الشيء سببًا وبين اعتقاده خالقًا ومؤثرًا بنفسه؛ فإن أهل السنة يعتقدون أنه لا مؤثر في الكون على الحقيقة إلا الله سبحانه، وأن الأسباب لا تثمر المسبَّباب بنفسها وإنما بخلق الله لها، وقد دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على جواز طلب العون والمدد من المخلوقين على جهة السببية والاكتساب، أما الطلب على جهة الخالقية والتأثير فهو عبادة لا يجوز صرفها إلا لله تبارك وتعالى.

فالاستمداد (وهو طلب المدد) قد يكون عبادة للمُستَمَدِّ منه كما في قوله تعالى: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّى مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ المَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾ [الأنفال: 9]، وقد لا يكون عبادةً للمُستَمَدِّ منه؛ كما في صحيح البخاري من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: أَنَّ رِعْلًا، وَذَكْوَانَ، وَعُصَيَّةَ، وَبَنِي لَحْيَانَ، اسْتَمَدُّوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَلَى عَدُوٍّ، فَأَمَدَّهُمْ بِسَبْعِينَ مِنَ الأَنْصَارِ..

وكما ورد الإمداد مسندًا إلى الله تعالى فقد ورد مسنَدًا للمخلوقين: كما في القراءة المتواترة الصحيحة للإمام نافع المدني: ﴿وَإِخْوَانُهُمْ يُمِدُّونَهُمْ﴾ [الأعراف: 202]، وكما في حديث البخاري السابق، وقد بوب له الإمام البخاري في "صحيحه" بقوله: "باب العون بالمدد".

قال الحافظ العيني في "عمدة القاري" (14/309، ط. دار إحياء التراث العربي): [أي: هذا باب في بيان عون الجيش بالمدد، وهو في اللغة ما يُمَدُّ به الشيء، أي: يُزاد ويكثر، ومنه أَمَدَّ الجيشَ بمددٍ؛ إذا أرسل إليه زيادة، ويُجمَع على أمداد. وقال ابن الأثير: هم الأعوان والأنصار الذين كانوا يمدون المسلمين في الجهاد] اهـ.

وقال الإمام المهلب: [فيه أن السنة مضت من النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أن يُمِدَّ ثغوره بمدد مِن عنده، وجرى بذلك العمل مِن الأئمة بعده] نقله الإمام ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (5/225، ط. مكتبة الرشد).

وجاء عن الصحابة والسلف الاستمداد بالمخلوقين؛ فقد روى الإمام أحمد في "المسند" وابن حبان في "صحيحه" عن عياض الأشعري قال: «شهدت اليرموك وعليها خمسة أمراء: أبو عبيدة بن الجراح، ويزيد بن أبي سفيان، وشرحبيل بن حسنة، وخالد بن الوليد، وعياض بن غنم رضي الله عنهم، قال عمر رضوان الله عليه: إذا كان قتالٌ فعليكم أبو عبيدة، فكتبنا إليه: أن قد جاش إلينا الموت، واستمددناه، فكتب إلينا: إنه قد جاءني كتابكم تستمدوني، وإني أدلكم على ما هو أعز نصرا وأحصن جندا؛ الله فاستنصروه؛ فإن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم قد نُصِرَ بأقل مِن عددكم، فإذا أتاكم كتابي، فقاتلوهم ولا تراجعوني، قال: فقاتلناهم فهزمناهم وقتلناهم أربع فراسخ.

واستغاثة المسلم أو طلبه المددَ من الأنبياء والأولياء والصالحين هو محمول على السببية لا على التأثير والخلق؛ حملاً لأقوال المسلمين وأفعالهم على السلامة على ما هو الأصل.

ويتبين وجه الحق والصواب هنا بالكلام في مقامين:

المقام الأول: أن الموت في نفسه ليس فناءً محضًا أو عدَمًا لا حياة فيه؛ كما يقول الماديون والملاحدة، بل هو انتقال من حياة إلى حياة، وقد أثبت الشرع أن للموتى إدراكًا، وأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن سماعهم أشد من سماع الأموات في نحو قوله صلى الله عليه وآله وسلم في حق موتى الكفار: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ» متفق عليه، ودعوى الخصوصية لا دليل عليها، بل وترُدُّها رواية البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: «مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ مِنْهُمْ». وإذا كان الموت لا يحول بين الكفار وبين الإدراك -مع ما هم فيه من سوء العاقبة- فلأن يسمع موتى المؤمنين مِن باب أَوْلى وأحرى؛ وذلك لأن إدراك الروح خارج الجسد أوسع وأقوى من إدراكها وهي داخل الجسد الذي هو عائقٌ لها.

المقام الثاني: أن الله تعالى جعل لأرواح الأنبياء والأولياء والمؤمنين في حياة البرزخ مِن سعة التصرف ونفع الأحياء بإذنه تعالى بل وعبادتهم لله تعالى تشريفًا واستجابة دعائهم ما ليس للأحياء.

فهذا النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم يخبر بأنه يرد السلام على كل مَن سلَّم عليه بعد وفاته، والسلام دعاءٌ وردُّه أيضًا دعاء، وإذا رد المصطفى السلام فهذا مدد عظيم واصل لمن استمده من النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالسلام عليه، والمدد النبوي الشريف مستمر بلا شك في الحياة البرزخية له صلى الله عليه وآله وسلم ولا يسع أحدًا إنكاره، حتى إن الحافظ ابن عبد الهادي الحنبلي ينقل في ترجمة ابن تيمية في "العقود الدرية" (ص: 491، ط. دار الكاتب العربي) شعر من يمدح ابن تيمية بقوله:

حوى من المصطفى علمًا ومعرفةً ... وجـاءه منه إمـــــــــــــــدادُ النوالات
وهذا سيدنا موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام تنتفع به الأمة المحمدية في حياته البرزخية؛ حين أشار على المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم في رحلة المعراج أن يسأل الله تعالى تخفيف الصلوات المكتوبة من خمسين إلى خمس.
ولا يختص ذلك بالأنبياء، بل هو عام في المؤمنين كما جاء في الحديث الوارد في رد الميت السلامَ على الحي، والسلام دعاء كما سبق.

ومن المقرر أن معجزات النبي صلى الله عليه وآله وسلم مستمرة ومتجددة بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى، ونص العلماء على أنَّ كرامات الأولياء وإجابات المستغيثين به صلى الله عليه وآله وسلم بعد وفاته من جُملة هذه المعجزات المتجددة؛ لأن كل ذلك حاصل بسبب الإيمان به واتِّباعه صلى الله عليه وآله وسلم، وتقرر في أصول الدين "أن ما جاز معجزةً لنبيٍّ جاز كرامةً لوليٍّ"، وأن الفرق بين المعجزة والكرامة هو أن المعجزة مقرونة بدعوى النبوة والتحدي، أما الكرامة فدالّةٌ على صدق النبي الذي حصلت الكرامة بسبب الإيمان به، وتلك الكرامات الثابتة للصالحين لا يوجد أي دليل على انتهائها بانتهاء حياة الولي في الحياة الدنيا، بل وجد الدليل على عكس ذلك؛ فيما ثبت من الآثار المتكاثرة المتواترة في حصول الكرامات للصالحين بعد الوفاة؛ من تكلُّمٍ بعد الموت، وحفظٍ لجسد الميت، وقراءةٍ للقرآن، واستجابة الدعاء عند قبره، ودلالةٍ على الخير في المنام، وإخبارٍ بالمغيَّبات، وغير ذلك مما بسطه أهل الحديث والسنة في مصنفاتهم للرد على المعتزلة، وذلك كله حاصل بإذن الله تعالى من غير قدرة ذاتية للولي عليها، لا فرق في ذلك بين الحي والميت، وحصول المدد بعد ذلك إنما هو بأمر الله وحده، لا مانع لما أعطى ولا راد لفضله ولا معقب لحكمه سبحانه وتعالى جل شأنه وتبارك اسمه.

والإيمان بكرامات الأولياء مما أجمع عليه أهل السنة والجماعة مخالفين بذلك أهل البدع والأهواء، واعتبره علماء العقيدة أصلاً من أصول الاعتقاد.

وقد دل على مشروعية طلب المدد على جهة السببية من الأنبياء والصالحين أحياء ومنتقلين: الأدلةُ من الكتاب والسنة وعمل الأمة سلفًا وخلفًا من غير نكير:

أما الكتاب: فقوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾ [النساء: 64].

وقد فهم الصحابة من هذه الآية العموم؛ فروى الطبراني في "المعجم الكبير" عن معن بن عبد الرحمن عن أبيه قال: قال عبد الله –يعني: ابن مسعود رضي الله عنه-: "إنّ في النساء لخمسَ آياتٍ ما يَسُرُّني بهن الدنيا وما فيها, وقد علمتُ أن العلماء إذا مروا بها يعرفونها.. فذكر منها قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد": رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وظاهرٌ أن سبب سروره رضي الله عنه هو أنه فهم العموم من الآية؛ فقد حدث بذلك التابعين بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم.

قال العلاّمة الشوكاني في "نيل الأوطار" (5/156، ط. إدارة الطباعة المنيرية): [وجه الاستدلال بها: أنه صلى الله عليه وآله وسلم حي في قبره بعد موته كما في حديث «الأنبياء أحياء في قبورهم»، وقد صححه البيهقي وألف في ذلك جزءًا، قال الأستاذ أبو منصور البغدادي: قال المتكلمون المحققون من أصحابنا: إن نبينا صلى الله عليه وآله وسلم حي بعد وفاته. انتهى] اهـ.

وأما الأدلة من السنة النبوية المطهرة:
- فحديث الأعمى الذي علمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يقول: «اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني قد توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى لي، اللهم شفعه فيَّ» رواه الترمذي وابن ماجه والنسائي وصححه جمع من الحفاظ، وفي بعض رواياته أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له: «وإن كان لك حاجة فمثل ذلك»، وعند الطبراني وغيره أن راوي الحديث عثمان بن حنيف رضي الله عنه علَّم هذا الدعاء لمن طلب منه التوسط له في حاجة عند عثمان بن عفان رضي الله عنه في خلافته، وفي ذلك طلب صريح للمدد من النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى.

- وكذلك حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا أَضَلَّ أَحَدُكُمْ شَيْئًا أَوْ أَرَادَ أَحَدُكُمْ عَوْنًا وَهُوَ بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا أَنِيسٌ، فَلْيَقُلْ: يَا عِبَادَ اللهِ أَغِيثُونِي، يَا عِبَادَ اللهِ أَغِيثُونِي، فَإِنَّ للهِ عِبَادًا لا نَرَاهُمْ» أخرجه الطبراني وأبو يعلى، ونحوه عند البزار من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ولفظه: «إن لله ملائكة في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر، فإذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد: أعينوا عباد الله» رواه الطبراني، وحسنه الحافظ ابن حجر في أمالي الأذكار، قال الطبراني عقب رواية الحديث: وَقَدْ جرّبَ ذَلِكَ.

وإذا جازت الاستغاثة بالغائب -الذي لا يعرف المستغيثُ عينَه ولا يتحقق سماعَه- فلأن تجوز بمن عُرِفَتْ أعيانُهم وتحققت حياتُهم وثبت في السُّنة سماعُهم من باب أَوْلَى، وليس نداء النبي صلى الله عليه وآله وسلم وخطابُه أقلَّ من عباد الله الذين أَمرنا أن نناديهم ونستغيث بهم في ردِّ الدابة، ومقصوده صلى الله عليه وآله وسلم هو التسبُّب، فإن الله ربط الأمور بالأسباب، وهو صلى الله عليه وآله وسلم أعظم الوسائل والأسباب.

- وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة واتفق عليه عمل الأمة سلفًا وخلفًا من غير نكير:
قال الحافظ أبو عمرو بن الصلاح في "أدب المفتي والمستفتي" (ص:210، ط. مكتبة العلوم والحكم) وهو يتكلم عن معجزات النبي صلى الله عليه وآله وسلم: [فإنها ليست محصورة على ما وجد منها في عصره صلى الله عليه وآله وسلم، بل لم تزل تتجدد بعده صلى الله عليه وآله وسلم على تعاقب العصور؛ وذلك أن كرامات الأولياء من أمته صلى الله عليه وآله وسلم وإجابات المتوسلين به في حوائجهم ومغوثاتهم عقيب توسلهم به في شدائدهم براهين له صلى الله عليه وآله وسلم قواطع، ومعجزات له سواطع، ولا يعدها عد ولا يحصرها حد، أعاذنا الله من الزيغ عن ملته، وجعلنا من المهتدين الهادين بهديه وسنته] اهـ.

وقال الإمام المجتهد بقية السلف تقي الدين السبكي في كتابه "شفاء السقام" (ص: 357): [اعْلَمْ أنه يجوز ويَحسُنُ التوسلُ والاستغاثة والتشفعُ بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى ربه سبحانه وتعالى، وجوازُ ذلك وحسنُه من الأمور المعلومة لكلِّ ذي دِين، المعروفةِ مِن فعل الأنبياء والمرسلين، وسِيَر السلف الصالحين، والعلماء والعوامِّ من المسلمين، ولم يُنكِر أحدٌ ذلك مِن أهل الأديان، ولا سُمِع به في زمنٍ مِن الأزمان، حتى جاء ابنُ تيمية؛ فتكلَّم في ذلك بكلام يُلَبِّسُ فيه على الضعفاء الأغمار، وابتدع ما لم يُسبَقْ إليه في سائر الأعصار] اهـ.

ويقول الإمام تقي الدين الحصني الشافعي في كتابه "دفع شُبَهِ مَن شبَّه وتمرَّد" (ص: 436-437، ط. دار المصطفى): [والمراد أن الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم واللواذ بقبره مع الاستغاثة به كثير على اختلاف الحاجات، وقد عقد الأئمة لذلك بابًا، وقالوا: إن استغاثةَ مَن لاذ بقبره وشكى إليه فقره وضره توجب كشف ذلك الضر بإذن الله تعالى] اهـ.

وقال الإمام القسطلاني في "المواهب اللدنية" (4/594-595): [وأما التوسل به صلى الله عليه وآله وسلم بعد موته في البرزخ: فهو أكثر من أن يُحصَى، أو يُدرَك باستقصا] اهـ.

وقال العلامة الأصولي شمس الدين الجزري الشافعي [ت711هـ] شارح "منهاج البيضاوي" فيما أورده العلامة نجم الدين الطوفي الحنبلي [ت716هـ] في كتابه "الإشارات الإلهية" (3/91) مقرًّا له وزائدًا عليه: [وقد صنف أبو عبد الله بن النعمان كتابًا سمّاه "مصباح الظلام، في المستغيثين بخير الأنام"، واشتهر هذا الكتاب، وأجمع أهل عصره على تلقيه منه بالقبول، وإجماعُ أهلِ كل عصرٍ حجةٌ] اهـ.
ومن ذلك:

- ما رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"، والبيهقي في "دلائل النبوة"، والخليلي في "الإرشاد" من رواية أبي صالح السمان عن مالك الدار -وكان خازن عمر- قال: أصاب الناس قحط في زمن عمر رضي الله عنه، فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله استسق لأمتك؛ فإنهم قد هلكوا، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المنام فقال: ائت عمر فأقرئه مني السلام وأخبره أنكم مسقون، وقل له عليك الكيس، قال: فأتى الرجل عمر فأخبره فبكى عمر رضي الله عنه وقال: يا رب ما آلو إلا ما عجزت عنه. وهذا حديث صحيح؛ صححه الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" (7/101)، وقال في "جامع المسانيد والسنن" (1/223): إسناده جيد قوي، وصححه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (2/495).

- وروى البخاري في "الأدب المفرد"، وابنُ السُّنِّي في "عمل اليوم والليلة" كلاهما في "باب: ما يقول إذا خَدِرَتْ رجلُه" أن ابن عمر رضي الله عنهما خَدِرَتْ رِجْلُه، فقال له رجل: اذكر أحب الناس إليك، فقال: "يا محمد!"، فقام فمشى.
وقد ساق المصنفون هذا الأثر في الأذكار فيما يقوله مَن خَدِرَتْ رجلُه؛ كالإمام النووي في "الأذكار"، وشيخ القراء ابن الجزري في "الحصن الحصين" ومختصره، وغيرهم. بل إن ابن تيمية نفسه ذكره في "الكلم الطيب" وعقد لذلك فصلاً في الرِّجْل إذا خَدِرَتْ.

- وذكر الطبري في "تاريخه" في الكلام على أحداث معركة اليمامة: أن خالد بن الوليد رضي الله عنه نادى بشعار المسلمين وكان شعارهم يومئذ: يا محمداه.

- وروى ابن أبي الدنيا في كتاب "مجابي الدعاء" عن كثير بن محمد بن كثير بن رفاعة قال: جاء رجل إلى عبد الملك بن سعيد بن أبجر فجس بطنه فقال: بك داء لا يبرأ، قال: ما هو؟ قال: الدُّبَيْلَة (وهي خرّاج ودمل كبير تظهر في الجوف فتقتل صاحبها غالبًا)، قال: فتحول الرجل فقال: الله الله الله ربي لا أشرك به شيئًا، اللهم إني أتوجه إليك بنبيك محمد نبيّ الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك وربّي يرحمني ممّا بي. قال: فجس بطنه فقال: قد بَرِئْتَ؛ ما بك علة.

وقد بسط ابن القيم رحمه الله في كتاب "الروح" الكلام على ذلك، وأيده بالنقول المتكاثرة عن السلف الصالح فليراجع.
أما إقحام الكفر والشرك في هذه المسائل فلا وجه له، إلا على افتراض أن طالب المدد يعبد النبي أو الولي، أو يعتقد أنه ينفع أو يضر بذاته، وهذا ما ينأى أهل العلم عن حمل فعل المسلم عليها؛ لأن المسألة في المسلم الذي يطلب المدد لا في غير ذلك.

وبناءً على ذلك: فطلب المدد من الأنبياء والأولياء والصالحين أحياءً ومنتقلين من الأمور المشروعة التي جرى عليها عمل المسلمين، وذلك محمول على السببية والاكتساب لا على الخلق والتأثير، والتكفير من أجل ذلك إنما هو شأنُ منهج الخوارج الذين عمدوا إلى آيات نزلت في المشركين فجعلوها في المسلمين.

LihatTutupKomentar